جواهر الشعر
الاِخْتِيارَاتُ الشِّعْرِيَّةُ
لِلشَّيْخ العَلَّامَة عَبْد الله بنِ زَيْد آل مَحْمُود
المتوفى سَنة 1417 هـ/ 1997م
رحمه الله تعالى
جَمَعَها وَراجَعَهَا
عبد الرحمن بن عبد الله بن زيد آل محمود
نسَّقهَا وَحَققها
الدّكتُور رياض عبد الحميد مُراد
القِسمُ الثّاني
الطبعة الأولى 2011- وزارة الثقافة والفنون والتراث- دولة قطر
677 - قال متمم بن نويرة اليربوعي [1] يبكي أخاه مالك بشعر لم يُبْك بمثله [2]: [من الطويل]
1 - وكُنّا كَنَدْمانَيْ جَذيمَةَ حِقْبَةً
من الدَّهْر حَتَّى قِيلَ لن يَتَصَدَّعا
2 - وعِشْنا بخَيْرٍ في الحياةِ وَقَبْلَنا
أبادَ المَنايا قَوْمَ كِسرى وتُبَّعا
3 - فلمّا تَفَرّقنا كأنّي ومالكاً
لِطولِ اجتماعٍ لم نَبـِتْ ليلةً معا
[1] المفضليّات 267، والتعازي والمراثي 16. [2] مالك بن نويرة: فارس ذي الخمار، وذو الخمار فرسـه. قتله خالد بن الوليد في حروب الردة. وتولى قتله ضرار بن الأزور الأسدي، قدمه فضرب عنقه، وبسببه غضب عمر بن الخطاب على خالد وقال لأبي بكر: إنه قتل مسلماً فاقتله به. قال: ماكنت لأقتله به، تأول فأخطأ. رضي الله عنهم أجمعين.
678 - قال أبو ذؤيب الهذلي، وقد هلك له خمسة بنين في عامٍ واحدٍ أصابهم الطاعون، وفي رواية: وكان له سبعة بنين شربوا من لبنٍ شربت منه حيَّةٌ ثم ماتت فيه، فهلكوا في يوم واحد [3]: [من الكامل]
1 - أَمِنَ المَنونِ ورَيْبـِها تتوجَّعُ
والدَّهْرُ ليس بمُعْتِبٍ مَنْ يَجْزَعُ
[4]
2 - قالت أُميمةُ ما لجسمِكَ شاحباً
منذ ابتَذَلْتَ ومثلُ مالِكَ ينفَعُ
3 - وَلَقَدْ حَرصْتُ بأنْ أُدافعَ عنهم
وإذا المنيّةُ أقبلتْ لا تُدفَعُ
4 - وإذا المنيّةُ أنْشَبَتْ أظفارها
ألفيتَ كُلَّ تميمةٍ لا تَنْفَعُ
5 - فالعينُ بعَدهُمُ كأنَّ جُفونَها
كُحِلَتْ بشَوْكٍ فهْي عُورٌ تَدْمَعُ
6 - وتجلُّدي للشّامتين أُريْهمُ
أنّي لرَيْب الدَّهْرِ لا أَتَضَعْضَعُ
7 - حتَّى كأنّي للحوادِثِ مروةٌ
بصَفا المُشَقّر كُلَّ يومٍ تُقْرَعُ
[5]
8 - لابُدَّ من تَلَفٍ مقيمٍ فانتظرْ
أبأرضِ قومِكَ أم بأخْرى المَصْرَعُ
9 - ولقد أرى أنّ البكاء سفاهةٌ
ولسوف يولَعُ بالبُكا من يُفْجَعُ
10 - وليأتينّ عليك يومٌ مَرَّةً
يُبْكَى عليكَ مُقَنَّعاً لا تسمعُ
11 - فلئن بهم فَجَعَ الزمانُ ورَيْبُه
إني بأهلِ مَوَدّتي لمفَجَّعُ
12 - والنفسُ راغبةٌ إذا رَغَّبْتَها
وإذا تُرَدُّ إلى قليلٍ تَقْنَعُ
* * *
[3] ديوان الهذليين 1/ 1 - 4. [4] المنون: الدهر، وقيل: المنية، وعلى الأول: وريبه، وعلى الثاني: وريبها، وهما روايتان، وريبه: مصائبه، ومعتب: راجع عما تكره إلى ما تحب. [5] المشقر: سوق في الطائف.
679 - قالت الخنساء في رثاء أخيها (صخر) [6]: [من المتقارب]
1 - أَعَينَيَّ جُودا ولا تَجْمُدا
ألا تَبْكِيانِ لِصَخْرِ النَّدى
2 - ألا تَبْكِيانِ الجَرِيء الجَميلَ
ألا تَبْكيانِ الفَتَى السَّيِّدا
3 - رفيعُ العماد طويل النجا
د سادَ عشيرتَهُ أَمْرَدا
[7]
4 - إذا القوم مَدُّوا بأيديهِمُ
إلى المجد مَدَّ إليه يدا
5 - يُحَمِّلُهُ القومُ ما عالهم
وإن كان أصغرَهُم مَوْلدا
[8]
6 - وإنْ ذُكرَ المَجْدُ أَلْفَيْتَهُ
تأزّر بالمجدِ ثم ارتدى
* * *
680 - وقالت أيضاً [9]: [من البسيط]
1 - قَذًى بعينِكِ أم بالعينِ عُوَّارُ
أَمْ ذَرَّفَتْ إذ خَلَتْ من أهلها الدّارُ
[10]
2 - كأنّ عيني لذكراهُ إذا خَطَرتْ
فيضٌ يسيلُ على الخدّين مدرارُ
3 - تبكى خُناسٌ على صخرٍ وحُقَّ لها
إذ رابَها الدَّهرُ إنَّ الدَّهْرَ ضَرّارُ
[11]
4 - لابُدَّ من ميتةٍ في صرفها عِبَرٌ
والدهرُ في صَرْفهِ حَوْلٌ وأَطْوارُ
5 - يا صَخْرُ ورَّادُ ماءٍ قَدْ تَوارَدَهُ
أهلُ الموارِدِ ما في وِرْدِهِ عارُ
6 - وإن صَخْراً لحامينا وسَيّدُنا
وإنَّ صَخْراً إذا نَشْتوا لنَحّارُ
7 - وإنَّ صخراً لَتَأْتَمُّ الهُداةُ به
كأنَّهُ عَلَمٌ في رَأْسِهِ نارُ
[12]
8 - لم تَلْفَهُ جارةٌ يمـشي بساحتها
لريبةٍ حين يُخْلي بيتَهُ الجارُ
9 - مثلَ الرُّدينيّ لم تَنْفَدْ شبيبتُه
كأنه تحت طيّ البُرْدِ أسوارُ
10 - طلقُ اليدَيْنِ بِفِعْلِ الخير معتمدٌ
ضخم الدسيعة بالخيرات أمّارُ
[13]
11 - حَمّالُ أَلْويةٍ هَبّاطُ أوديِةٍ
شَهّادُ أنديةٍ للجيش جَرّارُ
[14]
* * *
681 - وقالت الخنساء أيضاً [15]: [من الوافر]
1 - يُذَكِّرُني طُلوعُ الشَّمْسِ صَخْراً
وأَذْكُره لكُلِّ غروبِ شمسِ
2 - فلولا كَثْرَةُ الباكينَ حَوْلي
على إخْوانِهم لَقَتَلْتُ نَفْسي
3 - وَلَكِنْ لا أَزالُ أرَى عَجولاً
ونائِحةً تَنوحُ ليوم نَحْسِ
[16]
4 - هُما كلْتاهُما تَبْكي أخاها
عشيةَ رُزْئِهِ أو غِبَّ أمْسِ
[17]
5 - وما يَبْكِينَ مِثْلَ أخي ولكِنْ
أُسَلّي النّفْسَ عَنُه بالتّأَسّي
6 - فَقَدْ وَدَّعْتُ يَوْمَ فِراقِ صَخْرٍ
أَبي حَسَّانَ لَذّاتي وأُنْسي
7 - فيالهفي عليه ولهف أمي
أيصبحُ في الضريح وفيه يمسي
* * *
682 - وقالت أيضاً [18]: [من الوافر]
1 - أَلا يا صَخْرُ إنْ أَبْكَيْتَ عَيْني
فَقَدْ أَضْحَكْتَني زَمَناً طَويلا
2 - دفعتُ بك الخطوبَ وأنت حيٌّ
فمَنْ ذا يدفعُ الخطبَ الجليلا
3 - إذا قَبُحَ البُكاءُ عَلَى قَتيلٍ
رأيتُ بُكاءَكَ الحَسَنَ الجَميلا
* * *
[6] ديوان الخنساء 15. [7] في حاشية الديوان: قال المبرد في الكامل: النجاد: حمائل السيف. تريد بطول النجاد: طول قامته، وهذا مما يُمدح به الشريف، والعماد: رجل معمد أي طويل. [8] قال المبرد: ما عالهم: أي نابَهُمْ ونزل بهم. [9] الأبيات في ديوان الخنساء 24 - وذَرَّفَتْ: قطرت قطراً متتابعاً. [10] قذى: مرض أو تراب في العين. العُوَّار: وجع في العين وهو مثل الرمد. [11] رابها الدهر: أزعجها وأقلقها بأحداثه. [12] لتأتمّ: تقتدي. والهداة: جمع هادٍ. والعلم: الجبل. والردينيّ في البيت التاسع: رمح منسـوب إلى ردينة امرأة كانت تقوّم الرماح. وتنفد: تفنى وتنتهي. والعبارة تعني أنه لم يستمتع بها لأنه لا يزال شاباً لما قتل. [13] طلق اليدين: سخي كريم. والدسيعة: الجفنة الواسعة والمائدة الكريمة، وهي كناية عن كرمه أيضاً. [14] حمال ألوية: كثيراً ما يحمل أعلام الحرب، وهو سيد قومه كثيراً ما يشهد أنديتهم. [15] ديوانها 50. [16] العجول: الثكلى. [17] الرُّزء: المصيبة. وغِبَّ: بَعْدَ. [18] الأبيات في ديوان الخنساء 72.
683 - وقالت فاطمة بنت أحجم الخزاعية [19] في زوجها الجَـرّاح [20]: [من الكامل]
1 - يا عينُ بَكّي عند كلّ صباحِ
جودي بأربعةٍ على الجَرّاحِ
[21]
2 - قَدْ كنتَ لي جَبَلاً ألوذُ بظّلِهِ
فتركتني أمشي بأجردَ ضاحِ
[22]
3 - قَدْ كنتُ ذاتَ حميةٍ ما عشتَ لي
أمـشي البَرازَ وكنتَ أنت جناحي
[23]
4 - فاليومَ أخضع للذليل وأتَّقي
منه وأدفعُ ظالمي بالرّاحِ
5 - وأَغُضُّ من بَصَري وأعلمُ أنَّه
قد بان حَدّ فوارسي ورماحي
6 - وإذا دعتْ قُمْريَّةٌ شجناً لها
يومًا على فَنَنٍ دعوتُ صباحي
[24]
قال أبو بكر س: هذه الأبيات تمثّلـتْ بها عائشـة ل بعد وفاة النبي ج.
* * *
[19] شاعرة من شاعرات العرب في الجاهلية، كان والدها أحد سادات العرب (شاعرات العرب 296، وديوان الخنساء 175). [20] القصيدة في شاعرات العرب 296، وديوان الخنساء 175. [21] قولها بأربعة: أي مخـارج الدمـع في الرأس، أرادت: جـودي بدمعـك كلـه، ولا تدَّخري منه شيئاً. [22] بأجرد: الأملس، والضاحي: البارز للشمس، أرادت: أنها بعده أصبحت مكشوفة بلا واقي ولا ساتر ولا محامي ولا دافع. [23] حمية: أنفة، أي لا ترضى بالضيم. والبراز: المكان الفضاء من الأرض، وتقصد: أنها كانت لا تستتر ولا تخاف. [24] الشجن: الحزن، وفي رواية أبي العلاء: (شجباً)، والشجب: الفرخ الهالك. والفنن: الغصن، وصباحي: أي كانت تقول: واسوء صباحي.
684 - قال الحُسَين بن مُطَيْر الأَسَدي [25]: [من الطويل] [26]
1 - ألِمّا عَلى معنٍ وقولا لِقَبْرِهِ
سَقَتْكَ الغَوادي مَربَعاً ثم مَرْبَعا
2 - فتىً عِيش في مَعْروفِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ
كما كانَ بَعدَ السَّيْلِ مَجْراهُ مَرْتَعا
3 - ولمَّا مَضـَى مَعْنٌ مَضـَى الجُودُ وانْقَـضَى
وأصْبَحَ عِرنينُ المكارم أَجْدَعا
[27]
* * *
[25] شاعر مخضرم عاش في الدولتين الأموية والعباسية، توفي سنة 169ﻫ/ 785 (معجم الشعراء المخضرمين والأمويين 106). [26] الأبيات في تاريخ دمشق ومعجم الشعراء منه 2/ 340. [27] العرنين: ما صلب من عظم الأنف. وأجدع مقطوع والعبارة تدل على وفاة صاحب الكرم والجود.
685 - قال أبو العتاهية يرثي النبي ج ويبكيه [28]: [من الطويل]
1 - لِيَبْكِ رسولَ الله مَنْ كان باكيا
فلا تَنْسَ قبراً بالمدينةِ ثاويا
2 - جزى اللهُ عنّا كلَّ خيرٍ محمداً
فقد كانَ مهدياً دليلاً وهاديا
3 - ولن تَسْريَ الذكرى بما هو أهلُهُ
إذا كنتَ للبَرِّ المُطَهَّرِ ناسيا
4 - أتَنْسَى رسولَ الله أفضلَ من مَشَى
وآثارُهُ بالمسجدين كما هيا
5 - وكان أبرَّ الناس بالناسِ كُلِّهم
وأكرمَهم بيتاً وشعباً وواديا
6 - تكدّر من بعدِ النبيِّ محمَّدٍ
عليه سلامُ اللهِ ما كانَ صافيا
7 - فكم من منارٍ كان أوضحَهُ لنا
ومن عَلَمٍ أمسى وأصبح عافيا
8 - ركنّا الى الدنيا الدنيّة بعده
وكَشَّفَتِ الأطماعُ منا المساويا
9 - إذا المرءُ لم يلبس ثياباً من التُّقَى
تَقَلَّب عرياناً وإن كان كاسيا
* * *
[28] ديوان أبي العتاهية 433.
686 - وقال مروان بن أبي حفصـة يرثى معن بن زائـدة الشـيباني [29]: [من الوافر]
1 - مَضَى لِسَبيلهِ مَعْنٌ وأَبْقَى
مَكارِمَ لَنْ تَبيدَ ولَنْ تُنالا
2 - كَأَنَّ الشَّمْسَ يَوْمَ أُصِيبَ مَعْنٌ
مِنَ الإِظْلامِ مُلْبَسَةٌ جِلالا
3 - فإِنْ يَعْلُ البلادَ له خُشُوعٌ
فَقَدْ كانَتْ تَطولُ به اخْتيالا
* * *
[29] ديوان مروان بن أبي حفصة 79.
687 - وقال النابغة الجعدي [30]: [من الطويل]
1 - ألَمْ تَعْلَمي أني رُزِئتُ محارباً
فمالَكِ منه اليومَ شيءٌ ولا لِيا
2 - ومن قبلهِ ما قَدْ رُزِئْتُ بوحْوَحٍ
وكان ابنَ أُمِّي والخليلَ المُصافِيا
3 - فتًى كَمُلَتْ أخلاقُهُ غير أنّه
جوادٌ فما يُبقي من المالِ باقيا
4 - فتى تَمَّ فيه ما يَسُرُّ صَديقَهُ
على أنّ فيه ما يَسوءُ الأعاديا
* * *
[30] ديوان النابغة الجعدي 178 - 188، ومحارب المذكور في البيت الأول هو ابن عمه، ووحوح في البيت الثاني هو أخوه لأمه.
688 - وقالت ليلى الأخيلية [31]: [من الطويل]
لِتَبْكِ العذارى من خفاجَةَ توبةً
بماءِ شُؤونِ العَبْرَةِ المُتَحدِّرِ
[32]
* * *
[31] ديوان ليلى الأخيلية 46. [32] خفاجة: رهط توبة، وهو جد له.
689 - وقال أبو بكر الخوارزمي: [من المتقارب] [33]
إذا تمَّ أمرٌ بدا نَقْصُهُ
تَوَقَّعْ زوالاً إذا قيلَ تَمْ
* * *
[33] البيت في يتيمة الدهر 4/ 226 من قصيدة مؤلفة من 12 بيتاً في رثاء ركن الدولة أبي علي، وهو وحده في المستطرف 1/ 159.
690ـ وقال فخر الدين الخوارزمي [34]: [من البسيط] [35]
والمرءُ ما دام حياً يُسْتَهانُ به
ويعظُمُ الرزءُ فيه حين يُفْتَقَدُ
* * *
[34] هو محمد بن عمر بن الحسـين التيمي البكري أبو عبدالله، الطبرسـتاني الأصل الرازي المعروف بابن الخطيب: له مؤلفات كثيره في الفقه وأصوله والنحو والطب وغيرهما. توفي سنة 606 بهراة (وفيات الأعيان 4/ 248). [35] البيت في وفيات الأعيان 4/ 252.
691 - قال أبو بكربن دريد، عن أبي حاتم، عن الأصمعي قال: كان متمم بن نويرة [36] قدم العراق، فأقبل لا يرى قبراً إلا بكى عنده، فقيل له: يموت أخوك بالملا [37] وتبكي على قبره بالعراق؟ فقال [38]: [من الطويل]
1 - لَقَدْ لامَني عِنْد القُبورِ عَلى البُكا
رَفيقي لِتَذْرافِ الدُّموعِ السّوافِكِ
[39]
2 - فقالَ: أَتَبْكي كُلَّ قَبْرٍ رَأَيْتَهُ
لِقَبْرٍ ثَوى بَيْنَ اللِّوى فالدَّكادِكِ
[40]
3 - فقلتُ له: إن الأسى يَبْعَثُ الأَسى
فَدَعْني فَهذا كُلُّه قَبْرُ مالِكِ
[41]
* * *
[36] متمّم بن نُوَيْرَة اليربوعي التميمي أبو نهشل: شاعر فحل صحابي، من أشراف قومه، اشتهر في الجاهلية والإسلام، وكان قصيراً أعور، أشهر شعره رثاؤه لأخيه مالك. توفي نحو سنة 30ﻫ/ 650م (الأعلام 6/ 154، والشعر والشعراء 1/ 337). [37] الملا: بفتح أوله - مقصور - وهو موضع من أرض كلب، ويُفهم من ترجمة هذا الموضع في معجم البلدان أنه قريب من جبل أجا، وهو أحد الجبلين المحيطين بحائل في شمال نجد (معجم ما استعجم ومعجم البلدان: (الملا). [38] الخبر والأبيات في ديوان المعاني 2/ 174، ومعجم ما استعجم (الملا) وشرح الحماسة للمرزوقي: الحماسية رقم 265، ووفيات الأعيان 6/ 17. [39] وذَرَّفَتِ العينُ دمَعْهَا تَذْرافاً: صبّتْهُ، وسوافك: جمع سافك بمعنى مسفوك، وهو الدمع المُراق والمسفوك والمصبوب. [40] اللوى والدكادك: مكتنفا الملا كما قال البكري في مادة (الملا) أي يحيطان به، وقال في (الدكادك): إنه موضع في بلاد بني أسد. وانظر: معجم البلدان: (الدكادك واللوى). [41] في رواية أخرى (إن الشجا يبعث الشجا) والشجا: هو الحزن والهم، (اللسان).
692 - قال مطرود بن كعب الخزاعي يرثي عبد المطلب بن عبد مناف(4): [من الكامل]
[42]
1 - يا أَيُّها الرَجُلُ المُحَوِّلُ رَحلَهُ
هَلّا نَـزَلتَ بِآلِ عَبدِ مَنافِ
2 - وَالخالِطونَ فَقيرَهُم بِغَنِيِّهم
حَتّى يَعودَ فَقيرُهُم كَالكافي
3 - وَالمُفْضـِلونَ إِذا الرياحُ تَناوَحَت
وَالقائِلونَ هَلُمَّ لِلأَضيافِ
4 - هَبَلَتكَ أُمُّكَ لَو نَزَلَت بِرحلِهم
مَنَعوكَ مِن عُدمٍ وَمِن إِقرافِ
[43]
5 - وَيُكَلِّلونَ جفانَهُم بِسَديفهم
حَتّى تَغيبَ الشَمسُ في الرجّافِ
[44]
6 - منهم عليٌّ والنبيُّ محمدٌ
الْقائلان هَلُمَّ للأضيافِ
* * *
[42] الأبيات متنازعة النسبة بين عبدالله بن الزبعرى ومطرود. وقد رجح ابن إسحاق في السيرة 1/ 136 و178 أنها لمطرود، وكذا ابن كثير في البداية والنهاية - دار ابن كثير - 3/ 19، وأشار كلاهما أنها في الرثاء وإن كان ظاهرها مدحاً، وذلك من باب أن الرثاء في حقيقته مدح للميت وأهله وقومه، ولقدامة بن جعفر إشارة إلى ذلك في كتابه (نقد الشعر)، فهو يرى أن أغراض الشعر العربي تعود كلها إلى المديح: فالرثاء مدح للميت، والغزل مدح للمرأة، والوصف مدح للشيء الموصوف، والهجاء عكسٌ للمديح. [43] هبلتك أمك: أي ما أصوب رأيك (الوسيط). والإقراف: تزويج بناته لغير الكفء. (هامش السيرة). [44] الجفان: جمع جفنة وهي القصعة. والسديف: لحم السنام. والرجّاف: البحر.
693 - وقال الشافعي [45]: [من البسيط]
قد ماتَ قومٌ وما ماتَتْ محاسنُهم
وعاش قومٌ وهمْ في الناسِ أمواتُ
* * *
[45] ديوان الشافعي 53.
694 - وقال زياد الأعجم في رثاء المغيرة بن المهلب [46]: [من الكامل]
وإذا مررت بقبره فاعقرْ به
كومَ الهجانِ وكلَّ قرنٍ سابحِ
[47]
* * *
[46] شعر زياد الأعجم 49. [47] الكوم الهجان: الإبل السمان. والقرن السابح: الحصان.
695 - وقالت زينب بنت الطثرية في رثاء أخيها يزيد بن الطثرية [48]: [من الطويل]
1 - فتًى ليَس لابن العم كالذئب إن رأى
بصاحبه يوماً دماً فهْو آكلُهْ
2 - يسرُّكَ مظلوماً ويرضيك ظالماً
وكلّ الذي حمّلتَهُ فهْو حاملُه
3 - جوادٌ بدنياه بخيلٌ بعرضه
عطوفٌ على المولى قليلٌ غوائلُه
4 - إذا القوم أمُّوا بيتَه فهْو عامرٌ
لأحسن ما ظنّوا به فهو فاعلُه
5 - إذا جَدَّ عند الجدّ أرضاكَ جدُّهُ
وذو باطلٍ إن شئتَ أرضاكَ باطلُه
* * *
[48] شاعرات العرب 143.
696 - قال المتنّبي [49] يرثي أبا شجاع فاتكاً: [من الكامل]
قد كان أَسْرَعَ فارسٍ في طَعْنَةٍ
فَرَساً ولكنَّ الَمنِيَّةَ أَسْرَعُ
* * *
[49] شرح ديوان المتنبي 3/ 21 يرثي أبا شجاع، واسمه فاتك المتوفى سنة 350ﻫ.
697 - قال أبو البقاء صالح بن شريف الرندي في رثاء الأندلس ومخاطبة المسلمين في ذلك: [من البسيط]
1 - لكلّ شيءٍ إذا ما تَمَّ نقصانُ
فلا يُغَرَّ بطيبِ العيشِ إنسانُ
2 - هي الأمورُ كما شاهَدْتَها دُوَلٌ
مَنْ سرَّهُ زَمَنٌ ساءَتْهُ أزمانُ
3 - وهذه الدارُ لا تُبْقي على أَحدٍ
ولا يَدومُ على حالٍ لها شانُ
4 - يُمزّق الدهرُ حَتْماً كُلَّ سابغَةٍ
إذا نَبَتْ مشرفيّاتٌ وخُرْصانُ
5 - ويَنْتَضي كلَّ سيفٍ للفناء ولو
كانَ ابنُ ذي يزنٍ والغمد غمدانُ
6 - أينَ الملوكُ ذوو التيِّجانُ من يَمَنٍ
وأينَ منهم أكاليلٌ وتيجانُ؟
7 - وأينَ ما شادَه شَدّادُ في إِرمٍ
وأَيْنَ ما ساسَهُ في الفُرْسِ ساسانُ؟
8 - وأينَ ما حازَهُ قارونُ من ذهبٍ
وأينَ عادٌ وشدّادٌ وقحطانُ؟
9 - أتى على الكُلِّ أَمْرٌ لاَ مردَّ لهُ
حتّى قَضَوْا فكأَنَّ القومَ ما كانوا
10 - وصارَ ما كانَ من مُلْكٍ ومن مَلِكٍ
كما حكى عن خَيالِ الطْيف وَسْنانُ
11 - دارَ الزمانُ على «دارا» وقاتِلِهِ
وأمَّ كِـسْرى فما آواهُ إيوانُ
12 - كأنَّما الصَّعب لم يسهل له سَبَبٌ
يوماً ولا مَلَكَ الدُّنْيا سليمانُ
13 - فجائعُ الدَّهرِ أَنْواعٌ مُنَوَّعةٌ
وللزّمانِ مـسرَّاتٌ وأحْزانُ
14 - وللحوادث سلوان يسهِّلها
وما لما حلّ بالإسلام سلوانُ
15 - دَهَى الجَزيرةَ أمرٌ لا عَزاءَ له
هَوى له أُحُدٌ وانْهَدَّ ثَهْلانُ
16 - أَصابَها العين في الإسلام فَارْتَزَأَتْ
حتى خلت منه أقطارٌ وبلدانُ
17 - فَاسألْ (بَلَنْسَيةً) ما شَأْنُ (مَرْسِيَةٍ)
وأَيْنَ (شاطبةٌ) أم أين (جَيّانُ)
18 - وأين (قُرْطبةٌ) دارُ العلومِ فَكَمْ
من عالمٍ قد سما فيها له شانُ؟
19 - وأين (حمصٌ)
[50] وما تَحْويهِ من نُزَهٍ
ونَهْرُها العَذْبُ فَيّاضٌ ومَلآنُ
20 - قواعِدٌ كُنَّ أَرْكانَ البلادِ فما
عَسَى البقاءُ إذا لم تَبْقَ أَرْكانُ
21 - تَبْكي الحَنيفيَّةُ البَيْضاءُ من أَسَفٍ
كما بكى لِفراقِ الإلفِ هَيْمانُ
22 - على دِيارٍ من الإسلامِ خَاليةٍ
قد أَقْفَرَتْ ولها بالكُفْر عمرانُ
23 - حَيْثُ المَساجدُ قد صارَتْ كنائِسَ ما
فِيهنَّ إلا نَواقيسٌ وصُلبانُ
24 - حَتَّى المحاريبُ تَبْكي وهْي جامِدَةٌ
حتى المَنابر تَرْثي وهْي عِيدانُ
25 - يا غافِلاً وله في الدَّهْرِ مَوْعِظَةٌ
إنْ كُنْت في سَنَةٍ فالدَّهْرُ يَقْظانُ
26 - وماشِياً مَرِحاً يلهيهِ مَوْطنهُ
أَبَعْدَ حِمْصٍ تغرّ المرءَ أوطانُ
27 - تلكَ المُصيبةُ أنْسَتَ ما تَقَدَّمَها
وما لها من طَوال الدَّهْرِ نسيانُ
28 - يا راكبينَ عِتاقَ الخَيْل ضامِرَةً
كأنّها في مَجالِ السَّبْق عِقْبانُ
29 - وحاملينَ سيوفَ الهِنْدِ مُرْهَفَةً
كأنّها في ظلامِ النَّقْعِ نيرانُ
30 - وراتِعينَ وراءَ البَحْرِ في دَعَةٍ
لهم بأوطانِهم عزٌّ وسُلطانُ
31 - أَعِنْدَكُمْ نَبَأٌ من أهلِ أَنْدَلُسٍ
فقدَ سَرَى بحديثِ القَوْم ركبانُ؟
32 - كم يستغيثُ بنا المُستَضْعَفونَ وهُمْ
قَتْلَى وأَسْرَى فما يَهْتَزُّ إِنَسْانُ؟
33 - ماذا التَّقاطعُ في الإسلامِ بَيْنَكُمُ
وأَنْتُمُ يا عبادَ اللهِ إخوانُ؟
34 - ألا نفوسُ أباةٍ عندها هممٌ
أما على الخَيْر أنصارٌ وأَعْوانُ
35 - يا مَنْ لِذِلَّةِ قَوْمٍ بَعْدَ عِزّهمُ
أحالَ حالَهُمُ جورٌ وطُغْيانُ
36 - بالأمسِ كانوا مُلوكاً في منازِلِهمْ
واليومَ هُمْ في بلادِ الكُفْرِ عبدانُ
37 - لِمثلِ هذا يذوبُ القَلْبُ من كَمَدٍ
إِنْ كانَ في القَلْبِ إسلامٌ وإِيمانُ
* * *
[50] مدينة في الأندلس سميت بحمص الشام.
698 - مرثية محمد بن عثيمين في الشيخ سعد بن الشيخ حمد بن عتيق رحمه الله من أجلَّة علماء نجد: [البسيط]
1 - أَهَكَذا البَدْرُ تُخْفي نُورَهُ الحُفَرُ
ويُفقَد العلمُ لا عينٌ ولا أَثَرُ
2 - جَنَّتْ مَصابيحُ كُنَّا نَسْتَـضيءُ بها
وطوّحَتْ للَمغيبِ الأَنْجُمُ الزُّهرُ
3 - تَخَرَّمَ الصّالحِونَ المُقْتَدى بهمُ
وقامَ منهم مقامَ المُبتدا الخَبَرُ
4 - فَلَسْتَ تَسْمَعُ إلاّ كانَ ثُمَّ مَـضَى
ويلحق الفارط الباقي كما عَبَروا
5 - والنّاسُ في سكرةٍ من خَمْرِ جَهْلِهِمُ
والصَّحْوُ في عَسكَر الأَمواتِ لو شَعروا
6 - نَلْهو بزخرفِ هذا العَيْشِ من سَفَهٍ
لَهْوَ المُنَبـِّتِ عوداً ما له ثَمَرُ
7 - وتَستَحِثُّ مَنايانا رَواحلنا
لموردٍ ما لنا من ورده صَدَرُ
8 - إلاّ إلى موردٍ تبدو سرائرُنا
فيهِ ويظهرُ للعاصين ما سَتَروا
9 - فيا له مَصدَراً ما كانَ أَعْظَمَه
الناسُ من هَوْله سَكْرى وما سَكروا
10 - فكُنْ أَخي عابراً لا عامراً فلقد
رَأَيْت مصـرعَ مَنْ شادوا ومَنْ عَمروا
11 - استُنْزِلوا بَعْدَ عِزٍّ عن معاقِلِهم
كَأَنَّهُمَ ما نَهَوْا فيها ولا أمروا
12 - تُغَلُّ أَيْديهمُ يومَ القيامةِ إنْ
بَرّوا تُفَكُّ وفي الأَغلال إن فَجَروا
13 - ونُحْ على العِلْمِ نَوْحَ الثّاكلاتِ وقُلْ
والَهْفَ نَفْـسي على أَهْلٍ له قُبروا
14 - الثّابتينَ على الميثاقِ جهدهُمُ
والصّادِقين فما مانوا ولا ختروا
[51]
15 - والصّادِعين بأمرِ الله لو سَخَطوا
أهل البسيطة ما بالوا ولو كَثُروا
16 - والسّالكين على نَهْجِ الرّسولِ على
ما قَرَّرَتْ محكَماتُ الآيِ والسُّوَرُ
17 - والعادلينَ عن الدُّنْيا وزَهْرَتِها
والآمرينَ بَخيْرٍ بعد ما ائْتَمروا
18 - لم يَجْعَلوا سُلّماً للمال عِلْمَهُمُ
لا بل زَهَوْهُ فلم يَعْلَقْ به وَضَرُ
[52]
19 - أشخاصُهُم تحت أطباقِ التُّرابِ وهم
كأنَّهم بين أهلِ العلم قد نَشَروا
20 - هَذي المَكارمُ لا تَزويقُ أَبنيةٍ
ولا الشُّفوفُ التي تُكْسى بها الجُدُرُ
21 - وَابْكي على العَلَم الفَرْد الذي حَسُنَتْ
بذكرِ أَفْعالِهِ الأخْبارُ والسِّيَرُ
22 - مَنْ لم يُبالِ بحقّ اللهِ لائمةً
ولا يحابي امرأً في خدّه صَعَرُ
[53]
23 - بحرٌ من العلم قد فاضَتْ جداولُه
أَضْحَى وقد ضُمَّ في بطنٍ من المَدَر
[54]
24 - فليتَ شِعْريَ مَنْ للمُشْكلاتِ إذا
حارَتْ بغامِضـِها الأَفْهامُ والفِكَرُ
25 - مَنْ للمدارسِ بالتَّعليم يَعْمُرُها
يَنْتابُها زمرٌ من بعدها زُمَرُ
26 - هذي رسومُ علوم الدّين تَنْدُبُهُ
ثُكلاً عليه ولكن عَزَّها القَدَرُ
27 - طَوَتْكَ يا سَعْدُ أيامٌ طَوَتْ أُمماً
كانوا فبانوا وفي الماضيِّ مُعْتَبَرُ
28 - إِن كانَ شخصُك قد واراه مَلْحَدُهُ
فَعِلْمُكَ الجَمُّ في الآفاقِ مُـنُتَشِرُ
29 - سعدٌ هو الأسوةُ نفـسي الفداء له
بموتِهِ يَتأسَّى البدوُ والحَـضَرُ
30 - بَنَى لكُمْ حَمَدٌ يا للعتيقِ عُلاً
لم يَبْنِها لكُمُ مالٌ ولا خَطَرُ
31 - ولكنِ العِلمُ يَسْمو مَنْ يسودُ به
على الجَهول وَلَوْ مَنْ جَدُّهُ مُضَـرُ
32 - والعلمُ إن كان أقوالاً بلا عملٍ
فليتَ صاحبَه بالجَهْلِ مُنْغَمرُ
33 - يا حاملي العلمَ والقُرْآنَ إنَّ لنا
يوماً يُضَمُّ به الماضونَ والأُخَرُ
34 - فَيَسْأَلُ اللهُ كُلاًّ عَن وظيفته
فَلَيْتَ شِعري بماذا منه يُعْتَذَرُ
35 - وما الجوابُ إذا قالَ العَليمُ إذا
قالَ الرٌسولُ أو الصّدّيق أو عُمَرُ
36 - والكلُّ يأتيهِ مغلولَ اليَدَيْنِ فَمِنْ
ناجٍ ومِنْ هالِكٍ قد لَوَّحَتُ سَقَرُ
37 - فَجَدِّدوا نِيَّةً للهِ خالِصَةً
قوموا فُرادى وَمَثْنى واصْبـِروا ورِدُوا
38 - وناصِحوا وانْصَحوا من وُلِّي أمركُمُ
فالصَّفْو لابُدَّ يأتي بعدَهُ الكَدَرُ
39 - واللهَ يلطفُ في الدنيا بنا وبكم
ويومَ يشْخَصُ من أهواله البَصَرُ
40 - وَصلِّ رَبّي على المُخْتارِ سيّدنِا
شَفيعنِا يَوْمَ نارِ الكَرْبِ تَسْتَعِرُ
41 - مُحَمّدٍ خيرِ مَبْعوثٍ وشيعتِه
وصَحْبـِه ما بدا من أفقُه قَمَرُ
* * *
[51] مانوا: كذبوا، وختروا: خدعوا وغدروا (اللسان). [52] الوَضَر: الدَّرَنُ والدَّسَم، وقيل: وسخ الدسم وغسالة السّقاء والقصعة ونحوهما. [53] الصَّعَر: الميل في الخد خاصةً، وقد صَعَّر خدَّهُ: أماله من الكِبْرِ. [54] المدر: الطين اليابس.
699 - مما قال محمد بن عبدالله آل عثيمين يرثي أخاه في الله أديب نجد عبدالله بن أحمد العجيري - رحمه الله تعالى - آمين: [من الطويل]
1 - هُوَ المَوتُ ما منهُ ملاذٌ وَمهربُ
متى حُطَّ ذا عن نَعشهِ ذاكَ يَركبُ
2 - نُشاهدُ ذا عَينَ اليَقينِ حَقيقةً
عَليهِ مـضى طِفلٌ وَكهْلٌ وَأشْيَبُ
3 - وَلكن عَلى الرّانِ القُلوبُ كَأنَّنا
بما قد عَلمناهُ يَقيناً تُكذِّبُ
4 - نُؤَمِّلُ آمالاً وَنرجو نِتاجَها
وَعلَّ الرَدى مِمّا نُرَجيّهِ أقرَبُ
5 - وَنَبني القصورَ المُشْمَخِرّاتِ في الهَوى
وَفي عِلمِنا أنّا نَموتُ وَتَخرَبُ
6 - وَنَسعى لِجَمعِ المالِ حِلّاً وَمَأثماً
وبَالرَّغمِ يَحويهِ البعيدُ وَأقرَبُ
7 - نُحاسَبُ عنهُ داخِلاً ثمَّ خارجاً
وَفيمَ صَرَفناهُ ومِنْ أينَ يُكسَبُ
8 - وَيَسعدُ فيه وارِثٌ مُتَعَفِّفٌ
تَقِيٌّ ويَشقى فيه آخرُ يَلعَبُ
9 - وَأوَّلُ ما تَبدو نَدامةُ مُـسرِفٍ
إذا اِشتَدَّ فيهِ الكَربُ وَالروحُ تُجذَبُ
10 - وَيُشفِقُ من وَضعِ الكتابِ وَيَمتَني
لَوَ انْ رُدَّ لِلدّنيا وَهَيهات مَطلبُ
11 - وَيشهدُ مِنّا كلُّ عُضوٍ بفِعلهِ
وَليسَ عَلى الجَبّارِ يَخفى المُغَيَّبُ
12 - إذا قيلَ أنتُم قد عَلِمتُم فَما الذي
عَمِلتُم وَكلٌّ في الكِتابِ مُرَتَّبُ
13 - وَماذا كَسَبتُم في شَبابٍ وَصِحَّةٍ
وَفي عُمُرٍ أنفاسُكُم فيه تُحسَبُ
14 - فيا ليتَ شِعري ما نَقولُ وَما الَّذي
نُجيبُ بهِ وَالأمرُ إذ ذاكَ أصعَبُ
15 - إلى اللهِ نَشكو قسوَةً في قُلوبنا
وَفي كُلِّ يَومٍ واعِظُ المَوتِ يَندُبُ
16 - وَللهِ كم غادٍ حَبيبٍ وَرائحٍ
نُشَيِّعهُ لِلقبرِ وَالدَمعُ يُسكَبُ
17 - أخٍ أو حميمٍ أو تَقيٍّ مُهدَّبٍ
يُواصِلُ في نُصحِ العِبادِ وَيَدأبُ
18 - نَهيلُ عَليهِ التُّرْبَ حَتى كَأنَّهُ
عَدوٌّ وفي الأحشاءِ نارٌ تَلهَّبُ
19 - سَقى جدثاً وارى ابنَ أحمدَ وابلٌ
منَ العَفوِ رَجّاسُ العَشِيّاتِ صَيِّبُ
20 - وَأنزَلهُ الغُفرانَ وَالفوزَ وَالرِضى
يُطافُ عَليهِ بالرَّحيق وَيَشربُ
21 - فَقد كانَ في صَدرِ المَجالسِ بَهجةً
بهِ تُحدِقُ الأبصارُ وَالقلبُ يَرهَبُ
22 - فطَوراً تَراهُ مُنذِراً وَمُحَذِّراً
عَواقِبَ ما تَجني الدُنوبُ وَتَجلُبُ
23 - وَطَوراً بآلاءِ الإله مُذكِّراً
وَطَوراً إلى دارِ النَّعيمِ يُرَغِّبُ
24 - وَلم يَشتَغِل عَن ذا بـِبَيعٍ وَلا شِرا
نَعَم في اِبتِناءِ المَجدِ لِلبَذلِ يَطرَبُ
25 - فَلو كان يُفدى بالنُفوس وَما غَلا
لطِبنا نُفوساً بالذي كان يَطْلُبُ
26 - وَلكِن إذا تَمَّ المَدى نَفَذَ القَضا
ومَا لامرىءٍ عَمّا قضى اللهُ مَهرَبُ
27 - أخٌ كانَ لي نِعمَ المُعينُ على التُّقى
بهِ تَنجَلي عَنّي الهُمومُ وَتَذهَبُ
28 - فطَوراً بأخبارِ الرَّسولِ وَصحبهِ
وَطَوراً بآدابٍ تَلَذُّ وتعْذُبُ
29 - عَلى ذا مَضى عُمْري كَذاكَ وَعُمْرُهُ
صَفِيَّينِ لا نَجفو وَلا نَـتَعَتَّبُ
30 - وَما الحالُ إلا مِثلَ ما قالَ مَن مَـضى
وبَالجُملةِ الأمثالُ لِلنّاس تُضرَبُ
31 - لِكُلِّ اجتِماعٍ من خَليلين فُرقةٌ
وَلو بَينَهُم قد طابَ عَيشٌ وَمَشْرَبُ
32 - وَمن بعدِ ذا حَـشرٌ وَنـشرٌ وَمَوقِفٌ
وَيَومٌ بهِ يُكسى المَذَلَّة مُذنِبُ
33 - إذ فرَّ كلٌّ من أبيهِ وَأمِّهِ
كَذا الأمُّ لم تَنظُر إليهِ وَلا الأبُ
34 - وَكم ظالمٍ يُندي من العَضِّ كَفَّهُ
مَقالتُهُ يا وَيلتَي أينَ أذهَبُ
35 - إذا اِقتَسَموا أعمالهُ غُرَماؤهُ
وَقيلَ لهُ هذا بما كنتَ تَكسِبُ
36 - وَصُكَّ له صَكٌّ إلى النارِ بعدَ ما
يُحَمَّلُ من أوزارِهِم وَيُعَذَّبُ
37 - وَكم قائِلٍ واحَـسرَتا ليتَ أنَّنا
نُرَدُّ إلى الدُّنيا نُنيبُ وَنَرهبُ
38 - فما نحنُ في دارِ المُنى غيرَ أنَّنا
شُغِفنا بدُنيا تَضمَحِلُّ وَتَذهَبُ
39 - فَحُثوا مَطايا الاِرْتِحال وَشَمِّروا
إلى اللهِ وَالدارِ التي ليسَ تَخرَبُ
40 - فَما أقرَبَ الآتي وَأبعدَ ما مَـضى
وَهذا غُرابُ البَين في الدارِ يَنعَبُ
41 - وَصَلِّ إلهي ما هَمى الوَدقُ أو شَدا
عَلى الأيكِ سَجّاعُ الحمامِ المُطَرِّبُ
42 - عَلى سَيِّدِ الساداتِ وَالآلِ كُلِّهم
وَأصحابـِهِ ما لاحَ في الأُفقِ كَوكَبُ
* * *
700 - قال ابن المعتز [55]: [من الطويل]
1 - نَسيرُ إلى الآجالِ في كلِّ لحظةٍ
وأيامُنا تُطْوى وهُنَّ مراحلُ
2 - تَرَحَّلْ من الدنيا بزادٍ من التُّقَى
فعمرُك أيامٌ وهُنَّ قلائلُ
3 - وما أقبحَ التفريطَ في زمنِ الصِّبا
فكيف به والشيبُ للرأس شاعلُ
* * *
[55] ديوان ابن المعتز - دار صادر - 389، وديوان المعاني 2/ 182.
