تفاصيل الخبر
الموقف من الشبهات على خليفة رسول الله أبي بكر الصدّيق
فإنه لمن المفارقات أن تنشغل أمّة الكتاب والسنّة والجماعة؛ عن أهدافها الكبرى في هذا العصر، بالدفاع عن ثوابتها ورموزها وأئمتها، وما يُفترض أن يكون خارج دائرة النظر والبحث، لاتفاق الأمة وإجماعها عليه! فحين ينشغل المخلصون بالدفاع عن رموز أمتهم وسلامة عقيدتها ووحدة صفها، فمن يخطط لواقعها ويستشرف لها مستقبلها لتواكب السائرين، وتنافس السابقين؟ وحين يصير الحال إلى دفع الشبهات عن الرجل الثاني في الأمّة بعد رسول الله ج أبي بكر الصدّيق (ثاني اثنين) رضي الله عنه، فهذا يؤشر إلى تغلغل الزحف الأسود في الأعماق، ووصوله إلى الخصوصيات، وأنّ ثقافة الشك والريبة ونشر الشبهات على الثوابت والرموز، التي تبثها راياته الغارقة في الغدر والمكر ضد أمتنا وعقيدتنا، لها ربيئة تتخندق حولها، وتحتمي بها داخل حصوننا، ولها كباش تقودهم من قرونهم من أبناء جلدتنا، تنطح بهم كل مخلص أمين، بفتاوى زائفة، وأفكار فاشلة، واجتهادات تائهة، لتبعثر وتشوه كل جهد أصيل، وموقف نبيل، يعمل على ترميم الثغور، وتنقية القصور، وإشادة الحصون!.
وعلى الرغم من أنّ (ثاني اثنين) خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي بكر الصدّيق رضي الله عنه بإيمانه وعلمه وشجاعته وقيادته وكرمه، وقربه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ومحبة الأمة له، لا يحتاج إلى من يرد عنه الشبهات لأنّه فوق الشبهات، ولأن النيل منه علامة على الشعوبية والزندقة، وإشارة إلى أهل الرفض والردة، فمن تثبت عليه تهمة بغض الصدّيق س فهذا فيه الدليل الواضح؛ على أنّ صاحبه من أعداء رسول الله صلى الله عليه و سلم من بقايا المشركين، وإخوان المرتدين، وأعوان الغزاة والمحتلين.
فأعداء رسول الله صلى الله عليه وسلم هم خصوم أبي بكر الصدّيق رضي الله عنه وعلى هذا فردّ الشبهات عن خليفة النّبي صلى الله عليه وسلم أبي بكر الصدّيق رضي الله عنه يعني في المقام الأول، رصد مواطن الخطر ومنابع الشرّ، وبيان اتجاهاتها وأهدافها ومقاصدها، ومَن يتلقاها ويتعاون معها، ومن ثم العمل على فضح ربيئتها وتكسير قرونها، لتنقية صفوفنا، وصيانة حصوننا، فأبو بكر الصدّيق س إمام الأمّة وقائدها بعد نبيّها ج لا يقبل تحت راياته المترددين، ولا التائهين المفرطين بالهوية، فسبيله واضحة، ومقاصده نيرة، وأهدافه سامية، وجنده نبلاء أمناء أوفياء.
فمن اختار إمامة الصدّيق رضي الله عنه فقد رضي بالكتاب والسنّة منهجاً، وأنّ أعداء الصحابة وبكل أصنافهم هم خصومهما، المتربصين بالعقيدة والقيادة، المتعاونين مع الأعداء على مرّ العصور، فطريق أبي بكر الصدّيق رضي الله عنه هو سبيل الدفاع عن وحدة الأمّة وحاضرها ومستقبلها، وتحمل تبعات ذلك، والعمل بكل الطاقات لصيانة موروثها، وحماية حصونها، ومواجهة أعدائها.
فكل يد تمتد إلى أعداء الصحابة إنّما هي يد مشاركة في تقوية شبهاتهم وحماية ربيئتهم، ومَنْ أكل من حلوائهم خبط في أهوائهم، فلا عذر ولا مسوغ لمن لازال مصراً على الخوض في أوحالهم، فالصدّيق س وأولياؤه أمّة من دون النّاس، وأعداؤه وأولياؤهم أمّة أخرى لا يلتقيان!.
وهذا الموضوع إذ يعمل على ردّ الشبهات فإنّه بالقدر ذاته ينبه إلى مصادر الشرّ وأعوانه، ويهيب بأبناء أمّةِ السنّةِ والجماعة أن يتعاملوا مع أعدائهم بالمثل، العين بالعين، والسنّ بالسن , والبادئ أظلم، وإن لم يتحقق هذا فلا أقلّ من حراسة عقيدة الكتاب والسنّة وحملتهما الصحابة رضي الله عنهم وأن يفقه كل مسلم أنّ الانتماء لهذه العقيدة له ضوابط ونواقض وأنّ موالاتها يعني البراءة ممن يرفضها ويردها، وما سوى هذا فإنّما هو ادعاء وعبث، لا يُسمن ولا يغني من جوع.
وهذا البحث عالج مجموعة من الأباطيل التي تستهدف عقيدة السنّة والجماعة، وخليفة نبيها ج أبا بكر الصدّيق س وقد ابتدأ فصوله المهمة بتمهيد لكل فصل منها، أغنى عن إطالة الكلام في المقدمة، وبيَّن فيه أهمية تنقيح وتنقية ثقافة الأمّة وفكرها، ونزع كل مافيها من الشوائب، وأكد على وجوب ردّ الشبهات وطمسها، من غير أن يكون لها نصيب في الانتشار بين طيات تلك الردود، وأن يتحلى الكُتَّاب المسلمون بالثقة المطلقة بعقيدة الكتاب والسنّة، وبالصحابة الذين هم خير من حملهما وبلّغهما، وعمل بما فيهما رضي الله عنهم وأرضاهم.