701 - قال عبدالله بن المبارك [56]: [من البسيط]
1 - اللهُ يدفعُ بالسُّلْطانِ مُعْضـِلَةً
عن ديننا رحمةً منه ورضوانا
2 - لولا الأئمةُ لَمْ تأمنْ لنا سُبُلٌ
وكان أضعفُنا نهباً لأقوانا
* * *
[56] ديوان الإمام عبدالله بن المبارك 66.
702 - قال عروة بن أذينة [57]: [من الوافر]
1 - نُراعُ إذا الجَنائِزُ قابَلَتْنا
ونلْهُو حينَ تَمْضـِي ذاهباتِ
[58]
2 - كَرَوْعَةِ ثُلَّةٍ لمغارِ سَبْعٍ
فَلَمّا غابَ عادَتْ راتِعاتِ
* * *
[57] ديوان عـروة بن أذينـة - دار صـادر - 20، ويُنسـب البيتان أيضاً لعلي بن الحسين وصالح بن عبد القدوس. [58] رواية هذا الشطر في الديوان (ويحزننا بكاءُ الباكيات).
703 - قال الإمام الشافعي [59]: [من الطويل]
1 - خَفِ اللهَ وَارْجه لكلِّ عظيمةٍ
ولا تُطِعِ النَّفْسَ اللَّجوجَ فَتَنْدَما
2 - وكُنْ بَيْنَ هاتَيْنِ من الخَوْفِ والرَّجا
وأَبْشـِرْ بَعفْوِ اللهِ إنْ كُنْتَ مُسْلِما
3 - ولمّا قَسا قَلبْي وضاقَتْ مَذاهبي
جَعَلْتُ رجائي نحو عفوك سُلَّما
4 - تَعاظَمني ذنبي فلمّا قرنتُهُ
بعفوك ربي كان عفوُكَ أَعْظَما
[60]
5 - فمازلتَ ذا عفوٍ عن الذنب لم تَزَلْ
تجودُ وتَعْفُو مِنّةً وتَكرُّما
* * *
[59] الأبيات في ديوان الشافعي - دار البشائر 169. [60] هذا البيت وتاليه مع ثالث في معجم الشعراء من تاريخ دمشق 2/ 292 منسوبة لأبي نواس.
704 - قال الشاعر [61]: [من الطويل]
1 - إذا كَثُرَتْ منكَ الذُّنوبُ فَداوِها
بِرَفْعِ يَدٍ في اللَّيْلِ واللَّيْلُ مُظْلِمُ
2 - ولا تَقْنَطَنْ من رحمةِ اللهِ إنما
قُنوطُكَ منها من ذُنوبك أَعْظَمُ
3 - فَرحَمَتُهُ للمُحْسنينَ كَرامةٌ
وَرَحْمَتُهُ للمُسْرفينَ تَكَرُّمُ
* * *
[61] الأبيات في ذيل تاريخ بغداد 18/ 151 بدون نسبة.
705 - قال أبو البقاء الرَّنْدي: [من البسيط]
وهِذهِ الدَّارُ لا تُبْقي عَلى أَحَدٍ
ولا يَدومُ على حالٍ لها شانُ
* * *
706 - قال الشاعر: [من الطويل]
1 - ذُنوبُكَ في الطّاعاتِ وهْيَ كثيرةٌ
إذا عُدِّدَتْ تكفيكَ عن كُلِّ زَلّةِ
2 - فَحَسْبُكَ أنْ تَسْتَغْفِرَ اللهَ بعدها
وأَنْ تَتَلافَى الذَّنْبَ مِنْكَ بِتَوْبَةِ
3 - فيا عاملاً للِنار جسُمكَ لَيِّنٌ
فَجرّبْهُ تمريناً بِحَرِّ الظَهيرةِ
4 - ودرّجْهُ في لَسْعِ الزَّنابيرِ تَجْتَري
على نَهْشِ حَيّاتٍ هُناكَ عَظيمةِ
5 - فإنْ كُنْتَ لا تَقْوى فَوَيْلَكَ ما الّذي
دَعاكَ إلى إِسْخاطِ رَبِّ البَريّة
6 - تعاملُهُ بالمنكراتِ عشيَّةً
وتصبحُ في أثواب نُسْكٍ وعفَّةِ
7 - فأنت عليه منك أجرى من الورى
لما فيك من جهلٍ وخُبثِ طويّةِ
8 - تقولُ مَعَ العصيانِ ربـِّيَ غافرٌ
صدقتَ ولكن غافراً بالمشيئة
9 - وربُّكَ رزاق كما هو غافرٌ
فلم لا تصدّق فيهما بالسّويّةِ
10 - لأنك ترجو العفو من غيرِ توبةٍ
ولست تُرجّي الرزق إلاّ بحيلةِ
11 - على أنَّهُ بالرزق كفّل نَفسه
لكلٍّ ولم يكفل لكلٍّ بجنَّةِ
12 - تروحُ وتغدو في هواك ملازماً
على حَسْبِ ما يقضي الهوى في القضيَّةِ
13 - إلهي فلا آخذتنا بذنوبنا
ولا تُخْزِنا وانظرْ إلينا برحمةِ
14 - وخذْ بنواصينا إليكَ وهب لنا
يقيناً يقينا كلَّ شَكٍّ وريبةِ
15 - وصَلِّ صلاةً لا تناهى على الذي
جعلْتَ به مسكاً ختامَ النبوَّةِ
16 - وآلٍ وصحبٍ أجمعين وتابعٍ
وتابعهم من كلِّ إنسٍ وجِنَّةِ
* * *
707 - قال أبو العلاء المعرّي [62]: [من الطويل]
إلى العالَمِ العُلْويِّ تُزْمِعُ رحلةً
نفوسٌ وتَبْقى في التُّرابِ جُسومُ
* * *
[62] اللزوميات 2/ 79.
708 - قال أبو العتاهية [63]: [من البسيط]
1 - لا تأمَنِ الدَّهرَ في طَرْفٍ ولا نَفَسِ
وَلَوْ تمنّعْتَ بالحُجّابِ والحَرَسِ
[64]
2 - فكم رأَيْتُ سهامَ الموتِ نافذةً
في جنبِ مُدَّرِعٍ منا ومُتَّرِسِ
[65]
* * *
[63] ديوان أبي العتاهية 194. [64] في الديوان: (لا تأمنِ الموت). [65] في رواية أخرى (واعلم بأن سهام الموت)، ورواية الديوان: (وما تزال سهام).
709 - قال الشيخ إسماعيل بن أبي بكر بن المقريء رحمه الله: [من الطويل]
1 - إلى كم تمادى في غرورٍ وغَفْلَةِ
وكم هكذا نومٌ إلى غَيْرِ يَقْظَةِ
2 - لَقَدْ ضاعَ عُمْرٌ ساعةً من تشتري
بمَلْء السما والأرضِ أيَّةَ ضَيْعةِ
3 - أَتُنْفِقُ هذا في هوى هذه التي
أَبَى اللهُ أن تسْوى جناحَ بعوضةِ
4 - وترضَى من العيْشِ السعيدِ تعيشُهُ
مع الملأ الأعلى بعَيْشِ البهيمةِ
5 - فَيادُرَّةً بين المزابل أُلْقِيَتْ
وجوهرةً بيعت بأبخسِ قيمةِ
6 - أَفانٍ بباقٍ تشتريهِ سفاهةً
وسخْطٍ برضوانٍ ونارٍ بجنَّةِ
7 - أأنْتَ عَدُوٌ أم صَديقٌ لنفسه
فإنَّكَ ترميها بكُلِّ مصيبةِ
8 - ولَوْ فَعَلَ الأَعدا بنفسِكَ بعضَ ما
فعلْتَ لَمَسَّتْهم لها بعضُ رحمةِ
9 - لقد بعتَها حرّاً عليك رخيصةً
وكانَتْ بهذا منك غيرَ حقيقةِ
10 - فويكَ استقلْ لا تفضحَنْها بمشهدٍ
من الخلق إن كنت ابنَ أمٍّ كريمِةِ
11 - فبينَ يَدَيْها موقفٌ وصحيفةٌ
يُعَدُّ عليها كلُّ مثقالِ ذرّةِ
12 - كَلِفْتَ بها دنيا كثيراً غروُرها
تعاملُ مَنْ في نُصْحها بالخديعةِ
13 - إذا أقبلتْ ولَّتْ وإن هي أَحْسَنَتْ
أساءت وإن تصفو أَتَتْ بالكدورةِ
14 - ولو نلتَ منها مالَ قارونَ لَمْ تَنَلْ
سوى لُقْمةٍ في فيْكَ منها وخرقةِ
15 - وهَبْكَ بَلَغْتَ السِّنَّ فيها ألم تكُنْ
لتنزعهُ من فيْكَ أيدي المنيَّةِ
16 - فدعْها وأهليها تقصّمْ وخذ كذا
بنفسك عنهم فهْي كلُّ الغنيمةِ
17 - ولا تغتبطْ منها بفرحةِ ساعةٍ
تعودُ بأحزانٍ عليك طويلةِ
18 - فعيشُكَ فيها أَلْفَ عامٍ وينـقضي
كعيشِكَ فيها بعضَ يومٍ وليلةِ
19 - أما تستحي من مالِكِ الملكِ أن يرى
صدودَك عنه يا قليلَ المرُوَّةِ
20 - عليك بما يُجدي عليك من التُّقَى
فإنَّك في لهوٍ عظيمٍ وغَفْلَةِ
21 - مجالسُ ذكرِ اللهِ تنهاكَ أن تُرى
بها ذاكراً للهِ ضَعْفَ العقيدةِ
22 - إذا شرعوا فيها تحثحث قائماً
قيامُك ذا قُلْ لي إلى أيّ بُغيةِ
23 - ولو كان لهواً أو أحاديثَ ريبةٍ
وَثَبْتَ وُثُوبَ الليثِ نحو الفريسةِ
24 - تُصلِّي بلا قلبٍ صلاةً بمثلها
يكونُ الفتى مستوجباً للعقوبةِ
25 - تَظلُّ وقد أتممتَها غيرَ عالمِ
تزيدُ احتياطاً ركعةً بعدَ ركعةِ
26 - ومن قبلِ هذا ما سلكْتَ بأصلها
فقمْتَ تواري نيّة إثر نيةِ
27 - صلاةً أُقيمت يَعْلَمُ الله أنّها
بفِعْلكَ أضْحَتْ طاعةً كالخطيئةِ
28 - وأعجبُ منها أن تُدلّي بفعلها
كما قلّدَ المدلول بعضَ صنيعةِ
29 - وأَنْ يعتريك العجبُ عنها بكونها
على ما حوته من رياءٍ وسمعةِ
30 - فويلكَ تدري من تناجيه معرضاً
وبين يدي من تنحني غيرَ مُخبتِ
31 - تخاطبهُ إياك نعبد مقبلاً
على غيره فيها لغير الضرورةِ
32 - ولو ردَّ من ناجاك للغير طرفَهُ
تَمَيَّزْتَ من غيظٍ عليه وغَيْرَةِ
* * *
710 - ومن الأشعار الرائقة قول ابن رجب في الزهد [66]: [من الوافر]
1 - كأنَّكَ بالمُضـِيِّ إلى سَبيلكْ
وقدْ جَدَّ المُجَهِّزُ في مسيركْ
2 - وجيء بغاسلٍ فَاسْتَعْجلوهُ
بقولهمُ لهُ افْرَغْ من غسيلكْ
3 - ولم تحملْ سوى كفنٍ وقُطنٍ
إليهمْ من قَليلكَ أو كثيركْ
4 - وقد مَدَّ الرجالُ إليك نعشاً
فأنت ممدَّدٌ فيه بطولكْ
5 - وصَلّوا ثم إنهمُ تداعَوْا
لحملك من بكورِكَ أو أَصيلكْ
6 - فلمّا أسلموكَ نزلتَ قبراً
ومن لَكَ بالسَّلامةِ في نزولكْ
7 - أعانَكَ يوم تدخُلُه رحيمٌ
رؤوفٌ بالعبادِ على دخولكْ
8 - أُخيَّ لَقَدْ نَصَحْتُكَ فاستَمعْ لي
وباللهِ استعنْتُ على قَبولكْ
9 - ألستَ ترى المنايا كلَّ حينٍ
تصيبُكَ في أخيكَ وفي خَليلكْ
* * *
[66] لطائف المعارف: 268 - 269.
711 - ذكر أبو علي القالي في كتابه «الأمالي» [67] عن محمد بن الحسن ابن دريد قصيدة كعب الغنوي التي رثى بها أبا المغوار، واسمه هرم من بني بكر من وائل: [من الطويل]
1 - ألا من لقبرٍ لا يزال تَهُجُّهُ
شَمالٌ ومسيافُ العشيّ جنوبُ
[68]
2 - به هَرِمٌ يا ويح نفـسيَ مَنْ لنا
إذا طرقَتْ للنائباتِ خطوبُ
3 - تَقولُ سُلَيْمى ما لجسمكَ شاحباً
كأنَّكَ يَحميكَ الطَّعامَ طَبيبُ
4 - فقلت ولم أَعْيَ الجوابَ لقولها
وللدهر في صُمِّ السِّلامِ نَصيبُ
[69]
5 - تتابعُ أحداثٍ تَخَرَّمْنَ إخوتي
وشَيَّبْنَ رأسي والخُطوبُ تُشيبُ
[70]
6 - لعمري لئن كانَتْ أصابت منيّةٌ
أخي والمنايا للرجال شَعُوبُ
[71]
7 - لقد عَجَمَتْ مني الحوادثُ ماجداً
عَروفاً لريب الدهر حين يُريبُ
8 - وقَدْ كان أمّا حِلْمُهُ فمرَوَّحٌ
علينا وأمّا جهلُهُ فَعَزيبُ
[72]
9 - فتى الحرب إن حاربْتَ كان سمامَها
وفي السِّلْمِ مفضالُ اليدين وَهُوبُ
10 - هَوَتْ أُمّه ماذا تَضَمَّنَ قبرُهُ
من الجودِ والمعروف حين ينوبُ
11 - جَموعُ خلالِ الخير من كلّ جانبٍ
إذا جاء جَيّاءٌ بهنّ ذهوبُ
12 - مفيدٌ مغيثُ الفائدات معّودٌ
لفعلِ الندى والمكرماتِ كسوبُ
13 - فتًى لا يبالى أن يكون بجسمه
إذا نال خَلاّت الرجالِ شُحوبُ
[73]
14 - غنينا بخيرٍ حقبةً ثم جَلَّحَتْ
[74]
علينا التي كلَّ الأنام تُصيبُ
15 - فأبقتْ قليلاً ذاهباً وتجهَّزت
لآخرَ والراجي الخلود كذوبُ
16 - وأعلمُ أنَّ الباقيَ الحيَّ منهما
إلى أجلٍ أقـصى مداهُ قريبُ
17 - فلو كان ميتٌ يُفتدى لفديتُه
بما لم تكن عنه النفوسُ تطيب
18 - بعينيَّ أو يمنى يديّ وإنّني
ببذلِ فداه جاهداً لمصيبُ
19 - فإن تكن الأيام أحسنَّ مرَّةً
إليَّ فقد عادت لهن ذنوبُ
* * *
[67] أمالي القالي - العصرية - 401 - 404 وانظر منتهى الطلب 6/ 390، والاختيارين 750. [68] هَجَّ البيت يهجُّهُ هجاً: هدمه (اللسان: هجج، وأورد فيه ابن منظور هذا البيت دون نسبة)، وريح مِسْياف: يقطع بالسيف. [69] السِّلام: الصخور (هامش الاختيارين). [70] تخرَّمْنَ إخوتي: ماتوا وذهبوا. [71] شعبته شَعُوب، أي: مات. [72] عزيب: بعيد (هامش الاختيارين). [73] خَلاّت: خصال (هامش الاختيارين). [74] جَلَّحت: حملت علينا فأكلت وأفرطت (هامش الاختيارين).
712 - روى ابن عساكر بسنده عن سفيان بن عينية عن الزهري قال [75]:
سمعُت علي بن الحسين سيد العابدين [76] يحاسب نفسه، ويناجي ربه، ويقول:
يا نفسُ حتّامَ إلى الدنيا غرورك؟، وإلى عمارتها ركونك؟ أما اعتبرتِ بمن مضى من أسلافِكِ؟ ومَن وارته الأرض من أُلاّفِكِ؟ ومن فُجعت به من إخوانك؟ ونُقل إلى البلى من أقرانك؟: [الطويل]
1 - فهُمْ في بطونِ الأرضِ بعدَ ظهورها
محاسنُهم فيها بَوَالٍ دَواثرُ
2 - خَلَتْ دورُهُمْ منهم وأَقْوَتْ عِرَاصُهم
وساقَتْهُمُ نحو المنايا المقادرُ
3 - وخُلُّوْا عنِ الدنيا وما جَمَعُوا لها
وضَمَّتْهُمُ تحت التراب الحفائرُ
كم تخرَّمت أيدي المنون من قرونٍ بعد قرونٍ؟ وكم غيـرت الأرض ببلاها؟ وغيَّبتْ في ثراها ممن عاشـرتَ من صـنوف الناس، وشَـيَّعَتْهُمْ إلى الأرماس [77]؟
1 - وأنتَ على الدنيا مُكِبٌّ مُنَافِسٌ
لخُطّائها فيها حريصٌ مُكاثرُ
2 - على خطرٍ تُمسي وتصبح لاهياً
أتدري بماذا لو عَقَلْتَ تُخَاطِرُ
3 - وإنَّ امرأً يَسْعى لدنياه دائباً
ويَذْهَلُ عن أُخْراهُ لاشكَّ خاسرُ
فحتّام على الدنيا إقبالك؟ وبشهواتها اشتغالك؟ وقد وخطك القتير [78]، وأتاك النذير، وأنت عما يُراد بك ساهٍ، وبلذة نومك لاهٍ؟
1 - وفي ذكر هَوْلِ الموتِ والقبرِ والبـِلى
عن اللَّهوِ واللَّذاتِ للمرءِ زاجرُ
2 - أبَعْدَ اقْتِرابِ الأربعينَ تَرَبُّصٌ
وشَيْبُ قَذَالٍ
[79] مُنْذِرٌ لك كاسرُ
3 - كأنَّك تُعنى بالذي هو ضائرٌ
لنفسِكَ عمداً أو عنِ الرّشْدِ حائرُ
انظر إلى الأمم الماضية والملوك الفانية، كيف أفنتهم الأيام، ووافاهم الحِمام؛ فانمحت من الدنيا آثارهم، وبقيت فيها أخبارهم.
1 - وأضحَوْا رميماً في التُّرابِ وعُطِّلَتْ
مجالسُ منهم أقفرتْ ومَقاصِرُ
[80]
2 - وحَلّوا بدارٍ لا تَزَاوُرَ بينهم
وأنَّى لسُكّانِ القبورِ تَزَاوُرُ
3 - فما إنْ ترى إلا جُثىً قد ثَوَوْا بها
مُسَطَّحَةً تَسْفي عليها الأعاصرُ
كم من ذي منعةٍ وسلطانٍ، وجنودٍ وأعوانٍ، تمكَّن من دنياه، ونال فيها ما تمناه، وبنى القصور والدساكر [81]، وجمع الأعلاق [82] والذخائر.
1 - فما صَرَفَتْ كفَّ المنيَّةِ إذ أتَتْ
مبادرةً تَهْوِي إليه الذَّخائرُ
2 - ولا دفعتْ عنه الحصونُ التي بنى
وحَفَّ بها أنهارُه والدَّساكرُ
3 - ولا قارعَتْ عنه المنيةَ خيلُهُ
ولا طمعتْ في الذَّبِّ عنه العساكرُ
أتاه من الله ما لا يُردُّ، ونزل به من قضائه ما لا يُصَدُّ، فتعالى الله الملك الجبار المتكبر القهار، قاصم الجبارين، ومبير [83] المتكبرين.
1 - مَلِيكٌ عزيزٌ لا يُرَدُّ قضاؤُهُ
حكيمٌ عليمٌ نافذُ الأمرِ قاهرُ
2 - عَنَا كلُّ ذي عِزٍّ لِعِزَّةِ وجهه
فكلُّ عزيزٍ للمُهَيْمِنِ صَاغِرُ
3 - لقد خضعتْ واستسلمتْ وتضاءلتْ
لِعِزَّةِ ذي العرشِ الملوكُ الجبابرُ
فالبدار البدار، والحذار الحذار من الدنيا ومكائدها، وما نصبت لك من مصائدها، وتحلَّت لك من زينتها، وأظهرت لك من بهجتها.
1 - وفي دونِ ما عانَيْتَ مِنْ فَجَعاتِها
إلى رفضها داعٍ، وبالزُّهْدِ آمرُ
2 - فَجِدَّ ولا تَغْفَلْ فعيشُكَ زائلٌ
وأنت إلى دار الإقامة صائرُ
3 - ولا تطلُبِ الدنيا فإنَّ طِلابَها
وإنْ نِلْتَ منها غُبَّةً لك ضائر
[84]
وهل يحرص عليها لبيب؟ أو يُسَرُّ بها أريب؟ وهو على ثقة من فنائها، وغير طامع في بقائها؟ أم كيف تنام عينا من يخشى البيات؟ وتسكن نفسُ من يتوقع الممات؟
1 - ألا لا ولكنّا نَغُرُّ نفوسَنا
وتَشْغَلُنا اللذّاتُ عما نُحاذِرُ
2 - وكيف يَلَذُّ العَيْشَ مَنْ هو موقنٌ
بموقفِ عَدْلٍ يوم تُبْلَى السَّرائرُ
3 - كأنَّا نرى أنْ لا نُشُورَ وأنَّنا
سُدىً ما لنا بعد المماتِ مصائرُ
وما عسى أن ينال صاحبُ الدنيا من لذتها، ويتمتع به من بهجتها، مع صنوف عجائبها، وكثرة تعبه في طلبها، وما يكابد من أسقامها وأوصابها [85] وآلامها؟
1 - وما قد ترى في كلِّ يومٍ وليلةٍ
يروحُ علينا صرفُها ويُبَاكِرُ
2 - تَعَاوَرُنا آفاتُها وهمومُها
وكم قد ترى يبقى لها المُتَعَاوَرُ
3 - فلا هو مَغْبُوطٌ بدنياه آمِنٌ
ولا هو عن تطلابها النفسَ قاصرُ
كم قد غرت الدنيا من مُخلِدٍ إليها، وصـرعت من مُكِبٍّ عليها، فلم تُنعشه من غرته، ولم تُقمه من صرعته، ولم تشـفِهِ من ألمـه، ولم تبـرَّه من سقمه؟
1 - بلى أَوْرَدَتْهُ بعد عِزِّ ومَنْعَةٍ
مَوَارِدَ سُوءٍ مالَهُنَّ مَصادِرُ
2 - فلمّا رأى أَنْ لا نجاةَ وأنه
هو الموتُ لا يُنْجِيهِ منه التّحاذُرُ
3 - تَنَدَّمَ إذْ لم تُغْنِ عنه ندامةٌ
عليه وأبكَتْهُ الذنوبُ الكبائرُ
بكى على ما سلف من خطاياه، وتحسّر على ما خلَّف من دنياه، حين لا ينفعه الاستعبار، ولا يُنجيه الاعتذار، عند هول المنية، ونزول البلية.
1 - أحاطتْ به أحزانُهُ وهمومُهُ
وأُبْلِسَ لَمّا أعْجَزَتْهُ المَعَاذِرُ
2 - فليس له من كُرْبَةِ الموتِ فارجٌ
وليس له مما يُحَاذِرُ ناصرُ
3 - وقد جَشَأَتْ خَوْفَ المنيَّةِ نَفْسُهُ
تُرَدِّدُها منه اللَّها والحناجرُ
[86]
هنالك خفَّ عنه عوّادُهُ، وأسـلمه أهله وأولاده، فارتفعـت الرنَّـة [87] بالعويل، وأَيِسوا من بُرء العليل، فغمضوا بأيديهم عينيه، ومدّوا عند خروج نفسه رجليه.
1 - فكم موجَعٍ يبكي عليه ومُفجَعٍ
ومستنجدٍ صبراً وما هو صابرُ
2 - ومُسترجعٍ داعٍ له اللهَ مُخْلِصاً
يُعَدِّدُ منه خيرَ ما هو ذاكرُ
3 - وكم شامتٍ مُـسْتَبْشِرٍ بِوَفاتِهِ
وعَمَّا قليلٍ كالَّذي صار صائرُ
فشق جيوبَها نساؤُه، ولطم خدودها إماؤُه، وأعول لفقده جيرانُه، وتوجَّع لرزئه إخوانُه، ثم أقبلوا على جَهازه، وشمَّروا لإبرازه.
1 - وظلَّ أحبُّ القوم كانَ لِقُرْبـِهِ
يَحُثُّ على تَجْهِيزِه ويُبادِرُ
2 - وشَمَّرَ مَنْ قد أحـضروه لغَسْلِهِ
ووجَّهَ لمّا قام للقبرِ حافرُ
3 - وكُفِّنَ في ثوبين واجتمعتْ له
مُشَيِّعةً إخوانُهُ والعشائرُ
فلو رأيت الأصغر من أولاده، وقد غلب الحزن على فؤاده، وغُشِيَ من الجزع عليه، وخضَّبت الدموع خدَّيه، وهو يندب أباه ويقول: يا ويلاه.
1 - لعايَنْتَ مِنْ قُبْحِ المنيةِ منظراً
يُهال لِمَرْآهُ ويَرْتاعُ ناظرُ
2 - أكابرُ أولادٍ يَهِيجُ اكتئابَهُمْ
إذا ما تناساه البنونَ الأصاغرُ
3 - ورَنَّةُ نِسوانٍ عليه جوازعٍ
مدامعهُمْ فوق الخدُود غوازرُ
ثم أُخْرِجَ من سعة قصره إلى ضيق قبره، فلما استقر في اللحد وهى [88] عليه اللَّبن، وقد حَثَوا بأيديهم التراب، وأكثروا التلدُّد [89] عليه والانتحاب، ووقفوا ساعةً عليه، وأيسوا من النظر إليه.
1 - فولّوا عليه مُعوِلين وكلُّهم
لِمِثلِ الذي لاقى أخوه مُحاذرُ
2 - كشاءٍ رتَاعٍ آمناتٍ بدا لها
بمديته بادي الذراعَيْنِ حاسرُ
3 - فَرِيعَتْ ولم تَرْتَعْ قليلاً وأجْفَلَتْ
فلما نأى عنها الذي هو جازرُ
عـادت الى مرعاها، ونسـيت ما في أختها دهاها، أفبأفعال البهائـم اقتدينا؟ أم على عادتها جرينا؟ عُدْ إلى ذكر المنقول إلى دار البلى والثرى، المدفوع إلى هول ما ترى.
1 - ثوى مفرداً في لَحْدِهِ وتَوَزَّعتْ
مواريثَه أرحامُه والأواصرُ
2 - وأخْنوا على أمواله يقسمونها
فلا حامدٌ منهم عليها وشاكرُ
3 - فيا عامرَ الدنيا ويا ساعياً لها
ويا آمنا منْ أنْ تَدُورَ الدّوائر
كيف أمنت هذه الحالة، وأنت صائرٌ إليها لا محالة؟! أم كيف تهنأ بحياتك، وهي مطيتك إلى مماتك؟! أم كيف تسيغ طعامَك، وأنت منتظرٌ حمامَك؟!
1- ولم تَتَزَوَّدْ للرحيلِ وقد دنا
وأنتَ على حال وشيكاً مسافرُ
2 - فيا لَهْفَ نفـسي كم أُسَوِّفُ توبتي
وعمريَ فانٍ والردى لي ناظر
3 - وكلّ الذي أسلَفْتُ في الصُّحْف مُثْبَتٌ
يُجازِي عليه عادلُ الحكمِ قادر
فكم ترقـع بآخرتـك دنياك؟ وتركـب في ذلك هواك؟ أراك ضـعيف اليقين، يا مؤثـر الدنيا على الدين، أبهذا أمـرك الرحمـن؟ أم على هذا أنزل القرآن؟
1 - تُخَرِّبُ ما يَبْقَى وتَعْمُر فانِياً
فلا ذاكَ موفورٌ ولا ذاكَ عامرُ
2 - وهل لك إن وافاك حتفُك بغتة
ولم تكتسبْ خيراً لدى الله عاذرُ
3 - أترضى بأن تفنى الحياة وتنـقضي
ودينُكَ منقوصٌ ومالُك وافرُ
* * *
[75] الخبر بكامله في تاريخ دمشق - المجمع - 49/ 129 - 134، ومختصر تاريخ دمشق، لابن منظور 17/ 249 - 254. [76] هو علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي القرشي، أبو الحسن الملقب بزين العابدين، أو سيد العابدين، وأحد من كان يُضرب بهم المثل في الحلم والورع، توفي سنة 94ﻫ/ 712م (الأعلام 5/ 86، وحلية الأولياء 3/ 133). [77] الأرماس: جمع رمس، وهو: القبر وترابه. [78] وَخَطَكَ القتير: أسرع إليك أول الشيب. [79] القذال: جماع مؤخر الرأس، وضائر في البيت التالي: من الضرر. [80] المقاصر: جمع مقصورة. والجثى في البيت الثالث: الأتربة المجموعة. وثووا بها: دُفنوا. وتسفي: تهبّ. [81] الدساكر: جمع دسكرة، وهي بناء كالقصر حوله بيوت، وبيوت الأعاجم: يكون فيها الشراب والملاهي (القاموس). [82] الأعلاق: جمع عِلق، وهو النفيس من كل شيء (القاموس). [83] مبير: مهلك. [84] غبة: البُلْغَة من العيش. (القاموس). وضائر: من الضرر. [85] أوصابها: جمع وَصَب، وهو: المرض (مختار الصحاح). [86] جشـأت النفس: جاشـت من حزن أو فزع، وثارت للقيء. واللها جمع لهاة، وهي لحمة الحلق في أقصى الفم. [87] الرَّنَّة: الصيحة الحزينة (الأساس). [88] وهى عليه اللبن: انشق واسترخى رباطه، كما في القاموس. [89] التَّلدُّد: التلفت يميناً وشمالاً (الأساس).
713 - قال طرفة بن العبد [90]: [من الطويل] [91]
1 - أرى الموتَ يعتامُ الكرامَ ويصطفي
عقيلةَ مالِ الفاحشِ المتشِّددِ
[92]
2 - أرى العيش كنزاً ناقصاً كلَّ ليلةٍ
وما تنقصِ الأيامُ والدهرُ يَنْفَدِ
[93]
3 - لعمرُكَ إنّ الموتَ ما أخطأ الفتى
لكالطِّوَلِ المُرخَى وثنياه باليدِ
[94]
* * *
[90] هو طرفة بن العبد بن سفيان بن سعد البكري الوائلي أبو عمرو: شاعر جاهلي من الطبقة الأولى، اتصل بالملك عمرو بن هند فجعله من ندمائه. قُتل في هَجَر وهو ابن عشرين سنة، وقيل: ست وعشرين، سنة 60 قبل الهجرة/ 564م، وهو صاحب المعلقة المشهورة (الأعلام 3/ 324). [91] ديوان طرفة 36. [92] يعتام الكرام: أي يختارهم ويخصُّهم. وعقيلة كل شيء: خياره وأَنُفَسُهُ. ويصطفي: أي يختار ويخصّ. والمتشدد: البخيل الممسك. والفاحش: السيّىء الخلق. [93] يقول: المال ينقصه مرور الدهر، فيوشك أن ينفد وينقطع، وإذا كان كذلك فينبغي ألا يبخل به. [94] يقول: إن الموت في إخطائه الفتى بمنزلة الحبل المرخَى، وهو بيد الإنسان، إذا شاء قبضه وجذبه. والمعنى: أنّ الإنسان وإن طوّل له في أجله فهو آتيه لا محالة، وهو في يد من يملك قبض روحه، كما أن صاحب الفرس الذي قد طوّل له، إذا شاء جذبه وثناه إليه. وقوله: وثنياه باليد، يريد: ما انثنى على يديه منه.
714 - قال أبو تمام [95]: [من الطويل]
1 - فَيا أَيُّها النُّوّامُ عن رَيِّقِ الهُدَى
وَقَدْ جادَكَمْ عَنْ ديمةٍ بَعْدَ وابلِ
[96]
2 - هُوَ الحَقُّ إنْ تَسْتَيْقِظوا فيه تَغْنَموا
وإنْ تَغْفُلوا فالسَّيْفُ ليسَ بِغافِلِ
3 - وَما هُوَ إّلا الوَحْيُ أوْحَدُّ مُرْهَفٍ
تَميلُ ظُباهُ أَخْدَعَيْ كُلِّ مائِلِ
[97]
4 - فَهذا دَواءُ الدّاءِ مِنْ كُلِّ عالِمٍ
وهذا دَواءُ الدَّاءِ من كُلّ جاهِلِ
* * *
[95] ديوان أبي تمام - دار صادر - 3/ 86 - 87 بالترتيب التالي: 3، 4، 1، 2. [96] الريّق: مستعار من ريِّق السحاب، وهو أوله. والديمة: قَطْر ليس بشديد يدوم يوماً وليلة. والوابل: المطر الشديد. [97] الوحي: أراد به القرآن. أي: فالإيمان بالقرآن والعملُ بما فيه دواء كل عالم، والسيف دواء كل جاهل، والمرهف: السيف الرقيق. وظبا السيف: حدّه. والأخْدَعان: عرقان خفيان في جانب العنق، فإما أن يلتزم بالقرآن الكريم، أو يُضرب عنقه بحدِّ السيف.
715 - قال الشاعر: [من الطويل]
1 - فيا ساهياً في غمرة الجهلِ والهوى
صريعَ الأماني عن قليلٍ ستندمُ
2 - أَفِقْ قد دنا الوقتُ الذي ليس بعده
سوى جنّةٍ أو حرِّ نارٍ تَضَرَّمُ
3 - فبادرْ إذاً ما دام في العمر فسحَةٌ
وعذلُكَ مقبولٌ وصَرْفك قَيِّمُ
4 - وجدّ وسارعْ واغتنمْ زمنَ الصِّبا
ففي زمن الإمكان تسعى وتغنمُ
5 - وسِرْ مـسرعاً فالسيلُ خلفك مسرعٌ
وهيهاتَ ما منه مفرٌّ ومهزَمُ
6 - فهُنّ المنايا أيَّ وادٍ نزلْنَهُ
عليها القدومُ أو عليك ستقدمُ
* * *
716 - وقال عنترة العبسي في الحماسة والفخر [98]: [من الوافر]
1 - إذا كَشَفَ الزمانُ لك القناعا
ومَدَّ إليكَ صَرْفُ الدَّهْرِ باعا
2 - فلا تَخْشَ المنيَّةَ وَالْقَيَنْها
ودافعْ ما استطعتَ لها دفاعا
3 - ولا تَخْتَرْ فِراشاً من حريرٍ
ولا تبكِ المنازِلَ والبقاعا
4 - وحولك نسوةٌ يندبْنَ حزناً
ويهتكْنَ البراقعَ واللّفاعا
[99]
5 - يقولُ لك الطبيبُ دواكَ عندي
إذا ما جَسَّ كفَّكَ والذراعا
6 - ولو عرفَ الطبيبُ دواءَ داءٍ
يردُّ الموتَ ما قاسى النزاعا
7 - وفي يوم المصانعِ قد تركْنا
لنا بفعالنا خبراً مُشاعا
8 - أقمنا بالذوابل سُوقَ حربٍ
وصَيَّرْنا النُّفُوسَ لها مَتاعا
[100]
9 - حِصاني كان دلّالَ المنايا
فخاضَ غمارها وشرى وباعا
10 - وسيفي كانَ في الهيجا طبيباً
يداوي رأسَ مَنْ يشكو الصُّداعا
11 - أنا العبدُ الذي خُبـِّرتَ عنه
وقد عايَنْتَني فَدَعِ السَّماعا
[101]
12 - ولو أرسلتُ رُمحي مَعْ جَبانٍ
لكانَ بهيبتي يلقى السباعا
13 - ملأت الأرضَ خوفاً من حسامي
وخَصْمي لم يجدْ فيها اتّساعا
14 - إذا الأبطالُ فَرَّتْ خوفَ بأسي
ترى الأقطارَ باعاً أو ذراعا
* * *
[98] القصيدة في ديوان عنترة - عطوي - 154. [99] اللِّفاع: ما يجلل به الجسد كله كساء كان أو غيره (الوسيط). [100] الذوابل: الرماح الدقيقة. [101] عاينه معاينة وعياناً: رآه بعينه، وفي المثل: ليس الخبر كالعيان.
717 - وقال القاضي الجرجاني [102]: [من الطويل]
1 - وما زلتُ منحازاً بعرضيَ جانباً
عن الناس أعتدُّ السلامةَ مغنما
2 - وإني إذا ما فاتني الأمرُ لم أبتْ
أُقلّب كفي إثرَه متندِّما
3 - ولكنني إن جاء عفواً قبلتُهُ
وإن فاتَ لم أُتبعه علَّ وليتما
4 - وأقبضُ خطوي عن حظوظٍ كثيرةٍ
إذا لم أنلها وافرَ العرض مُكْرَما
5 - وأُكرمُ نفسي أن أُضاحِكَ عابساً
وأن أتَلَقَّى بالمديحِ مُذَمَّما
[103]
* * *
[102] بعض هذه الأبيات وغيرها في يتيمة الدهر 4/ 23، والتذكرة الحمدونية 2/ 96 - 97، ومعجم الأدباء 4/ 1797، والبداية والنهاية 12/ 364، والمستطرف 1/ 73، وفي هامـش الأخير ذِكرُ مَصْدرين هما: ربيع الأبـرار 4/ 115، وشـعر القاضـي الجرجاني رقم 63. [103] ذمَّمه: بالغ في ذمه (الوسيط).
718 - وقال ابن طباطبا [104]: [من الطويل]
1 - حسودٌ مريضُ القلبِ يُخفي أنينَه
ويُضْحي كئيبَ البالِ عندي حزينَهُ
2 - يلومُ على أنْ رُحْتُ للعلم طالباً
أُجمِّعُ من عند الرواةِ فنونَهُ
3 - فأعرفُ أبكارَ الكلام وعونَه
وأحفظُ مما أستفيدُ عيونَه
4 - ويزعمُ أن العلمَ لا يُكسبُ الفتى
ويُحسن بالجهل الذميم ظنونَه
5 - فيا لا ئمي دعني أغالي بقيمتي
فقيمةُ كلِّ الناسِ ما يُحسنونَه
* * *
719 - وقال معن بن أوس المزني [105]: [من الطويل]
1 - لَعمرُكَ ما أَهويتُ كفيّ لرِيبةٍ
ولا حَمَلَتْني نحو فاحشةٍ رِجْلي
2 - ولا قادني سَمْعي ولا بَصَري لها
ولا دلَّني رأيي عليها ولا عقلي
3 - وإنيَ حقاً لم تُصبني مصيبةٌ
من الدهرِ إلا قد أصابت فتىً قبلي
4 - ولستُ بماشٍ ما حييْتُ لمنكرٍ
من الأمرِ لا يمشي إلى مثله مثلي
5 - ولا مؤثراً نفسي على ذي قرابةٍ
وأوثرُ ضيفي ما أقام على أهلي
* * *
[104] الأبيات - كما هنا - في معجم الأدباء 2/ 556، و6/ 2829، وهي تسعة أبيات فيه 5/ 2314 منه. وانظر تاريخ دمشق 60/ 412 - 413. [105] الأبيات في ديوان معن بن أوس المزني 72 - 73.
720 - قال ابن سَناء المُلك [106]: [من الطويل] [107]
1 - سِوايَ يَهابُ الموتَ أو يرهبُ الردى
وغيريَ يهوى أن يكونَ مخلَّدا
2 - ولكنني لا أرهبُ الدهرَ إن سطا
ولا أحذرُ الموتَ الزُّؤامَ إذا عدا
3 - ولو مَدَّ نحوي حادثُ الدهرِ كفَّه
لحدثْتُ نفـسي أن أمدَّ له يدا
4 - توقُّدُ عزمي يتركُ الماءَ جمرةً
وحليةُ حلمي تتركُ السيفَ مِبْرَدا
5 - وأظمأ إن أبدى ليَ الماءُ منّةً
ولو كان لي بحرُ المجرَّةِ موردا
* * *
[106] هبة الله القاضي السعيد بن القاضي الرشيد جعفر بن سناء الملك محمد بن هبة الله بن محمد السعدي المصري المعروف بابن سناء الملك، أحد أدباء العصر وشعرائه المجيدين، له كتاب «دار الطراز في الموشحات». مات سنة ثمان وست مئة (معجم الأدباء - دار الغرب - 6/ 2764، ووفيات الأعيان 6/ 61). [107] الأبيات في معجم الأدباء 2767، ضمن قصيدة مؤلفة من 17 بيتاً.
721 - قال سعد بن ناشب المازني [108]: [من الطويل]
1 - تُفَنِّدُني فيما ترى من شراستي
وشدّةِ نفـسي أمُّ سعدٍ وما تَدْري
[109]
2 - فقلتُ لها إن الكريمَ وإن حلا
ليُلْفَى على حالٍ أمرَّ من الصَّبرِ
3 - وفي اللِّين ضعفٌ والشّراسة هيبةٌ
ومَنْ لم يهَبْ يُحمَلْ على مركبٍ وَعْرِ
4 - وما بي على مَنْ لانَ لي من فظاظةٍ
ولكنني فظٌّ أبيٌّ على القَسْرِ
[110]
[108] هو سعد بن ناشب بن معاذ بن جعدة المازني التميمي: شاعر من الفتّاك المردة، من أهل البصرة، اشتهر في العصر المرواني. توفي سنة 110ﻫ/ 728م (الأعلام 3/ 139، والشعر والشعراء 696). [109] تفنّدني: تُخَطِّئ رأيي (الوسيط). [110] القسر: القهر (الوسيط).
722 - وقال أبو العلاء المعري [111]: [من الطويل]
1 - وما يَجْمعُ الأشتاتَ إلا مُهَذَّبٌ
من القوم يُحْمَى بارداً فوق باردِ
[112]
2 - إذا نالَ ما يرجوهُ من زحلَ الذي
بدا شرُّهُ لم يبغهِ من عطاردِ
3 - وإنْ يَكُ في الدُّنْيا سُعودٌ فإنما
تكونُ قَليلاً كالشُّذوذِ الشَّوارِدِ
[113]
* * *
[111] اللزوميات 1/ 244. [112] يقصد بالبارد: الحديد. (هامش اللزوميات). [113] الشوارد: الغرائب والنوادر (الوسيط).
723 - قال الشافعي رحمه الله [114]: [من الطويل]
1 - ولستُ بهَيّابٍ لمن لا يَهابُني
ولستُ أرى للمرءِ ما لا يرى لِيا
2 - فإن تَدْنُ مني تدنُ منك مودّتي
وإن تنأَ عني تلقني عنك نائيا
3 - كلانا غنىٌّ عن أخيه حياتَه
ونحن إذا متنا أشدُّ تغانيا
* * *
[114] الأبيات بعض مقطعة وردت في ديوان الشـافعي 210، والبيت الأخيـر ورد في ديوان عبدالله بن معاوية 90.
724 - قال أبو حيان النحوي [115]: [من الطويل] [116]
1 - عِداتي لهم فَضْلٌ عَلَيَّ ومِنَّةٌ
فلا أَذْهَبَ الرَّحْمنُ عَنِّي الأَعادِيا
2 - همُ بَحَثوا عَنْ زلَّتي فاجْتَنَبْتُها
وهُمْ نافَسوني فاكْتَسبتُ المعَاليا
* * *
[115] هو محمد بن يوسف بن علي بن يوسف بن حيان الغرناطي الأندلسي أبو حيان، من كبار علماء العربية، له شعر. توفي بالقاهرة سنة 745ﻫ/ 1344م (الأعلام 8/ 26، والدرر الكامنة 4/ 302). [116] البيتان في الوافي بالوفيات 22/ 190.
725 - وقال أبو سعد المخزومي [117]: [من الطويل] [118]
1 - وإنّي لصبّارٌ على ماينوبني
وحسبُكَ أنّ الله أثنى على الصبرِ
2 - ولست بنظَّارٍ إلى جانبِ الغنى
إذا كانت العلياءُ في جانب الفقرِ
* * *
[117] هو عيسى بن خالد بن الوليد أبو سعد المخزومي، شاعر من أهل بغداد، كثير الشعر جيده، كان يهاجي دعبل بن علي الخزاعي، وله مديح للمأمون، توفي سنة 230ﻫ/ 845 (الأعلام 5/ 286، ومعجم الشعراء للمرزباني - كرنكو - 260 - وعبد الستار فراج - 98 - ودار صادر 130). [118] نُسب البيتان في المصادر لأكثر من شاعر كالمعذل به غيلان والد عبد الصمد وغيره، وما هنا عن المرزباني، وانظر البيان والتبيين 1/ 307 حيث نسبه لأعرابي من طيء.
726 - وقال بعض الأعاجم مفتخراً [119]: [من المنسرح]
1 - ماليَ عقلي وهمّتي حسبي
ما أنا مولىً ولا أنا عربي
2 - إن انتمى مُنْتَمٍ إلى أحدٍ
فإنني منتمٍ إلى أدبي
* * *
[119] البيتان في العقد الفريد 2/ 275، والمستطرف 1/ 83، ونسبته في الأخير كما هنا.
727 - قال بعض الأدباء [120]: [من الوافر]
1 - أحبُّ مكارمَ الأخلاقِ جهْدي
وأَكْرهُ أنْ أعيبَ وأن أُعابا
2 - وأصفحُ عن سِباب النّاسِ حلماً
وشَرُّ النّاس مَنْ يَهْوى السِّبابا
* * *
[120] الأبيات في ديوان الشافعي 37 خمسة، وما هنا منهما الأول والثاني، ونُسبَ البيتان أيضاً للحسين بن مطير، وليسا في ديوانه.
728 - وقال المتنبي [121]: [من الطويل]
1 - أَراعَ كذا كُلَّ الملوكِ هُمامُ
وَسَحَّ له رُسْلَ الملوكِ غَمامُ
2 - وما تنفعُ الخيلُ الكرامَ ولا القَنا
إذا لم يكن فوقَ الكرامِ كرامُ
* * *
[121] شرح ديوان المتنبي 4/ 109 - 110.
729 - قال أحيحة بن الجُلاح: [من البسيط]
ولن أزالَ على الزَّوراءِ
[122] أعمُرُها
إن الكريم على الإخوان ذو المالِ
* * *
[122] الزوراء: اسم لفلاحة يملكها الشاعر.
730 - وقال حاتم الطائي [123]: [من الطويل]
وأَغْفِرُ عوراءَ الكريم ادخاره
وأعرضُ عن شتم اللئيم تكرُّما
* * *
[123] ديوان حاتم - مكتبة الخانجي - 224، وأورد أن منظور البيت في لسان العرب (عور) وعقَّب عليه بقوله (أي لادّخاره).
731 - قال الشاعر: [من الطويل]
خُلقتُ أحبُّ السيفَ والضيفَ والقِرى
ووِرْدَ حياضِ الموتِ والموتُ أحمرُ
* * *
732 - قال ذو الإصبع العدواني [124]: [من البسيط]
يا عمرو لَوْ لِنْتَ لي ألفيتني يَسَراً
سمحاً كريماً أجازي من يجازيني
* * *
733 - وقال أبو فراس الحمداني [125]: [من الطويل]
سيذْكُرني قومي إذا جَدَّ جِدُّهُمْ
وفي الليلةِ الظلماءِ يُفْتَقَدُ البَدْرُ
* * *
[124] المفضليات 164 - المفضلية 31 - البيت 35 قبل الأخير. [125] ديوان أبي فراس - ألتونجي - 145.
734 - وقال حسان بن ثابت س [126]: [من الطويل]
لساني وسيفي صارمان كلاهما
يُبَلِّغُ مالا يَبْلُغُ السيفُ مذودي
* * *
[126] ديوان حسان س - دار صادر - 1/ 25.
735 - وقال ابن سناء الملك [127]: [من الطويل]
ولي قلمٌ في أنملي إن هززتُه
فما ضرَّني ألا أهزُّ المهنّدا
* * *
[127] معجم الأدباء 6/ 2767.
736 - وقال الشاعر: [من الطويل]
إذا العلمُ لم يُفرج لك الشكَّ لم تزل
جنيباً كما استتلى الجنيبة
[128] قائدُ
[128] الجنيبة: الدابة تُقاد (مجموعة رسائل الشيخ 4/ 363).
737 - وقال ابن غلبون الصوري [129]: [من البسيط]
وقد حُسِدْتُ على موتي فوا عَجَبي
حَتَّى على الموتِ لا أخلو من الحسدِ
* * *
[129] هو عبد المحسن بن محمد الصوري أبو محمد ابن غلبون الصوري: شاعر. توفي سنة 419ﻫ/ 1028 (الأعلام 4/ 295).
738 - قال السموأل بن عادياء [130] في الفخر والحماسة [131]: [من الطويل]
1 - إذا المَرْءُ لم يدْنسْ مِنَ اللُّؤْمِ عِرضُه
فَكُلُّ رداءٍ يَرْتَديهِ جَميلُ
2 - وإنْ هُوَ لَمْ يحملْ على النَّفْسِ ضَيْمَها
فَلَيْسَ إلى حُسْنِ الثّناءِ سَبيلُ
3 - تُعَيِّرُنا أنّا قَليلٌ عَديدُنا
فَقُلْتَ لها: إنَّ الكِرامَ قَليلُ
4 - وما قَلَّ مَنْ كانَتْ بقاياهُ مِثْلنا
شَبابٌ تَسامى للعُلا وكُهولُ
5 - وَما ضَرَّنا أَنّا قَليلٌ وجارُنا
عَزيزُ وجارُ الأكثرينَ ذَليلُ
6 - لَنَا جَبَلٌ يَحْتَلُّهُ مَنْ نُجيرُهُ
مَنيعٌ يَرُدُّ الطَّرفَ وهْو كَليلُ
[132]
7 - رَسَا أَصْلُهُ تَحْتَ الثَّرى وَسَما به
إلى النَّجْمِ فَرْعٌ لا يُنالُ طَويلُ
8 - هُوَ الأَبْلَقُ الفَردُ الذي شاعَ ذِكْرُهُ
يَعِزُّ عَلَى مَنْ رامَهُ ويَطولُ
[133]
9 - وإنّا لَقَوْمٌ لا نَرى القَتْلَ سُبَّةً
إذا ما رَأَتْهُ عامِرٌ وسَلولُ
[134]
10 - يُقَرِّبُ حُبُّ المَوْتِ آجالَنا لَنا
وتَكْرَهُهُ آجالُهُم فَتَطولُ
11 - وما ماتَ منا سَيّدٌ حَتْفَ أنْفِهِ
ولا طُلَّ منّا حيثُ كانَ قَتيلُ
12 - تَسيلُ على حَدّ الظُّباتِ نُفوسُنا
وليسَتْ على غَيْر الظُّباتِ تَسيلُ
[135]
13 - صَفَوْنا فَلَمْ نَكْدُرْ وأَخْلَصَ سِرَّنا
إِناثٌ أطابَتْ حَمْلَنا وفُحولُ
[136]
14 - عَلَوْنا إلى خَيْرِ الظُّهورِ وحَطَّنا
لوَقْتٍ إلى خَيْرِ البُطونِ نُزولُ
15 - فَنَحْنُ كَماءِ المُزْنِ ما في نصابـِنا
كَهَامٌ ولا فينا يُعَدُّ بَخيلُ
[137]
16 - ونُنكرُ إن شئنا على الناسِ قولَهم
ولا ينكرون القولَ حين نقولُ
17 - إذا سَيِّدٌ مِنّا خَلا قامَ سَيِّدٌ
قؤولٌ لِما قالَ الكِرامُ فَعولُ
18 - وما أُخْمِدَتْ نارٌ لنا دونَ طارقٍ
ولا ذَمَّنا في النّازِلينَ نَزيلُ
[138]
19 - وأيامُنا مَشْهورَةٌ في عَدُوّنا
لها غُرَرٌ معلومةٌ وحُجولُ
[139]
20 - وأسيافُنا في كلّ شَرْقٍ ومَغْرِبٍ
بها مِنْ قِراعِ الدّارعِينَ فُلولُ
[140]
21 - مُعَوَّدةٌ ألا تُسَلَّ نِصالُها
فَتُغْمَدَ حَتَّى يُسْتَباحَ قَبيلُ
22 - سَلِي إنْ جَهِلْتِ النّاسَ عَنّا وعَنْهُم
فَلَيْسوا سَواءً عالمٌ وجَهولُ
23 - فإنَّ بَني الديّان قطبٌ لقومهم
تدورُ رحاهم حولهم وتجول
[141]
* * *
[130] هو السموأل بن غريض بن عادياء الأزدي: شاعر جاهلي حكيم من سكان خيبر، وهذه اللامية أشهر شعره، وهي من أجود الشعر، وفي علماء الأدب من ينسبها لعبد الملك بن عبد الرحيم الحارثي وله ديوان صغير، وإلى السموأل تنسب قصة الوفاء مع امرئ القيس الشاعر. توفي سنة 65 ق.ﻫ/ 560م (الأعلام 3/ 204، والمحبر 349). [131] القصيدة في ديوان السموأل - دار صادر - 90 - 92. [132] كليل: تعب قاصر النظر (هامش الديوان). [133] الأبلق: حصن السموأل بن عادياء، وهو المعروف بالأبلق الفرد، كان قد بناه أبوه مشرفاً على تيماء بين الشام والحجاز على رابية من تراب (معجم البلدان: الأبلق). [134] السُّبة: العار. وعامر وسلول: اسما قبيلتين. [135] الظُّبات: جمع ظبة، وهو: حدُّ السيف. [136] سرُّنا: أصلنا الطيب. والمعنى صفت أنسابنا فلم يشُبها كدر. [137] ماء المزن: المطر. الكهام: الكليل الحدّ. [138] طارق: الضيف الذي يجيء ليلاً. [139] الحجول: جمع حجل، وهو: الخلخال. [140] القراع: المقارعة والمضاربة، والدارعين: أصحاب الدروع. الفلول: جمع فل، وهو: الكسر المسنن في حدّ السيف. [141] في الديوان: (فإنّ بني الرّيان). والقطب - في هامشه - الحديد الذي في الطبق الأسفل من الرحى (حجر الطاحون) يدور عليه الطبق الأعلى.
739 - عن عبدالله بن مصعب بن الزبير قال [142]:
كُنّا بباب الفضل بن الربيع، والآذن يأذن لذوي الهيئات والشارات، وأعرابي يدنو، فكلما دنا صرخ به، فقام ناحيةً وأنشأ يقول: [من البسيط]
1 - رأيتُ آذِنَـنَا يَعْتامُ بِزَّتَنا
ولَيْس للحَسَبِ الزّاكي بمُعْتامِ
[143]
2 - ولو دُعينا على الأحسابِ قَدَّمني
مَجْدٌ تَليدٌ وجدٌّ راجحٌ نامي
3 - متى رأيت الصُّقورَ الجُدْلَ يَقْدُمْها
خِلْطانُ من رخمٍ قزْعٍ ومن هَامِ
[144]
[142] الأمالي للقالي - العصرية - 342. [143] اعتام: اختار (اللسان)، والبزة: الهيئة واللباس (أساس البلاغة). [144] الجُدل: جمع أجدل، وهي صفةٌ للصقر، من الجَدل وهي الشدة، والرخم: نوع من الطيور، وكذا الهامة، وجمعها هام، والقزع: مقصوص الشعر على غير انتظام.
740 - وقال حسان بن ثابت [145]: [من الوافر]
1 - عَدِمْنا خَيْلَنا إن لم تَرَوْها
تُثيرُ النَّقْعَ موعدُها كَدَاءُ
[146]
2 - ينازعن الأعنّةَ مُصغياتٍ
على أكتافها الأسلُ الظِّماءُ
[147]
3 - تظلُّ جيادُنا مُتَمَطِّراتٍ
يُلطِّمُهُنَّ بالخُمُرِ النِّساءُ
[148]
* * *
[145] الأبيات في ديوان حسان بن ثابت الأنصاري - دار صادر 1/ 17، وشرح ديوان حسان للبرقوقي 4 - 5. [146] النقع: الغبار، وكداء: الثنية العليا بمكة مما يلي المقابر وهو المعلى. [147] الأسـل: نبات دقيق الأغصان، وتُشـبَّه الرماح بها لخفتها وسرعتها. وظماء: أي عطشى إلى دماء الأعداء. [148] متمطرات: أي مسرعات، والخمر: جمع خمار، وهو ما تغطي به المرأة رأسها.
741 - قال الزبرقان بن بدر [149]: [من البسيط] [150]
1 - نحنُ الكِرامُ فَلا حَيٌّ يُعادلُنا
مِنّا المُلوكُ وفينا تُنْصَبُ البـِيَعُ
[151]
2 - وَكَمْ قَسَرْنا من الأحْياءِ كُلِّهمِ
عِنْدَ النِّهابِ وفَضْلُ العِزّ يُتَّبَعُ
3 - ونَحْنُ يُطعِمُ عِنْدَ القَحْطِ مُطْعِمُنا
من الشواءِ إذا لم يُؤْنَسُ القَزَعُ
[152]
إلى أن قال:
4- إنا أَبَيْنا وَلا يأْبى لنا أَحَدٌ
إنّا كَذَلِكَ عِنْد الفَخْرِ نَرْتَفِعُ
فقام حسان فأجابه
[153]:
1 - إن الذوائبَ من فِهْرٍ وإخوتِهم
قد بَيَّنوا سُنَّةً للناسِ تُتَّبَعُ
2 - قومٌ إذا حاربوا ضرُّوا عدوَّهمُ
أو حاولوا النفعَ في أشياعهمْ نَفَعوا
3 - أعفَّةٌ ذُكرتْ في الوحيِ عفَّتُهمْ
لايطمعون ولا يُرديهمُ الطمعُ
* * *
[149] الزبرقان بن بدر التميمي: شاعر صحابي مخضرم، وسمي بالزبرقان لجماله المشابه للقمر، وقيل: لأنه كان يصبغ عمامته بالزعفران. توفي سنة 45ﻫ/ 665م (الأعلام 3/ 72، والإصابة 1/ 543). [150] سيرة ابن هشام 2/ 563. [151] البيع: جمع بيعة، وهي موضع الصلاة والعبادة. [152] القزع - بالتحريك - السحاب الرقيق. يريد: إذا لم تمطرهم السماء فأجدبت الأرض يُطعمون الناس. [153] شرح ديوان حسان 248.
742 - قال أبو فراس الحمداني [154]: [من الطويل]
1 - ولو سدَّ غيري ما سَدَدْتُ اكتَفَوا به
وما كان يغلو التبرُ لو نَفَق الصُّفْرُ
[155]
2 - ونحنُ أناسٌ لا توسُّطَ بيننا
لنا الصدرُ دون العالمين أو القبرُ
3 - أعزُّ بني الدنيا وأعلى ذوي العلا
وأكرمُ مَنْ فَوْقَ التُّرابِ ولا فَخْرُ
* * *
[154] ديوان الأمير أبي فراس الحمداني 145. [155] التبر: الذهب. الصُّفْر: النحاس (هامش الديوان).
743 - قال المُتَلَمِّس الضَّبُعي [156]: [من الطويل] [157]
وكُنّا إذا الجَبَّارُ صَعَّرَ خَدَّهُ
أَقَمْنا لَهُ مِنْ ميله فَتَقَوَّما
* * *
[156] هو جرير بن عبد العزى، وقيل عبد المسـيح، من بني ضبيعة من ربيعة، شـاعر جاهلي من أهل البحرين، وهو خال طـرفة بن العبد، كانا ينادمان عمرو بن هند ملك العراق، ثم هجياه، فبعثهما إلى أمير البحرين ليقتلهما، ففر المتلمس إلى بني جفنة ملوك الشام ومات عندهم سنة 43 ق.ﻫ/ 580م (الأعلام 1/ 111 والأصمعيات 214). [157] البيت هو التاسع من الأصمعية 92 في كتاب الأصمعيات 244.
744 - وقال الفرزدق [158]: [من البسيط] [159]
ولا نلين لِسُلْطانٍ يُكابـِدُنا
حتَّى يلينَ لـضرسِ الماضغِ الحجرُ
[158] هو همام بن غالـب بن صعصعة التميمي الدارمـي أبو فراس، شـاعرٌ من شـعراء الأمويين، أحد شعراء النقائض، لُقب بالفرزدق لغلظ وجهه، توفي سنة 110ﻫ/ 728م (وفيات الأعيان 6/ 86 والشعر والشعراء 381).
[159] البيت في ديوان الفرزدق - دار صادر - 1/ 200 برواية:
(أما العدُّو فإنّا لا نلينُ لهم
حتى يلينَ لضرسِ الماضغ الحجرُ)
745 - قحطان ينسـبون أنفسـهم إلى هودٍ نبي الله، ويقول شاعرهم: [من الطويل]
أبونا نبيُّ اللهِ هودُ ابنُ عامرٍ
فنحنُ بنو هودِ النبيِّ المطَهَّرِ
* * *
746 - وقال الشاعر أيضاً: [من الطويل]
فنحن بنو قحطانَ والملكِ والعلا
ومنّا نبي الله هودُ الأحابر
* * *
747 - وقال الشاعر: [من الوافر]
ألسنا النازلين على معدٍّ
شهورُ الحِلّ نجعلُها حراما
* * *
748 - قال حُجَيَّة بن المُضَرّب السّـكوني [160] يمدح يعفر بن زرعة [161]: [من الطويل]
شكرتُ لكم آلاءكم وبلاءكم
وما ضاع معروفٌ يكافئه شُكرُ
* * *
[160] هو حُجَيَّة بن المُضَرَّب أبو حوط السكوني: شاعر جاهلي من نصارى كِندة، أدرك الإسلام (الأعلام 2/ 178، والأغاني 20/ 316). [161] في الأمالي للقالي - العصرية - 63 هذا البيت آخر مقطعة من عشرة أبيات.
749 - قال العَرَنْدَس أحد بني بكر بن كلاب يمدح بني عمرو الغَنَويّين [162]: [من البسيط]
1 - هَيْنونَ لَيْنونَ أَيْسارٌ ذَوُو كَرَمٍ
سُوَّاسُ مَكرُمةٍ أبناءُ أَيْسارِ
2 - إِنَ يُسألوا الخَيْرَ يُعطَوْهُ وإِن خُبـِروا
في الجهدِ أُدركَ منهم طِيْبُ أَخبارِ
3 - فيهم ومنهم يُعَدُّ الخيرُ مُتَّلِداً
ولا يُعَدُّ نثا خزي ولا عارِ
4 - لا يَنْطِقونَ عَن الأهواءِ إن نَطَقَوا
ولا يُمارونَ إنْ مارَوا بإكثار
5 - مَنْ تَلْقَ مِنْهُمْ تَقُلْ لاقَيْتُ سَيدَهم
مِثلُ النُّجومِ التي يَسْري بها السّاري
* * *
[162] الأبيات في الأمالي للقالي - العصرية - 230 والمتلد: المال القديم، والنثا: الحديث.
750 - وقال امرؤ القيس [163]: [من الطويل]
كأنَّ أباناً في عرانين وَبلِهِ
كبيرُ أناسٍ في بجادٍ مُزَمَّلِ
[164]
* * *
[163] البيت أحد أبيات معلقة امرئ القيس: انظر شرح ديوانه 40 (البيت 73). [164] قال القرشـي في جمهـرة أشـعار العـرب 274: (عرانيـن وبلـه: أول مطره. الوبل: المطر الشديد. يقول: كأنّ هذا الجبل في المطر سيد قوم في كساء مخطط وهو البجاد، ومزمل: مُغَطّى. قلت: وأباناً: اسم جبل.
751 - قال كعب بن سعد الغنوي [165]: [من الطويل]
1 - حبيبٌ إلى الزُّوّار غشيانُ بيته
جميلُ المحيّا شبَّ وهْو أديبُ
2 - لقد كان أَمّا حِلْمُهُ فَمُرَوَّحٌ
علينا وأما جَهْلُهُ فغريبُ
3 - فتى الحربِ إن حاربْتَ كان سِمامَها
وفي السَّفْرِ مِفْضالُ اليدين وهوبُ
* * *
752 - قال الأعشى يمدح الأسود بن المنذر اللخمي [166]: [من الخفيف]
فَرْعُ نَبْعٍ يَهْتَزُّ في غُصُنِ المَجْـ
ـدِ غَزيرُ النَّدى شَديدُ المِحالِ[167]
* * *
753 - وقال الأعشى يمدح قيس بن معد يكرب [168]: [من المتقارب]
زنادُكَ خَيْرُ زنادِ الملو
كِ خالَطَ منهنَّ مرخٌ عفارا
[169]
* * *
[165] الأبيات في منتهى الطلب 6/ 390 - 396، والقصيدة رقمها منه 351، وهي في الأصمعيات 93 - 97 برقم (25). [166] ديوان الأعشى 43. [167] النبع: شـجرٌ تُتخذ منه القسـي ومن أغصـانه السـهام، ينبـت في قمة الجبل، والمِحال: العقوبة والمكر. ومعنى البيت: فرعٌ في غصون المجد غزير العطاء، بيد أنه شديد النكال (حاشية الديوان). [168] ديوان الأعشى 89. [169] الزناد: ما يُقدح به ليشعل الحطب، والمرخ والعفار: شجرتان تُقدح فيهما النار فيشتعلان بسرعة لأنهما هشتان شديدتا الاشتعال. والمعنى: إنك لأورى الملوك زناداً، تتوقد ذكاء وتتحفز يقظة ونشاطاً، كأنك الزند ينقدح في شجر المرخ أو العفار السريع الاتقاد. (هامش الديوان).
754 - وقال صيفي بن عامر الأسلت أبو قيس [170]: [من الطويل] [171]
1 - ويكرمُها جاراتُها فَيَزُرْنَها
وتعتلُّ عن إتيانِهنَّ فَـتُعْذَرُ
2 - وليس لها أن تستهينَ بجارةٍ
ولكنّها منهنّ تحيا وتخفرُ
3 - وإن هي لم تبرزْ لهنَّ أتينَها
نواعمُ بيضٌ مشيُهُنَّ التَّأَطُّرُ
* * *
755 - وقال أميَّة بن أبي الصلت [172]: [من الوافر]
كَريمٌ لا يُغَيِّرُهُ صَباحٌ
عَنِ الخُلُقِ السَّنيِّ ولا مساءُ
* * *
[170] هو صيفي بن عامر الأسلت الأوسي الأنصاري أبو قيس: شاعر جاهلي من حكمائهم، كان يكره الأوثان ويبحث عن دين يطمئن له. ومات قبل أن يُسلم سنة 1/ ﻫ/ 622م (الأعلام 3/ 303، وتهذيب تاريخ دمشق 11/ 120). [171] البيتان 1+2 في المحب والمحبوب 2/ 157 - 158، والأغاني 17/ 130. [172] ديوان أمية 234.
756 - وفي حديث أنس س: أن أعرابياً دخل والنبي ج يخطب يوم الجمعة، فقال: يا رسول الله! هلكت الأموالُ، وانقطعتِ السُّبُلُ، فادعُ اللهَ أن يغيثنا... إلخ.
ومن بعض الروايات أنه أنشد [173]: [من الطويل]
1 - أَتَيْناكَ والعَذْراءُ يَدْمَى لبانُها
وقد شُغلَتْ أُمُّ الصَّبيِّ عن الطِّفلِ
2 - وأَلْقى بكَفَّيْهِ الصبيُّ اسْتِكانَةً
من الجوعِ ضعفاً لا يُمرُّ ولا يُحلي
3 - ولا شيء مما يَأْكُلُ النّاسُ عِنْدَنا
سوى الحَنْظَلِ العامِيِّ والعِلْهزِ الفَسْلِ
[174]
4 - ولَيْس لَنا إلا إليكَ فِرارُنا
وأَيْنَ يَفرُّ النّاسُ إلا إلى الرُّسْلِ
فقام رسولُ الله يجُّر رداءَهُ، ثم ذكر دعاءَه كما هنا، وفيه أَنّها طلعت سـحابةٌ مثل التّرس، فرعدت وبرقت، ثم أمطرت، فلم يروا الشمس سبتاً، فجاءَ النّاس يَضجّون من الغَرَقِ، فقال: حَوالَيْنا ولا عَلَيْنا، ثم قال: لله درُّ أبي طالب، لو كان حاضراً لقرّتْ عينُه، مَن الذي ينشدنا شعره، فقام علي بن أبي طالبٍ فقالَ: كَأَنَّك يا رسولَ الله أردتَ قوله [175]: [من الطويل] [176]
1 - وأبيضَ يُسْتَسْقى الغَمامُ بوجهه
ثمالُ اليتامى عصمةٌ للأراملِ
[177]
2 - يلوذ به الهُلاّكُ من آلِ هاشمٍ
فهم عنده في رحمةٍ وفواضلِ
[178]
3 - كذبتُمْ وبيتِ اللهِ نُبْزَى مُحْمَّداً
ولما نُقاتِلْ دُونَهُ ونُناضـلِ
[179]
4 - ونُسْلِمُهُ حَتَّى نُصـَرَّعَ حَوْلَهُ
ونذهل عن أبنائنا والحلائلِ
[180]
* * *
[173] الأبيات في الحماسة المغربية منسوبةً للبيد بن ربيعة دون البيت الثالث الذي استُدرك في الهامش، وهي في شرح ديوان لبيد 277 (ق 41). [174] العامي: الحولي - العلهز: وهو صوف يُدق مع القردان ويؤكل، وسماه الفَسْل لأنه ليس مما يؤكل. [175] أبو طالب هو عبد مناف بن عبد المطلب بن هاشـم من قريـش، والد علي س، وعم النبي ج وكافله ومربيه ومناصره. توفي سنة 3 ق.ﻫ/ 620م له ديوان صغير (الأعلام 4/ 315). [176] الأبيات في ديوان أبي طالب - التونجي - 66 - 67، وفي الحماسة المغربية 102 - 105، وهي من قصيدة مطولة تزيد على التسعين بيتاَ في سيرة ابن هشام 1/ 272 - 280، والبداية والنهاية - دار ابن كثير - 3/ 262 - 268. [177] الأبيض هنا: بمعنى الكريم، والثمال: الملجأ والمطعم والكافي، والعصمة ما يعتصم به ويتَمَسَّك. [178] الهُلاّك: الفقراء الصعاليك الذين يقصدون الناس طلباً لمعروفهم. والفواضل: جمع الفاضلة، وهي: النعمة العظيمة. [179] وبيت الله: والواو للقسم. ونُبْزى: أي نُسلَبه ونُغلَب عليه، يقال: أبزى فلان بفلان: إذا غلبه وقهره، والطعن يكون بالرمح، والنضال بالسهم. [180] لا نسلمه: لا نخذله (هامش الحماسة).
757 - وقال أبو طالب معرِّضاً بحمايته للنبي في إحـدى قصـائده [181]: [من الكامل]
واللهِ لَنْ يَصِلوا إليكَ بجمعهم
حَتَّى أوَسَّدَ في التُّرابِ دَفينا
* * *
[181] البيت في ديوان أبي طالب - التونجي - 91، وفي شرح أبيات المغني 5/ 158، و7/ 295 شاهداً على أنَّ (لن مع منصوبها) قد تقع جواباً للقسم بقلة.
758 - وقال عبدالله بن حذف الكلابي [182]: [من الوافر]
1 - أَلا أَبْلغْ أبا بَكْرٍ رسولاً
وفتيانَ المدينةِ أَجْمَعينا
2 - فَهَلْ لكمُ إلى قومٍ كِرامٍ
قعودٍ في جُؤاثا محصرينا
[183]
3 - كأنّ دماءهم في كُلِّ فَجٍّ
دماءُ البُدْنِ تَغْشى الناظرينا
4 - تَوَكَّلْنا على الرَّحمن إنّا
وَجَدْنا النَّـصْرَ للمُتَوكِّلينا
* * *
[182] الأبيات منسوبة لعبدالله بن حذف في معجـم البلـدان: (جؤاثـا)، ومنسـوبة لعبدالله بن حذق في الإصابة 3/ 88. [183] جؤاثا: بلدة في البحرين، وكانت البحرين يومئذ تمتد على الساحل الشرقي لجزيرة العرب بين البصرة وعمان، قيل هي مركز هجر، وهجر اليوم هي الهفوف.
759 - ومن شعر عبدالله بن رواحة [184] في مدح النبي ج [185]: [من الطويل]
1 - وفينا رسول الله يتلو كتابَهُ
إذا انشقَّ معروف من الصبح ساطعُ
2 - أرانا الهدى بعد العمى فقلوبنا
به موقناتٌ أنّ ما قال واقعُ
3 - يبيتُ يُجافي جَنْبَهُ عن فراشِهِ
إذا استُثْقِلَتْ بالكافرينَ المضاجعُ
[186]
* * *
[184] عبدالله بن رواحة بن ثعلبة الأنصاري من الخزرج أبو محمد: صحابي شاعر راجز، كان يكتب في الجاهلية. قتل في معركة مؤتة سنة 8ﻫ/ 629م (الأعلام 4/ 217، وتاريخ دمشق - عبدالله بن جابر - 303). [185] الأبيات في ديوان عبدالله بن رواحة 162. [186] رواية الشطر الثاني في الديوان: (* إذا استثقلت...).
760 - وقالت الخنساء [187] في أخيها صخر [188]: [من البسيط]
وإنَّ صخراَ لتأتمُّ الهداةُ به
كأنّهُ عَلَمٌ في رأسه نارُ
[189]
* * *
[187] تُماضر بنت عمرو بن الحارث بن الشريد: أشهر شواعر العرب وأشعرهن على الإطلاق، من أهل نجد، أدركت الإسلام فأسلمت، ووفدت على النبي ج. توفيت سنة 24ﻫ/ 645 (الأعلام 2/ 68). [188] شرح ديوان الخنساء 27. [189] العَلَم: الجبل. تأتمّ: تهتدي. (حاشية الديوان).
761 - قال كعب بن زهير في قصيدة البردة [190]: [من البسيط]
1 - بـانَتْ سعـادُ فَقَلْبي اليومَ مَتْبول
مُتَيَّمٌ إِثْرَها لَمْ يُفْدَ مَكْبولُ
[191]
2 - وما سُعادُ غَداةَ البَيْنِ إذ بَرَزَتْ
إلا أَغَنُّ غَضيضُ الطَّرْفِ مَكْحولُ
[192]
3 - تَجْلو عَوارِضَ ذي ظَلْمٍ إِذا ابْتَسَمَتْ
كأَنَّهُ مُنْهَلُ بالرَّاحِ مَعْلولُ
[193]
4 - شَجَتْ بذي شَبـِمٍ من ماءِ مَحْنِيةٍ
صافٍ بأبطح أَضْحى وهْو مَشْمولُ
[194]
5 - تَنْفي الرِّياحُ القذى عنه وأفرطه
من صَوْبِ غاديةٍ بيضٌ يعاليلُ
[195]
6 - وَيْلُ امِّها خلَّةً لو أَنّها صَدَقَتْ
بوعدِها أولَوَ انَّ النُّصْحَ مَقبولُ
[196]
7 - لكنّهَا خلةٌ قد سِيطَ من دَمِها
فَجْعٌ وَوَلْعٌ وإخلافٌ وتَبْديلُ
[197]
8 - فما تَقومُ على حالٍ تكونُ بها
كما تلوّنُ في أثوابها الغُولُ
[198]
9 - ولا تَمَسَّكُ بالعَهْدِ الذي زَعَمَتْ
إلا كما يُمْسِكُ الماءَ الغَرابيلُ
[199]
10 - كانَتْ مواعيدُ عرقوبٍ لها مثلٌ
وما مواعيدُهُ إلا الأباطيلُ
[200]
11 - أَرجو وآملُ أن تَدْنو مَوَدَّتُها
وما إِخالُ لدينا منكِ تَنْويلُ
[201]
12 - فلا يَغُرَّنْكَ ما مَنَّتْ وما وَعَدَتْ
إِن الأمانيَّ والأحلامَ تَضْليلُ
[202]
13 - أمستْ سعادُ بأرضِ لايبلِّغُها
إلا العتاقُ النَّجيّات المَراسيلُ
[203]
14 - نُبـِّئْتُ أن رسولَ الله أَوْعَدَني
والعَفْوُ عندَ رسولِ الله مأمولُ
[204]
15 - مهلاً هداكَ الذي أَعطاكَ نافلة الـ
ـقُرآنِ فيها مواعيظٌ وتَفْصيلُ
[205]
16 - لا تأخُذَنيِّ بأقوالِ الوُشاةِ، ولم
أُذنِبْ، ولو كَثُرَتْ فيّ الأقاويلُ
17 - لقد أقومُ مقاماً لو يقومُ به
يرى ويسمعُ ما قد أسمعُ الفيلُ
18 - لظَلّ تَرْعدُ من وجدٍ بوادِرُه
إِن لم يكَنْ من رَسولِ الله تنويلُ
[206]
19 - ما زلتُ أقتَطعُ البيداء مُدَّرِعاً
جنحَ الظَّلامِ وثَوْبُ اللَّيل مسبولُ
20 - حَتَّى وضعتُ يميني ما أنازِعُها
في كَفّ ذي نَقِماتٍ قيله القِيلُ
[207]
21 - فَلَهْوَ أخوفُ عندي إذ أكلِّمُهُ
وقيلَ، إنَّكَ مَنْسوبٌ ومَسؤولُ
22 - مِنْ ضَيْغَمٍ بضراءِ الأَرْض مخدرُهُ
في بطنِ عَثَّرَ غيلٌ دونه غيلُ
23 - يَعدو فيُلْحم ضـِرْغامينِ عَيْشُهما
لحمٌ من الناسِ معفوْر خَراديلُ
[208]
24 - إذا يُساوِرُ قِرناً لا يحلُّ له
أن يتركَ القِرْنَ إلا وهْو مغْلولُ
[209]
25 - منهُ تظلّ سباعُ الجوّ نافرةً
ولا تَمَشّى بواديه الأراجيلُ
[210]
26 - ولا يزالُ بواديه أَخو ثقةٍ
مضرَّجِ البَزّ والدرسين مأكول
[211]
27 - إن الرسولَ لنورٌ يستضاءُ به
مُهَنَّدٌ من سيوفِ اللهِ مَسْلولُ
28 - في عُصْبةٍ من قريشٍ قال قائلهُم
ببطنِ مكةَ لما أَسْلَموا: زُولوا
[212]
29 - زالوا؛ فما زالَ أنكاسٌ ولا كُشُفٌ
عند اللقاءِ ولا مِيلٌ معازيل
[213]
30 - يمشونَ مَشْيَ الجمالِ الزَّهْرِ يعصمهم
ضربٌ إذا عرَّدَ السَّودُ التّنابيلُ
[214]
31 - شُمُّ العَرانينِ أبطالٌ لبوسُهُمُ
من نَسْجِ داودَ في الهيجا سَرابيلُ
[215]
32 - بيضٌ سوابغ قد شُكَّتْ لها حَلَق
كأنَّها حَلَقُ القفعاءِ مَجْدولُ
[216]
33 - ليسوا مفاريحَ إن نالتْ رماحُهُمُ
قوماً، وليسوا مجازيعاً إذا نيلوا
[217]
34 - لا يقع الطعنُ إلا في نحورِهمُ
وليس لهم عن حياضِ الموتِ تهليلُ
[218]
* * *
[190] القصيدة في شرح ديوان كعب بن زهير 12 - 24، ومنتهى الطلب 1/ 73 - 85، والحماسة المغربية 2/ 895 - 897، والسيرة النبوية 2/ 503 - 513، وجمهرة أشعار العرب 2/ 787 - 799. [191] يريد الشاعر: أن محبوبته فارقته، فصار قلبه في غاية الضنى والسقم والذل، لا يجد من قيده فكاكاً، ولا يستطيع من سجنه خلاصاً. [192] شـبه محبوبته وقت الفراق بالظبي في صوته غنة، وطرفه فاتر مكحول، حاوياً صفات الجمال. [193] يريد: أن سعاد إذا ابتسمت كشفت عن أسنان ذات ماء وبريق، أو ذات بياض ورقة، وكأن ثغرها لطيب رائحته قد سُقي الراح مرة بعد مرة. [194] هذه الراح قد مُزجت بماء صاف بارد من منعطف الوادي، كأنما برَّدته ريح الشمال. [195] يريد: أن الرياح تُز يل القذى عن ذلك الماء، الذي مُزج به الراح، حتى لم يبق فيه ما يُكِّدره، وأن ذلك الأبطح ملأته الفقاقيع البيض التي نشات من مطر السحابة الغادية. [196] ثم يقول لنفسه: فيالها من صديقة كريمة لو أنها صدقت في الوعد وقبلت النصح لكانت على أتم الخلال، وأكمل الأحوال. [197] يريد: أن محبوبته متصفة بأخلاق أخرى، حتى صارت كأنها مختلطة بدمها، وهي الهجر والكذب وإخلاف الوعد. [198] يريد: أن هذه المحبوبة لا تدوم على حـال تكون عليها، بل تتغير من حـال إلى حال، فتتلون بألوان شتى، وتُرى في صور مختلفة، كما تتلون الغول في أثوابها بألوان كثيرة. [199] ويشبه تمسُّكها بالعهد بإمساك الغرابيل للماء، مبالغةً في النقض والنكث وعدم الوفاء بالعهد. لأن الماء بمجرد وضعه في الغربال يسقط منه. [200] يريد: أن مواعيدها أباطيل، مثلها كمثل عرقوب الذي كان مضرب المثل بإخلاف الوعد. [201] يريد: أني مع اتصافها بالجفاء، وإخلا ف الوعد، وعدم الوفاء بالعهد، لاأقطع الرجاء من مودتها، ولا أيأس من وصلها، بل أرجو وآمل أن تقرب مودتها. [202] ثم يقول لنفسه: لا تغتر بما حملتك على تمنيه منها، أو بما كذبت عليك فيه من الوصل، وما وعدتك به من ترك الهجر. فإن الأماني التي يتمناها الإنسان، والأحلام التي يراها في منامه سببٌ في الضلال وضياع الزمان. [203] يريد أن محبوبته صـارت بأرض بعيدة لا يوصـله إليها إلا الإبل الكرام الأصيلة القوية السريعة. [204] أُخبرت أن رسول الله تهددني بالقتل، وأملي بعفوه كبير. [205] مهلاً، يا سيدي زادك الله هدى، فإن الذي أعطاك القرآن زيادة على النبوة يهديك إلى الصفح والعفو عني. [206] والله لقد قمت مقاماً بين يديك وفي مجلسك لو وقفه الفيل لارتعد واضطرب على ضخامته، إلا أن يكون له من الرسول بإذن الله تأمين يسـكن به روعه، وتثبت به نفسه. [207] ومازلت أقطع الفيافي، يغطيني الليل بثوب الظلمة، حتى وضعت يميني بيد النبي ذي السطوة الشديدة والقول النافذ. [208] شرح هذا البيت والبيتين قبله، فهو يقول: رسول الله أخوف عندي من الأسد الذي خرج من عرينه في بطن وادي عثّر، من تلك الغابات الملتفة الأشجار، ليطعم شبليه، حين كلمته وقال لي: إنك مذنب ومسؤول عما صدر عنك. [209] إذا قاتل عدوه القوي، فلا يتركه إلا وهو مكسور مهزوم. [210] الجو: اسم مكان. ونافرة: بعيدة. والأراجيل: جماعات الرجال. [211] يصف هذا الأسد بالقوة، حتى خافته السباع والناس، فالشجاع الواثق بنفسه لا يخرج من وادي هذا الأسد إلا مأكولاً مضرجة ثيابه بدمائه. [212] العصبة: الجماعة. وزولوا: أي تحولوا وانتقلوا، فعل أمر من زال التامة. [213] الأنكاس: جمع نِكـس، وهو الرجل الضعيف، والكشـف (بضم فسكون وحرك للشعر): جمع أكشف، وهو الذي لا ترس معه، والميل: جمع أميل، وهو الذي لا سيف له. والمعازيل: جمع مِعزال، وهو الذي لا سلاح له. [214] الزهر: البيض. ويعصمهم: يمنعهم. وعرد: فر وأعرض عن خصمه وهرب منه. والتنابيل: جمع تنبال، وهو القصير. [215] شم: جمع أشم، والعرانين: جمع عرنين، وهو: الأنف، وأنف أشم: هو الذي في قصبته علو، يريد: أنهم يأبون الضيم. ولبوسهم من نسج داود: أي دروعهم. والهيجا: هي الحرب. والسرابيل: القمصان أو الدروع. [216] بيض سوابغ: أي أن دروعهم بيض طويلة، وشُكّت: أُدخل بعضها في بعض. والقفعاء: نبات له شوك، تُشبّه به حلق الدروع. ومجدول: محكم الصنع. [217] مفاريح: كثيرو الفرح. ومجازيع: كثيرو الجزع. [218] وقوع الطعن في نحورهم دليل على أنهم منهزمون ولذلك وقع الطعن في ظهورهم، وحياض الموت: موارد الحتف، يريد بها: ساحات القتال، وتهليل: تأخر.
762 - وقال حسان بن ثابت س [219]: [من الطويل]
1 - لَقَدْ خابَ قومٌ غابَ عنهم نَبيُّهم
وقد سُرَّ مَنْ يَسْري إليهم ويَغْتَدي
[220]
2 - ترحّلَ عن قومٍ فضَلَّتْ عقولهمْ
وحلَّ على قومٍ بنورٍ مُجَدَّدِ
3 - هَداهُمْ به بَعْدَ الضَّلالةِ رَبُّهُمْ
وأَرْشَدَهُمْ مَنْ يَتْبَعِ الحَقَّ يَرْشُدِ
4 - وهَلْ يَسْتَوي ضُلاّلُ قَوْمٍ تَسَفَّهوا
عَمىً وهُداةٌ يَهْتَدونَ بمُهْتَدِ
5 - لَقَد نزَلَتْ منه على أَهْلِ يَثْربٍ
رِكابُ هُدًى حَلَّتْ عليهم بأَسْعَدِ
6 - نَبـِيٌّ يَرَى ما لا يَرَى النّاسُ حَوْلَهُ
ويَتْلو كِتابَ اللهِ في كلِّ مَشْهَدِ
[221]
7 - وإنْ قالَ في يومٍ مَقالةَ غاِئبٍ
فَتَصْديقُهُ في اليوم أوفي ضُحى الغَدِ
8 - لِيَهْنِ أبا بكرٍ سعادةُ جَدّه
بصُحْبَتهِ مَنْ يُسْعِدِ اللهُ يَسْعَدِ
9 - وَيَهْنِ بني كعبٍ مكانُ فَتاتِهم
ومقعدُها للمسلمين بِمَرْصَدِ
* * *
[219] شرح ديوان حسان للبرقوقي 87، وديوان حسان - دار صادر - 1/ 164. [220] خاب قوم: يريد قريشاً. ومن يسري: يريد الأنصار. [221] في شرح ديوان حسان: (في كل مسجد).
763 - وقال حسان أيضاً س [222]: [من الطويل]
1 - حَصَانٌ رَزانٌ ما تُزنُّ برِيبةٍ
وتُصْبحُ غَرْثَى من لُحوم الغَوافِلِ
[223]
2 - حليلةُ خيرِ الناسِ دنياً ومنصباً
نَبيّ الهُدى والمَكْرمات الفَواضـِلِ
[224]
3 - عقيلةُ حيّ ٍمن لُؤَيِّ بنِ غالبِ
كرام المَساعي مجدُهم غيرُ زائلِ
[225]
4 - مُهَذَّبَةٌ قد طيَّبَ اللهُ خِيمَها
وطَهَّرها من كلِّ سُوءٍ وباطِلِ
[226]
* * *
[222] الأبيات في شـرح ديوان حسان 324، وديوان حسان - دار صادر - 1/ 292، وقد تكررت مع أبيات الزبرقان بن بدر فجاءت هنا لذاتها وهناك مع غيرها. [223] الحصـان هنا: العفيفة، والرزان: ذات الثبات والوقـار والعفاف. وما تُـزَنُّ: أي ما تُتَّهَم، وغرثى أي: جائعة. والغوافل: جمع غافلة، يريد: أنها لا ترتع في أعراض الناس. (حاشية شرح الديوان). [224] الحليلة: الزوجة. [225] العقيلة: الكريمة. والمسـاعي: التي يسعى فيها إلى طلب المجد والكرم (حاشية شرح الديوان). [226] مهذبة: أي صافية مُخْلصَةَ. والخِيم: الطبع والأصل.
764 - وقال حَسّانٌ أيضاً س [227]: [من البسيط]
1 - إنَّ الذّوائبَ من فِهْرٍ وإخْوَتِهِمْ
قَدْ بَيَّنُوا سُنّةً للنّاسِ تُـتَّبَعُ
[228]
2 - يَرْضَى بها كُلُّ مَنْ كانَتْ سريرتُهُ
تقوى الإلهِ وكلُّ الخيرِ يصطنع
[229]
3 - قَوْمٌ إذا حاربوا ضَرّوا عدوَّهَمُ
أو حاولوا النَّفْعَ في أشياعهم نَفَعوا
[230]
4 - سَجيَّةٌ تلك منهم غيرُ مُحْدَثَةٍ
إنَّ الخلائق فاعْلَمْ شرُّها البـِدَعُ
[231]
5 - إنْ كانَ في الناس سبّاقونَ بعدهُمُ
فكل سبقٍ لأَدْنَى سبقهم تبعُ
إلى أن قال:
6- لا يَفْخَرون إذا نالوا عَدُوَّهمُ
وإن أُصيبوا فلا خُورٌ ولا جُزُعُ
[232]
* * *
[227] الأبيات في شرح ديوان حسان 250، وفي ديوان حسان - دار صادر - 292 [228] الذوائب: الأعالي، والمراد هنا: السادة. وفهر: أصل قريش. والمراد بإخوتهم: الأنصار. [229] السريرة كالسر، وهو ما أخفيت من عمل السر من خير أو شر. [230] الأشياع: جمع شيعة، وهي الأنصار والأتباع. [231] السجيّة: الغريزة، وما جُبـِل عليه الإنسان. والخلائق: جمع خليقة، وهي الطبيعة هنا. والبدع: جمع بدعة، والمراد هنا: مستحدثات الأخلاق لا ما هو كالغرائز (حاشية شرح الديوان). [232] في شرح الديوان: (لا فخر إن هم أصابوا من عدوهم). وقوله (فلا خور ولا جزع): فالخُور: الضعفاء، والجَزَعُ: نقيض الصبر. (حاشية شرح الديوان).
765 - وقال الحطيئة [233]: [من الطويل]
متى تأتِهِ تعشو إلى ضوءِ نارِهِ
تجدْ خَيْرَ نارٍ عندها خيرُ مُوقِدِ
[234]
* * *
[233] البيت في ديوان الحطيئة - مكتبة الخانجي - 81 - ودار الثقافة ببيروت - 51. [234] عشا يعشو: إذا استدل على النار ببصر ضعيف. والموقد: الذي أوقد النار، ولذلك فإن عمر بن الخطاب س لما سمع هذا البيت قال: تلك نار موسى؛ لأن خير نارٍ موقدها الله عز وجل. وانظر: هامش الديوان.
766 - وللأعشى يمدح أميراً آثر الغزو على المقام حتى ضاعت أيام الطهر من نسائه ولم يواقعهن: [من الطويل]
1 - وفي كل عام أنت جاشم غزوة
تشدّ لأقصاها عَزيمَ عزائِكا
2 - مورّثة مالاً وفي الحمد رفعة
لما ضاع فيها من قروء نسائكا
* * *
[235] ديوان الأعشى 127.
767 - قالت ليلى الأخيلية تمدح الحجّاج [236]: [من البسيط]
1 - حجّاجُ أنتَ الذي ما فوقَهُ أحدٌ
إلا الخليفةُ والمُسْتَغْفَرُ الصَّمَدُ
[237]
2 - حجّاجُ أنت شهابُ الحربِ إن لقحت
وأَنْتَ لِلنّاسِ نورٌ في الدجى يَقِدُ
[238]
* * *
768 - وقالت ليلى أيضاً في مدح الحجّاج [239]: [من الطويل]
1 - أحجّاجُ لا يُفْلَلْ سِلاحُكَ إنما الـ
ـمنايا بكفِّ الله حَيْثُ يراها
[240]
2 - أحجّاجُ لا تُعْطِ العُصاةَ مُناهُمُ
ولا اللهُ يعطي للعصاة مُناها
[241]
3 - إذا هَبَطَ الحَجّاجُ أَرْضاً مَريضةً
تتبَّعَ أَقْـصَى دائِها فَشَفاها
[242]
4 - شفاها من الدّاءِ العُضالِ الذي بها
غُلامٌ إذا هزَّ القناة سقاها
[243]
5 - سقاها فَروّاها بـشرب سِجالِه
دماءَ رجالٍ حَيْثُ مالَ حَشاها
[244]
6 - إذا سمع الحجّاجُ رِزّ كتيبةٍ
أعدَّ لها قبلَ النزولِ قِراها
[245]
7 - أعدَّ لها مسمومةً فارسيّةً
بأيدي رجال يحلبون صراها
[246]
8 - فما وَلَدَ الأبكارُ والعُوْنُ مثلَهُ
ببحر ولا أرضٍ يجفُّ ثراها
[247]
* * *
769 - قال الأخطل [248] يمـدح أحـد الخلفـاء المشـغولين بجسـيمات الأمور [249]: [من البسيط]
قَوْمٌ إذا حاربوا شَدّوا مآزرَهُمْ
عن النساءِ ولو باتَتْ بأطْهارِ
* * *
[236] البيتان في ديوان ليلى الأخيلية 36. [237] المستغفَر: هو الله عز وجل. والصَّمد: الدائم. جعلت الشاعرة ممدوحها فوق جميع الناس ما عدا الله والخليفة. (حاشية الديوان). [238] لقحت الحرب: هاجت واشتعلت بعد سكون، ويقد: يشتعل ويضيء. [239] ديوان ليلى - دار صادر - 88. [240] لا يُفْلل: لا يثلم. [241] العصاة: جمع العاصي وهو المتمرد. [242] يقصد بالأرض المريضة: أرض المتمردين، وشفاها: قطع دابر الفتنة فيها. [243] الداء العضال: مُعْجِزٌ لا دواءَ له. وإذا هز القناه سقاها: أي إذا استل سيفه رواه بدماء أعدائه. [244] سجاله: جمع سَجْل وهو الدلو العظيمة. [245] الرِّزُّ: الصوت. وقراها: كناية عن عدة الحرب. [246] يقصد بالمسمومة الفارسية: السيوف التي تَسُمُّ الأعداء، صُنعت ببلاد فارس. والصرى: اللبن الذي تغيّر طعمه. [247] العُـون: جمع عَوَان، وهي متوسـطة العمر بين الصغر والكبر. والمعنـى: أنه لم تلد مثله لا بِكرٌ ولا ثيِّبٌ في بحرٍ ولا في برٍّ. [248] الأخطل: هو غياث بن غوث بن الصلت من بني تغلب أبو مالك: شاعر في شعره إبداع، اشتهر في عهد بني أمية بالشام، نشأ على المسيحية في أطراف الحيرة بالعراق، وتهاجى مع جرير والفرزدق. توفي سنة 90ﻫ/ 708 (الأعلام 5/ 318 والأغاني - دار الكتب - 8/ 280). [249] شعر الأخطل صنعة السكري - تحقيق قباوة - 130 وفي هامشه: الأطهار: جمع طُهْر. وشد المآزر: كناية عن اعتزال النساء.
770 - قصيدة كُثَيّر عَزَة في عمر بن عبد العزيز رحمه الله [250]: [من الطويل]
1 - وَلِيتَ فلم تَشْتمْ عَليّاً ولم تُخِفْ
بَريئًا ولَمْ تَقْبَلْ إشارةَ مُجْرِمِ
[251]
2 - وَصَدَّقْتَ بالفِعْلِ المقالَ مع الذي
أَتَيْتَ فأمسى راضياً كلُّ مُسْلمِ
3 - ألا إِنّما يَكْفى الفَتَى بَعْدَ زَيْغِهِ
من الأوَدِ البادي ثقافُ الُمَقوِّمِ
[252]
4 - وقد لَبـِسَتْ تَسْعَى إليك ثيابَها
تَراءَى لَكَ الدُّنْيا بكَفٍّ ومِعْصَمِ
[253]
5 - وتِومِضُ أحياناً بعَيْنٍ مَريضةٍ
وتَبْسِمُ عَنْ مِثْلِ الجُمانِ المُنَظَّمِ
[254]
6 - فَأعْرَضْتَ عَنْها مُشْمَئِزاً كَأنَّما
سَقَتْكَ مَذوفاً مِنْ سِمامٍ وَعَلْقَمِ
[255]
7 - وقد كُنْتَ مِنْ أَجْبالها في مُمَنَّعِ
وَمِنْ بَحْرِها في مُزْبـِدِ المَوْج مُفْعَمِ
[256]
8 - ومازِلْتَ تَوّاقاً إلى كُلِّ غايَةٍ
بَلَغْتَ بها أعْلى البناءِ المقَدَّمِ
9 - فَلَمَّا أتاكَ المُلْكُ عَفواً ولَمْ يَكُنْ
لطالبِ دُنْيا بَعْدَهُ من تَكَلُّمِ
10 - تَرَكْتَ الذي يَفْنَى وإنْ كانَ مُونقاً
وآثرتَ ما يَبْقَى برأيٍ مُصَمِّمِ
[257]
11 - وَأَضْرَرْتَ بالفاني وشَمَّرْتَ للّذي
أَمامَكَ في يومٍ من الشَّرِّ مُظْلِمِ
[258]
12 - ومَا لكَ إذْ كُنْتَ الخليفةَ مانعٌ
سِوَى اللهِ مِن مالٍ رَغيبٍ ولا دَمِ
13 - سمالَكَ هَمٌّ في الفُؤادِ مُؤَرِّقٌ
بَلَغْتَ به أَعْلَى المعالي بِسُلَّمِ
14 - فما بَيْنَ شَرْقِ الأرضِ والغَرْبِ كُلِّها
مُنادٍ يُنادي مِنْ فَصيحٍ وأعجَمِ
15 - يَقولُ أميرَ المؤمنينَ ظَلَمْتَني
بأخذِكَ ديناري وأخذِكَ دِرْهمي
16 - ولا بَسْطِ كَفٍّ لامِرئٍ غَيْرِ مُجْرِمٍ
ولا السَّفْكِ منه ظالماً مِلْءَ مِحْجَمِ
[259]
17 - وَلَوْ يَستَطيعُ المُسْلمون لقَسَّموا
لَكَ الشَّطْرَ من أعمارِهِم غَيْرَ نُدَّمِ
[260]
18 - فَعِشتَ بها ما حَجَّ لله راكِبٌ
مُلَبِّ مُطيفٌ بالمقامِ وزَمْزَمِ
19 - فَأِرْبحْ بها مِنْ صَفْقَةٍ لمُبايعٍ
وأعْظِمْ بها أعْظِمْ بها ثم أعْظِمِ
[261]
* * *
[250] القصيدة في ديوان كُثَيّر عزة - دار صادر - 310 - 313، والبداية والنهاية - الطبعة القديمة 9/ 252 - وطبعة دار ابن كثير 10/ 87 - 88. [251] إشارة: رأي. والشروح كلها عن هامش الديوان. [252] زيغـه: بعُـده عن الحق. الأَوَد: الاعوجـاج - ثقاف المقوّم: حديـدة يقوَّم بهـا الاعوجاج، ويقصد السيف. [253] معنى البيت: وقد لبست الدنيا ثيابها، وتزينت لك لتخدعك بكفٍّ أملس ومعصمٍ ناعمٍ وكأنها امرأة جميلة. [254] تومض: تغمز - الجمـان: اللؤلؤ. ومعنى البيت: وتغريك بطـرفٍ ناعسٍ وتبسم لتكشف لك عن أسنانٍ خدّاعة كاللؤلؤ المنتظم في خيط. [255] المذوف: الممزوج. السـمام: السم، والمعنى: فأعرضت عنها، واشـمأزّتْ نفسك من خداعها كأنما سقتك سماً ممزوجاً بعلقم. [256] المفعم: المملوء. والمعنى: فقد كنتَ من أعالي جبالها وزخرفها في حصن منيع، ومن بحرها في مزبد الموج المتلاطم. [257] المونق: الحسن المعحب. آثرت: اخترت. [258] المعنى: وأضررت بالجسد الفاني متقشفاً، وانبريت لما ترى من شَرّ منتشر مظلم. [259] بسـط الكف: النيل بالعقاب. المحجم: آلة الحجام، وهي كأس توضـع على جسم المريض لتفصد الدم الفاسد، والمعنى: فما عاقبت امرأً بريئاً غير مجرم، ولا سفكت ظلما دماً ولو كان هذا الدم ملء محجم. [260] نُدّم: نادمون. والمعنى: لو استطاع المسلمون لاقتسموا نصف أعمارهم بينك وبينهم غير نادمين. [261] أعظم بها: أي ما أعظمها.
771 - وقال جرير لعبد العزيز بن الوليد [262]: [من الطويل]
فلا هُوَ في الدُّنْيا مُضيعٌ نَصيبَهُ
ولا عَرَضُ الدٌّنْيا عن الدِّين شاغِلُهْ
* * *
[262] البيت في ديوان جرير - دار المعارف 2/ 703، ودار صادر 349.
772 - قال الفرزدق في مـدح زيـن العابدين علي بن الحسـين س [263][من البسيط]
1 - هذا الّذي تَعْرِف البَطْحاء وَطْأتَهُ
والبَـيْتُ يَعْرِفُهُ والحِلُّ والحَـرَمُ
[264]
2 - هذا ابن خَيْرِ عِبادِ اللهِ كُلِّهِمُ
هذا الـتَّقيُّ النَّـقيُّ الطاهِرُ العَلَم
[265]
3 - وليس قَوْلُكَ: مَنْ هذا؟ بضائِرِهِ
العُرْبُ تَعْرِفُ مَنْ أَنْكَرْتَ والعَجَمُ
4 - إذا رَأْتْهُ قُرَيْشٌ قال قائِـــلُها
إلـى مَكَـارِمِ هذا يَنْتَهي الكَرَمُ
5 - يُنْمَى إلى ذرْوَةِ العِزِّ التي قَصُرَتْ
عن نَيْـلِها عَرَبُ الإسْلامِ والعَجَمُ
6 - يُغْضـِي حيَاءً ويُغْـضَى مِنْ مهَابَتِهِ
فلا يُـكَلَّمُ إلا حـينَ يَـبْتَسِـمُ
[266]
7 - بِكَفِّهِ خَيْزُرَانٌ ريحُـــها عَبقٌ
من كَفِّ أَرْوَعَ في عِرْنينِه شَـمَمُ
[267]
8 - يَـكـادُ يُمْسِكُهُ عِرْفانَ راحَتِهِ
رُكْـنُ الحَطيمِ إذا ما جاءَ يَـسْتَلِمُ
[268]
9 - يَنْشَقُّ ثَوْبُ الدُّجَى مِنْ نورِ غرَّتِهِ
كَالشَّمْسِ تَنْجابُ عنْ إشراقها الظُّلَمُ
[269]
10 - مِنْ مَعْـشَر حُبُّهُمْ دينٌ وبُغْضُهُمُ
كُـفْـرُ وقُرْبُهُمُ مَنْجىً ومُعْـتَـصَمُ
[270]
11 - إنْ عُدَّ أَهْلُ التُّقَى كانوا أَئِمَّتَهُمْ
أو قيلَ مَنْ خَيْرُ أَهْلِ الأَرْضِ قيلَ هُمُ
* * *
[263] الأبيات بعض القصيدة الواردة في ديوان الفرزدق 2/ 178 - 181، ونهاية الأرب 8/ 292 و9/ 286. [264] البطحاء: أرض منبطحة في وسطها مكة. والحلَّ: ما جاوز الحرم من الأرض. [265] العلم: سيد القوم. [266] يغضي: يخفض بصره من الحياء. [267] العبق: الذي تفوح منه رائحة الطيب. والأروع: من يروعك حسنه أو شجاعته. والعرنين: الأنف. والشمم ارتفاع قصبة الأنف مع حسنها واستوائها. [268] عرفان راحته: معرفة كفه. الحطيم: حجر الكعبة أو جداره. يستلم الحجر: يلمسه إما بالتقبيل أو باليد. [269] ثوب الدجى: ظلمته. تنجاب: تنكشف. عرفان في البيت السابق: مفعول لأجله. [270] معتصم: ملجأ.
773 - وقال ابن الدمينة [271]: [من الطويل]
فإنَّك من بيتٍ لِعَيْنِيَ مُعْجِبٌ
وأحسنُ في عَيْني من البيت عامِرُهْ
* * *
[271] البيت في ديوان ابن الدمينة 183.
774 - قال أبو علي القالي [272]: وحدثنا أبو بكر بن دريد قال: أخبرنـا الرياشي، عن ابن سلام قال: بلغني أنَّ الأحوص دخل على يزيد بن عبد الملك، فقال له يزيد: لو لم تمتّ إلينا بحرمة، ولا توسّـلت بدالّة، ولا جددت لنا مدحاً، غير أنك مقتصر على بيتيكَ، لاسـتَوْجَبْتَ عندنا جزيل الصلة. ثم أنشد يزيد [273]: [من الطويل]
1 - وإِنّي لأَسْتَحْييكُمُ أَنْ يَقودَني
إلى غَيْرِكُمْ من سائِرِ النّاسِ مَطْمَعُ
2 - وأَنْ أجْتَدي لَلنَّفْعِ غَيْرَكَ منهُمُ
وأَنْتَ إمامٌ للبريَّةِ مَقْنَعُ
[274]
* * *
[272] الأمالي للقالي - العصرية - 77 - 78. [273] ديوان الأحوص - مكتبة الخانجي - 175. [274] أجتدي: أطلب الجدوى. ومقَنْع في قولنا: رجل مقنع: يُقنع به، ويُرضى برأيه وقضائه.
775 - قال أبو نُخَيْلَة [275] يمدح مسلمة بن عبد الملك [276]: [من الطويل]
1 - شكرتُكَ إنّ الشكرَ حبلٌ من التُّقى
وما كلُّ من أَوْلَيْتَهُ نِعْمَةً يَقْضي
2 - وأَلْقَيْتَ لمّا أَنْ أَتَيْتُكَ زائراً
عَلَيَّ لِحافاً سابغَ الطُّولِ والعرضِ
3 - وأحييتَ من ذكري وما كان خاملاً
ولكنَّ بعضَ الذكرِ أنبَهُ من بعضِ
* * *
[275] أبو نُخَيْلة: وكنيته اسمه - وقيل غير ذلك - شاعر من العصر الأموي، وأدرك العباسيين، وكان عاقاً بأبيه فنفاه أبوه عنه إلى الشام. مات قتلاً سنة 145ﻫ/ 762م (الأعلام 8/ 15، والأغاني 2/ 40). [276] الأبيات وقبلها بيت آخر في الأغاني 20/ 392.
776 - وَفَدَ رجلٌ من بني ضـِنَّة على عبد الملك بن مروان، فأنشده [277]: [من الكامل]
1 - واللهِ ما نَدْري إذا ما فاتَنا
طلبٌ إليكَ مَنِ الذي نَـتَطَلَّبُ
2 - ولقد ضربنا في البلاد فلم نجدْ
أحداً سواكَ إلى المكارم يُنسبُ
3 - فَاصبر لعادتِنا التي عَوَّدتنا
أو لا فأَرْشِدْنا إلى من نذهبُ
فقال عبد الملك: إليّ، إليّ. وأعطاه ألف دينار.
ثم أتاه في العام المقبل وقال: [من الطويل]
1 - يربُّ الذي يأتى من الخيرِ إنّه
إذا فعل المعروفَ زادَ وتَمَّما
2 - وليس كبانٍ حين تمّ بناؤه
تتبّعه بالنقض حتى تهدّما
فأعطاه ألفي دينار.
ثم أتاه في العام الثالث وقال: [من الطويل]
إذا استُمطِروا كانوا مَغازيرَ في النَّدى
يَجودونَ بالمعروف عَوْداً على بَدْءِ
فأعطاه ثلاثة آلاف دينار.
* * *
777 - وقال العُجَيْر السَّلُولي [278]: [من الطويل]
إذا القوم أمُّوا بيته فهو عامدٌ
لأحسنَ ما ظَنُّوا به فهو فاعلُهْ
* * *
[277] الخبر بكامله في الأمالي 524، وانظر الأنساب - الهندية - 8/ 399 (الضِّنّي) حيث أورد السمعاني فيه الخبر كاملاً برواية أخرى. [278] العُجَيْر بن عبدالله بن عبيدة السَّلُولي من شعراء الدولة الأموية أيام عبد الملك بن مروان كنيته أبو الفرزدق. كان جواداً كريماً توفي نحو سنة 90ﻫ/708م (الأعلام 5/5).
778 - قال يحيى بن زياد الحـارثي [279] يمـدح قوماً بفضـل الحلم [280]: [من الطويل]
1 - تخالُهُمُ للحلمِ صُمّاً عن الخنا
وخُرساً عن الفحشاء عند التفاخُرِ
2 - ومرضى إذا لاقَوا حياءً وعفَّةً
وعندَ المنايا كالليوثِ الخوادرِ
[281]
3 - لهم ذلُّ إنصافٍ وأُنسُ تواضعٍ
بهم ولهم ذلّتْ رقابُ المعاشرِ
4 - كأنّ بهم وصماً يخافون عارَه
وما وَصْمُهُمْ إلا اتّقاءُ المعاذرِ
[282]
* * *
[279] يحيـى بن زيـاد بن عبيدالله الحارثـي الكوفي، شـاعرٌ يُتهم في دينه، وفـد على الوليـد بن يزيد بن عبد الملك، وهو من مخضرمي الدولتين الأموية والعباسية، توفـي نحـو سـنة 160ﻫ/ لـه ترجمـة في تـاريـخ دمشـق - دار الفكـر بيـروت 64/ 221. [280] الأبيات في تاريخ دمشق 64/ 222. [281] خدر الأسد: لزم عرينه، وأقام به (الوسيط). [282] المعاذر: جمع معذرة.
779 - وقال صريع الغواني مسلم بن الوليد [283]: [من الطويل]
1 - وَإنِّيَ في مالي وَأهْلي كَأنَّني
لِنَأيِكَ لا مالٌ لدَيَّ وَلا أهلُ
2 - يُذكِرُنيكَ الدينُ وَالفَضلُ وَالحِجا
وَقيلُ الخَنا وَالحِلمُ وَالعِلمُ وَالجَهلُ
3 - فألقاكَ عَن مَذمومِها مُتَنَزِّهاً
وَألقاكَ في مَحمودِها وَلكَ الفَضلُ
4 - وَأحمَدُ مِن أخلاقِكَ البُخلَ إنَّهُ
بعِرضـِكَ لا بالمال حاشا لكَ البُخلُ
* * *
[283] ديوان صريع الغواني 333.
780 - وقال سـهل بن هـارون [284] يمـدح يحيـى بن خالـد بن برمك: [من الطويل]
وَهوبٌ تِلادَ المالِ فيما ينوبُه
منَوعٌ إذا ما مَنْعُهُ كان أحزما
* * *
[284] العقد الفريد 6/ 217.
781 - وقال أبو العتاهية [285]: [من المتقارب]
وكنتُ متى جئتُ في حاجةٍ
فأمري يجوز على أَمْرِهِ
* * *
[285] ديوان أبي العتاهية 182.
782 - وقال أبو العتاهية [286]: [من البسيط]
1 - إذا أردتَ شريفَ الناسِ كلِّهمُ
فانظرْ إلى ملكٍ في زيِّ مسكينِ
2 - هذا الذي حَسُنَتْ في الناس سيرتُه
وذاك يصلحُ للدنيا وللدينِ
* * *
[286] ديوان أبي العتاهية 392.
783 - أَسَرَتِ الرُّومُ امرأةً سيدةً شريفة هاشمية، وكانت ممتلئة الصدر بالعزة والأنفة والشجاعة والشرف.
وفي صحـوة يوم من آخر أيام شـتاء سـنة 333ﻫ كان أمير المؤمنيـن المعتصم بن هارون الرشـيد جالسـاً في قصـره ومن حوله حشـمه، فقال لـه الحاجب: يا أمير المؤمنين شيخٌ عربيٌّ بالباب، هاربٌ من أسر الروم، يريد المثول بين يديك، فلما أذن له دخل فقال: يا أمير المؤمنين، جئتك من عمّورية المجاورة لأنقرة، وكنت أسيراً فيها، فسمعت سيدة هاشمية من أسرى زِبَطْرَة تنادي رغم ما بينك وبينها من جبال ومفاوز: وامعتصماه، فجئتك هارباً من أسرهم، مقتحماً صنوف الأخطار لأبلغك صوتها.
فلما سمع المعتصم مقالته نهض في الحال مجيباً: لبَّيكِ لبّيكِ، ودعا عبد الرحمن بن إسحاق قاضي بغداد، وشعبة بن سهل أحد كبار العلماء، وثلاث مئة وثمانية وعشرين رجلاً من أهل العدالة، فقال لهم: إني ذاهبٌ في سبيل الله لأنقذ الهاشمية التي دعتني من وراء أعماق بلاد الروم، وقد لا أعود إليكم...
ثم أمر من صباحه: النفيرَ النفيرَ، ثم أصدر أوامره بأن تكون الجيوش التي تلحـق به أعظم جيوش سـالت بها الأباطـح قبل هذا اليوم، فما زالـت الجيوش تتبعه حتى وصلوا إلى أنقرة في ربيع سنة 333، فدمَّرها على رؤوس أهلها، فقال فيهم أبو تمام حبيب بن أوس الطائي [287]: [من البسيط]
1 - أَتَتْهُمُ الكُرْبَةُ السَّوْداءُ سادرةً
منها وكانَ اسْمُها فَرّاجَةَ الكُرَبِ
2 - جرى بها الفألُ برحاً يوم أنقرةٍ
إذ غُودِرتْ وحشةَ الساحاتِ والرِّحَبِ
ولما انتهى المعتصم من هذه المدينة الشريرة صار إلى عمورية، فنزل على حصونها وأبراجها وأسوارها، وكانت أمنعَ أسوارٍ عُرفت إلى ذلك العهد، فما زال يلحّ عليها بمجانيقه ودباباته ورهيب آلاته حتى دخلها في شهر رمضان من تلك السنة.
وكان أول ما طلبه الوصول إلى المرأة الهاشمية في سجنها، فقال لها كلمته الأولى: لَبَّيْكِ لَبَّيْكِ.
وفي ذلك يقول أبو تمام [288]: [من البسيط]
1- لَبَّيْتَ صوتاً زِبَطْرِيّاً هَرَقْتَ له
كأسَ الكَرى ورُضابَ الخُرَّدِ العُرُبِ
2 - أجبتَهُ مُعْلناً بالسيفِ مُنْصَلتاً
ولو أَجَبْتَ بغير السيفِ لم تُجِبِ
ويقول في وصف النصر [289]: [من البسيط]
1 - يا يومَ وقعةِ عَمّوريّةَ انصرفَتْ
عنكِ المُنى حُفَّلاً مَعْسولَةَ الحَلَبِ
2 - فتحٌ تفتَّحُ أبوابُ السماءِ لهُ
وتَبْرُزُ الأرضُ في أثوابها القُشُبِ
3 - هَيْهاتَ زُعْزعَتِ الأرضُ الوقورُ بها
عن غزوِ مُحْتَسِبٍ لا غزو مُكْتَسِبِ
4 - خليفةَ اللهِ جازى اللهُ سعيَكَ عَنْ
جُرْثومةِ الدينِ والإسلامِ والحَسَبِ
5 - بَـصُرتَ بالراحةِ الكُبرى فلم تَرَها
تُنالُ إلا على جـسرٍ من التَّعبِ
6 - إن كانَ بينَ صُروفِ الدَّهرِ من رَحِمٍ
موصولةٍ أو ذِمامٍ غيرِ مُنْقَضـِبِ
7 - فبينَ أيامِكَ اللائي نُـصِرْتَ بها
وبينَ أيامِ بدرٍ أقربُ النسبِ
8 - أبقتْ بني الأصْفَرِ المُصْفَرِّ كاسْمِهِم
صُفْرَ الوجوهِ وجَلَّتْ أَوْجُهَ العربِ
* * *
[287] ديوان أبي تمام - دار المعارف - 1/ 50. [288] ديوان أبي تمام - دار المعارف - 1/ 61 - 63. [289] ديوان أبي تمام - دار المعارف - 1/ 46.
784 - قال أبو تمام يمدح الحسن بن وهب [290]: [من الكامل]
1 - ثَبْتُ البيانِ إذا تَلَعْثَمَ قائلٌ
أضحى شِكالاً لِلّسانِ المُطْلَقِ
[291]
2 - لم يَتَّبع شَنِعَ اللغاتِ ولا مَشَى
رَسْفَ المُقَيَّدِ في حدودِ المنطقِ
[292]
3 - في هذه خُبْثُ الكلام وهذه
كالسُّور مـضروباً له والخندقِ
[293]
* * *
[290] الأبيات في ديوان أبي تمام 2/ 421. [291] الشكال: القيد (وسيط) والمعنى: أنه يُسكت كل قائل، إذا عجز غيره عن الكلام أتى هو بما يراد منه. [292] رسـف في القيد: مشـى فيه رُويداً (وسـيط) وصفه بالفصـاحة والمعرفة بمبانـي الكلام (شرح ديوانه). [293] أي: لغات الممدوح في قوتها وإحكامها كالسور المضروب والخندق دونه (شرح الديوان).
785 - قال علي بن الجهم [294]: [من الوافر]
1 - نَميلُ على جوانبه كأنّا
لعزّتنا نَميلُ على أبينا
2 - نُقلّبه لنَخْبُرَ حالتَيهْ
فَنَخْبُرُ منهما كرماً ولينا
* * *
[294] ديوان علي بن الجهم - دار صادر - 217.
786 - قال أبو علي البصير [295] في المُعلَّى بن أيوب [296]: [من الوافر]
1 - لعمُر أبيكَ ما نسبُ المُعَلَّى
إلى كرمٍ وفي الدنيا كريمُ
2 - ولكنّ البلاد إذا اقشعّرتْ
وصوّح نبتُها رُعي الهشيمُ
* * *
[295] أبو علي البصير: هو الفضل بن جعفر بن الفضل بن يونس الكاتب، وكان ضريراً، ولقّب بالبصير لذكائه، وكان يتشيع. كان شاعراً، وهو أحد البلغاء الظرفاء، وكان مترسلاً بليغاً. توفي سنة 255ﻫ/ 869م (الأعلام 5/ 351، ومعجم الشعراء 314). [296] البيتان في معجم الشعراء - كرنكو - 314، - والبابي الحلبي - 185.
787 - محمد بن سلطان بن حَيّوس [297]: [من الطويل]
1 - أقلّوا عليهم لا أبا لأبيكُمُ
من اللَّوْمِ أو سُدُّوا المكانَ الذي سَدُّوا
2 - أولئك قومٌ إن بَنَوْا أحسنوا البُنا
وإن عاهدوا وَفَّوْا وإن عقدوا شَدُّوا
* * *
[297] محمد بن سـلطان بن حيّوس الأمير أبو الفتيان: شـاعر الشـام في عصره. توفي بحلب سنة 473ﻫ - 1081 (الأعلام 7/ 17، والمحمدون من الشعراء 495).
788 - قال ابن هانئ الأندلسي [298]: [من البسيط]
1 - كانَتْ محادثةُ الركبانِ تُخْبُرنا
عن جَعْفَر بن فَلاحٍ أطيبَ الخَبَرِ
2 - حتى التَقَيْنا فلا واللهِ ما سَمِعَتْ
أُذني بأحسنَ مما قد رأى بَصَري
* * *
[298] هو محمد بن هانئ بن محمد بن سعدون الأزدي الأندلسي أبو القاسم، شاعر أندلسي، وهو عندهم كالمتنبي في الشرق، وكانا متعاصرين، ولد باشبيلية، وقتُل غيلةً في برقة سنة 392ﻫ/ 979م (الأعلام 7/ 354، وفيات الأعيان 4/ 421 - 424).
789 - قال ابن زيدون يمدح المعتمد [299]: [من الكامل] [300]
1 - لم تُلْفَ صاغِيَتي لديكَ مُضاعَةً
كَلا ولا خفيَ اصطناعي الأقدمُ
[301]
2 - بل أَوْسَعَتْ حِفظاً وصِدْقَ رعايَةٍ
نِعَمٌ مُوَثَّقَةُ العُرى لا تُفْصَمُ
3 - فليخرقنَّ الأرضَ شكرٌ منجدٌ
مني تناقله المحافِلُ مُتْهِمُ
4 - عطرٌ هو المسكُ السَّطوعُ يطيب في
شمّ العقول أريجُه المُتَنَسِّمُ
5 - وإذا غصونُ المكرماتِ تَهَدَّلَتْ
كانَ الثّناءَ هَديلُها المُتَرَنّمُ
6 - ا لفَخْر ثَغْرٌ عن حِفاظِكَ باسمٌ
والمَجدُ بُرْدٌ من وفائِك مُعْلَمُ
[302]
7 - فاسْلَم مَدَى الدُّنُيا فأنْتَ جمالُها
وتَسَوَّغِ النُّعْمى فإنكَّ مُنْعمُ
8 - والحلم ترسخُ هُضُبه والعلم يز
خرُ بحرُهُ ولظى الذكاء تَـضَرَّمُ
[303]
9 - دَعْ ذكرَ صخرٍ وابنَ صخرٍ بعده
أنت الحليمُ وغيرُكَ المُتَحَلِّمُ
10 - لك عفوُ شهمٍ لا يضيعُ حزامة
ولئن بطشتَ فبطشُ من لا يظلمُ
[304]
11 - إن الكمالَ شرحت معنى لفظِهِ
ولكانَ وهو المشكلُ المستبهمُ
[305]
12 - اللهُ قد أرضاهُ منك تحرّجٌ
ثَقْفٌ وعقدٌ في التُّقى مُسْتحكمُ
[306]
13 - لمّا اعتمدتَ عليه كان بنصره
دأباً مؤيدَكَ الذي لا يَسْأَمُ
14 - إني أؤدي فرضَ أنْعُمِكَ التي
وَبَلَتْ كما وَبَلَ السَّحابُ المُثْجَمُ
[307]
15 - أَمْطَيتْنَي مَتْنَ السِّماك برتبةٍ
عَلْياء منكبُ عِزِّها لا يُزْحَمُ
[308]
16 - نَصَحَ العِدا في زَعْمِهم فَوَقَمْتُمُ
والغِشَ في بَعْضِ النّصَائح مُدْغَمُ
[309]
17 - وثناؤُهُم ثَبْتٌ قَناةُ أَناتِهِ
خلقاء يصلب مَتْنُها إذ يُعْجَم
[310]
18 - وزهاهُمُ نظمُ الهراء فكفّهم
نَظْمُ عُقودُ السِّحرِ منه تَنَظَّمُ
[311]
19 - أشرعتُ منه إلى الغواة أسنّةً
نفذت وقد ينبو الطرير اللهذم
[312]
* * *
[299] أحمد بن عبدالله بن أحمد بن غالب بن زيدون المخزومي الأندلسي: وزير كاتب شاعر، من أهل قرطبة، انقطع إلى ابن جهور، وكان السفير بينهم وبينه. توفي سنة 463ﻫ/ 1071م (الأعلام 1/ 151، ووفيات الأعيان 1/ 139 - 141). [300] بعض هذه الأبيات في ديوان ابن زيدون 205 - 208. [301] صاغيته: قومه ومؤيدوه (هامش الديوان). [302] الحفاظ: الأنفة. وبرد معلم: ثوب مزخرف (هامش الديوان). [303] يزخر بحره: أي يمتلئ. اللظى: اللهيب - تضرّم: اشتد. [304] حَزامة: مصدر حزم. [305] المستبهم: المبهم وغير الواضح. [306] تحرج ثقف: تقوى متمكنة. [307] وَبَل الشيء: اشتد ووبل السحاب اشتد مطره. والمثجم: من أَثْجَمَ المطر أسرع ودام. [308] ومنكب عزها لا يرحم أي عزها المجتمع لا يزاحمه شيء. والسماكان: نجمان. واحدهما: سِماك. [309] وقم: ردَّ أقبح الرد (اللسان). [310] خلقاء: مستوية ملساء. [311] الهُراء: المنطق الفاسد الذي لا نظام له. [312] الطرير اللهذم: السيف الحاد القاطع.
790 - قال أبو حيان النحوي الأندلسي يمدح شيخ الإسلام ابن تيميّة: [من البسيط]
1 - لمّا أتانا تَقيُّ الدّين لاحَ لنا
داعٍ إلى الله فَرْدٌ مالَهُ وزرُ
2 - حَبْرٌ تَـسَرْبَل منهُ دَهْره صبرا
بَحْرٌ تقاذَفُ من أمواجه الدُّرَرُ
3 - قامَ ابنُ تَيْمِيَّةٍ في نَـصْر شِرعَتِنا
مقامَ سَيّد تَيْمٍ إذ عَصَتْ مُـضرُ
4 - فَأَظْهَر الحَقَّ إذ آثارُه انْدرَسَتْ
وأخمدَ الـشَرَّ إذ طارَتْ له شَرَر
* * *
791 - قصيدة صفي الدين الحلي [313] يُحرِّض ملوك وسلاطين الإسلام [314] على التحرُّز [315]من المغول: [من البسيط]
1 - لا يَمْتَطي المَجْدَ مَنْ لَمْ يرْكَبِ الخَطَرا
وَلا يَنالُ العُلا مَنْ قَدَّمَ الحَــذَرا
2 - وَمَنْ أَرادَ العُلا عَفْواً بلا تَعَــبٍ
قَـضى وَلَمْ يَقْضِ مِنْ إدراكِها وَطَرا
3 - لابُدَّ للشَّهْد من نَحْلٍ يُمَنّعُــــهُ
لا يَجْتَني النَّفْعَ مَنْ لَمْ يَحْمِلِ الـضَّررا
4 - لا يُبْلَغُ السُّؤْلُ إلا بَعْدَ مؤلمـــةٍ
ولا يتمُّ المُنى إلا لـمَنْ صَبَــرا
5 - وأَحْزَمُ النّاسِ مَنْ لو ماتَ من ظَمَأٍ
لا يقربُ الوِرْدَ حتى يعرفَ الصَّدرا
6 - وأَغْزرُ النّـاسِ عَقلاً مَنْ إذا نَظَرَتْ
عينــاهُ أمراً غدا بالغير مُعْتَـبـِرا
7 - فَقَدْ يُقالُ عثارُ الرِّجـْل إنْ عَثَرَتْ
ولا يُقـالُ عثارُ الرأي إن عثـرا
8 - مَـنْ دَبَّرَ العَيْشَ بـالآراء دامَ لَـهُ
صَفْواً وجاءَ إليه الخَطْبُ مُعْتَـذِرا
9 - يهونُ بـالرأي ما يَجْري القَضاءُ به
مَنْ أَخْطأ الرّأيَ لايَسْتَذْنِبُ القَدَرا
[316]
10 - مًنْ فـاتَهُ العِزُّ بـالأَقْلامِ أَدْرَكَـُه
بـالبيضِ يقدحُ من أطرافِها الشَّررا
11 - لا يـحسُنُ الحلمُ إلا فـي مواطِنِهِ
ولا يـليقُ الوفا إلا لـمَنْ شَـكرا
12 - ولا ينـالُ العُلا إلا فَتًـى شـَرُفَتْ
خـلالُهُ فأطاعَ الدَّهرُ ما أَمَـــرا
13 - كالصّـالحِ المَـلِكِ المَرْهوبِ سَطْوَتُه
فَـلَو تَوَعَّد قَلْبَ الدَّهر لانْفَطَــرا
14 - لـمّا رأى الـشّرَّ قد أّبْدَى نـواجِذَهُ
والغَدْر عن نابهِ للحرب قد كَشـرا
15 - رأى القِسـيَّ إناثـاً في حَقيقـتِها
فعـافَها واستَشَار الصَّارمَ الذَّكَرا
16 - فَـجَرّدَ العَـزْمَ من قبل الصّفاح لها
ملكٌ عن البيض يستغني بما شُهرا
17 - يكــادُ يقـرأ من عُنْوانِ هِـمَّتِهِ
ما في صَحائِف ظَهْرِ الغَيْبِ قد سُطرا
18 - كالبحرِ والدهرِ في يومَيْ نَدىً وَرَدىً
والليثِ والغيثِ في يَوْمَيْ وَغىً وقِرَى
19 - مـا جـادَ للنّاس إلا قبل ما سألـوا
ولا عفـا قطّ إلا بعدَ ما قــدرا
20 - لامُــوهُ في بَذْلِـهِ الأَموالَ قلْتُ لهم
هَل تقدرُ السُّحْبُ ألا تُرسل المَطَرا
* * *
[313] هو عبد العزيز بن سـرايا بن علي بن أبي القاسم السنبسي الطائي المعروف بصفي الدين الحلي: شـاعر عصـره. وُلد ونشـأ في الحلة بين الكوفة وبغداد، واشتغل بالتجارة، مدح أصحاب ماردين بني أرتق، ومدح الملك الناصر. وتوفي ببغداد سنة (750ﻫ/ 1349م) (الأعلام 141، والدرر الكامنة 2/ 369). [314]الأبيات في ديوان صفي الدين الحلي 43 - 44. [315]التَّحَرُّز: التَحصُّن والتَّوَقي (اللسان). [316]استذنبه: تلا ذَنَبَه فلم يفارق أثره (اللسان).
792 - قال الشـاعر - وكانت جـواري المدينة تغنيه زمـن النبي ج -: [من الهزج]
1 - أتيناكُمْ أتيناكُمْ
وحيّانا وحياكُمْ
2 - ولولا الذهبُ الأحمـ
ـر ما حلَّت بواديكُمْ
3 - ولولا الحنطةُ السمرا
لما سمنت عذاريكم
* * *
793 - وقال الآخر: [من البسيط]
1 - لها أَحاديثُ من ذِكراك تَشْغَلُها
عن الـشّرابِ وُتلْهيها عن الزّادِ
2 - لها بوَجْهِك نُورٌ تَسْتَـضيءُ به
عندَ المَسير وفي أَعقابها حادي
3 - إذ اشْتكَتْ من كَلالِ السَّير أَوَعْدَهَا
روحُ القُدوم فَتَحيْا عندَ ميعادِ
* * *
794 - وقال الشاعر أيضاً [317]: [من البسيط]
1 - الله يعلمُ والدنيا موليَّةٌ
والعيشُ منتقلٌ والدَّهْرُ ذو دُوَلِ
2 - لأَنْتَ عندي وإن ساءَتْ ظنونُكَ بي
أحلى من الأَمْنِ عند الخائفِ الوَجِلِ
* * *
[317] ديوان علي بن الجهم - دار صادر - 217.
795 - وقال الشاعر: [من الطويل]
أَلِهْتُ إليه في بلايا تنوبني
فألفْيتُه فيها كريماً مُمَجَّدا
* * *
796 - وقال الشاعر [318]: [من الطويل]
فما تعرفُ الأوهام غايةَ مدحه
يقيناً كما ليست بغايته تدري
* * *
[318] أمالي القالي - العصرية - 214.
797 - وقال الآخر: [من الطويل]
تزولُ الجبالُ الراسياتُ وقلبُه
على العهد لا يلوي ولا يتلعثمُ
798 - وقال الشاعر: [من الكامل]
من عَلّمَ الورقاءَ أنَّ حماكُمُ
حَرَمٌ وأنَّكَ ملجأٌ للخائفِ
* * *
799 - وقال الآخر [319]: [من الطويل]
صبوحي إذا ما ذَرَّتِ الشمسُ ذِكْرُكُمْ
وذكركُمُ عند المساء غبوقُ
* * *
800 - وقال الآخر: [من البسيط]
يا أكرمَ الخلقِ مالي مَنْ ألوذُ به
سواكَ عندَ نزولِ الحادث العَمَمِ
801 - وقال الشاعر: [من البسيط]
ماتوا وما ماتَ في حقٍّ مكارمُهُمْ
حتى كأنهمُ في الناس أحياءُ
* * *
[319] الأمالي للقالي - 501 من قصيدة طويلة نسبها لمُضَرِّس بن قرط بن الحارث المزني.
802 - وقال الآخر: [من البسيط]
وما شفاكَ من الأشياء تطلبُها
إلا الألبّاءُ لو تُلْفَى الألِبّاء
* * *
803 - قال صخر بن عمرو السلمي: [من الطويل] [320]
1 - أرى أمَّ صخرٍ لا تَمَلُّ عِيادتي
وملَّتْ سُلَيْمى مَضْجعي ومَكاني
2 - فأيُّ امرئٍ ساوى بأمّ حليلةً
فلا عاشَ إلا في شقىً وهوانِ
* * *
[320] البيتان خمسة في الكامل للمبرد 4/60.
804 - وقال أبو طالب [321] عم النبي ج في قصيدته اللامية المشهورة [322]: [من الطويل]
1 - جزى الله عنّا عبدَ شمسٍ ونَوْفلاً
عقوبةَ شرٍّ عاجلاً غيرَ آجلِ
2 - أعوذُ بربِّ النّاسِ من كلِّ طاعِنٍ
عَلَيْنا بسوءٍ أو مُلِحٍّ بباطلِ
3 - ومِنْ كاشحٍ يَسْعى لنا بمَعيبةٍ
ومِنْ مُلحِقٍ في الدّينِ ما لم نُحاوِلِ
* * *
[321] هو عبد مناف بن عبد المطلب بن هاشم، عم النبي ج، شاعر له في النبي مدائح كثيرة. توفي سنة 3ق.ﻫ/ 620م) (الأعلام 4/ 315، ومعجم الشعراء المخضرمين والأمويين 221) وسترد قصيدته كاملة في الشعر الديني. [322] ديوان أبي طالب - ألتونجي - 69، وهي منها: (64، 14، 12).
805 - كان عبدالله بن رواحة [323] يحدو ويقول [324]: [من الرجز]
خَلُّوا بَني الكُفّارِ عن سَبيله
اليومَ نَـضْرِبْكُمْ على تنزيِلهِ
ضَرْباً يُزيلُ الهامَ عن مَقيلِهِ
[325]
ويُذْهِلُ الخليلَ عن خليلِهِ
يا رَبِّ إِنّي مُؤْمنٌ بِقيلِهِ
[326]
[323] عبدالله بن رواحة بن ثعلبه الأنصاري من الخزرج أبو محمد، صحابي من الأمراء والشعراء الرُّجاز، شهد العقبة مع السبعين والأنصار، وكان أحد النقباء الاثني عشر، وشهد بدراً وأُحُداً والخندق والحديبية، وكان أحد أمراء غزوة مؤتة، واستشهد فيها سنة 8ﻫ/ 629م (الأعلام 4/ 217، وتاريخ دمشق - عبدالله بن جابر - عبدالله بن زيد - 303 - 358). [324] الأبيات في ديوان عبدالله بن رواحة 144، وعددها فيه تسعة أشطر، ما عدا الشطرين 4+ 5 فليست في الديوان، والروايتان مختلفتان. [325] الهام: جمع هامة، وهي الرأس. مقيله: كناية عن محل راحته ونومه، أو كناية عن أنه يزيل الرأس عن العنق. [326] قيله: قوله.
806 - قال الأخضر اللهبي [327]: [من البسيط]
1 - مَهْلاً بَني عَمِّنا مَهْلاً مَوالينا
لا تَنْبُشوا بَيْنَنا ما كانَ مَدْفونا
2 - لا تَطْمَعوا أنْ تُهينونا ونُكْرِمُكُمْ
وأنْ نَكُفَّ الأذى عنْكُم وتُؤْذُونا
3 - اللهُ يَعْلَمُ أنّا لا نحبُّكُمُ
ولا نلومُكُمُ أن لا تُحبّونا
4 - كُلٌّ له نِيَّةٌ في بُغْضِ صاحِبـِهِ
بنعمةِ الله نَقْليكم وتَقْلونا
* * *
[327] هو الفضل بن العباس بن عتبة بن أبي لهب من قريش: شاعر من فصحاء بني هاشم، كان معاشراً للفرزدق والأحوص، وله معهما أخبار، ومدح عبد الملك بن مروان، وكان شديد السمرة. توفي سنة 95ﻫ/ 714م (الأعلام 5/ 356).
807 - الزَّنِيْمُ: هو الدَّعيُّ المُلْصَقُ بالقومِ وليس منهم.
وقال حسان يَذُمُّ رجلاً من كُفّار قريشٍ: [من الطويل]
وأَنْتَ زَنيمٌ نِيطَ في آلِ هاشِمٍ
[328]
كما نِيطَ خَلْفَ الرّاكِبِ القَدَحُ الفَرْدُ
[329]
* * *
[328] البيت في ديوان حسان - دار صادر - 1/ 398، وشرح ديوان حسان 160. [329] نيط: ألحق، كما نيط خلف الراكبِ القَدَحُ الفرد؛ لأن الراكب يُعلِّق قدحه في آخر رحله عند فراغه من ترحاله، ويجعله خلفه.
808 - وقال غيره: [من الوافر]
زَنيمٌ لَيْس يُعْرَفُ مَنْ أَبُوهُ
بَغِيُّ الأُمِّ ذو حَسَبٍ لَئيمِ
* * *
809 - وقال حسـان يهجو الحـارث بن هشـام في فـراره يوم بدر [330]: [من الكامل]
1 - إنْ كُنْتِ كاذِبَةَ الذي حَدّثْتِني
فَنَجْوتِ مَنْجى الحارِثِ بن هشامِ
2 - تَرَكَ الأحِبَّةَ أَنْ يقاتِلَ دونَـهُمْ
وَنَجا برأسِ طِمِرَّةٍ ولجامِ
[331]
* * *
810 - فأجابه الحارث بن هشام [332]: [من الكامل]
1 - اللهُ أعلمُ ما تركتُ قتالَهُ
حتَّى عَلَوْا فرسي بأَشْقَرَ مُزْبدِ
[333]
2 - وعرفْتُ أَنّي إنْ أُقاتَلْ واحداً
أُقْتَلْ ولا يَنكي عَدُوّي مَشْهَدِي
[334]
3 - فصددتُ عنهم والأَحِبَّةُ مِنْهُمُ
طَمَعاً لهم بعقابِ يومٍ مُرْصِدِ
[335]
[330] البيتان في ديوان حسان - دار صادر - 1/ 29، وفي شرحه 362. [331] الطِمرَّة: الفرس الكثير الجري. [332] أبيات الحارث بن هشام في شرح ديوان حسان 366. [333] الأشقر المزبد: الدم، والدم إذا بدر من الطعنة أزبد، ولعله يربد أن فرسه جُرح فَعَلاه دمه (هامش شرح ديوانه). [334] ينكي: يهزم ويغلب (اللسان). [335] مرصد: أي يوم معدٌّ للشر (اللسان).
811 - سـأل عبد الرحمن بن حسـان رجلاً حاجةً فَقَصَّر فيها، فسألها غيرَهُ فقضاها، فكتب عبد الرحمن إلى الأول [336]: [من الطويل]
1 - ذُمِمْتَ ولم تُحْمَدْ وأَدْركْتُ حاجتي
تَوَلَّى سِواكُم أَجْرها واصْطِناعَها
2 - أبى لك فِعلَ الخيرِ رأيٌ مـقصِّرٌ
ونفسٌ أضاق اللهُ بالخيرِ باعَها
3 - إذا هي حَثَّتْهُ على الخير مرَّةً
عصاها وإن هَمَّتْ بسوءٍ أطاعَها
* * *
[336] أمالي القالي 468.
812 - قال حُضيْن بن المنذر [337] يهجو ابنه غَيّاظاً [338]: [من الطويل]
1 - وسُمِّيت غيّاظاً ولستَ بغائِظٍ
عَدُوّاً ولكنَّ الصّديقَ تغيظُ
2 - نَسيٌّ لما أوليْتُ من صالحٍ مـضى
وأنتَ لتأنيبٍ عليَّ حفيظُ
3 - تلينُ لأهل الغلِّ والغمْر منهمُ
وأنتَ على أهل الصفاء غليظُ
4 - فلا حفظَ الرحمنُ روحَكَ حَيَّةً
ولا هيَ في الأرواحِ حينَ تفيظُ
* * *
[337] هو الحضين بن المنذر بن الحارث الذهلي الشـيباني الرقاشي: تابعي من سادات ربيعة وشجعانهم ومن ذوي الرأي، كان صاحب راية علي يوم صفين. توفي سنة 97ﻫ/ 715م (الأعلام 2/ 290، وتاريخ دمشق، دار الفكر ببيروت 14/ 390). [338] الأبيات في أمالي القالي 446، وهي في ديوان زياد الأعجم - في قسم الشعر المنسوب إلى زياد 187.
813 - قال جرير [339]: [من الوافر]
وكنتَ إذا حللتَ بدارِ قومٍ
رَحَلْتَ بخزيَةٍ وتَرَكْتَ عارا
* * *
[339] ديوان جرير - دار المعارف - 2/ 887 - ودار صادر - 216 والقصيدة في هجاء الفرزدق.
814 - وقال أيضاً في هجاء قومٍ [340]: [من الكامل]
إني رأيتُ من المكارِمِ حَسْبَكُم
أَنْ تلْبَسُوا خَزَّ الثياب وتَشْبعوا
* * *
[340] أخلَّ به ديوان جرير بطبعتيه.
815 - وقال أيضاً [341]: [من البسيط]
لم يركبوا الخيلَ إلا بعدَ ما كَبُروا
فَهُمْ ثقالٌ على أكتافها مِيْلُ
* * *
[341] ديوان جرير - دار المعارف - في مستدرك الديوان 1035عن اللسان (ميل).
816 - وقال الفرزدق [342]: [من الطويل]
أولئك أقوامي فَجِئْنِي بِمْثلِهمْ
إذا جَمَعَتْنا يا جريرُ المجامعُ
* * *
[342] ديوان الفرزدق - دار صادر - 1/ 418 برواية (أولئك آبائي...) وآثرت رواية الشيخ لأنها بخطه.
817 - قال حمّادُ عَجْرَد [343]: [من البسيط] [344]
1 - ظِلُّ اليَسارِ على العَبَّاسِ ممدودُ
وقَلْبُهُ أبداً بالبُخْلِ معقودُ
2 - إنّ الكريمَ ليُخْفي عنك عُسْرَتَهُ
حتّى تراهُ غنيّاً وهْو مجهودُ
3 - إذا تَكَرَّمْتَ أن تعطي القليلَ ولم
تقدر على سَعَةٍ لم يظهرِ الجودُ
4 - وللبخيلِ على أمواله عِلَلٌ
زرقُ العيونِ عليها أوجُهٌ سوْدُ
5 - بُثَّ النّوالَ ولا تَمْنَعْكَ قِلَّتُهُ
فكلُّ ما سدَّ فقراً فهْوَ محمودُ
* * *
[343] هو حماد بن عمر بن يونس السوائي أبو عمرو المعروف بحماد عجرد، شاعر من الموالي من الكوفة، من مخضرمي الدولتين الأموية والعباسية، ولم يشتهر إلا في العباسية. قُتل غيلةً بالأهواز سنة 161ﻫ/ 778 (الأعلام2/ 302 - 303، وتاريخ بغداد 8/ 148). [344] الأبيات دون الأول في وفيات الأعيان، في ترجمة حماد عجرد 2/ 213، وطبقات ابن المعتز 69 - 70، وأمالي القالي - العصرية - 390.
818 - قال الخليل بن أحمد الفراهيدي: [من البسيط]
1 - أَبْلغْ سليمانَ أني عنه في سَعَةٍ
وفي غِنىً غيرَ أني لستُ ذا مالِ
2 - شُحّي بنفـسيَ أني لا أرى أحدًا
يموت هزْلاً ولا يبقى على حالِ
3 - والفقرُ في النفس لا في المال نعرفُهُ
ومثلُ ذاك الغنى في النَّفْسِ لا المالِ
* * *
819 - قال السيد الحميري [345]: [من الوافر][346)
برئتُ إلى الإلهِ من ابنِ أَرْوى
ومن دِيْنِ الخوارجِ أجْمعينا
* * *
820 - قال إسحاق بن سويد العدوي [347]: [من الوافر]
1 - برئتُ من الخوارج لستُ مِنْهُمْ
من الغَزّال منهم وابْنِ بابِ
[348]
2 - ومِنْ قومٍ إذا ذكروا عليّاً
يردُّون السّلامَ على السَّحابِ
[345] هو إسـماعيل بن محمد بن يزيد بن ربيعـة بن مفرغ الحميري المعـروف بالسـيد الحميري، شـاعر ظريف حسن الشعر. مات سنة 173ﻫ/ 789م (معجم الشعراء العباسيين 222، والأغاني 7/ 229. [346] البيت مع آخر بعده في ديوان السيد الحميري 167، والأغاني - دار الكتب - 7/ 276. [347] ذكره المبرد في أخبار الخوارج في الكامل 3/ 191 - 192، وبيتاه التاليان في المصدر ذاته وبعدهما بيتان آخران. [348] قال المبرد: «وأما قوله (ابن باب) فهو عمرو بن عبيد بن باب، وهو مولى بني العدوية من بني مالك بن حنظلة، فهذان معتزليان وليسا من الخوارج، ولكن قصد إسحاق بن سويد إلى أهل البدع والأهواء» قلت: وقصد بالغَزّال: واصلَ بن عطاء.
821 - قال الأَقرعُ القُشَيْري [349]: [من الوافر]
1 - تُخادِعُنا وتوعِدُنا رويدًا
كدأبِ الذئب يأدو للغزال
2 - فلا تَفْعَلْ فإنَّ أخاك جَلْدٌ
على العزَّاء فيها ذو احتيالِ
[350]
* * *
[349] البيتان خمسة في الأمالي - العصرية - 516. [350] قال أبو علي: يأدو: يختل. والعزّاء: الشدة. (الأمالي 516).
822 - حدثنـا أبو بكر قال: حدثنـا أبو حاتم، عن العتبي، قال: قال عبد الملك بن مروان لأمية بن عبدالله بن خالد بن أسيد [351]:
مالَكَ ولعمرو بن حُرْثان حيث يقول فيك [352]: [من الطويل]
إذا هتف العصفورُ طارَ فؤادُه
وليثٌ حديدُ الغابِ عند الثرائدِ
[351] الأمالي للقالي 409، وفيه (حُرثان بن عمرو) والمثبت عن (من اسمه عمرو 165، ومعجم المرزباني - كرنكو - 227). [352] البيت في ديوان الحطيئة - مكتبة الخانجي - 50، في قصيدة مؤلفة من 17 بيتاً.
823 - وقال الحطيئة يهجو الزبرقان بن بدر: [من البسيط]
1 - واللهِ ما مـعشرٌ لاموا امرأً جنباً
من آلِ لأيِ بنِ شَمَّاسٍ بأكياسِ
2 - دَعِ المكارِمَ لا تَرْحَلْ لِبُغْيَتِها
وَاقْعُدْ فَإنَّكَ أَنْتَ الطّاعِمُ الكاسي
* * *
824 - قال منصور الفقيه [353]: [من المتقارب]
1 - ألا قُلْ لِمَنْ كانَ لي حاسدًا
أَتَدْري عَلى مَنْ أَسَأْتَ الأدبْ
2 - أَسَأْتَ على اللهِ في حُكْمِهِ
لأنَّك لم ترضَ لي ما وَهَبْ
* * *
[353] البيتان ثلاثة في المسـتطرف 2/ 51 بلا نسـبة، وفي هامشه أنه لمنصور الفقيه في ديوانه 177.
825 - وقال المتنبي [354]: [من الطويل]
أرادَتْ كِلابٌ أن تفوزَ بدَوْلَةٍ
لِمَنْ تَرَكَتْ رَعْيَ الشُّوَيْهاتِ والإبلِ
* * *
[354] شرح ديوان المتنبي 4/ 11.
826 - قال أبو العلاء المعري [355]: [الطويل]
1 - أُولو الفَضْل في أَوْطانِهِمْ غُرباءُ
تشذُّ وتَنْأى عنهمُ القُرباءُ
[356]
2 - فما سَبَؤوا الرّاحَ الكُميتَ للَّذةٍ
ولا كان منهم للخراد سباء
[357]
3 - وحَسْبُ الفتى من ذلَّةِ العَيْشِ أنّه
يروحُ بأدنى القوتِ وهو حباءُ
[358]
4 - إذا ما خَبَتْ نارُ الشبيبة ساءني
ولو نُصَّ لي بيْن النُّجومِ خِباءُ
[359]
5 - وما بَعْدَ مَرِّ الخَمْس عـشرة من صبا
ولا بَعْدَ مَرِّ الأَربعينَ صباءُ
[360]
* * *
[355] اللزوميات: 1/ 35. [356] تشذ: تنفرد منهم، وتنأى: تبعُد. [357] سبأ الراح: اشترى الخمر ليشربها، والكميت: من أسماء الخمرة، والخراد: مفردها خريدة، وهي العذراء من النساء، وسـباء: أسـر، لأنّ المرأة تأسر قلب الرجل. (حاشية الديوان). [358] الحباء: العطاء. [359] خبت: همدت، ونص: دُفع، والخباء: ما يعمل من وبر أو صوف أو شعر للسكن، ويوضع فوق الخيمة. [360] الصباء: الصبوة، وهي الميل إلى الشهوات.
827 - وقال أبو العلاء أيضاً [361]: [من الكامل]
1 - مُلّ المقامُ فكم أُعاشِرُ أُمَّةً
أَمَرَتْ بغيرِ صلاحِها أُمَراؤُها
2 - ظلموا الرَّعيَّةَ واستجازوا كيدَها
فعَدَوْا مصالحها وهم أُجراؤها
* * *
[361] اللزوميات 1/ 43.
828 - وقال أيضاً [362]: [من الطويل]
1 - إذا كنتَ من فَرطِ السِّفاهِ مُعَطِّلاً
فيا جاحِدُ اشْهَدْ أنَّني غَيْرُ جاحدِ
2 - أخافُ من اللهِ العقوبةَ آجِلاً
وأزعُمُ أنَّ الأمرَ في يدِ واحدِ
3 - فإنّي رأيتُ الملحدينَ تعودُهُمْ
ندامتُهم عندَ الأكُفِّ اللَّواحدِ
* * *
[362] اللزوميات 1/ 245.
829 - وقال أيضاً [363]: [من الطويل]
وقد كَذبوا حَتَّى على الشَّمْسِ أنها
تهانُ إذا حانَ الشُّروقُ وتُضْرَبُ<
يريد بهذا قول أمية بن أبي الصـلت في قصيدة له مشـهورة وفيها [364]: [من الكامل]
1 - والشمسُ تَطْلُعُ كُلَّ آخِرِ لَيْلَةٍ
حَمْراءَ يُضحي لَوْنُها يَتَوَرَّدُ
2 - تأبى فلا تبدو لنا في رِسْلِها
إلا معذّبةً وإلا تُجْلَدُ
[365]
* * *
[363] اللزوميات 1/ 66. [364] ديوان أمية بن أبي الصلت 266. [365] الرِّسْل: الرفق وعدم العنف (هامش الديوان).
830 - وقال ابن غلبون الصوري: [من الوافر]
يَسُرُّ مُقْلَتَهُ ما ضَرَّ مهجته
لا مرحباً بسرورٍ عاد بالضَّررِ
* * *
831 - وقال الطغرائي في لاميته المعروفة [366]: [من البسيط]
قد رشّحوك لأمرٍ إن فطنْتَ له
تصافَحَتْ فيه بعضُ الهندِ واللَّمَمِ
- وله رواية أخرى اختارها الشيخ رحمه الله:
قد هَيَّؤُوك لأمرٍ لو فطنْتَ له
فارْبَأْ بنفسك أن ترعى مع الهَمَلِ
* * *
[366] ديوان الطغرائي 309، ورواية الديوان صدر الأول وعجز الثاني.
832 - قال ابن القيّم [367]في كتابه «الكافية الشافية» [368]: [من الكامل]
1 - يا محنةَ الإسلامِ والقرآنِ مِنْ
جهلِ الصديقِ وبغي ذي طغيانِ
2 - وأخو الجهالةِ في خفارةِ جَهْلِهِ
والجهلُ قد يأتي من الكُفرانِ
3 - تَبًّا لهاتيكَ العقولِ فإنَّها
والله قد مُسِخَتْ على الأبدانِ
4 - قل لي متى سلمَ الرسولُ وصحبُه
والتابعون لهمْ على الإحسانِ
5 - من جاهلٍ ومعانِدٍ ومنافِقٍ
ومحارِبٍ بالبغيِ والطغيانِ
* * *
[367] هو محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد الزرعي الدمشقي، أبو عبدالله شمس الدين المعروف بابن قيم الجوزية: تتلمذ لشيخ الإسلام ابن تيميّة حتى كان لا يخرج عن شيء من أقواله، وهو الذي هذَّب كتبه، ونشر علمه، وسُجن معه في قلعة دمشق، وأطلق بعد موت شيخه. توفي سنة 751ﻫ/ 1350م (الأعلام 6/ 281، والدرر الكامنة 3/ 400). [368] الأبيات في شرح قصيدة الإمام ابن القيم 1/ 380، 381.
833 - قال عمر بن الوردي يندب شيخ الإسلام [369]: [من الوافر]
1 - عثا في عرضـِهِ قومٌ سلاطٌ
لهم من نثرِ جوهرِهِ الْتقاطُ
2 - تقيّ الدين أحمد خير حبرٍ
خروقُ المعضلاتِ به تخاطُ
3 - هُمُ حسدوهُ لما لم ينالوا
مناقبَه فقد مكروا وشاطوا
4 - وكانوا عن طرائقه كسالى
ولكن في أذاهُ لهمْ نَشاطُ
* * *
[369] الأبيات في تاريخ ابن الوردي 2/ 275، والوافي بالوفيات 7/ 71.
834 - قال المهدي الطالقاني [370]: [من الكامل]
1 - ما آنَ للسِّرداب أن يلد الذي
حَمَّلْتموه بجهلكم ما آنا
2 - فعلى عقولكم العفاءُ فإنكم
ثَلَّثْتُم العَنْقاءَ والغيلانا
* * *
[370] هو مهدي الطالقاني: شاعر وأديب من النجف، له شعر في الغزل والمدح والرثاء. تُوفي ودُفن في النجف سنة 1343ﻫ/ 1924م. وانظر الصواعق المحرقة 2/ 483.
835 - قال أعرابي يهجو بنيه [371]: [من الرجز]
1 - إن بَنيَّ كلَّهمْ كلابُ
أبَرُّهُمْ أولاهمُ بِسَبّي
2 - لم يُغْنِ عنهم أدبي وضَرْبي
ولا اتِّساعي لهمُ وَرَحْبي
3 - فليتني مِتُّ بغيرِ عَقبِ
أو ليتني كنتُ عَقيمَ الصُّلبِ
* * *
[371] الأمالي للقالي 446.
836 - وقال الآخر: [من الرجز]
سوفَ ترى إذا انجْلى الغبارُ
أفَرَسٌ تحتَكَ أَمْ حمارُ
[372]
[372] مجمع الأمثال 1/ 344.
837 - وقال الشاعر [373]: [من الطويل]
1 - وكم مِنْ صديقٍ وُدُّهُ بلسانِهِ
خؤون بظهر الغيبِ لا يتندّمُ
2 - يضاحكُني كرهاً لكيما أودُّهُ
ويتبعني منه إذا غبتُ أَسْهُمُ
* * *
[373] روضة العقلاء 103 بالمقدمة التالية: (وأنشدني المنتصر بن بلال الأنصاري).
838 - وقال الآخر [374]: [من الكامل]
1 - خُلِقوا وما خُلقوا لمكرُمَةٍ
فكأنهم خُلقوا وما خُلقوا
2 - رُزِقوا وما رُزِقوا سَماحَ يدٍ
فكأنهم رُزِقوا وما رُزِقوا
* * *
[374] تهذيب الإيضاح - فن البديع 26، كمثال على طباق السلب.
839 - قـال بعض الفضـلاء وقد كتب على بعض تصـانيف جابـر بن حيان [375]: [من مجزوء الكامل]
1- هذا الذي بمقاله
غرّ الأوائل والأواخرْ
2 - ما أنت إلا كاسرٌ
كَذَبَ الذي سمّاك جابرْ
* * *
[375] فوات الوفيات 1/ 275.
840 - وقال آخر [376]: [من الطويل]
1 - إذا أنت لا تُرجى لدفع مُلمَّةٍ
ولا أنت في المعروف عندك موضعُ
2 - ولا أنت ذو جاهٍ يذودُ بجاهِهِ
ولا أنت يوم الحشر ممن يُشَفَّعُ
3 - فموتُكَ في الدنيا وعيشُكَ واحدٌ
وعودُ خلالٍ من نوالِكَ أنفعُ
* * *
[376] محاضرات الراغب - دار صادر - 1/ 649.
841 - قال الشاعر: [من الطويل]
1 - وخيرُ النِّسا مَنْ سَرَّتِ الزوجَ منظرًا
ومن حفظَتْهُ في مغيبٍ ومَشْهَدِ
2 - قصيرةُ ألفاظٍ قعيدةُ بيتها
قصيرةُ طرفِ العينِ عن كلِّ أبْعدِ
* * *
842 - قال لبيد بن ربيعة العامري [377]: [من الطويل]
وما المرءُ إلا كالشِّهابِ وضَوْؤُهُ
يحورُ رماداً بعدما هو ساطعُ
[378]
* * *
[377] شرح ديوان لبيد 165. [378] في شرح الديوان: (الشهاب: النار، يحور: يصير، ساطع: مشتعل).
843 - وقال بشر بن موسى بن صالح الأسدي [379]: [من الطويل]
1 - ضَعُفْتُ ومَنْ جاز الثمانينَ يضعُفُ
ويُنْكَرُ مِنْ كُلٍّ بما كان يُعرفُ
[380]
2 - ويمشي رويداً كالأسير مقيّداً
تدانى خُطاهُ في الحديدِ ويرسُفُ
[381]
3 - وُصِفْتَ فأَحْبَبْناكَ من غيرِ خِبرةٍ
فلمّا اخْتَبَرْنا حُزْتَ ما كنتَ تُوصَفُ
* * *
[379] هو بشـر بن موسـى بن صالح الأسـدي أبو علي، من العصر العباسي، توفي سنة 288ﻫ. (تاريخ بغداد 7/ 56، والبداية والنهاية 362، والمنهج الأحمد 1/ 311). [380] البيتان الأول والثاني في مصادرالترجمة المذكورة. [381] يرسف: يمشي في القيد (اللسان).
844 - قال أبو العلاء المعري [382]: [من الكامل]
1 - اللُّبُّ قُطْبٌ والأمورُ له رحىً
فَبـِهِ تُدَبَّرُ كُلُّها وتُدارُ
[383]
2 - والبَدْرُ يكمُلُ والمُحاقُ مآلُهُ
وكذا الأَهِلَّةُ عَقْبُها الإبْدارُ
[384]
* * *
[382] اللزوميات 1/ 205. [383] لُبّ الرجل: ما جُعل في قلبه من العقل (اللسان). [384] المِحاقُ، والمُحاق: آخر الشهر إذا امَّحقَ الهلال فلم يُرَ، والإبدار: ظهور البدر (اللسان).
845 - قال أبو العباس ثعلب [385]:
الهَرَمُ علَّةٌ قائمةٌ بنفسـها، فإذا كان معـه علةٌ أخـرى فذاك أمـرٌ عظيمٌ، وأنشد: [من الطويل]
1 - أرى بصري في كلِّ يومٍ وليلةٍ
يَكِلُّ وطَرْفي عَنْ مَداهُنَّ يَقْـصُرُ
2 - ومَنْ يَصْحَبِ الأيامَ تسعينَ حجّةً
يُغَيِّرْنَهُ والدهرُ لا يتغيَّرُ
3 - لعمري لئن أصبحْتُ أمـشي مقيَّداً
لما كنْتُ أمـشي مُطْلَقَ القَيْدِ أكثر
* * *
[385] معجم الأدباء 2/ 545 - دار الغرب الإسلامي.
846 - وقال الشاعر [386]: [من الطويل]
أدبُّ إذا رُمْتُ القيامَ كأنني
لدى الـمشيِ قرمٌ قيدُهُ متقاربُ
[387]
* * *
[386] الأمالي - العصرية - 352 في مقطعة مؤلفة من سبعةأبيات. [387] أدبّ: من دبَّ، إذا مشى هينته، أو مشى مشياً رويداً (اللسان) والقرم: الفحل من الإبل.
847 - وقال الآخر: [من الطويل]
1 - فأصبح كالبازِ المُنَتَّفِ ريشُهُ
يرى حـسراتٍ كُلَّما طارَ طائرُ
2 - وقد كان دهراً في الرياضِ مُنعَّماً
على كلِّ ما يهوى من الصَّيْد قادِرُ
3 - إلى أَنْ أصابتْهُ من الدهر نكبةٌ
إذا هوَ مَقْصوصُ الجناحَيْن حاسِرُ
4 - يرى طائراتِ الجوِّ تخفقُ حوله
فيذكرُ إذ ريشُ الجناحَيْن وافرُ
* * *
848 - قال عاصـم بن محمد معارضـاً علي بن الجهم [388] في قصيدته المشهورة: [من الكامل]
1 - قالت: حُبسْتَ. فقلْتُ: خطبٌ أنكدُ
أَنْحى عليَّ به الزَّمانُ المُرْصَدُ
[389]
2 - لو كنتُ حُرّاً كانَ سَيْريَ مُطْلقاً
ما كنتُ أُؤْخَذُ عُنوةً وأُقَيَّدُ
3 - أو كنتُ كالسَّيْفِ المُهَنَّدِ لم أكُنْ
وقتَ الشَّدائدِ والكَريهةِ أُغْمَدُ
4 - أوَ كنتُ كاللَّيْثِ الهَصورِ لما رَعَتْ
فيَّ الذِّئابُ وجذوتي تَـتَوَقَّدُ
[390]
5 - مَنْ قال إنَّ الحَبْسَ بيتُ كرامةٍ
فمُكابرٌ في قَوْله مُتَجلِّدُ
6 - ما الحَبْسُ إلا بيتُ كلِّ مَهانَةٍ
وَمَذَلَّةٍ وَمَكارِهٍ ما تَنْفَدُ
7 - إن زارني فيه العدُوُّ فشامِتٌ
يُبْدي التَّوَجُّعَ تارةً ويُفَنّدُ
8 - أو زارني فيه الصَّديقُ فموجَعٌ
يَذْري الدُّموعَ بزَفْرَةٍ تَـتَرَدَّدُ
[391]
9 - يكفِيكَ أنّ الحَبْسَ بَيْتٌ لا ترى
أحداً عليه من الخلائِقِ يَحْسُدُ
10 - عِشْنا بخيرٍ برهةً فكَبا بنا
ريبُ الزّمان وصَرْفُهُ المُتَرَدّدُ
11 - وإذا نهضْتُ إلى الصّلاةِ تَهجُّداً
جَذَبَتْ قُيودي رُكْبَتَيَّ فتسجُدُ
12 - فإلى متى هذا الشقاءُ مُوَسَّقٌ
وإلى متى هذا البلاءُ مُجَدَّدُ
[392]
13 - يا ربِّ فارحمْ غُربتي وسلامتي
إني غريبٌ مفردٌ مُتَلدِّدُ
[393]
* * *
[388] تقدمت القصيدة في هذا الكتاب، وتجاوزتُ عن تكرارها لتغير الشاعر، ولشروح الهوامش، ولأنها جزء من المقطع، ونظرتها إلى السحب متغيرة عما قاله علي بن الجهم. [389] خطـب أنكـد: أي ذو شـر شـديد (اللسـان)، وأنحـى علـيَّ بـه: رمانـي بـه (اللسان). [390] الليث الهصور: الأسد الشديد الذي يفترس ويكسر (اللسان)، الجِذْوة والجَذْوة والجُذْوة: القبسة من النار، وقيل: هي الجمرة (اللسان). [391] أذرت العين الدموع تذريها: صبّتها (اللسان). [392] موسق: مجتمع (اللسان). [393] تلدَّدَ: تلفَّتَ متحيِّراً.
849 - كان حماس بن قيس بن خالد [394]يرتجز في فتح مكة ويقول [395]: [من الرجز]
إن يُقْبلوا اليومَ فما لي عِلَّهْ
هذا سلاحٌ كاملٌ وإلَّهْ
[396]
وذو غـــرارين ســـريعُ السَّــــــلَّهْ
[397]
[394] هو حماس - بكسـر أوله وتخفيف ثانيه وآخره مهملة - ابن قيس، ويقال: ابن خالد بن قيس بن مالك الدئلي: ذكره ابن حجر في الإصابة 1/ 352. [395] الألَّة: الحربة العظيمة النصل، سُميت بذلك لبريقها ولمعانها، كما في اللسان. [396] الغِرار: حدّ الرمح والسيف والسهم. [397] في اللسان: السَّلَّة: استلال السيوف، قال حِماس بن قيس بن خالد الكناني: هذا سلاح كامل الألّهْ... الخ.
850 - وقال الشاعر [398]: [من الطويل]
جرى طَلَقاً حتى إذا قيلَ سابقٌ
تدارَكَهُ أعراقُ سُوءٍ فَبَلَّدا
* * *
[398] البيت بلا نسبة في محاضرات الراغب، دار صادر 1/ 641.
851 - قال الأُقَيْشرُ الأسدي [399]: [من الطويل]
1 - وَصَهْباءَ جُرجانيةٍ لَم يَطُفْ بها
حَنيفٌ ولم تَنْغِرْ بها ساعةً قِدْرُ
[400]
2 - ولَم يَحْضُرِ القَسُّ المهينَمُ نارَها
طُرُوقاً ولم يَشْهَد على طبخها حبر
[401]
3 - أتاني بها يَحيى وقد نِمْتُ نَوْمَةً
وقد غابت الشِّعرى وقد جنحَ النَّسْرُ
[402]
4 - فقلت اغتَبـِقْها أو لغَيْريَ فاسْقِها
فما أنا بَعْدَ الشَّيْب وَيْبَكَ والخَمْرُ
[403]
5 - تَعفَّفْتُ عنها في العُصورِ التي خَلَتْ
فكَيْفَ التَّصابي بَعْدَ ما كَلأَ العُمْرُ
[404]
6 - إِذا المَرْءُ وَفَّى الأرْبَعينَ ولم يَكُنْ
له دُونَ ما يأتي حَياءٌ ولا سِتْرُ
7 - فَدَعه ولا تَنْفَس عليه الذي ارتأى
وإنْ جَرَّ أسبابَ الحياةِ لهُ الدَّهْرُ
[405]
* * *
852 - وقال حسان بن ثابت الأنصاري [406]: [من الوافر]
وَنَشْرَبُها فَتَتْرُكُنا مُلوكاً
وأُسُداً ما يُنَهْنِهُنا اللِّقاءُ
[407]
* * *
853 - وقال ذو الرِمَّة يصف اللؤلؤ (في وصفه للخمر) [408]: [من المنسرح]
بيضاءُ صفراءُ قد تنازَعَها
لونان من فِضَّةٍ ومن ذَهَبِ
* * *
854 - وقال أبو نواس [409]: [من مجزوء الرمل]
اِسْقِني حَتَّى تَراني
أَحْسَبُ الدِّيكَ حِمارا
* * *
855 - وقال أبو نواس أيضاً [410]: [من البسيط]
دَعْ عَنْكَ لَوْمي فَإِنَّ اللَّوْمَ إِغْراءُ
وداوني بالَّتي كانَتْ هي الدَّاءُ
856 - وقال الشاعر [411]: [المتقارب]
1 - تركْتُ النبيذَ لأَهْلِ النَّبيذِ
وأَصْبَحْتُ أَشْرَبُ ماءً نُقاخا
[412]
2 - شَراب النَّبيينَ والمُرْسَلينْ
ومَنْ لا يحاوِلُ منه اِطِّباخا
[413]
3 - رأيتُ النَّبيذَ يُذِلُّ العزيزَ
ويكْسُو التَّقيَّ النَّقيَّ اتّساخا
4 - فَهَبْني عَذَرْتُ الفَتى جاهِلاً
فما العُذْرُ فيه إذا المَرْءُ شاخا
* * *
857 - وقال الآخر: [من الكامل]
متورِّعونَ فإنْ بَدَتْ كأسُ الطلا
خلعوا التُّقَى وتناولوا الأقداحا
[399] ديوان الأقيشـر الأسدي - دار صادر - 68 - 70 عن قطب السرور 1/ 194، وهو شاعر من العصر الأموي وصّاف للخمرة، توفي سنة 80ﻫ، واسمه المغيرة بن الأسود، ويكنى أبا مُعْرِض. (مقدمة ديوانه). [400] الصهباء: الخمر، والحنيف: المسلم، وتنغر: تغلي. [401] الهينمة: الكلام الخفي لا يُفهم. طروقاً: ليلاً، والحَبْر والحِبْر: العالم من أهل الكتاب. [402] الشعرى: نجم نيّر، والنسر: كوكب معروف. [403] الاغتباق: شرب العشي، وويبك: ويلك. [404] وكلأ العمر: انتهى إلى آخره وأقصاه. [405] وتنفس عليه: تحسده. وارتأى: من الرأي. (هامش الديوان). [406] ديوان حسان بن ثابت - دار صادر - 1/ 17. [407] نهنهت فلاناً: إذا زجرتَه، أي: كففته (اللسان). [408] ديوان ذي الرمة. [409] ديوان أبي نواس - أحمد عبد المجيد الغزالي - 204. [410] ديوان أبي نواس - أحمد عبد المجيد الغزالي - 6. [411] الأمالي للقالي - العصرية - 393. [412] النُّقاخُ: الماء البارد العذب الصـافي الخالص، الذي يكاد ينقخ الفؤاد ببرده: أي يضرُّ به. [413] اطَّبخ اطِّباخاً: أي اتخذ طبيخاً (اللسان).
858 - وقال الشاعر: [من البسيط]
والخيرُ أبقى وإن طالَ الزمانُ بِهِ
والـشرّ أخبثُ ما أوعيْتَ مِنْ زادِ
* * *
859 - وقال العباس بن مرداس [414]: [من الطويل] [415]
1 - إذا جاء باغي الخير قُلْنَ فُجاءَةً
لَهُ بوُجوهٍ كالدَّنانير: مَرْحَبا
2 - وأهلاً فلا مَمْنوعُ خَيْرٍ طَلَبْتَهُ
ولا أَنْتَ تخشى عِنْدَنا أَنْ تُؤَنَّبا
860 - قال عمرو بن زيد [416]: [من الطويل]
إذا ما رأيتَ الـشَّرَّ يبعثُ أهلَهُ
وقام جُناةُ الـشَّرِّ بالشَّرِّ فاقْعُدِ
* * *
[414] هو العباس بن مرداس بن أبي عامر السلمي أبو الهيثم: شاعر فارس، أمُّه الخنساء الشـاعرة، أدرك الجاهلية والإسـلام، وأسـلم قبيل فتح مكة، وكان من المؤلفة قلوبهـم، ويدعى فارس العُبَيْد بالتصغير، وهو فرسـه. توفي سـنة 18ﻫ/ 639م (الأعلام 3/ 39، وتهذيب التهذيب 5/ 130). [415] ديوان العباس بن مرداس السلمي 39. [416] لم أصل إلى يقين في هذا الشـاعر؛ فقد ورد شـاعران بهذا الاسم، أحدهما في المحبر لابن حبيب 324، والآخر في «من اسمه عمرو بن الشعراء» 99، وليس هذا البيت فيما أورداه من شعر.
861 - وقال الشافعي رحمه الله [417]: [من الوافر]
1 - وأَنْطَقَتِ الدَّراهِمُ بَعْدَ صَمْتٍ
أُناساً بَعْدَ أنْ كانوا سُكوتا
2 - فما عَطَفوا على أَحَدٍ بفَضْلٍ
ولا عَرفوا لمكْرُمَةٍ بُيوتا
* * *
[417] البيتان في ديوان الشافعي 47 ثلاثة بإضافة بيت بعدهما.
862 - ومن المأثور عن العرب: أنَّ الرياحَ تشتركُ في إثارةِ السَّحابِ المُمْطِرِ، فيقولون:
إن الصَّبا تثيرُهُ، والشمال تَجْمَعُهُ، والجنوبُ تَذُرُّه [418]، والدَّبور [419] تفرّقُه. قال ابن دريد في وصف سحابٍ ممطرِ دعا لبلده به: [من الرجز]
1 - جَوْنٌ أعارَتْهُ الجَنوبُ جانباً
منها وواصَتْ صوبَهُ يَدُ الصَّبا
[420]
2 - إذا خَبَتْ بُروقُه عَنَتْ لها
ريحُ الصَّبا تشبُّ منها ما خبا
[421]
3 - وإن وَنَتْ رعودُهُ حدا بها
حادي الجنوب فَحَدَتْ كما حَدا
[422]
* * *
863 - وقال عبدالله بن المعتز [423]: [من الوافر]
1 - ومُوقَرَةٍ بِثِقْلِ الماء جاءَتْ
تهادى فوقَ أعناقِ الرياحِ
[424]
2 - فَجادَتْ لَيْلَها سَحّاً ووبلاً
وهطلاً مثل أفواهِ الجراحِ
[425]
* * *
864 - وقال عبدالله بن المعتز [426]: [من البسيط]
1 - ومُزْنَةٍ جادَ من أَحْفافِها المَطرُ
فالرَّوْضُ منتظمٌ والقَطْر مُنْـتَثر
2 - ترى مواقِعَها في الأَرْضِ لائِحَةً
مثلَ الدَّراهم تَبْدو ثم تَسْتَتِرُ
* * *
[418] تذرُّه: تنثره وتبدده (اللسان). [419] الدَّبور: الريح التي تقابل الصبا، وهي ريح تهب من نحو المغرب، والصَّبا تقابلها من جهة المشرق (اللسان دبر). [420] الجَوْن يستعمل للأبيض والأسود، ويُقصد هنا الغيم، والصوب: المطر أو نزوله، ويد الصبا: جعل للرياح يداً تشبيهاً لها بالإنسان على سبيل الاستعارة المكنية. [421] خبتِ النار والحرب تخبو خَبْوا: سكنت وطُفئت وخمد لهبها (اللسان)، وعنت: خضعت، وتشب: توقد (اللسان). [422] وَنَتْ: ضعفت. والحداء: غناء الإبل لتسير، والمقصود هنا: دفعها وقوّاها. [423] البيتان أربعة في ديوان ابن المعتز - دار المعارف - 170. [424] موقرة: حاملة، وهي من الوقر، أي: الحمل. [425] سحَّ المطر: سال من فوق واشتد انصبابه، والوبل: المطر الشديد الضخم القطر، والهطل: المطر المتفرق العظيم القطر، وهو مطر دائم مع سكون وضعف. (اللسان). [426] ديوان ابن المعتز - دار المعارف - 2/ 184، وفيه ثلاثة أبيات بدل البيتين.
865 - قال خلف الأحمر: [من الرجز]
يا أيُّها الليلُ الطويلُ ذَنَـبُهْ
كأنّ دَيناً لك عندي تطلُبُه
أما لهذا الليل جنحٌ يقرّبه
* * *
866 - وقال بشار بن برد [427]: [من الطويل]
1 - خليليَّ ما بالُ الدجى لا تزحْزَحُ
وما لعَمودِ الصُّبْحِ لا يَتَوَضُّحُ
2 - أَضَلَّ الصّباحُ المُستَنيرُ سَبيلَهُ؟
أم الدَّهْرُ ليلٌ كلُّه ليس يَبْرَحُ
3 - وطالَ عليَّ الليلُ حَتّى كَأَنَّهُ
بليلينِ مَوصول فما يَتَزَحْزَحُ
* * *
[427] ديوان بشار - دار الكتب العلمية 248.
867 - يقول الشاعر: [من الطويل]
أهابُ وأَسْتَحيي وأرقُبُ وَعْدَهُ
فلا هُوَ يبلاني ولا أنا أَسْأَلُ
* * *
868 - قال ابن قَيِّمِ الجَوْزيّة [430]: [من الكامل]
1 - أَوَ ما سَمِعْتَ بِشَأنِهمْ يَوْمَ المَزيـ
ـدِ
[431] وأَنَّه شَأْنٌ عَظيمُ الشَّانِ
2 - هُوَ يَوْمُ جُمْعَتِنا وَيَوْمُ زِيارةِ الرْ
رَحْمنِ وَقْتَ صَلاتِنا وأَذانِ
3 - والسّابقونَ إِلى الصَّلاةِ هُمُ الأُلى
فازوا بذاكَ السَّبْقِ بالإحْسانِ
4 - سَبْقٌ بسَبْقٍ والمُؤَخِّرُ ههُنا
مُتَأَخِّرٌ في ذلكَ المَيدانِ
5 - والأَقْرَبونَ إلى الإمامِ فَهُمْ أُولو الزْ
زُلْفى هُناك فَهاهُنا قُربانِ
[432]
6 - قُرْبٌ بِقُرْبٍ والمُباعِدُ مثلُهُ
بُعْدٌ ببعدٍ حِكْمَةَ الدَّيانِ
7 - فيقولُ جلَّ جلالُهُ قُوموا إلى
ما قَدْ ذَخَرْتُ
[433] لكُمْ منَ الإِحسانِ
8 - يَأْتونَ سُوقاً لا يُباعُ ويُشْتَرى
فيه فَخُذْ منهُ بلا أَثْمانِ
9 - قَدْ أَسْلَفَ التُّجّارُ أَثْمانَ المَبيـ
ـعِ بِعَقْدِهِمْ في بَيْعَةِ الرِّضْوانِ
10 - للهِ سُوقٌ قَدْ أَقامَتْهُ الملا
ئِكَةُ الكِرامُ بكُلِّ ما إحسانِ
11 - فِيها الّذي واللهِ لا عَيْنٌ رَأَتْ
كلّا ولا سَمِعَتْ به أُذُنانِ
12 - كَلّا ولَمْ يَخْطُرْ عَلَى قَلْبِ امْرِئٍ
فَيَكُون عَنْهُ مُعَبـِّراً بِلسانِ
13 - واهاً لِذا السُّوقِ الذّي مَنْ حَلَّهُ
نالَ التَّهاني كُلَّها بأَمانِ
14 - يُدْعى بسوقِ تَعارفٍ ما فيهِ مِنْ
صَخَبٍ ولا غِشٍّ ولا أيْمانِ
15 - وَتِجارةِ مَنْ لَيْسَ تُلْهيهِ تجا
راتٌ ولا بَيْعٌ عَنِ الرَّحْمنِ
16 - أهلُ المُروءَةِ والفُتُوَّةِ والتُّقى
والذِّكرِ لِلرَّحْمنِ كُلَّ أَوانِ
17 - يا مَنْ تُعَوِّضُ عَنْهُ بالسُّوقِ الذي
رُكزتْ لَدَيْه رايةُ الشَّيْطانِ
18 - لو كُنْتَ تَدْري قَدْرَ ذاكَ السُّوقِ لَمْ
تَرْكنْ إلى سُوقِ الكَسادِ الفاني
19 - والجَهْمُ أَفْناها وأَفْنى أَهْلَها
تَبَّا لذاكَ الجاهِل الفَتّانِ
20 - أَوَ ما سَمِعْتَ بِذَبْحِهِ لِلْمَوتِ بَيْـ
ـنَ المَنْزِلَيْن كَذَبْحِ كَبْشِ الضّانِ
21 - حاشا لِذا المَلكِ الكَريمِ وإنِّما
هُوَ مَوْتُنا المَحْتُومُ للإنْسانِ
22 - واللهُ يُنْشِئُ منه كَبْشاً أَمْلَحاً
يَوْمَ المَعادِ يُرى لَنا بِعيانِ
23 - يُنْشي مِنَ الأَعْراضِ أَجْساماً كَذا
بِالعَكْسِ كُلٌّ قابلُ الإِمْكانِ
24 - أَفَما تُصَدِّقُ أَنَّ أَعمالَ العبا
دِ تحطُّ يَوْمَ العَرْضِ في الميزانِ
25 - وكَذاكَ تَثْقُلُ تارةً وتَخِفُّ أُخْـ
ـرى ذاكَ في القُرآن ذو تِبْيانِ
26 - أو ما سمعتَ بأنّ تَسْبيحَ العِبا
دِ وذكرَهُمْ وقراءةَ القُرآنِ
27 - يُنْشيهِ رَبُّ العَرْشِ في صُوَرٍ تُجا
دِلُ عَنْهُ يَوْمَ قِيامةِ الأَبْدانِ
28 - أَوَ ما سَمِعْتَ بِأنَّ ذَلِكَ حَوْلَ عَرْ
شِ الرَّبِّ ذو صَوْتٍ وذو دَوَرانِ
29 - يَشْفَعْنَ عِنْدَ الرَّبِّ جَلَّ جَلالُهُ
ويُذَكِّرونَ بِصاحِبِ الإحْسانِ
30 - أَوَ ما سَمِعْتَ بأَنَّ ذلكَ مُؤْنِسٌ
في القَبْرِ لِلْمَلْفوفِ في الأَكْفانِ
31 - في صُورَةِ الرَّجُلِ الجَميلِ الوَجْهِ في
سِنِّ الشَّبابِ كأَجْمَلِ الشُّبّانِ
32 - يَأْتي يُجادِلُ عَنْكَ يَوْمَ الحَشْرِ للرْ
رَحْمنِ كَيْ يُنْجيكَ مِنْ نِيرانِ
33 - في صُورَةِ الرَّجُلِ الذي هُوَ شاحِبٌ
يا حَبَّذا ذاكَ الشَّفيعُ الدّاني
34 - فالمَوْتُ مَخْلوقٌ بنَصِّ الوَحْيِ وَالْـ
ـمَخْلوقُ يَقْبَلُ سائِرَ الأَلْوانِ
35 - أَوَ ما سَمِعْتَ بقَلْبـِهِ سُبْحانَهُ الـ
أَعْيانَ مِنْ لَوْنٍ إلى أَلْوانِ
36 - وكَذلكَ الأَعْراضُ يَقْلِبُ رَبُّها
أَعْيانَها والكُلُّ ذو إِمْكانِ
37 - لَمْ يَفْهَمِ الجُهّالُ هذا كُلَّهُ
فَأَتَوْا بتَأْويلاتِ ذي البُطْلانِ
38 - فَمُكَذِّبٌ وَمُؤَوِّلٌ ومُحَيَّرٌ
ما ذَاق طَعْمَ حَلاَوةِ الإيمانِ
39 - وَتَأَمَّلَ الباءَ الّتي قَدْ عَيَّنَتْ
سَبَبَ الفَلاحِ لِحِكْمَةِ الفُرْقانِ
40 - وأَظُنُّ باءَ النَّفْيِ قَدْ غَرَّتْكَ في
ذاكَ الحَديثِ أَتَى به الشَّيْخانِ
41 - لَنْ يَدْخُلَ الجَنّاتِ أَصْلاً كادِحٌ
بالسَّعْيِ مِنْهُ وَلَوْ عَلى الأَجْفانِ
42 - واللهِ ما بَيْنَ النُّصوصِ تَعارُضٌ
والكُلُّ مَصْدَرُها عَنِ الرَّحْمنِ
43 - لكِنّ بالإِثْباتِ للتَّسْبيبِ والـ
ـباءِ الّتي لِلنَّفْيِ بالأَثْمانِ
44 - والفَرْقُ بَيْنَهُما فَفَرْقٌ ظاهِرٌ
يَدْريهِ ذُو حَظٍّ مِنَ العِرْفانِ
45 - أَوْ صادَفَتْ منكَ الصِّفاتُ حَياةَ قَلْـ
ـبٍ كُنْتَ ذا طَلَبٍ لهذا الشَّانِ
46 - خودٌ تُزَفُّ إلى ضَريرٍ مُقْعَدٍ
يا مِحْنةَ الحَسْناءِ بالعُميانِ
47 - شَمْسٌ لِعِنّينٍ تُزَفُّ إِلَيْهِ ما
ذا حِيلَةُ العِنّينِ في الغَشَيانِ
48 - وَاللهِ ما خَوْفي الذُّنوبَ فإنَّها
لَعَلى طَريقِ العَفْوِ والغُفْرانِ
49 - لكِنَّما أَخْشى انْسلاخَ القَلْبِ مِنْ
تَحكيمِ هذا الوَحْيِ والقُرْآنِ
50 - وَرِضاً بآراءِ الرِّجالِ وخَرْصِها
لا كانَ ذاكَ بِمِنّةِ الرَّحْمنِ
51 - فَبـِأَيِّ وَجْهٍ أَلْتَقي رَبّي إذا
أَعْرَضْتُ عَنْ ذا الوَحْيِ طُولَ زَمانِ
52 - وَعَزَلْتُهُ عَمّا أُريدَ لأَجْلِهِ
عَزْلاً حَقيقيّاً بلا كِتْمانِ
53 - أَوْلَيْتُهُ هَجْراً وتَأْويلاً وتَحْـ
ـريفاً وتَفْويضاً بلا بُرْهانِ
54 - فَالكُفْرُ لَيْسَ سِوى العِنادِ وَرَدِّ ما
جاءَ الرَّسولُ بهِ لِقولِ فُلانِ
55 - أو حاسدٍ قد باتَ يَغْلي صَدْرُهُ
بِعَداوَتي كالمِرْجَلِ المَلآنِ
56 - لَوْ قُلْتُ هذا البَحْرُ قالَ مُكَذِّباً
هذا السَّرابُ يكونُ بالقِيعانِ
57 - أو قُلْتُ هذي الشَّمْسُ قالُ مُباهِتاً
الشَّمْسُ لَمْ تطلعْ إِلى ذا الآنِ
58 - أَوْ قُلْتُ قالَ اللهُ قالَ رسولُهُ
غَضبَ الخَبيثُ وجاءَ بالكتمانِ
59 - أو حَرَّفَ القُرآنَ عن مَوْضوعِهِ
تَحْريفَ كَذّابٍ على القُرْآنِ
60 - فكلامُهُ في النّصِّ عِنْدَ خلافِهِ
مِنْ بابِ دَفْعِ الصّائِلِ الطَّعّانِ
61 - فالقَصْدُ دَفْعُ النَّصِّ عن مَدْلولِهِ
كَيْلا يَصولَ إِذا الْتَقى الزَّحْفانِ
62 - فالحَقّ شَمْسٌ والعُيونُ نَواظِرٌ
لا تَخْتَفي إلاّ عَلى العُمْيانِ
63 - يَا فِرقةً جَهِلَتْ نُصُوصَ نَبيِّهم
وَقُصُودَهُ وَحَقِيقةَ الإِيمانِ
64 - فَسَطَوْا عَلَى أتباعِهِ وَجُنُودِهِ
بالبَغيِ وَالعُدوانِ وَالبُهتانِ
65 - ما ذاكَ إلاّ أنَّ تابعَهُم هم الـ
ـغُرباءُ لَيْسَتْ غُرْبَةَ الأَوْطانِ
66 - لكنَّها واللهِ غُرْبةُ قائِمٍ
بالدِّين بَيْنَ عَساكِرِ الشَّيْطانِ
67 - فانْظُرْ إلى تَفْسيرهِ الغُرباء بالـ
ـمُحْيين سُنّتَهُ بكلّ زَمانِ
68 - طُوبى لَهُمْ والشَّوقُ يَحدوهم إلى
أخْذِ الحَديثِ ومُحْكَمِ القُرْآنِ
69 - طوبى لَهُم لم يعبؤوا بنحاتة الـ
أَفْكارِ أو بزبالة الأَذهانِ
70 - في الباب آثارٌ عظيمٌ شَأْنُها
أَعْيَتْ على العُلَماءِ في الأَزْمانِ
71 - إذْ أَجْمَعَ العُلَماءُ أنّ صَحابةَ الـ
ـمُخْتار خَيْرُ طَوائِفِ الإنْسانِ
72 - حَتّى يكونَ العامِلانِ كِلاهُما
في رُتْبَةٍ تَبْدو لنا بِعيانِ
73 - هذا وبَيْنَهُما كَما بَيْنَ السَّما
والأَرْضِ في فَضْلٍ وفي رجحانِ
74 - لا يُلْهِيَنَّكَ منزلٌ لعبتْ بهِ
أَيْدي البـِلا مِنْ سالفِ الأَزْمانِ
75 - فَلَقَدْ تَرَحَّلَ عَنْهُ كُلُّ مَسَرَّةٍ
وَتَبَدَّلَتْ بالهَمِّ والأَحْزانِ
76 - سجنٌ يَضيقُ بصاحبِ الإِيمانِ لـ
ـكِنْ جَنَّةُ المَأوى لِذي الكفرانِ
77 - سُكّانُها أهلُ الجَهالةِ والبـِطا
لَةِ والسَّفَاهَةِ أَنْجَسُ السُّكانِ
78 - وأَلَذُّهُمْ عَيْشاً فأجهلهُمْ لِحَقْ
قِ اللهُ ثُمّ حقائقِ القُرآنِ
79 - عمرتْ بهمْ هذي الّديارُ وأَقْفَرَتْ
مِنْهُمْ رُبوعُ العِلمِ والإيمانِ
80 - صَحبوا الأَماني وابْتُلُوا بحُظوظِهِم
ورَضُوا بِكُلّ مَذَلَّةٍ وَهَوانِ
81 - واللهِ لو شاهدتَ هاتيكَ الصدو
رَ رأَيْتَها كمَراجِلِ النّيرانِ
82 - هَرَبوا مِنَ الرّقِّ الذي خُلِقوا له
فَبُلُوا برقِّ النفس والشَّيطانِ
83 - هذا وسنُّهُمُ ثلاثٌ مع ثلا
ثينَ التي هِيَ قوةُ الشُّبانِ
84 - وصحافُهُم ذهبٌ تطوفُ عليهمُ
بأكفِّ خُدّامٍ من الوِلدانِ
85 - وانظرْ إلى جعلِ اللذاذةِ للعيو
نِ وشهوةٍ للنَّفس في القرآن
86 - للعين منها لذةٌ تدعو إلى
شهواتِها بالنفسِ والأمرانِ
87 - سببُ التناولِ وهْو يوجبُ لذةً
أخرى سوى ما نالتِ العينانِ
88 - فَإذَا دَعَونا لِلقُرَانِ دَعَوتُمُ
لِلرَّأي أينَ الرَّأيُ مِن قُرآنِ
89 - شُبَهٌ يُكَسِّرُ بَعضُها بَعضاً كَبَيـ
ـتٍ مِنْ زجَاجٍ خَرَّ للأركانِ
90 - والمُستَهامُ عَلى المَحَبَّةِ لم يَزل
حاشا لِذِكراكُمْ مِنَ النِّسيانِ
91 - لوقِيلَ مَا تهوى لَقالَ مُبادِراً
أهوى زِيارَتَكُم عَلَى الأجفانِ
92 - تالله إن سمح الزَّمانُ بقُربكُم
وَحَلَلْتُ مِنكُم بالمَحَلِّ الدَّانِي
93 - لأُعَفِّرَنَّ الخَدَّ شُكراً فِي الثَرى
وَلأَكْحَلنَّ بتُربكُم أجفانِي
94 - يا خَيبةَ البُستانِ من حَطّابهِ
ما بعدَ ذا الحَطّاب من بُستانِ
95 - نَزِّهْ سَماعَكَ إن أردتَ سماعَ ذَيّـ
ـاكَ الغنا عن هذه الألحانِ
96 - إنَّ اختيارَكَ للسَّماعِ النّازلِ الـ
أدنى على الأعلى من النُقْصانِ
97 - واللهِ إنَّ سماعَهُمْ في القلبِ والـ
إيمانِ مثلُ السُّمِّ في الأبدانِ
98 - واللهِ ما انْفَكَّ الذي هو دأبه
أبداً من الإشراكِ بالرَّحمنِ
99 - فالقلبُ بيتُ الرَّبِّ - جلَّ جلالُهُ -
حُبّاً وإخلاصاً مع الإحسانِ
100 - فإذا تعلَّقَ بالسَّماعِ أصارَهُ
عبداً لكلِّ فلانةٍ وفلانِ
101 - حبُّ الكتابِ وحبُّ ألحانِ الغنا
في قلبِ عبدٍ ليس يجتمعان
102 - ثَقُلَ الكتابِ عليهما لما رأَوْا
تقييدَهُ بشرائعِ الإيمانِ
103 - واللهوُ خفَّ عليهمُ لما رأَوْا
ما فيه من طَرَبٍ ومن ألحانِ
104 - ولذا تراهُ حظَّ ذي النقصانِ كالْـ
ـجُهّالِ والصّبيانِ والنسوانِ
105 - وألذُّهم فيه أقلُّهُمُ من الْـ
ـعقلِ الصَّحيحِ فَسَلْ أخا العِرفانِ
106 - يا لَذَّةَ الفُسّاقِ لستِ كَلَذَّةِ الـ
أبرارِ في عقلٍ ولا قُرآنِ
107 - والخمرُ في الدُّنْيا فهذا وَصْفُها
تَغتالُ عقلَ الشاربِ السَّكْرانِ
108 - وبها من الأدْواءِ ما هِيَ أهلُهُ
ويخافُ من عدمٍ لذي الوجدانِ
109 - صفّى المقرَّبُ سعيَهُ فصفا له
ذاكَ الشرابُ فتلك تَصْفيتانِ
110 - لكنَّ أصحابَ اليمينِ فأهلُ مَزْ
جٍ بالمُباحِ وليس بالعصيانِ
111 - مزجَ الـشرابَ لهم كما مزجوا همُ الـ
أعمالَ ذاك المزجَ بالميزانِ
112 - والحلْيُ أصفى لؤلؤٍ وَزَبَرْجَدٍ
وكذاك أسورةٌ من العقيانِ
113 - ما ذاكَ يختصُّ الإناثَ وإنما
هو للإناثِ كذاكَ للذُكرانِ
114 - التاركينَ لباسَهُ في هذه الدْ
دُنْيا لأجلِ لباسِهِ بجنانِ
115 - أوَ ما سمعتَ بأنّ حليتَهُمْ إلى
حيثُ انتهاءِ وضوئِهِمْ بوزانِ
116 - وكذا وضوءُ أبي هُريرةَ كانَ قَدْ
فازَتْ به العضدانِ والسّاقانِ
117 - وسواهُ أنكرَ ذا عليه قائلاً
ما الساقُ موضعُ حِلْيةِ الإنسانِ
118 - ما ذاكَ إلا موضعُ الكعبينِ والزْ
زَنْدَيْنِ لا السّاقانِ والعضدانِ
119 - وكذاكَ أهلُ الفقهِ مختلفونَ في
هذا وفيه عندَكُمْ قَوْلانِ
120 - والراجحُ الأقوى انتهاءُ وضوئِنا
للمِرْفقينِ كذلكَ الكعبانِ
121 - هذا الذي قَدْ حَدَّهُ الرحمنُ في الـ
ـقرآنِ لا تعدلْ عن القرآنِ
122 - واحفظْ حُدودَ الرَّبِّ لا تتعدَّها
وكذاك لا تجنحْ إلى النقصان
123 - وانظرْ إلى فِعْلِ الرسولِ تجدْهُ قَدْ
أبدى المرادَ وجاء بالتبيانِ
124 - ومنِ استطاعَ يطيلُ غُرَّتَهُ فَمَو
قوفٌ على الراوي هو الفَوْقاني
125 - فأبو هُريرةَ قالَ ذا مِنْ كيسِهِ
فغدا يُمَيِّزُهُ أولو العرفانِ
126 - وإطالةُ الغُرّاتِ ليس بممكنٍ
أبداً وذا في غايةِ التبيانِ
127 - يا مُطْلِقَ الطَّرْفِ المُعَذَّبِ في الأُلى
جرِّدْنَ عن حُسْنٍ وعن إحسانِ
128 - لا تَسْبـِيَنَّكَ صورةٌ من تحتِها الدْ
دَاءُ الدويُّ تبوءُ بالخُسرانِ
129 - قَبُحَتْ خلائِقُها وقُبـِّحَ فِعْلُها
شيطانةٌ في صورةِ الإنسانِ
130 - تنقادُ للأنْذالِ والأرْذالِ همْ
أكفاؤُها من دونِ ذي الإحسانِ
131 - ما ثَمَّ من دينٍ ولا عقلٍ ولا
خُلُقٍ ولا خوفٍ من الرحمنِ
132 - وجمالهُا زُوْرٌ ومصنوعٌ فإن
تركَتْهُ لم تطمحْ لها العينانِ
134 - طُبعَتْ على تركِ الحفاظِ فما لها
بوفاءِ حقِّ البعلِ قَطُّ يدانِ
135 - إنْ قصَّرَ الساعي عليها ساعةً
قالتْ وهل أوْلَيْتَ من إحسانِ
136 - أو رامَ تقويماً لها استَعْصَتْ ولم
تَقْبَلْ سوى التَّعْويجِ والنُّقصانِ
137 - أفكارُها في المكْرِ والكيدِ الذي
قد حارَ فيه فكرةُ الإنسانِ
138 - فجمالُها قِشْرٌ رقيقٌ تحتَه
ما شئتَ من عَيْبٍ ومن نُقصانِ
139 - نقدٌ رديءٌ فوقَهُ من فضّةٍ
شيءٌ يُظَنُّ به من الأثمانِ
140 - فالناقدونَ يَرَوْنَ ماذا تحتَه
والناسُ أكثرُهُمْ من العُميانِ
141 - أمّا جميلاتُ الوجوهِ فخائنا
تُ بعولهنَّ وهنَّ للأخدانِ
142 - والحافظاتُ الغيبَ منهنَّ التي
قد أصبحتْ فرداً من النسوانِ
143 - فانظرْ مصارعَ مَنْ يليكَ ومَنْ خلا
من قبلُ من شِيبٍ ومن شُبانِ
144 - وارْغَبْ بعقلكَ أن تبيعَ العاليَ الـ
ـباقي بذا الأدنى الذي هو فاني
145 - واللهِ لم تخرجْ إلى الدنيا للذْ
ذَةِ عيشِها أو للحُطامِ الفاني
146 - لكنْ خرجْتَ لكي تُعِدَّ الزادَ للـ
أُخْرى فجئْتَ بأقبحِ الخسرانِ
147 - أهملْتَ جمعَ الزادِ حتىّ فاتَ بلْ
فاتَ الذي ألهاك عن ذا الشانِ
148 - واللهِ لو أنّ القلوبَ سليمةٌ
لتقَطَّعَتْ أسفاً من الحرمانِ
149 - لكنَّها سكرى بحبِّ حياتها الدْ
دُنْيا وسوف نفيقُ بعدَ زمانِ
150 - فاسمعْ صفاتِ عرائسِ الجنّاتِ ثمـْ
ـمَ اخْتَرْ لنفسكَ يا أخا العرفانِ
151 - حُورٌ حِسانٌ قد كَمُلْنَ خلائقاً
ومحاسناً من أجملِ النسوانِ
152 - حتى يحارَ الطرفُ في الحُسْنِ الذي
قد أُلبستْ فالطَّرْفُ كالحيرانِ
153 - ويقولُ لمّا أن يشاهدَ حُسْنَها
سبحانَ مُعطي الحسنِ والإحسانِ
154 - والطرفُ يـشربُ من كؤوسِ جمالهَا
فتراهُ مثلَ الشّاربِ النَّشْوانِ
155 - كَمُلَتْ خلائقُها وأُكْمِلَ حسنُها
كالبدرِ ليلَ الستِّ بعدَ ثمانِ
156 - والشمسُ تجري في محاسنِ وجهِها
والليلُ تحتَ ذوائبِ الأغصانِ
157 - فتراهُ يعجَبُ وهْو موضعُ ذاكَ من
ليلٍ وشمسٍ كيفَ يجتمعانِ
158 - فيقولُ سبحانَ الذي ذا صُنْعُهُ
سبحانَ مُتْقِنِ صنعةَ الإنسانِ
159 - وكلاهما مرآةُ صاحبـِهِ إذا
ما شاءَ يُبْصِرُ وجهَهُ يَريانِ
160 - فيرى محاسنَ وجهِهِ في وجهِها
وترى محاسنَها به بِعِيانِ
161 - حُمْرُ الخدودِ ثغورُهنَّ لآلئٌ
سودُ العيونِ فواترُ الأجفانِ
162 - ولقد رَوَيْنا أنَّ برقاً ساطعاً
يبدو فَيَسْأَلُ عنه مَنْ بجنانِ
163 - فيُقالُ هذا ضوءُ ثغرٍ ضاحكٍ
في الجنةِ العُليا كما تَريانِ
164 - لله لاثمُ ذلك الثغرِ الذي
في لَثْمِهِ إدْراكُ كلِّ أمانِ
165 - وجماعُها فَهُوَ الشفاء لصَبـِّها
فالصبُّ منه ليس بالضَّجرانِ
166 - وإذا يجامعُها تعودُ كما أتتْ
بِكْراً بغير دمٍ ولا نُقصانِ
167 - فَهُوَ الشهيُّ وعضوُهُ لاينثني
جاء الحديثُ بذا بلا نُكْرانِ
168 - ولقد رأينا أن شغلهُمُ الذي
قد جاء في ياسين دون بيانِ
169 - شُغِل العروسُ بِعِرْسِهِ من بعد ما
عبثتْ به الأشواقُ طولَ زمانِ
170 - بالله لاتسأْله عن أشغاله
تلك الليالي شأنُه ذو شانِ
171 - واضربْ لهم مثلاً بصبٍّ غاب عن
محبوبـِهِ في شاسعِ البلدانِ
172 - وافى إليه بعد طول مغيبه
عنه وصار الوصلُ ذا إمكانِ
173 - أتلومُه أن صار ذا شُغُلٍ به
لا والذي أعطى بلا حُسْبانِ
174 - وهي العَروبُ بشكلها وبدرِّها
وتحبُّبٍ للزوج كلَّ أوانِ
175 - وهي التي عند الجماع تزيد في
حركاتها للعَيْن والأُذنان
176 - لطفاً وحسنَ تبعُّلٍ وتغنُّجٍ
وتحبُّبٌ تفسيرُ ذي العرفان
177 - تلك الحلاوةُ والملاحةُ أَوْجَبا
إطلاقَ هذا اللفظِ وضع لساني
178 - فإذا هما اجتمعا لصبٍّ وامقٍ
بلغَتْ به اللَّذاتُ كلَّ مكانِ
179 - يا غافلاًعما خُلقْتَ لَهُ انتبهْ
جدّ الرحيلُ فلسْتَ باليقظانِ
180 - ذا بالضَّرورةِ ليس فيهِ الخُلْفُ بَيْـ
ـنَ اثنينِ ما حُكيتْ به قولانِ
181 - فلذاك ذي الآثار أعضلَ أمرُها
وبغوا لها التفسيرَ بالإحسانِ
182 - واسمعْ إذاً تأويلَها وافهَمْهُ لا
تعجلْ بردِّ منكَ أو نُكْرانِ
183 - إنّ البدارَ بردِّ شيءٍ لم تُحِطْ
علماً بهِ سببٌ إلى الحِرْمانِ
184 - الفضلُ منه مُطلَقٌ ومُقَيَّدٌ
وهما لأهلِ الفضلِ مَرْتَبَتانِ
185 - والفضلُ ذو التَّقْييدِ ليس بموجبٍ
فضلاً على الإطلاقِ من إنسانِ
186 - لا يوجبُ التقييدُ أن يُقضى له
بالإستواءِ فكيفَ بالرُّجْحانِ
187 - فإذا فَرضْنا واحداً قد حازَ نَوْ
عاً لم يَجُزْهُ فاضلُ الإنسانِ
188 - لم يوجبِ التخصيصُ من فضلٍ عليـ
ـهِ ولا مساواةٍ ولا نُقْصانِ
189 - ما خَلْقُ آدمَ باليدين بموجبٍ
فضلاً على المبعوثِ بالقرآنِ
* * *
190 - سبحانَ قاسِمِ فضلِهِ بينَ العبا
دِ فذاكَ مولى الفضلِ والإحْسانِ
191 - فالفضلُ عندَ اللهِ ليسَ بصورةِ الْـ
أعمالِ بلْ بحقائقِ الإيمانِ
192 - وتفاضُلُ الأعمالِ يَتْبَعُ ما يقو
مُ بقلبِ صاحِبـِها من البرهانِ
193 - وصغيرُهُمْ وكبيرُهُمْ في ذا على
حدٍّ سواءٍ ما سوى الوِلدانِ
194 - والطولُ طولُ أبيهمُ ستونَ لـ
ـكنْ عرضُهُمْ سبعٌ بلا نقصانِ
195 - الطولُ صحَّ بغيرِ شكٍّ في الصَّحيـ
ـحينِ اللذَيْنِ هُما لنا شمسانِ
196 - والعرضُ لم نعرفْهُ في إحداهما
لكنْ رواهُ أحمدُ الشَّيْباني
197 - هذا ولا يَخْفَى التناسبُ بين هـ
ـذا العرضِ والطولِ البديع الشانِ
198 - كلٌّ على مقدارِ صاحبـِهِ وذا
تقديرُ متقنِ صَنْعَةِ الإنسانِ
199 - ألوانُهُمْ بيضٌ وليسَ لهمْ لحىً
جُعْدُ الشعورِ مكحّلو الأجفانِ
200 - هذا كمالُ الحسنِ في أبشارهم
وشعورِهم وكذلكَ العينانِ
201 - ولقد أتى أثرٌ بأنَّ لسانَهم
بالمنطقِ العربيِّ خيرُ لسانِ
202 - وطعامُهُمْ ما تشتهيهِ نفوسُهُمْ
ولحومُ طيرٍ ناعمٍ وسمانِ
203 - وفواكهٌ شتىَّ بحسبِ مُناهُمُ
يا شبعةً كَمُلَتْ لذي الإيمانِ
204 - لحمٌ وخمرٌ والنسا وفواكهٌ
والطيبُ معْ روحٍ ومعْ ريحانِ
205 - سارَ الرفاقُ وخلَّفوكَ معَ الأُلى
قَنعوا بذا الحظِّ الخسيسِ الفاني
206 - ورأيتَ أكثرَ منْ ترى مُتَخَلِّفاً
فتبعتَهم ورضيتَ بالحرمانِ
207 - لكن أتيتَ بخُطَّتَيْ عجزٍ وجَهْـ
ـلٍ بعدَ ذا وصحبتَ كلَّ أمانِ
208 - مَنَّتْكَ نفسُكَ باللحاقِ معَ القعو
دِ عنَ المسيرِ وراحةِ الأبدانِ
209 - ولسوف تعلمُ حينَ ينكشفُ الغِطا
ماذا صنعْتَ وكنتَ ذا إمكانِ
* * *
[428] مضت ترجمته قبل وريقات في شعر الهجاء. [429] اسم القصيدة: الكافية الشافية في الانتصار للفرقة الناجية. [430] هذه الأبيات في كتاب «شرح قصيدة الإمام ابن القيم» تأليف أحمد بن إبراهيم بن عيسى 2/ 583، تحت عنوان: (فصل في يوم المزيد، وما أعدّ الله لهم فيه من الكرامة). [431] يوم المزيد: هو يوم من أيام القيامة، وسُمّيَ بذلك لما يلقى المؤمن فيه من زيادة الإكرام. [432] القُربان: مثنّى قُرب، وسيشرح القُربَيْن فيما يلي من الأبيات. [433] ذخرتُ لكم: أعددت لكم، وبهذا البيت يبدأ فصل جديد عنوانه: (فصل في سوق الجنة الذي ينصرمون إليه من ذلك المجلس).
869 - هذه استغاثة سعد... [434] متضمنة بأسماء الله الحسنى: [من الطويل]
1 - أيا طَيِّبَ الأسماءِ يا مَنْ هُوَ اللهُ
وَمَنْ لا يُسَمَّى ذلك الاسم إلا هُو
2 - ويا حَسَنَ الأوصافَ يا حسنَ الثنا
ويا محسناً عمَّ الأنامَ بحسناهُ
3 - هو اللهُ في الأرضِ هوَ اللهُ في السَّما
هو الله ما أحلى ثناهُ وأشهاهُ
4 - يطيبُ ويحلو كلَّما كُرِّرَ اسمُهُ
مراراً وترتاحُ النفوسُ لذكراهُ
5 - وتلتذُّ أفواهٌ بأسماهُ كلّما
تكرّرَ منه الذكرُ تلتذُّ أفواهُ
6 - تَحنُّ وتلتاهُ القلوبُ صبابةً
إليهِ فما زالتْ تحنُّ وتلتاهُ
7 - أيا خالقَ الكرسيِّ والعرش والسما
وخالقَ ما تحتَ الجميعِ وأعلاهُ
8 - ورازقَ مَنْ في البرِّ والبحرِ والهوا
وما أحدٌ فيهنَّ يرزقُ إلا هُو
9 - فيا رَبَّ كلِّ الخلقِ بل يا إلهَهُمْ
ومَنْ عمَّ جمعَ الخلقِ كُلاًّ بآلاهُ
10 - كريمٌ فلا تُحصى فضائلُ جودِهِ
ولا تُعَدُّ مواهبُهُ ونعماهُ
11 - وما كانَ من ربٍّ فإنكَ ربُّهُ
وما كانَ من مولىً فإنّكَ مولاهُ
12 - تعاليتَ يا ذا المُلكِ والعزِّ والبقا
فما لكَ أندادٌ ولا لكَ أشباهُ
13 - ومن لا يحيطُ الواصفونَ بوصفِهِ
فمنْ ذا الذي بالوهمِ يدركُ معناهُ
14 - تقاصرتِ الأفهامُ عن كُنْهِ ذاتِهِ
فلا كيفَ هُوْ تدري العقولُ ولا ما هُوْ
15 - ولا قبلهُ حيٌّ ولا حيَّ بعدَهُ
ولا مثلهُ حيٌّ يدومُ كمحياهُ
16 - قديمٌ أخيرٌ ما له قطُّ مُبتدا
ولا مُنْتَهى تفنى الدهورُ ويبقى هُوْ
17 - فكلُّ إلهٍ غيرُهُ فَهْوَ باطلٌ
وإن قالَ بعضُ الناسِ ذاك وسمّاهُ
18 - فحاشاهُ ممّا قالَ فيه مشبـِّهٌ
وحاشاهُ من إفكِ المُعَطِّلِ حاشاهُ
19 - ومِنْ وَلَدٍ صنوٌ ومِنْ والدٍ لهُ
ومن ذَكَرٍ يُعْزى إليهِ وأنثاهُ
20 - فسبحانَـهُ في ذاتهِ وصفاتهِ
ويكفيكَ في تنزيهِهِ قلْ هُوَ اللهُ
21 - وللهِ أسماءٌ حسانٌ إذا دعا
إليه بها داعٍ أجابَ ولبّاهُ
22 - مباركةٌ، منْ يسألِ الله حاجةً
بها فَلْيَثقْ أن يُستجابَ لِدَعْواهُ
23 - وقد عدَّهُ تسعاً وتسعين لفظةً
وقد وُعد الـمُحْصي لهنَّ بحُسْناهُ
24 - جعلْتُ بيوتَ الشعرِ حين نظمتُها
وألَّفْتُها بالضبطِ عدةَ أسماه
25 - تكفَّلْ لداعيها إذا ما دعا بها
إليه بأن يُعطَى مناهُ وبشراهُ
26 - بها يدركُ الإنسانُ غايةَ سُؤْلِه
ويبلُغْ من الحاجاتِ ما كانَ يهواهُ
27 - إذا نابَ أمرٌ فاتخذْهُنَّ عُدَّةً
لما تتمنىّ أو لما تتوقاهُ
28 - وإن خِفْتَ من أمرٍ مهمٍّ ولم تجدْ
له مخرجاً فادعُ الكريمَ وقُلْ يا اللهُ؟
29 - إليكَ توسَّلْنا بكَ اللهُ أولاً
وأولُ ما يبدا بهِ العبدُ مولاهُ
30 - بجودكَ يا ذا الجودِ والطَّوْلِ والبقا
وبالجودِ والمجدِ الذي طالَ معناهُ
31 - وبالكرَمِ الجمِّ الذي أنتَ أهلُهُ
ولولاهُ ما كُنّا على الأرضِ لولاهُ
32 - بمالَكَ من لُطفٍ علينا ورحمةٍ
وعفوٍ وسِتْرٍ مُسْبلٍ قد عهدْناهُ
33 - إليكَ توسَّلْنا بأسمائكَ التي
ينالُ بها داعيكَ ما يتمنّاهُ
34 - وهن اللهُ الذي لا إلهَ في السـ
سماواتِ والأرضينَ يُعْبَدُ إلا هُوْ
35 - ويا عالمَاً غيباً كعلمِ شهادةٍ
محيطٌ بأقصى الشيءِ منه وأدناهُ
36 - ورحمانُ دنيانا رحيمٌ بديننا
رحيمٌ يَعُمُّ المؤمنينَ بأُخْراهُ
37 - هو الملكُ الأعلى الذي ليسَ ملكُهُ
يزولُ هو القُدُّوسُ قُدِّسَ أسماهُ
38 - سلامٌ وفي ذكْرِ السّلامِ سلامةٌ
وفي مؤمنٍ أمنٌ لنا يومَ نلقاهُ
39 - هو اللهُ حقّاً لا يزالُ مهيمناً
علينا فيُحْصي كلَّ ما قد فعلناهُ
40 - عزيزٌ وجبارٌ معاً مُتَكَبـِّرٌ
فسبحانَه عن لاتِ كفرٍ وعُزّاهُ
41 - هو الخالقُ الباري المصوِّرُ للورى
برا كلَّ شيءٍ باقْتدارٍ وسَوّاهُ
42 - هو اللهُ غفّارٌ وقهّارُ قادرٌ
هو الله وهابٌ لمن شاء أعطاهُ
43 - هو الله رزّاقٌ وفتّاحُ مُغْلَقٍ
عليمٌ بما أخفى الضميرُ وأبداهُ
44 - هو الله يُدعى قابضاً ثم باسطاً
ولا خافضٌ أو رافعٌ قطُّ إلا هو
45 - مُعزٌّ مُذِلٌّ من يشاءُ بقهرِهِ
سميعٌ بصيرٌ كلُّ شيءٍ بمرآهُ
46 - هو الحكمُ العدلُ اللطيفُ بخلقهِ
خبيرٌ بمن يعصيهِ منهم ويخشاهُ
47 - حليمٌ عظيمُ العفوِ عن كُلِّ مُذْنِبٍ
مُـصِرٌّ على ذَنْبٍ عظيمٍ تَغَشّاهُ
48 - غفورٌ لذي ذنبٍ شكورٌ لشاكرٍ
عليٌّ كبيرٌ ما أعزَّهْ وأعلاهُ
49 - حفيظٌ مقيتٌ ليس شَيْءٌ يؤودهُ
حسيبٌ جليلٌ حسبُنا أَنْ ذَكَرْناهُ
50 - كريمٌ رقيبٌ والمجيبُ وواسعٌ
حكيمٌ وَدُودٌ لن يَضيعَ أودّاهُ
51 - وأوصافُهُ الحسنى مجيدٌ وباعثٌ
شهيدٌ وحقٌ كلُّ هذا يُسَمّاهُ
52 - ومنها وكيلٌ والقويُّ متينٌ والـ
ـوليُّ الذي مَنْ يرضَ عنه تولاّهُ
53 - حميدٌ وفعّالٌ ومُحْصٍ ومبديءٌ
معيدٌ هو الحيُّ المميتُ براياهُ
54 - هو الصَّمَدُ الأعلى الذي هو قادرٌ
ومقتدرٌ ما شاءَ في الخلقِ أَمْضاهُ
55 - مقدمُ هذا لهذا مؤخرٌ
فمن شاء أدناه ومن شاءَ أقصاهُ
56 - هو الله أول هو آخر هو الآ
مر المغني وليس يغني إلا هو
57 - يرى ظاهراً من أمرهِ وهْوَ باطنٌ
فما أظهرَ الربَّ الكريمَ وأخفاهُ
58 - هو الله أولُ لم يلِ الأمرَ غيرُهُ
هو المتعالي لا انتهاءَ لعُلياهُ
59 - هو البرُّ والتوّابُ إن تابَ عبدُه
تلقَّاهُ منهُ بالقَبولِ وحيّاهُ
60 - ومنتقمٌ من كلِّ طاغٍ ومُعْتَدٍ
يُحِلُّ شديد الإنتقامِ بأعداهُ
61 - عفوٌّ رؤوفٌ مالكُ الملكِ وهْو ذو الـ
ـجلالِ والاكرامِ لمن يتولاهُ
62 - هو الله يُدعى مُقْسِطٌ ثم جامعٌ
غنيٌّ ومُغْنٍ مَنْ تولاّهُ أغناهُ
63 - هو المانعُ الضارُ الذي هو نافعٌ
هو النورُ والهادي البديعُ لما شاهُ
64 - هو الله باقٍ لا انتها لبقائه
ووارثُ كلِّ الخلقِ إذ هُوَ أفناهُ
65 - رشيدٌ فكم قد أرشدَ الخلقَ للهدى
صبورٌ على الشيءِ الذي ليسَ يرضاهُ
66 - بأسمائه الحسنى التي قد تقدَّسَتْ
وأوصافِهِ العُظْمى جميعاً سألناهُ
67 - وما كان من اسمٍ خفيٍّ وظاهرٍ
سواهنَّ إلا أننا قد جهلناهُ
68 - إليكَ توسّلْنا إلى جودكَ الذي
عممتَ به جمع الخلائقِ يا الله
69 - تتوبُ على العاصي وتقبلُ الـمسي
على ما كان منه وترضاهُ
70 - وتغفرُ ذنبَ المذنبينَ وتصفحُ الـ
ـخطايا وتمحو كلَّ ذنبٍ جنيناهُ
71 - فيا أيها الربُّ الكريمُ وخيرُ مَنْ
ينادى لهُ رَبّاهُ رَبّاهُ رَبّاهُ
72 - تفضَّلْ علينا يا كريمُ برحمةٍ
تعمُّ بها أقصى البلادِ وأدناهُ
73 - وقد قنطَ الإنسانُ من هَوْلِ ما رأى
وقد فنيتْ من شدَّةِ الكَرْبِ أحْشاهُ
74 - وقد ضاقَ للإنسانِ بالمحلِ ذَرْعُهُ
وقد بلغتْ أقصى الحناجرِ حُوباهُ
75 - فعجِّلْ لنا بالغيثِ والغوثِ سرعةً
بكلِّ حَياً يُحيي البلادَ بسُقياهُ
76 - ويروي الرُّبا والوَهْدَ لم يُبْقِ جانباً
من الأرضِ قدرَ الشِّبْرِ إلا ويملاهُ
77 - وباركْ لنا في الزرعِ والـضرعِ والفلا
وأخْرِجْ لنا منهُ النباتَ لنَرْعاهُ
78 - وأرْخِصْ لنا الأسعارَ في كلِّ بَلْدةٍ
وأغْنِ جميعَ الخلْقِ كلاًّ بمعناهُ
79 - وسهِّلْ ونفِّسْ واقْضِ كلَّ مُهِمَّةٍ
وتبْ واعفُ واغفرْ كلَّ ذنبٍ جنيناهُ
80 - وعبدُكَ سعدٌ مُسْتَحٍ منكَ خائفٌ
وقد كَثُرَتْ زلاتُهُ وخطاياهُ
81 - وقد نظمَ الأسماءَ مُستشفعاً بها
إليكَ فَقُلْ من أجْلهنَّ قَبـِلْناهُ
82 - وأَحْسَنَ فيكَ الظنَّ يا خيرَ مُحْسنٍ
يثيبُ على حُسْنِ الثناءِ بحُسْناهُ
83 - أجِبْ دعوتي يا ربِّ واقبلْ وسيلتي
وقُلْ كلَّ ما أمَّلْتَهُ فيَّ تلقاهُ
84 - وقُلْ عبديَ ابْـشِرْ بالقبولِ وبالرِّضا
كُلَّ الذي تهوى تنال وتُعطاه
85 - وأجزلْ ثوابَ العبدِ واجعلْ جزاءه
رضاً منكَ واجعلْ جنةَ الخلدِ مأواهُ
86 - فإنّ عظيمَ الذنبِ عندكَ هينٌ
إذا ذَنْـبُنا بالعفوِ منكَ قرنّاهُ
87 - فحُطْنيَ يا ربـِّي وأمي ووالدي
وأهلي وجيراني ومَنْ قد صَحِبناهُ
88 - ومن قد يُوَصِّيني كذلك بالدُّعا
ومن قد قرا في العلمِ باباً وأقْراه
89 - ومن كلِّ ما نشكوهُ يا ربِّ عافِنا
كأيّوبَ إذ عافيتَهُ بعدَ بلواهُ
90 - وأنجحْ لنا منكَ المطالبَ كلَّها
وحقِّقْ لنا منكَ الذي قد رجوناهُ
91 - وأسبلْ علينا فضلَ ستْرِكَ واكْفِنا
من السوءِ والمكروهِ ما نحنُ نخشاهُ
92 - وأسكننا الفردوسَ والخلدَ منزلاً
وتجعلْ لنا أعلى المنازلِ مثواهُ
93 - وملتمساً من فضلِ أسماءِ ربـِّهِ
ثواباً وأجراً يومَ يأتي بأُخراهُ
94 - وصَلِّ إلهيْ على النبيِّ وآلهِ
أجلِّ جميعِ الخلقِ قدراً وأعلاهُ
* * *
[434] لم يذكر الشيخ بقية اسمه ولم نجده في مراجع الشعر ومن صيغة القصيدة يبدو أنها من إحدى مناطق نجد في عصر متأخر.
870 - قال المتنبّي [435]: [من الوافر]
1 - يقولُ بشِعْبِ بَوّانٍ حصاني
أعن هذا يُسارُ إلى الطِّعانِ
[436]
2 - أبوكم آدمٌ سنَّ المعاصي
وعلَّمكمْ مُفارقةَ الجِنانِ
* * *
[435] شرح ديوان المتنبي 4/ 389. [436] وشعب بَوّان: مكان. بأرض فارس عرف بمتنزهاته وجمال طبيعته (معجم البلدان).
871 - قال أبو العلاء [437]: [من البسيط]
أراد إحرازَ مالٍ كيفَ أمكنَهُ
فَظَلَّ يَكْتُبُ للنِّسْوانِ أَحْرازا
[438]
* * *
[437] اللزوميات 2/ 5. [438] الإحراز الأولى: الحصول على المال، والإحراز الثانية: الحجب والتمائم.
- كان عمر بن عبد العزيز يُكثر من إنشاد هذا البيت:
872 - قال نهار بن توسعة [439]: [من الوافر]
إذا ما أتتك الأربعون فعندها
فاخْشَ الإلَه وكُنْ للموتِ حَذّارا
[440]
* * *
[439] هو نهار بن توسعة اليشكري: من شعراء العصر الأموي، توفي سنة 83ﻫ/ 702م (معجم الشعراء المخضرمين والأمويين 503، والأغاني 16/ 23). [440] البيت مع آخر قبله في الكامل للمبرد 3/ 179.
873 - وقال نهار بن توسعة أيضاً: [من الوافر]
أبي الإسلامُ لا أبَ لي سواهُ
إذا افتخروا بقيسٍ أو تميمِ
* * *
874 - قال أحمد محرم: [الوافر]
1 - هو الإسلامُ ما للنَّفْسِ عنه
إذا ابْتَغَتِ السَّلامَةَ مِنْ غناءِ
2 - نظامُ الأرضِ يدفَعُ كلَّ شرٍّ
وَطِبُّ القومِ ينزع كلّ داءِ
3 - إذا انصرفَتْ شُعوبُ الأرضِ عنه
فَبَـشِّرْ كلَّ شَعْبٍ بالشَّقاءِ
875 - من كلام محمد بن نصر الكاتب أبي القاسم [441]: [من الوافر]
1 - إذا ما اللهُ شاءَ صلاحَ قومٍ
أتاحَ لهمْ أكابرَ مُصْلحينا
2 - ذوي رأيٍ ومعرفةٍ وفَهْمٍ
وإِعْدادٍ لما قد يَحْذَرونا
3 - فلم يَسْتَأثِروا بكَبيرِ جَمْعٍ
وكانوا للمصالحِ مُؤْثِرينا
4 - وإن يَشَأِ الإلهُ فسادَ قَوْمٍ
أتاحَ لَهُمْ أكابرَ مُعْتَدينا
5 - ذَوي كِبْرٍ ومَجْهلةٍ وجُبْنٍ
وإهمالٍ لما يَتَوَقَّعُونا
6 - فَظَلُّوا يَشْرَهون ويجمعون
ولَيْسوا في العواقبِ يفْكرونا
7 - وجاروا حَيْثُما أُمِروا بِعَدْلٍ
كَأَنْ قَدْ قيلَ كونوا جائِرينا
876 - وقال ابن القيّم رحمه الله: [من الطويل]
1 - وعند مُراد الله تفنى كَمَيّتٍ
وعندَ مُرادِ النفسِ تسدي وتلحمُ
2 - وعند خلافِ الأمرِ تحتَجُّ بالقضا
ظهيراً على الرحمن للجبر تزعمُ
3 - تُنَزَّهُ منكَ النفس عن سوءِ فعلِها
وتعتبُ أقدارَ الإلهِ وتظلمُ
4 - وتفهمُ من قولِ الرسولِ خلاف ما
أرادَ لأنَّ القلبَ منْكَ مُعَجَّمُ
5 - بطيٌء عن الطاعات أسرعُ للخنا
من السَّيْل في مجراه لا يتقسّمُ
6 - وتزعمُ مع هذا بأنَّكَ عارفٌ
كذبتَ يقيناً في الذي أنت تزعمُ
7 - وما أنت إلا جاهلٌ ثم ظالمٌ
وأنَّك بين الجاهلين مُقَدَّمُ
* * *
877 - وقال أبو العلاء المعري [442]: [من الطويل]
1 - إذا قيل غالَ الدهرُ شيئاً فإنما
يُرادُ إلهُ الدَّهْرِ والدَّهْرُ خادمُ
2 - تخالفتِ الأعراضُ ناسٍ وذاكرٌ
وسالٍ ومشتاقٌ وبانٍ وهادمُ
* * *
878 - وقال: [من الكامل]
هذا الذي أدّى إليه علمُنا
وبـِهِ ندينُ اللهَ كلَّ زمانِ
* * *
879 - قال أبو العلاء المعري [443]: [من الطويل]
أخافُ من اللهِ العقوبةَ آجِلاً
وأزعُمُ أنَّ الأَمرَ في يَدِ واحِدِ
* * *
880 - قال عبدالله بن رواحة [444]: [من مشطور الرجز]
واللهِ لولا اللهُ ما اهْتَدَيْنا
ولا تصدَّقْنا ولا صَلَّينا
فَأَنْزِلَنْ سكينةً عَلَيْنا
وَثبـِّتِ الأَقدامَ إنْ لاقَيْنا
إنَّ الأُلى لَقَدْ بَغَوْا عَلَيْنا
إذا أرادوا فتنةً أبينا
* * *
881 - قال شهاب الدين الشيباني [445]: [من المتقارب] [446]
لَقَدْ أَحْسَنَ الله فيما مـضى
كذلك يُحْسِنُ فيما بقي
882 - قال عمرو القنا العنبري [447]: [من الطويل] [448]
فلا خَيْرَ في الدُّنْيا لِمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ
مِنَ اللهِ في دارِ القَرارِ نَصيبُ
* * *
883 - وقال لبيد بن ربيعة العامري [449]: [من الطويل]
ألا كلُّ شَيْءٍ ما خَلا الله باطلُ
وكُلُّ نعيمٍ لا محالةَ زائلُ
* * *
884 - قال الشاعر [450]: [من الخفيف]
حيثما تَسْتَقِمْ يُقَدِّرْ لك اللـ
ـهُ نجاحاً في غابرِ الأزمانِ
* * *
885 - ذكر ابن جرير [451] أن عميراً قاتل وهو يقول [452]: [من الرجز]
رَكْضاً إلى اللهِ بغيرِ زادِ
والصبرَ في اللهِ على الجهادِ
وكلُّ زادٍ عُرضةُ النفادِ
غيرَ التُّقى والبرِّ والرَّشادِ
* * *
886 - قال أَعْشى هَمْدان [453]: [من الطويل] [454]
1 - أَبَى اللهُ إلاّ أنْ يُتَمِّمَ نُورَهُ
ويُطفِئ نارَ الفاسقينَ فَتَخْمُدا
2 - ويُظهر أهلَ الحقِّ في كلِّ مَوْطنٍ
ويعدل وقعَ السَّيْفِ من كان أصيدا
3 - فكيف رأيتَ الله فَرَّقَ جَمْعَهُمْ
وَمَزّقَهُمْ عُرضَ البلاد وشَرَّدا
4 - فقتلاهُمُ قَتْلَى ضلالٍ وفتنةٍ
وحَيُّهُمُ أَمْسى ذليلاً مُطَرَّدا
5 - ولما زَحَفْنا لابن يوسفَ غدوةً
وأَبْرَقَ منّا العارضانِ وأَرْعَدا
6 - قَطَعْنا إليه الخَنْدَقَيْنِ وإنَّما
قَطَعْنا وأفْضَيْنا إلى الموت مرصدا
* * *
887 - وقال أبو العتاهية [455]: [من المتقارب]
1 - فَوَاعَجبَا كيفَ يعـصي الإِلـ
ـهَ أم كَيْفَ يَجْحَدُهُ الجاحِدُ
2 - وفي كُلّ شيءٍ لهُ آيةٌ
تدلُّ على أنَّهُ الواحِدُ
* * *
888 - وقال أبو العتاهية أيضاً [456]: [من الطويل]
1 - إذا ما خلوْتَ الدهرَ يوماً فلا تَقُلْ
خَلَوْتُ ولكنْ قُلْ عليَّ رقيبُ
2 - ولا تَحْسَبَنَّ اللهَ يغفلُ ساعةً
ولا أنّ ما يخفى عليه يَغيبُ
* * *
889 - قال أمية بن أبي الصلت [457]: [من الرجز]
إن تَغْفِرِ اللّهمَّ تغفرْ جَمّا
وأيُّ عبدٍ لكَ لا أَلَمّا
890 - قال عبدالله بن رواحة [458]: [من الرجز]
هل أَنْتِ إلا إصبعٌ دَمِيْتِ
وفي سبيلِ الله ما لَقِيْتِ
* * *
891 - قال أبو تمام [459]: [من البسيط]
قد ينعمُ اللهُ بالبَلْوى وإن عَظُمَتْ
ويبتلي اللهُ بعضَ القومِ بالنّعَمِ
* * *
892 - قال أبو العتاهية [460]: [من المنسرح]
1 - إنْ أَحْسَنوا أَحْسَنوا لأَنْفُسِهِمْ
وإن أساؤوا فبئسَ ما صنُعوا
2 - غداً تُوَفَّى النفوسُ ما عَمِلَتْ
ويحصُدُ الزارعونَ ما زَرَعُوا
893 - وقال الشاعر: [من مجزوء الكامل]
1 - ملكُ الملوكِ إذا وَهَبْ
لا تسألَنَّ عن السَّبَبْ
2 - فاللهُ يعطي مَنْ يشا
ءُ فَقِفْ على حَدِّ الأدَبْ
* * *
894 - وقال الآخر: [من الهزج]
1 - إذا ما قالَ لِي ربي
أما اسْتَحْيَيْتَ تعصيني
2 - وتُخفي الذنبَ من خَلْقي
وبالعصيانِ تأتيني
* * *
895 - وقال الآخر: [من الكامل]
واللهُ حقٌّ وابنُ آدمَ جاهلٌ
مِنْ شأنِهِ التَّفريطُ والتَّكذيبُ
[441] الأبيات في بهجة المجالس 1/ 351 - 352. [442] اللزوميات 2/ 278. [443] البيت في اللزوميات 1/ 245. [444] الأشطر في ديوان عبدالله بن رواحة 139. [445] هو محمد بن يوسف بن مسعود الشيباني، شهاب الدين أبو عبدالله التّلَّعْفَري، شاعر تل أعفر: بين سنجار والموصل، من شعراء الملك الأشرف الأيوبي، وابتُلي بالقمار فطرده إلى حلب، ثم عاد إلى دمشق، وساءت حاله فقصد حماة. وتوفي فيها سنة 675ﻫ/ 1277م (الأعلام 7/ 25، وفوات الوفيات 4/ 62). [446] البيت مع آخر قبله في ديوان التلَعفري، ولكن لم يقع لي. [447] هو عمرو بن عميرة العنبري، يُعرف بعمرو القنا ويُكنى بأبي المُصَدَّى، شاعر فحل من تميم، كان من رؤساء الأزارقة (الخوارج) وفرسانهم الشجعان الأشداء. توفي سنة نحو 77ﻫ/ 696م. الأعلام 5/ 254، ومعجم المرزباني - كرنكو - 229. [448] البيت أول أربعة أبيات في معجم الشعراء 229. [449] شرح ديوان لبيد 256. [450] البيت في مغني اللبيب 178 (الشاهد رقم 218)، وشرح شواهد المغني للسيوطي 391 (الشاهد 192)، ولم يُسَمَّ قائله في المصدرين، وموضع الاستشهاد به هو (حيثما) التي جزمت فعلين بعد أن ضُمنت معنى الشرط. [451] تاريخ الطبري 2/ 488. [452] الأشـطر في المصدر السـابق والبداية والنهاية - دار ابن كثير - 4/ 66، وحياة الصحابة - دار صـادر - 1/ 319، وشرحها - دار ابن كثير - 1/ 650، وجاء فيه الشطران الأولان شعراً، وأما الباقي فقد جاء نثراً لا شعراً. [453] هو عبد الرحمن بن عبدالله بن الحارث بن نظام الهمداني، شاعر اليمانيين بالكوفة وفارسهم في عصره، ويُعد من شعراء الدولة الأموية، كان من أحد الفقهاء القرّاء، وقال الشعر فعُرف به (توفي سنة 83ﻫ/ 702م) (الأعلام 4/ 84، والأغاني 6/ 33). [454] الأبيات في الأغاني من قصيدةٍ تقع في 24 بيتاً 6/ 60. [455] نُسـب البيتان إلى أكثر من شـاعر من مثل لبيـد وأبي نواس وأبي العتاهيـة، وقد رجَّحتُ أنهما لأبي العتاهيـة؛ لأنهما لم يردا في ديواني الآخَرَيْن، بينما جـاءا في ديوان أبي العتاهية ص103 - 104 مع أبيات أخرى. [456] ديوان أبي العتاهية 21، وهما فيه مطلع مقطعة مؤلفة من 18 بيتاً. [457] ديوان أمية بن أبي الصلت 491، وجمّاً: كثيراً، وألمّ: وقع في اللمم، وهي صغار الذنوب. [458] ديوان عبدالله بن رواحة 154. [459] شرح ديوان أبي تمام 3/ 280. [460] أخل بهما ديوان أبي العتاهية.
896 - قال الشافعي: [من الوافر]
1 - إذا رُمْتَ السَّلامةَ والكرامَهْ
فلا ترضَى لنفسك بالإمامَهْ
2 - فإن ترفَعْ لصوتك قيل هذا
قَدَ اعْجَبَهُ التَّحَسُّن والنغامَهْ
3 - وإن تخفض لصوتِكَ قيلَ هذا
إمامٌ ليس يُسمعُنا كلامَهْ
4 - وإن طوّلْتَ في السجدات قالوا
وربـِّك قد رأى فيها منامَهْ
5 - وإن خَفَّفْتَ قيل صلاةُ هذا
كفعلِ الديكِ ينقرُ في القمامَهْ
6 - وإن تسهو وتأتي بعد سهوٍ
سجودَ السَّهْوِ تجعلُهُ تمامَه
7 - تراهُمْ ينظرون إليك شَزْراً
كأنك قد سرقْتَ لهم عِمامَه
8 - فمأموماً إذا صلَّيْتَ تنجو
وتخلُصْ من تحمُّلِكَ الإمامَه
897 - قال ابن سهل الأندلسي [461]: [من الطويل] [462]
أُقَلِّدُ وَجْدي فليبرهنْ مُفَنّدي
فما أضْيَعَ البُرهانَ عِند المُقَلِّدِ
* * *
[461] هو إبراهيم بن سـهل الإشـبيلي أبو إسحاق، شاعر غزل من الكتّاب، كان يهودياً فأسلم، وُلد بإشبيلية وسكن سبتة، ومات غرقاً سنة 649ﻫ/ 1251م (الأعلام 1/ 36، وفوات الوفيات 1/ 20). [462] ديوان ابن سهل الأندلسي - دار صادر - 98. ومفنّدي: مكذّبي. يريد أنني لا أظهر الوجد وإنما أقلّده، وعلى من يكذبني أن يأتي ببرهان، ولا قيمة للبرهان عند المقلّد مثلي.
898 - قال أمية بن أبي الصلت [463]: [من الخفيف]
1 - إنَّ آياتِ ربـِّنا باقياتٌ
ما يماري فيهنَّ إلا الكَفورُ
2 - حَبَسَ الفيلَ بالمُغَمَّسِ حَتَّى
ظَلَّ يَحْبو كأنَّهُ مَعْقورُ
3 - كلُّ دينٍ يومَ القيامةِ عندَ الـ
ـلهِ إلاّ دينَ الحَنيفِيّةِ زُورُ
* * *
899 - روي عن النبي ج أنه كان ينشد [464]: [من مجزوء الرجز]
أنا النبيُّ لا كَذِبْ
أنا ابنُ عَبْدِ المُطَّلِبْ
* * *
900 - وهذه الأبيات أنشدها صوتٌ يسمعونه ولا يَرَوْنَ شَخْصَه [465]: [من الطويل]
1 - جزى اللهُ ربُّ العَرْشِ خَيْرَ جزائِهِ
رَفيقَيْنِ حَلاَّ خَيْمَتَيْ أُمِّ مَعْبدِ
2 - هما نَزَلا بالبَرِّ وَارْتَحلا به
وأَفْلَحَ مَنْ أَمْسى رفيقَ مُحَمَّدِ
3 - فيا لَقُصَيٍّ ما زوى الله عنكُمُ
بِهِ من فِعالٍ لا تُجارَى وسُؤْدُدِ
4 - لِيَهْنِ بني كَعْبٍ مَكانُ فتاتِهِمْ
ومقعدُها للمُؤْمنين بمَرْصَدِ
5 - سَلوا أُخْتَكُمْ عن شاتِها وإنائِها
فإنّـكُمُ إن تَسْأَلوا الشَّاةَ تَشْهَدِ
* * *
901 - نبعَ الماءُ من بينَ أصابعِ النبيّ ج فقال الشاعر: [من البسيط]
إن كان موسى سَقى الأسْباطَ من حجرٍ
فإنَّ في الكَفِّ معنـىً لَيْسَ في الحَجَرِ
* * *
902 - قال الأسود بن المطلب يبكي أولادَهُ من قتلى بدر [466]: [من الوافر]
1 - أَتَبْكي أَنْ يَضـِلَّ لها بَعيرٌ
ويَمنعُها عن النَّوْمِ السُّهودُ
2 - فلا تَبْكي على بَكْرٍ ولكنْ
على بَدْرٍ تَقاصَرَتِ الجُدودُ
3 - ألا قَد سادَ بعدَهُمُ أناسٌ
ولولا يومُ بَدْرٍ لم يَسودوا
* * *
903 - قصيدة لأبي طالب في الرسول ج عندما خشي دهماء العرب أن يركبوه[467]: [من الطويل]
1 - ولمّا رأيتُ القومَ لا ودَّ فيهمُ
وقد قطعوا كلّ العُرى والوَسائلِ
[468]
2 - وَقَدْ صارَحونا بالعَداوَةِ والأَذى
وقَدْ طاوَعوا أَمْرَ العَدُوِّ المُزايل
3 - وقد حالَفوا قَوْماً عَلَيْنا أَظِنَّةً
يَعَضّون غَيْظاً خَلْفَنا بالأَناملِ
[469]
4 - صبرتُ لهم نَفْـسي بسمراءَ سَمْحةٍ
وأبَيضَ عَضْبٍ مِنْ تُراثِ المَقاولِ
[470]
5 - وأَحْضَرْتُ عِنْدَ البيتِ رَهْطي وإخوتي
وأَمْسَكْتُ من أثوابهِ بالوَصائل
[471]
6 - قِياماً معاً مستقبلينَ رِتاجَه
لدى حَيْثُ يَقْـضي حَلفَهُ كلُّ نافِلِ
[472]
7 - وَحَيْثُ يُنيخُ الأَشْعرون رِكابَهُمْ
بمُفْـضى السّيولِ من إسافٍ ونائلِ
[473]
8 - مُوَسَّمَةَ الأَعْضادِ أو قَصَراتِها
مخَيَّسَةً بينَ السَّديسِ وبازِلِ
[474]
9 - تَرى الوَدْعَ فيها والرّخام وزينةً
بأَعْناقِها معقودةً كالعَثاكِلِ
[475]
10 - أَعوذُ برَبِّ النّاسِ من كُلِّ طاعِنٍ
عَلَيْنا بسوءٍ أو مُلِحٍّ بباطِلِ
11 - ومِنْ كاشِحٍ يَسْعى لنا بمَعيبةٍ
ومِنْ مُلْحِقٍ في الدّينِ ما لم نُحاول
12 - وَثَوْرٍ ومن أَرْسى ثَبيرا مكانَهُ
وراقٍ ليَرْقَى في حِراءَ ونازِلِ
[476]
13 - وبالبَيْتِ، حقّ البيتِ، من بطنِ مكةٍ
وبالله إنّ الله ليس بِغافِلِ
14 - وبالحَجَرِ المسْوَدِّ إذ يَمْسحونَـهُ
إذا اكْتَنَفوهُ بالضُّحى والأَصائِلِ
[477]
15 - وموطىء إِبراهيمَ في الصَّخْر رطبةً
على قَدَمَيْهِ حافياً غَيْر ناعِلِ
16 - وأَشواطِ بينَ المَرْوَتيْنِ إلى الصَّفا
وما فيهما من صورةٍ وتماثِلِ
[478]
17 - ومن حَجَّ بيتَ اللهِ من كلِّ راكبٍ
ومن كلِّ ذي نَذْرٍ ومن كلِّ راجلِ
18 - وبالمشْعَرِ الأَقْصى إذا عَمَدُوا له
إِلالَ إلى مُفْضى الشِّراجِ القَوابلِ
[479]
19 - وتَوْقافهمْ فوقَ الجِبالِ عَشِيَّةً
يُقيمونَ بالأيدي صُدورَ الرَّواحِلِ
20 - وليلةِ جمعٍ والمَنازِلِ من منِىً
وهلْ فوقها من حُرْمةٍ ومنازلِ
21 - وجمْعٍ إذا ما المُقْرَباتُ أَجَزْنهُ
سِراعاً كما يَخْرُجْنَ من وَقْعِ وابل
[480]
22 - وبالجَمْرَةِ الكُبْرى إذا صَمَدوا لَها
يؤمون قَذْفاً رأسَها بالجَنادِل
[481]
23 - وكِنْدَةَ إذْ هُمْ بالحِصابِ عَشِيَّةً
تُجيزُ بهم حجَّاج بكرِ بنِ وائِلِ
[482]
24 - حَليفانِ شَدّا عَقْدَ ما احْتَلفا له
وَرَدَّا عَلَيْهِ عاطفات الوَسائِلِ
25 - وَحَطْمِهُمُ سُمْرَ الصِّفِاحِ وَسَرْحَه
وشبرقَه وخْدَ النَّعامِ الجَوافِلِ
[483]
26 - فَهَلْ بَعْدَ هذا مِنْ معاذٍ لعائِذٍ
وهَلْ من مُعيذٍ يَتَّقي الله عادِلِ
27 - يُطاعُ بنا العُدَّى وَوَدُّوا لَوَ انَّنَا
تُسَدُّ بنا أَبْوابُ تُرْكٍ وكابُلِ
[484]
28 - كَذَبْتُمْ وبَيْتِ اللهِ نَـتْرُك مَكَّةً
وَنَظْعَنُ إلا أَمْرُكُمْ في بَلابـِلِ
[485]
29 - كَذَبْتُمْ وبَيْتِ اللهِ نبْزى محمداً
ولمّا نُطاعِن دونَه ونُناضـلِ
[486]
30 - ونُسلمَهُ حتّى نُصَرَّعَ حَوْلَهُ
ونَذْهَلَ عن أَبْنائنا والحَلائِلِ
[487]
31 - ويَنْهَض قَوْمٌ في الحَديدِ إليكُمُ
نهوضَ الرّوايا تَحْتَ ذاتِ الصَّلاصِلِ
[488]
32 - وحتَّى تَرى ذا الضـِّغْنِ يَرْكَبُ رَدْعَهُ
من الطَّعنِ فِعْلَ الأنكَبِ المُتَحامِلِ
[489]
33 - وإنَّا لَعَمْرُ اللهِ إنْ جَدَّ ما أَرى
لَتَلْتَبـِسَنْ أَسْيافُنا بالأماثلِ
34 - بكَفَّيْ فَتىً مثلِ الشِّهابِ سَمَيْدَعٍ
أَخِي ثِقةٍ حامي الحَقيقةِ باسلِ
[490]
35 - شُهوراً وأيّاماً وحَوْلاً مُجَرَّماً
عَلَيْنا وتأتي حِجَّةٌ بعدَ قابلِ
[491]
36 - وما تَرْكُ قَوْمٍ، لا أبا لَكَ، سيِّداً
يحوط الذِّمارَ غَيْر ذَرْبٍ مُواكلِ
[492]
37 - وأبْيَضَ يُسْتَسْقَى الغَمامُ بوَجْهِهِ
ثِمالَ اليَتامى عِصْمَةً للأرامل
[493]
38 - يلوذُ به الهُلّاكُ من آلِ هاشِمٍ
فهمْ عِنْدَهُ في رحْمةٍ وفواضلِ
[494]
39 - لَعَمْري لَقَدْ أَجْرَى أُسَيْدٌ وبكرُهُ
إلى بُغْضـِنا وجَزّآنا لآكل
[495]
40 - وعُثْمانُ لَمْ يَرْبَعْ عَلَيْنا وَقُنْفُذٌ
ولكنْ أطاعا أَمْرَ تِلْكَ القبائل
[496]
41 - أُطاعا أُبَيّاً وابنَ عَبْدِ يَغوثِهِمْ
ولَمْ يَرْقُبا فينا مَقالَةَ قائلِ
[497]
42 - كَما قَدْ لَقينا من سُبَيْعٍ ونَوْفَلٍ
وكُلٌ تَوَلَّى مُعْرِضاً لم يجامِلِ
[498]
43 - فإن يُلْقَيَا أَوْ يُمْكِن اللهُ منهما
نَكِلْ لَهُما صاعاً بصاعِ المكايلِ
44 - وذاك أَبو عَمْرٍو أبَى غَيْرَ بُغْضـِنا
ليُظْعِنَنا في أَهْلِ شاءٍ وجامِل
[499]
45 - يُناجي بنا في كلّ مُمْسًى ومُصْبَحٍ
فَناجِ أَبا عَمْرو بنا ثم خاتلِ
[500]
46 - ويُؤلي لَنا باللهِ ما إنْ يغُشُّنا
بلى قد نَراهُ جهرةً غير حائلِ
[501]
47 - أَضاقَ عليه بُغضُنا كُلَّ تَلْعَةٍ
مِنَ الأَرْضِ بَيْنَ أَخْشُبٍ فَمجادلِ
[502]
48 - وَسائِلْ أبا الوَليدِ ماذا حَبَوْتَنا
بِسَعْيِكَ فينا مُعْرِضاً كالمُخاتلِ
49 - وكُنْتَ امرأَ مِمَّنْ يُعاشُ برأيِهِ
وَرَحْمَتِهِ فينا ولسْتَ بجاهلِ
50 - فَعُتبةُ لا تَسْمَعْ بنا قَولَ كَاشِحٍ
حَسُودٍ كَذُوبٍ مُبْغِضٍ ذي دَغاولِ
[503]
51 - وَمَرَّ أبو سُفْيانَ عَنِّيَ مُعْرِضاً
كَمَا مَرَّ قَيْلٌ من عظام المَقَاولِ
[504]
52 - يَفِرُّ إلى نَجْدٍ وبَرْدِ مياهِهِ
وَيَزعُمُ أنّي لَسْتُ عَنْكُمْ بغافِلِ
[505]
53 - ويُخْبـِرُنا فِعْلَ المناصِحِ أَنَّه
شَفيقٌ ويُخْفي عارِماتِ الدواخلِ
[506]
54 - أَمطعمُ لم أخذُلْكَ في يومِ نَجْدَةٍ
ولا مُعْظِمٍ عندَ الأمورِ الجَلائِلِ
[507]
55 - ولا يَوْمَ خَصْمٍ إذ أَتَوْك ألدّةٍ
أولي جَدَلٍ منَ الخُصوم المساجلِ
[508]
56 - أمُطْعمُ إنَّ القومَ ساموكَ خُطَّةً
وإنّي مَتَى أُوْكَلْ فَلَسْتُ بوائلِ
[509]
57 - جَزَى اللهُ عَنَّا عَبْدَ شَمْسٍ وَنَوْفَلاً
عقوبةَ شَرٍّ عاجلاً غيرَ آجِلِ
58 - بميزانِ قِسْطٍ لا يُخِسُّ شعيرةً
لهُ شاهِدٌ من نَفْسه غَيْرُ عائلِ
[510]
59 - لقد سَفهتْ أَحْلامُ قَوْمٍ تَبَدَّلوا
بني خَلَفٍ قيضاً بنا والغياطلِ
[511]
60 - وَنَحْنُ الصَّميمُ من ذُؤابةِ هاشمٍ
وآل قُصَيٍّ في الخُطوبِ الأوائل
61 - وسَهْمٌ ومَخْزومٌ تَمالَوا وأَلَّبُوا
علينا العِدا مِنْ كُلّ طِمْلٍ وخاملِ
[512]
62 - فَعَبْدُ مُنافٍ أنتْمُ خَيْرُ قَوْمِكُمْ
فلا تُشْرِكوا في أَمْرِكُمْ كلَّ واغلِ
[513]
63 - لَعَمْري لَقَدْ أُوهِنْتُمُ وعَجَزْتُمُ
وجِئْتُم بأَمْرٍ مُخْطِئٍ للمَفاصِلِ
64 - وكُنْتُمْ حديثاً حَطبَ قِدْرٍ وأنتمُ
أَلَانَ حطابُ أَقْدُرٍ ومَراجلِ
[514]
65 - لِيَهْنِ بني عَبْدِ المنافِ عُقوقُنا
وخذلانُنا وترْكُنا في المعاقلِ
66 - فإن نَكُ قَوْماً نَـتَّئِرْ ما صَنَعْتُم
وتَحْتَلبوها لَقْحَةً غَيْرَ باهلِ
[515]
67 - وَسائِطُ كانَتْ في لؤيّ بنِ غالبٍ
نَفَاهُمْ إلَيْنا كُلُّ صَقْرٍ حُلاحلِ
[516]
68 - وَرَهْطُ نُفَيْلٍ شَرُّ مَنْ وَطِىءَ الحَصى
وأَلأمُ حافٍ من مَعَدٍّ وناعلِ
69 - فَأَبْلِغْ قُصَيّاً أَنْ سَيُنْشَرُ أَمْرُنا
وَبَشِّرْ قُصَيّاً بَعْدَنا بالتخاذُلِ
70 - ولو طَرَقتْ لَيْلاً قُصَيّاً عَظيمةٌ
إذا ما لَجأْنا دونَهم في المداخلِ
71 - ولو صَدَقوا ضَرْباً خلالَ بُيوتِهِمْ
لَكُنَّا أُسىً عندَ النساءِ المَطافِلِ
[517]
72 - فَكُلَّ صَديقٍ وابنِ أُختٍ نَـعُدُّهُ
لَعَمْري وَجَدْنا غِبَّه غَيْرَ طائِلِ
73 - سِوى أنّ رَهْطاً من كلابِ بنِ مُرَّةٍ
براءٌ إلينا من مَعَقَّةِ خاذِلِ
74 - وَهَنّا لَهُمْ حتَّى تَبَدَّدَ جَمْعُهُمْ
وَيَحْـسُرَ عَنّا كلُّ باغٍ وجاهلِ
75 - وكانَ لنا حَوْضُ السّقايةِ فيهمُ
ونَحْنُ الكُدى من غالِبٍ والكَواهِلِ
[518]
76 - شبابٌ من المطَيّبين وهاشمٍ
كبيضِ السيوفِ بين أيدي الصياقل
77 - فما أَدْركوا ذَحْلاً ولا سَفَكوا دَماً
ولا حالَفوا إلاّ شِرارَ القَبائِلِ
[519]
78 - بضربٍ تَرى الفِتيانَ فيهِ كأَنَّهُمْ
ضَواري أُسودٍ فوقَ لَحْمٍ خَرادِلِ
[520]
79 - بَني أُمَّةٍ محبوبةٍ هِندِكية
بني جُمَحٍ عبيد قيسِ بن عاقِلِ
[521]
80 - ولكِنَّنا نَسْلٌ كِرامٌ لسادةٍ
بهم نُعِيَ الأَقوامُ عِنْدَ البَواطِلِ
81 - وَنِعْمَ ابنُ أُخْتِ القَوْمِ غيرَ مُكَذَّبٍ
زهيرٌ حساماً مفرداً من حَمائِلِ
82 - أَشَمُّ من الشُّمِّ البهاليلِ يَنْتَمي
إلى حَسَبٍ في حَوْمَةِ المَجْدِ فاضـِلِ
[522]
83 - لَعَمْرِي لَقَدْ كلفتُ وَجْداً بأَحمدٍ
وإخوتِهِ دَأبَ المُحِبِّ المُواصِلِ
[523]
84 - فلا زالَ في الدُّنْيا جَمالاً لأَهْلها
وزيناً لمَنْ والاهُ رَبُّ المَشاكِلِ
[524]
85 - فَمَنْ مِثْلُهُ في النّاسِ أيُّ مُؤَمَّلٍ
إذا قاسَهُ الحُكّامُ عِنْدَ التَّفاضُلِ
86 - حَليمٌ رَشيدٌ عادِلٌ غيرُ طائِشٍ
يُوالي إلهاً ليس عنهُ بغافِلِ
87 - فَوَاللهِ لولا أنْ أَجئ بسُنَّةٍ
تَجُرُّ على أَشْياخِنا في المحافلِ
88 - لَكُنّا اتَّبعْناهُ على كُلّ حالَةٍ
من الدَّهْرِ جدًا غيرَ قَوْلِ التَّهازُلِ
89 - لقَدْ عَلِموا أَنّ ابننا لا مُكَذَّبٌ
لدينا ولا يُغْني بقولِ الأَباطلِ
90 - فأَصْبَحَ فينا أَحْمَدٌ في أُرومةٍ
تُقَصـِّرُ عنه سوْرةُ المُتطاوِلِ
[525]
91 - حدبْتُ بنَفْـسي دونَهُ وحَمَيْتُهُ
ودافعتُ عَنْهُ بالذُّرا والكَلاكِلِ
[526]
92 - فَأَيَّدَهُ رَبُّ العبادِ بنَـصْرِهِ
وأظْهَرَ ديناً حَقُّهُ غَيْرُ باطلِ
93 - رجالٌ كِرامٌ غَيْرُ مِيلٍ نَماهُمُ
إلى الخَيْرِ آباءٌ كِرامُ المَحاصِلِ
94 - فإنْ تَكُ كَعْبٌ من لُؤَيّ صقيْبةً
فلا بُدَّ يوماً مرّة منْ تزايلِ
[527]
[463] الأبيات في ديوان أمية 391 - 393، وفي هامشـه: يماري: يجادل أو يشـكّ. والمُغَمّس: موضع في طرف الحرم. [464] في كشف الخفاء 1/ 238: رواه الشيخان عن البراء بن عازب. [465] سيرة ابن هشام 1/ 487، والبداية والنهاية 3/ 454. [466] الأبيات ستة في سيرة ابن هشام 1/ 648، والبداية والنهاية 4/ 113. [467] القصـيدة فـي سـيرة ابـن هشـام 1/ 272 - 280، والبدايـة والنهايـة - دار ابـن كثير - 3/ 262 - 268، وشَـرَحَ غريبها أبو ذر الخشـني في «شـرح السيرة النبوية 85 - 91». [468] قال أبو ذر: (الوسائل: جمع وسيلة، وهي القربة والمنزلة عند الملك). [469] قال أبو ذر: (أظِنّةٌ: جمع ظنين، وهو المُتَّهمُ). قلت: وعضُّ الأصابع كنايةٌ عن الندم والغيظ. [470] قال أبو ذر: (سمراء سمحة: قناة تسمح بالانعطاف عند هزّها، والعضب: السيف القاطع، والمقاول: الملوك، ويقال: الذين يخلفون الملوك إذا غابوا) قلت: والقناة: الرمح، كما في اللسان. [471] قال أبو ذر: الوصائل: ثياب حُمْرٌ فيها خطوط، كان البيت يكسى بها. [472] الرتاج: الباب العظيم، وقيل الباب المغلق (اللسـان)، وقال أبو ذر: كل نافـل: كل متبرِّئ. [473] وإساف ونائل: صنمان كانا بمكة في الجاهلية. والمُفْضَى: المُتَّسع (اللسان). [474] مُوَسَّمَة الأعضاد: قال أبو ذر: يعني مُعَلَّمة، والسِّـمة العلامة. والقَصَرات: أصول الأعناق. ومخيّسَة: مذلّلة. والسّـديـسُ من الإبـل الذي دخل في السنة التاسعة، والبازل: الذي خرج نابـه، وذلك في السـنة التاسـعة. قلت: والأعضـاد: جمع عضد. [475] قال أبو ذر: (تـرى الودع فيها: يعني في أعناقهـا. والوَدَع: الخرز. والعثاكـل: الأغصان التي ينبت عليها الثمر. [476] وثور وثبير وحراء: جبال بمكة. [477] قال أبو ذر: (إذا اكتنفوه: أي أحاطوا به) قلت: والأصـائل جمع أصيلة، وهي العشية (اللسان). [478] قال أبو ذر: (أراد بالأشواط هنا: السعي بين الصفا والمروة. والتماثل: الصور، وأسقط الياء ضرورةً). [479] المشـعر الأقصـى: عرفـة. وإلال - ككِتاب وسَـحاب - قال أبو ذر (جبل بعرفة) والشـراج: مسائل الماء بالحَرَّة. والقوابل التي يقابل بعضها بعضاً، ويقال: هي رؤوس السواقي). [480] قال أبو ذر: والمُقْرَبـات: الخيـلُ التي تقربُ مرابطها من البيوت لكرمهـا، والوابل: المطر الشديد. [481] قال أبو ذر: (وصمدوا: قصدوا) قلت: يؤمون: يقصدون أيضاً. والجنادل: الحجارة (اللسان). [482] قال أبو ذر: (الحِصاب: موضع رمي في الجمار، مأخوذ من الحصباء، وهو مصدرٌ نُقل إلى المكان). [483] قال أبو ذر: الحطم: الكسر. والسمر: من شجر الطلح. والصّفاح: جمع صفح، وهو عرض الجبل، ويقال: هو أسفله حيث يسيل ماؤه. والسَّرْح: شجر، والشّبْرق: نبات. والوَخْد: السير السريع. والجوافل: الذاهبة المسرعة. [484] قال أبو ذر: العُدَّى: جمع عادٍ. وتُرك وكابل: جيلان من العجم. [485] قال أبو ذر: ومن رواه: في بلابل: فهي وساوس الهموم، واحدها بلبال. [486] نبزى: قال أبو ذر: معناه نُسلب ونُغلب. ونناضل: أي نرامي بالسهام. [487] قال أبو ذر: الحلائل: الزوجات، واحدتها حليلة. [488] قال أبو ذر: الروايا: هنا الإبل التي تحمل الماء، والصلاصل: جمع صلصلة، وهي بقية الماء. [489] قال أبو ذر: الضـِّغن: العداوة. ويقال: ركب رَدْعَهُ: إذا سقط على وجهه في دمه. والأنكب: المائل إلى جهة. [490] السَّمَيْدَع: السَّيِّد (أبو ذر). [491] قال أبو ذر: (وحولاً مجرماً: يعني مكملاً) (وانظر اللسان: جرم). [492] قال أبو ذر: (والذّمارُ: ما يلزمك حمايته، وذَرْبٌ: فاسد، ومواكل: الذي يتَّكل على غيره). [493] قال أبو ذر: ثمال اليتامـى: إذا كان قائماً بأمرهـم، ويكون أصلاً لهم وغياثاً. قلت: الغمام: السحاب، والعصمة: الوقاية والمنع (اللسان). [494] الهُلاّك: الفقراء جمع هالك (اللسان). [495] أُسَيْدٌ هو ابن أبي العيص بن أمية بن عبد شمس. وبكره اسمه عَتّاب بن أُسَيْد. [496] قال أبو ذر: (عثمان هو عثمان بن عبيدالله أخو طلحة به عبيدالله التيمي وكانا من الصحابة. وقنفذ هو ابن عُمَيْر بن جدعان بن عمرو أسلم في عهد عمر. ولم يربع: أي لم يقم ولم يعطف). [497] أُبَيْ بن شريق الثقفي حليف بني زهرة بن كلاب وسمي الأخنس لأنه خنس بالقوم يوم بدر. والثاني هو الأسود بن عبد يغوث بن وهب بن عبد مناف مات مشركاً. ولم يرقبا: لم يحفظا. [498] سُبَيْع هو ابن خالد أخو بلحارث بن فهر. ونوفل هو ابن خويلـد بن أسـد بن عبد العزّى بن قصي وهو ابن العدوية كان من شياطين قريش. قتله علي يوم بدر. [499] قال أبو ذر: (أبو عمرو هو قرظة بن عبد عمرو بن نوفل بن عبد منـاف والجامل اسم لجماعة الجِمال، ومثله الباقر: اسم لجماعة البقر). [500] قال أبو ذر: (ثم خاتل: الختل: الخداع والغدر). [501] قال أبو ذر: (ويؤلي لنا بالله، أي: يُقسم ويحلف، والأليّة: اليمين). [502] التلعة: المشرف من الأرض، وهي أيضاً مجرى الماء من جوف الوادي إلى وسطه، وقوله: بين أخشب فمجادل: الأخشبان: جبلان بمكة... والمجادل: القصور والحصون في رؤوس الجبال (أبو ذر). وأبو الوليد عتبة بن ربيعة بن عبد شمس، كان من أبطال قريش. قتل يوم بدر وهو على شركه. [503] قال أبو ذر: (الكاشح: العدو. والدغاول: الأمور الفاسدة. قلت: وقيل الغوائل والدواهي (اللسان والتاج). وعتبة هو أبو الوليد المتقدم. [504] أبو سفيان هو الصحابي المعروف والد رملة أم المؤمنين ل. [505] نجد هنا: ما ارتفع من بلاد الحجاز (أبو ذر). [506] قال أبو ذر: (ويخفي عارمات الدواخل: عارمات بالراء: الشديدات، والدّواخل - بالدال المهملة والخاء -: النَّمائم والإفساد بين الناس. [507] مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف، من أبطال قريش، أجار النبي ج منصرفه من الطائف بعد وفاة عمه أبي طالب. [508] قال أبو ذر: (من الخصوم المساجل: هم الذين يعارضونه في الخصومة ويغالبونه). [509] ساموك خطة: أي كلّفوك. وقوله: (فلست بوائل) أي: لست بناج، يقال: ما وأل من كذا، أي: ما نجا منه (أبو ذر). [510] وقوله: (لا يُخَسُّ شعيرةً: أي لا يُنقص. وعائل: حائر) (أبو ذر). [511] وقوله: (قيضاً: أي عوضاً. والغياطل: من بني سهم (أبو ذر). [512] ألّبوا: اجتمعوا. والطِّمْل: الرجل الفاحش، والطمل أيضاً: الفقير. (أبو ذر). [513] وقوله (كل واغل): أي كل ملاصق بكم ليس من صميمكم (أبو ذر). [514] الحطاب: جمع حاطب. والمراجل: القدور، واحدها مِرْجَل (أبو ذر). والمعنى: كنتم متفقين لا تحطبون إلا لقدرٍ واحدةٍ، وأنتم الآن على خلاف ذلك (حاشية البداية والنهاية). [515] وقوله (نَـتَّئِر ما صنعتم) أي نأخذ بثأرنا منكم. واللقحة: الناقة ذات اللبن. وغير باهل. يقال ناقة باهل: أي مباحة لكل حالب. [516] حلاحل: السيد في عشيرته، الشجاع الركين في مجلسه (هامش السيرة). [517] قال أبو ذر: (لكُنّا أُسـىً: هو جمع أُسـوة، وهي: القـدوة، أي: لاقتدى بعضنا ببعض في الرفع عنهم). والمطافل: ذوات الأطفال (اللسان: طفل). [518] الكُدى: جمع كدية، وهي: الصـفاة العظيمة الشـديدة، يشبههم بها في المنفعة والعزة، والكواهل: جمع كاهل، وهو سند القوم وعهدتهم (حاشية السيرة). [519] الذّحَلُ: طلبُ الثأر. [520] الضواري: جمع الضاري، وهو من السباع ما ضرى بالصيد، ولهج بالفرائس، وتعوّد عليها (اللسان) والخرادل: القطع العظيمة (حاشية السيرة). [521] في هامش السيرة (هندكي - بكسر الهاء والدال - من أهل الهند). [522] قال أبو ذر: (أشم: أي عزيز. والبهاليل: السادة، واحدهم بهلول). [523] كلفْتُ: أولعت. [524] في هامش السيرة: (كذا في الأصل، ولعله يريد بها: العظيمات من الأُمور). [525] قال أبو ذر: (الأرومة: الأصل. وسورة المتطاول - بضم السين - المنزلة، وبفتحها: الشدة والبطش). [526] قال أبو ذر: (حدبْتُ: عطفْتَ ومنعْتُ. والذرا: جمع ذروة، وهي أعلى ظهر البعير. والكلاكل: جمع كلكل، وهو: معظم الصدر). [527] في هامش السيرة (الصقب - بوزن فرح - القريب).
904 - قال أبو بكر الصديق س في غزوة عبدالله بن جحش [528]: [من الطويل]
1 - تَعدُّونَ قَتْلاً في الحرامِ عظيمةً
وأعظمُ منه لو يَرى الرُّشْدَ راشِدُ
[529]
2 - صُدودُكُمُ عَمّا يَقُولُ محمدٌ
وكفرٌ به واللهُ ربيَ شاهدُ
3 - وإخراجكُمْ من مسجدِ الله أهلَهُ
لئلا يُرى للهِ في البيتِ ساجدُ
4 - فإنّا وإنْ عيّرْتُمونا بقَتْلِهِ
وأرجَفَ بالإسلام باغٍ وحاسدُ
[530]
5 - سقينا من ابنِ الحَضْرميّ رماحَنا
بنخلةَ لما أوقدَ الحربَ واقدُ
[531]
6 - دماً وابن عبدالله عثمانُ بيننا
ينازعُهُ غِلٌّ من القِدِّ عاردُ
[532]
* * *
[528] الأبيات في ديوان أبي بكر الصـديق 29 - 32، وقد نُسـبت لعبدالله بن جحش في منح المدح 150. [529] أعظم: مبتداً خبره (صدودكم في البيت الثاني). [530] أرجف: خاض بالأخبار السيئة الكاذبة (هامش الديوان). [531] نخلة: موضع بين مكة والطائف بالحجاز، وفيه قتلوا عمرو بن الحضرمي. (هامش الديوان). [532] (دماً) مفعول به ثان لسقينا في البيت السابق. والغِلّ: القيد. والقِدّ: السير يقدّ من الجلد، أي: يشقّ لخصف النعال ونحو ذلك. والعارد: الشديد القوي (هامش الديوان). وعثمان بن عبدالله هو أحد الأسيرين اللذين أخذهما عبدالله بن جحش وأصحابه س ثم فُدِي ولحق بمكة فمات بها كافراً.
905 - قال قيـس بن صـرمة الأنصاري [533] في هجرة الرسـول ج [534]: [من الطويل]
1 - ثوى في قريشٍ بضعَ عشرةَ حِجَّةً
يُذَكِّرُ لو يَلْقى خليلاً مُواتِيا
2 - ويعرضُ في أهل المواسم نفسَهُ
فلم يَرَ مَنْ يُؤوي ولم يَرَ داعيا
3 - فلما أتانا واطمأنَّتْ به النَّوى
فأصبح مسروراً بطيبةَ راضيا
4 - وأصبح لا يَخْشى عداوةَ ظالمٍ
قريبٍ ولا يخشى من الناسِ باغيا
5 - بَذَلْنا لَهُ الأَموالَ من جُلّ ما لنا
وأنفسَنا عند الوغى والتأسّيا
6 - نحاربُ مَنْ عادى من الناسِ كلِّهم
جَميعاً وإن كان الحبيبَ المصافيا
7 - ونعلمُ أنّ الله لا ربَّ غَيرُه
وأنّ كتابَ الله أصبحَ هاديا
* * *
[533] في اسمه عدة روايات هذه إحداها، ترجم له ابن عبد البر في الاستيعاب 2/ 738، وابن حجر في الإصابة: صحابي له شعر حسن. انظر: أُسد الغابة 3/ 18. [534] الأبيات في الاستيعاب 2/ 738، وأُسد الغابة 3/ 18.
906 - قال حماس بن قيـس بن خالد البكـري في يـوم فتـح مكة [535]: [من الرجز]
إنَّكِ لو رأيتِ يومَ الخَنْدَمَهْ
إذْ فَرَّ صفْوانٌ وفَرَّ عِكْرِمَهْ
واسْتَقْبَلَتْهم بالسيوف المسْلمَهْ
يقطعْنَ كُلَّ ساعدٍ وجُمْجمَهْ
لهم نَهيتٌ خلفنا وهَمْهَمَهْ
[536]
لـم تنطقـي في اللَّــوْمِ أدنى كَلِمَـــهْ
* * *
[535] سيرة ابن هشام 2/ 408. [536] النَّهيتُ: صوت الصدر، وأكثر ما يوصف به الأسد. والهمهمة: صوت في الصدر أيضاً. (حاشية السيرة).
907 - قال سراقة بن مالك رادّاً على أبي جهل [537]: [من الطويل]
1 - أبا حَكَمٍ واللهِ لو كنتَ شاهداً
لأمرِ جوادي حين ساخَتْ قوائمُهْ
2 - علمْتَ ولم تَشْكُكْ بأنَّ محمداً
رسولٌ ببرهانٍ فَمَنْ ذا يقاوِمُهْ
* * *
[537] في أسد الغابة - دار الكتب العلمية - 2/ 414 البيتان وبعدهما بيتان آخران.
908 - أنشد أبو سفيان بن الحارث النبي ج قوله في إسلامه، واعتذر إليه مما كان مضى منه [538]: [من الطويل]
1 - لعمُرك إنّي حينَ أحملُ رايةً
لتغلبَ خيلَ اللاتِ خيلُ محمَّدِ
2 - لكالمدلجِ الحيْرانِ أظلمَ ليلُهُ
فهذا أواني حين أُهدى وأهتدي
3 - هدانيَ هادٍ غيرُ نفسي ودلَّني
على الله من طرّدتُ كلَّ مُطَرَّدِ
فقال ج: أنت طرّدتني كل مطرّد.
* * *
[538] الأبيات تسعة في السيرة النبوية لابن هشام 2/ 401.
909 - من شعر أبي تمام [539]: [من الكامل]
1 - حَسَدُ العشيرة للعشيرة قرحةٌ
تَلِدَتْ وسائلُها وجُرحٌ أقدمُ
[540]
2 - تلكم قريشٌ لم تكن آراؤها
تهفو ولا أحلامُها تتقسَّمُ
3 - حتى إذا بُعث النبيُّ محمدٌ
فيهم غدَتْ شحناؤهم تتضرّمُ
4 - عَزَبَتْ عُقولُهُم وما من مَعْشَرٍ
إلا وَهُمْ منهم ألبُّ وأحزمُ
[541]
5 - لما أقام الوحي بين ظهورهم
ورأوا رسول الله أحمدَ منهُم
* * *
[539] الأبيات من قصيدة مطولة في شرح ديوان أبي تمام - دار المعارف - انظر 4/ 199. [540] تَلِدَتْ: أقامت وقدمت (اللسان). [541] عَزَبَ: غاب وبَعُدَ (اللسان)، وألبُّ: أعقل (اللسان).
910 - قال جبلة بن الأيهم لما تنصَّر [542]: [من الطويل]
1 - تنصَّرْتُ بعدَ الدينِ مِنْ عارِ لطمةٍ
وما كان فيها لو صبرتُ لها ضررْ
2 - تَكَنَّفني منها لَجاجٌ ونَخْوَةٌ
فبـِعْتُ بها العينَ الصحيحةَ بالعَوَرْ
[543]
3 - فيا ليتَ أُمّي لم تَلِدْني ولَيْتَني
ثَوَيْتُ أسيراً في ربيعةَ أَو مُضَرْ
[544]
4 - ويا لَيْتَني أَرْعى المخاضَ
[545] بقفْرةٍ
أجالسُ قومي بالعشيّات والبُكَرْ
5 - ويا لَيْتَ لي بالشّام أَدْنى معيشةٍ
أجالسُ قومي عادمَ السَّمْع والبَصَرْ
6 - أدينُ بما دانوا به من شريعةٍ
ولم أنكرِ القول الذي قال لي عُمَرْ
* * *
[542] العقد الفريد - دار الكتب العلمية - 2/ 48 برواية (تنصرت الأشراف)، وآثرت الرواية المثبتة أعلاه لأنها بخط الشيخ رحمه الله. [543] تكَنَّف الشيء واكتنفه: صار حواليه، اللجاج: التمادي في الخصومة. [544] الثواء: طول المقام (اللسان). [545] المخاض: الحوامل من النـوق، والقفرة: الخـلاء من الأرض، والبُكَـر: جمع بُكْرة (اللسان).
911 - قال عليُّ س [546]: [من الطويل]
1 - لقد رفعَ الإسلامُ سَلْمانَ فارسٍ
كما وضعَ الشِّركُ الشَّقِيَّ أَبا لَهَبْ
2 - لعمرُكَ ما الإنسانُ إلا ابن دينِهِ
فلا تَتْرُكِ التَّقْوى اتّكالاً عَلى النَّسَبْ
[546] ديوان علي س - دار الكتب العلمية - 15.
912 - وقال أيضاً س [547]: [من الوافر]
1 - ولو أني أُطِعْتُ عَصَمْتُ قَوْمي
إلى ركْنِ اليَمامةِ أو شآمِ
2 - ولكنّي إذا أبرمْتُ أمراً
يخالفه الطّغَامُ بنو الطغامِ
[548]
* * *
[547] البيتان في ديوان علي 178.
[548] الطغام: أراذل الناس وأوغادهم. قال الشاعر:
وكنــت إذا همـمـتُ بفعْــلِ أمــرٍ
يخـالفنــي الطغــامة والطَّــغامُ
913 - ذكر أهل التاريخ أن نصر بن سيار كان عاملاً لهشام بن عبد الملك على خراسان، وكان يكتب لهشام بخبر أبي مسلم صاحب الدولة العباسية، وتمضـي كتبه إلى ابن هبيرة في العراق لينفذها إلى أميـر المؤمنين، فكـان يحبسها ولا ينفذها لئلا يقوم لنصر بن سيار قائمة عند الخليفة.
فلما طال بنصر بن سيار ذلك، ولم يأته جواب من عند هشـام كتب كتاباً وأمضـاهُ إلى هشـام على غير طريق ابنِ هُبَيْرة وفي جـوفِ الكتاب هذه الأبيات مدرجة يقول فيها [549]: [من الوافر]
1 - أرى تحتَ الرَّمادِ وَميضَ جَمْرٍ
ويوشِكُ أن يكون له ضـِرامُ
[550]
2 - فإنّ النارَ بالعُودَيْنِ تذكي
وإنَّ الـشرَّ مبدؤه كلامُ
[551]
3 - فإن لم تطفئوها تَجْنِ حَرْبا
مُشَمِّرَةً يَشيبُ لها الغُلامُ
4 - وقلتُ من التعجُّبِ: ليت شعري
أأيقاظٌ أُمَيَّةُ أم نِيامُ
5 - فإن يَقظَتْ فذاكَ بقاءُ مُلْكٍ
وإن رَقَدَتْ فإني لا أُلامُ
6 - فإنْ يَكُ أصْبَحوا وثَوَوْا نِياماً
فَقُل: قُوْموا، فَقَدْ حانَ القيام
7 - تَعَرَّيْ عَنْ رِحالك ثم قُولي:
عَلَى الإسْلامِ والعَرَبِ السَّلامُ
* * *
[549] ليست الأبيات لنصر بن سيار، وإنما هي لإسماعيل بن عبدالله أبي مريم، أوردها له الأصـفهاني في كتاب الزهـرة 1/ 203 وانظر: البيـان والتبيين 1/ 158، ومحاضرات الراغب - دار صادر - 3/ 344 وهامشه. [550] وميض: لمعان، وضرام: اشتعال والتهاب (اللسان). [551] تُذكي: تشعل.
914 - وقـال أبـو محمـد الأندلسـي [552] مـن قصـيدتـه القحطانيـة [553]: [من الكامل]([554]
لا تَقْبَلنَّ من التوارخِ كُلَّ ما
جَمعَ الرواةُ وخَطَّ كلّ بَنانِ
* * *
[552] هو أبو محمد بن محمد الأندلسي القحطاني السلفي المالكي، كان فقيهاً حافظاً، جمع تاريخاً لأهل الأندلس، رحل إلى المشرق والمغرب في طلب العلم. توفي سنة 202.
[553] تقع هذه القصيدة في 686 بيتاً، وما هنا رقمه 179 من أبيات القصيدة، ومطلعها:
يا مُنْزِلَ الآياتِ والفُرقانِ
بيني وبينك حُرْمةُ القُرآنِ
[554] هذا البيت مع آخر في أبجد العلوم - وزارة الثقافة السورية - وقبله البيت التالي:
فقد ظفرت بما لم يؤتَهُ ملكٌ
لا المنذران ولا كسرى بن ساسان
915 - وقال الشاعر: [من البسيط]
1 - والمسجدُ الثالثُ الشرقيُّ كان لنا
والمنبران وفصلُ القولِ في الخُطَبِ
2 - أيامَ لا منبرٌ للناس نعرفُه
إلا بطيبةَ والمحجوج ذي الحجبِ
* * *
916 - وقال آخر في ازدهار المسلمين الأوائل قبل قرون: [من الكامل]
1 - آثارهم تنبيكَ عن أخبارهم
حتى كأنَّك بالعيان تراهمُ
2 - تالله لا يأتي الزمانُ بمثلهم
أبداً ولا يحمي الثغورَ سواهمُ
* * *
917 - وقال الآخر: [من الوافر]
ومن يثني الأصاغرَ عن مرادٍ
وقد جلسَ الأكابرُ في الزوايا
* * *
918 - وقال الشاعر: [من الطويل]
1 - فصاحةُ حسّانٍ وخطُّ ابنِ مُقْلَةٍ
وحكمةُ لقمانٍ وزهدُ ابنِ أدهمِ
2 - إذا اجتمعتْ في المرءِ والمرءُ مفلسٌ
لنودي عليه لا يُباعُ بدرهمِ
* * *
919 - وقال أبو الأصبع عبد العزيز بن تمّام العراقي [555]: [من البسيط]
1 - فَقَدْ ظَفِرْتَ بما لم يؤتَهُ مَلِكٌ
لا المنذرانِ ولا كسرى بن ساسانِ
2 - ولا ابنُ هندٍ ولا النعمانُ صاحبُهُ
ولا ابنُ ذي يزنٍ في أسِّ غمدانِ
[555] البيتان في أبجد العلوم - طبعة وزارة الثقافة السورية - 2/ 461.
920 - قال خالد الكاتب: [من البسيط]
1 - أتهجرونَ فتىً أغرى بكمْ تيهاً
حقاً لدعوةِ صبٍّ أن تجيبوها
2 - أهدى إليكُمْ على نأيٍ تحيتَهُ
حيُّوا بأحسنَ منها أو فَرُدُّوها
* * *
921 - قال ابن عبد القوي: [من الطويل]
1 - تباركَ ذو الأحكامِ والحِكَمِ التي
تَحارُ عقولُ الخلقِ فيها فتهتدي
2 - فمِنْ حكمه أبدانُنا وأمورُنا
ذواتُ ارتباطٍ لا ذواتُ تَوَحُّدِ
3 - فكلُّ امرئٍ لا يستقلُّ بنفسِه
فَسَنَّ لنا سبلَ التعاونِ فاهتدِ
4 - يعلِّقُ أطماعَ الأنامِ بمكسبٍ
له يركبونَ الهولَ في كلِّ مقصدِ
5 - يهونُ على هذا اقتحامٌ بنفسِهِ
وهذا بمالٍ رغبةً في التَزَيُّدِ
6 - ليأتي بأرزاقٍ يعزُّ حصولهُا
على عاجزٍ عنها ضجيعاً بمرقدِ
7 - فسبحانَ مَنْ أبدى وأتقنَ صُنعَهُ
وجلَّ تعالى عن أباطيلِ مُلْحِدِ
* * *
922 - قال أبو العتاهية [556]: [من الطويل]
1 - ألا إنّما التقوى هي العزُّ والكرمْ
وحبُّكَ للدنيا هو الذّلُّ والسَّقَمْ
2 - وليس على عبدٍ تقيّ نقيصةٌ
إذا كانَ ذا تقوى وإن حاكَ أو حجمْ
* * *
[556] ديوان أبي العتاهية - شكري فيصل رحمه الله - 348 - 349.
923 - وقال الأعشى [557] في قصيدته التي مدح بها النبي ج: [من الطويل]
1 - إذا أنتَ لم ترحلْ بزادٍ من التُّقَى
ولاقيتَ بعد الموتِ مَنْ قد تزوّدا
2 - ندمتَ على ألا تكونَ كمثلِهِ
فترصد للموتِ الذي كانَ أرصدا
* * *
[557] ديوان الأعشى الكبير 173. والبيتان تقدما مع قصيدة سابق البربري وورودهما هناك كان كمقدمة لأبيات سابقة، أما هنا فورودهما في محلهما، ولذلك آثرت إبقاءهما.
924 - وقال النابغة الشيباني [558]: [من الوافر] [559]
1 - ولستُ أرى السعادةَ جمعَ مالٍ
ولكنّ التَّقِيَّ هو السعيدُ
2 - وتقوى اللهِ خيرُ الزادِ ذخراً
وعندَ اللهِ للأَتْقَى مزيدُ
* * *
[558] النابغة الشيباني هو عبدالله بن المخارق بن سليم من بني شيبان: شاعر بدوي من شعراء العصر الأموي. توفي سنة 125ﻫ/ 743م (الأعلام/ 279 والأغاني - دار الكتب - 7/ 206. [559] البيتان في ديوان النابغة الشيباني - وزارة الثقافة السورية - 99 من قصيدة مطولة، وهما مع ثالث في ديوان الحطيئة ص252 من طبعة بيروت وفي ملحق طبعة مكتبة الخانجي للدكتور نعمان طه ص321.
925 - وقال عبد اللطيف الصيرفي [560]: [من المتقارب]
1 - إذا كنْتَ في نِعْمَةٍ فارْعَها
ترى فرعَها قد نما واستتمْ
2 - وخَلِّ الصلاحَ لها حافظاً
فإنَّ المعاصي تزيلُ النِّعَمْ
* * *
926 - قال علي بن أبي طالب [561] س: [من المتقارب]
1 - إذا كنْتَ في نعمةٍ فَارْعَها
فإنَّ الذُّنوبَ تُزيلُ النِّعَمْ
2 - وحُطْها بطاعةِ ربِّ العبادِ
فربُّ العبادِ سريعُ النّقَمْ
3 - وإيّاك والظُّلْمَ مهما استطعْتَ
فظلمُ العبادِ شديدُ الوَخَمْ
4 - وسافِرْ بقلبكَ عند الورى
لتنظُرَ آثارَ مَنْ قَدْ ظلمْ
5 - فتلك مساكنُهم بعدَهُمْ
شهودٌ عليهم ولا تُتَّهَمْ
6 - وما كانَ شيءٌ عليهم أضرَّ
من الظُّلْم وهْوَ الذي قد فَقَمْ
7 - فكم تركوا من جنانٍ ومن
قصورٍ وأخرى عليها أطمْ
8 - وحلُّوا الجحيمَ وفاتَ النعيمُ
وكانَ الذي نالهم كالحلمْ
[560] عبد اللطيف الصيرفي: ناظم من أهل الإسكندرية مولداً ووفاة، خدم الحكومة في بعض الوظائف، ثم استقال واشتغل بالمحاماة، له ديوان الصيرفي مطبوع. توفي سنة 1322ﻫ/ 1904م (الأعلام 4/ 182، ومقدمة الديوان). [561] البيتان الأولان في الشعر المنسوب للإمام علي لعبد العزيز سيد الأهل - دار صادر - 126، وهما مع أبيات أخـرى من القصـيدة في ديوان الإمـام علي - دار الكتـب العلمية - 175 - 176.
927 - وقال عبدالله بن المعتز [562]: [من الطويل]
1 - تَزَوَّدْ من الدنيا بزادٍ من التُّقى
فعمرُكَ أَيّامٌ وهُنَّ قلائلُ
2 - فما أقبحَ التفريطَ من زمنِ الصِّبا
فكيفَ به والشَّيْبُ للرأْس شامِلُ
* * *
928 - وقال الشاعر [563]: [من الخفيف]
وإذا حَلَّتِ الهدايةُ قلباً
نشطَتْ في مُرادِها الأجسامُ
* * *
[562] البيتان في ديوان ابن المعتز - دار المعارف - 2/ 417، وديوان ابن المعتز - دار صادر - 389.
[563] لم أهتد إلى قائله، وللبيت رواية أخرى عند الشيخ رحمه الله وهي:
وإذا حلَّتِ الهدايةُ قلباً
نشطَتْ في العبادة الأعضاءُ
929 - قال كوز بن علقمة [564] - ويقال كرز - في خبرٍ أورده ابن هشام [565]: [من الرجز]
إليك تَعْدو قَلِقاً وَضينُها
معترضاً في بَطْنِها جَنينُها
مخالفاً دينَ النصارى دينُها
قال ابن هشام: الوضين: الحزام، حزام الناقة.
* * *
[564] هو كوز بن علقمة بالواو، وقيل كرز بالراء: قدم إلى النبي ج مع وفد نصارى نجران فأسلم، وهو شاعر كان يتغزل بليلى بنت زهير النهدي (السيرة النبوة 1/ 573، والإكمال لابن ماكولا 7/ 140). [565] السيرة النبوة 1/ 574.
930 - قال أبو العباس العزفي [566]: [من الكامل]
1 - أهلُ الحديثِ عصابةُ الحقِّ
فازوا بدعوة سيّدِ الخَلْقِ
2 - فوُجوهُهُمْ زُهْرٌ مُنَضَّرَةٌ
لأْلاؤُها كَتَأَلُّقِ البَرْقِ
3 - يا ليتني معهمْ فيدرِكني
ما أدركُوهُ بها من السَّبْقِ
* * *
[566] أزهار الرياض في أخبار القاضي عياض 1/ 60.
931 - قال: [من الرمل]
1 - قل لمن بعدَ حجابٍ سَفَرَتْ
أبهذا يأمرُ الغيدَ الشَّرَفْ
2 - أَسْفَرَتْ إنَّ الحيا يحظُرُهُ
وتُقَى الله وآدابُ السلفْ
3 - ليستِ المرأةُ إلا درةً
أيكونُ الدُّرُّ إلا في الصَّدَفْ
* * *
932 - وقال الشاعر [567]: [من الطويل]
1 - أحبّ حديثَ المصطفى وأودُّهُ
وأدرسُهُ عمْرِي وأضبطُ كتبَهُ
2 - وذلك عند المصطفى ليَ شاهدٌ
تَجَلَّى له والمرءُ مَعْ مَنْ أَحَبَّهُ
* * *
[567] الأبيات خمسة في تاريخ دمشق - طبعة المجمع 7/ 181 - 182.
933 - قال الحسين بن مطير الأسدي [568]: [من الطويل]
1 - ونَـفْسَكَ أكْرِمْ عن أُمورٍ كثيرةٍ
فمالَكَ نفسٌ بعدها تستعيرُها
2 - ولا تقربِ المَرْعَى الحَرامَ فإنما
حلاوتُهُ تَفْنَى ويَبْقَى مَريرُها
3 - وَقَدْ تغدُرُ الدُّنْيا فيُضْحي غَنيُّها
فقيراً ويَغْنى بعد بُؤسٍ فقيرُها
4 - فكم قد رأينا من تكدَّرَ عيشُهُ
وحالَ صفاً بعدَ اكدرارٍ غَديرُها
* * *
934 - قال أبو العلاء المعري [569]: [من الكامل]
ومن المعاشرِ مَنْ يكونُ ثراؤُه
مَهْرَ البغيّ وبُسرةَ الخَمّارِ
* * *
[568] الأبيات دون الأول في الأغاني 16/ 21. [569] اللزوميات 1/ 392.
935 - قال الشاعر: [من الكامل]
جاهِدْ على طلب الحلالِ ولا تكن
تُفنيهِ بالإسرافِ والتبذارِ
* * *
936 - قال محمد بن علي بن أبي حمزة العقيلي الكوفي مولى الأنصار [570]: [من البسيط]
1 - أَضْحَتْ تُشَجِّعنِي هندٌ وما علمَتْ
أنَّ الشجاعةَ مقرونٌ بها العَطَبُ
2 - لا والذي حَجَّتِ الأنصارُ كعبتَهُ
ما يشتهي الموتَ عندي مَنْ له أَرَبُ
3 - للحرب قومٌ أضلّ الله سعيهمُ
إذا دعتهم إلى حوماتِها وثبوا
4 - ولسْتُ منهم ولا أهوى مقالهمُ
لا القتلُ يعجبني منهم ولا السَّلَبُ
* * *
[570] الوافي بالوفيات 1/ 496، والتذكرة الحمدونية 2/ 496، والحماسـة المغربيـة 2/ 1280، ومحاضرات الراغب 3/ 361.
937 - قال علي بن أبي طالب س [571]: [من الكامل]
1 - حَسِّنْ ثيابَكَ ما استطعتَ فإنَّها
زينُ الرجالِ بها تُعَزُّ وتُكْرَمُ
2 - ودَعِ التخشُّنَ في الثياب تواضعاً
فاللهُ يَعْلَمُ ما تُكِنُّ وتكتُمُ
938 - أنشد أبو عبدالله نفطويه [572]: [من البسيط]
1 - لا تنظُرَنَّ إلى عقْلٍ ولا أَدَب
إن الجدود قَريناتُ الحماقاتِ
2 - واسترزقِ الله مما في خَزائِنِهِ
فكلُّ ما هو آتٍ مرَّةً آتِ
* * *
[571] البيتـان أربعـة في ديـوان الإمـام علـي س 189، وتـاريـخ دمشـق - المجمـع - 50/ 487. [572] أمالي القالي - العصرية - 354.
939 - قال الشاعر: [من الكامل]
1 - ما للعبادِ عليه حقٌ واجبٌ
كلّا ولا سعيٌ لديه ضائعُ
2 - إن عُذِّبوا فبعدلِهِ أو نُعِّموا
فبفضلِهِ وهُوَ الكريمُ الواسعُ
* * *
940 - قال أبو تمام [573]: [من الوافر]
1 - فلا واللهِ ما في العيشِ خيرٌ
ولا الدُّنْيا إذا ذهبَ الحياءُ
2 - يعيشُ المرءُ ما استحيا بخيرٍ
ويبقى العودُ ما بقي اللِّحاءُ
* * *
941 - قال الشاعر: [من الكامل]
وإذا الحياءُ تهتَّكَتْ أستارُهُ
فَعَلَى الفتاة من العفافِ عفاءُ
* * *
[573] شرح ديوان أبي تمام - دار الكتب - 4/ 297.
942 - قال الشاعر: [من الطويل]
وما أَعجبتني قَطُّ دعوًى عَليلةٌ
ولو قامَ في تصديقها ألفُ شاهدِ
* * *
943 - وقال الآخر: [من الطويل]
وما الدينُ إلا أن تُقامَ شريعةٌ
وتأمَنَ سبلٌ بيننا وشِعابُ
* * *
944 - وقال الشاعر: [من البسيط]
وكلُّ كـسرٍ فإنّ الدّينَ يجبُرُه
وما لكـسرِ قناةِ الدينِ جبرانُ
* * *
945 - وقال آخر: [من الكامل]
1 - والدينُ رأسُ المالِ فاستمسكْ به
فضياعُهُ من أكبرِ الخسرانِ
2 - والدينُ منصورٌ وممتحنٌ فلا
تعجَبْ فهذي سنَّةُ الرحمانِ
* * *
946 - وقال أحمد بن علي بن مشرف [574]: [من الطويل]
1 - ترى الدّينَ مثلَ الشاةِ قد وثبتْ لها
ذئابٌ وما عنه لهنَّ ذهابُ
2 - وليس اغترابُ الدينِ إلا كما ترى
فهل بعدَ هذا الاغترابِ إيابُ
3 - فلم يبقَ للراجي سلامة دينِهِ
سوى عُزْلَةٍ فيها الجليسُ كتابُ
* * *
[574] أحمد بن علي بن حسـين بن مشـرف الوهيبي التميمي: فقيه مالكـي كثير النظم، سلفي العقيدة من أهل الأحساء بنجد، تعلَّم ودرس وتوفي فيها سنة 1285ﻫ/ 1868م، له منظومات في التوحيد جُمعت في ديوان ابن مشرف المطبوع.
947 - قال أبو بكر الشبلي [575]: [من الطويل]
ذكرتُكَ لا أنّي نسيتُكَ لمحةً
وأَيْـسرُ ما في الذّكر ذكرُ لساني
[575] البيت مطلع مقطعة من أربعة أبيات في تاريخ بغداد 14/ 390، وتاريخ دمشق - دار الفكر ببيروت - 66/ 76.
948 - قال أبو العتاهية: [من الطويل]
1 - لهونا عن الأيام حتى تتابَعَتْ
ذنوبٌ على آثارهنّ ذُنوبُ
[576]
2 - فيا ليتَ أنّ الله يغفرُ ما مـضى
ويأذنُ في توباتِنا فنتوبُ
* * *
[576] ديوان أبي العتاهية 21، وتاريخ مدينة دمشق 13/ 455 برواية (لهونا لعمر الله...) والمثبت رواية الشيخ رحمه الله تعالى.
949 - قال السيد الحميري [577]: [من الوافر]
1 - وسبطٍ لا يذوقُ الموتَ حتَّى
يقودَ الجيشَ يَقْدُمُهُ اللِّواءُ
2 - تغيَّبَ لا يُرى فيهم زَماناً
برضْوى عندَه عَسَلٌ وماء
* * *
[577] البيتان في ديوان السيد الحميري 14 - 15 من قصيدتين متتاليتين بالقافية ذاتها والوزن ذاته، وأظن أن القصـيدة رقم 6 فيه والقصـيدة رقم 7 قصـيدةٌ واحدةٌ في العقيدة الكيسانية، وأصحابها يقولون بأن الدين طاعـة رجل، ويعتقدون برجعة الإمام، وهو محمد بن الحنفية، وأنه لم يمت. ومما أخمل ذكر هذا الشاعر إفراطه في النيل من بعض الصحابة وأزواج النبي ج، وكان يتعصب لبني هاشم. (الملل والنحل 1/ 131، ومعجم الفرق الإسلامية 202، والأعلام 1/ 320).
950 - قيل لعلي س: صِفْ لنا الدنيا؟ فقال: الدنيا أوّلُها عناء، وآخرُها فناءُ، من صحَّ فيها أمنْ، ومن سـقم فيها ندم، ومن افتقـر فيها حـزن، ومن استغنى فيها فُتن. حلالُها حساب، وحرامها عذاب: [من الرجز]
1 - الرزقُ مقسومٌ فأَجمِلْ في الطَّلَبْ
يأتي بأسبابٍ ومن غيرِ سَبَبْ
2 - فاسترزقِ اللهَ ففي اللهِ غنًى
واللهُ خيرٌ لكَ من أبٍ حَدَبْ
* * *
951 - قال الشاعر: [من الكامل]
1 - صَعُبَتْ تكاليفُ الـشَّريعة فانثنَى
وَسَطا عليها كُلُّ خِبٍّ لاهِ
[578]
2 - فاشْدُدْ يَدَيْكَ بحبلِ مِلَّةِ أَحْمَدٍ
لا تُخْدَعَنَّ بمنصبٍ أو جاهِ
3 - واسْلُكْ طريقَ اللُّطْفِ في تَبْليغها
مُتَجَرِّداً فيها لوجهِ اللهِ
* * *
952 - قال الشاعر: [من الطويل]
جزى اللهُ عَنّا كُلَّ خَيْرٍ مُحَمّداً
فَقَدْ كانَ مَهْدياً وَقَدْ كانَ هاديا
* * *
953 - وقال أيضاً: [من الطويل]
1 - ومَنْ لا يُغَذّيهِ الرّسولُ ويَسْقِهِ
لَباناً له قد دَرَّ من ثَدْيِ قُدْسِهِ
2 - فذاك لَقيطٌ ما له نِسْبةُ الولا
ولا يَتَعَدَّى طَوْرَ أَبْناءِ جِنْسِهِ
* * *
954 - وقال الآخر: [من الطويل]
1 - نبيٌّ يرى ما لا يرى الناسُ حوله
ويتلو كتابَ الله في كلِّ مشهدِ
2 - إذا قال في يومٍ مقالةَ غائبٍ
فتصديقُها في اليوم أو في ضحى الغدِ
* * *
955 - يقول الصحابة: [من الرجز]
نحنُ الذين بايَعوا محمداً
على الجهاد ما بقينا أبدا
* * *
956 - وقال ابن الرومي [579]: [من البسيط]
وكم أبٍ قَدْ علا بابنٍ ذُرا شَرَفٍ
كما علا برسولِ الله عَدْنانُ
* * *
957 - وقال بُدَيْل بن وَرْقاء [580]: [من الرجز]
منهم رسولُ الله قد تجرّدا
إن سيم خسفاً وجهه تعربدا
[581]
* * *
[578] الخِب: المخادع والخبيث والغشاش (اللسان). [579] ديوان ابن الرومي - دار الكتب العلمية - 3/ 373. [580] بُدَيْل بن ورقاء الخزاعي، أسلم يوم فتح مكة، صحابي مـن خـزاعـة (الاستيعاب 1/ 150، وأسد الغابة 1/ 359 - 361). [581] إنه رسول الله ج حين يجدّ في الأمر وحاول أحد أن ينتقصه في دينه أو ربه اشتد وتغير وبدا ذلك في وجهه.
958 - قال الشاعر: [من الوافر]
1 - أتى رمضانُ مزرعةُ العبادِ
لتطهيرِ القلوبِ من الفَسادِ
2 - فأدِّ حقوقَهُ قولاً وفعلاً
وزادَكَ فاتخذْهُ للمعادِ
3 - ومَنْ زرعَ الحبوبَ وما سقاها
تَأَوَّهَ نادماً وقتَ الحصادِ
* * *
959 - قال الراعي النميري [582]: [من الكامل]
1 - أخليفةَ الرحمنِ إنّا مـعشرٌ
حنفاءُ نسجدُ بكرةً وأصيلا
[583]
2 - عربٌ نرى للهِ في أموالنا
حقَّ الزكاةِ منزَّلاً تنزيلا
* * *
960 - قال حفني ناصف [584]: [من البسيط]
1 - فبادروا بزكاةِ المال إنّ بها
للنَّفْس والمال تطهيراً وتحصينا
2 - ألم تروا أنّ أهلَ المالِ في وَجَلٍ
يَخْشَوْنَ مصرعَهمْ إلا المزكّينا
3 - أتحسبون بأنَّ الله أوْرَثَكم
مالاً لتشقَوْا بهِ جَمْعاً وتَخزينا
4 - أو تقصروه على مرضاةِ أنفسِكُمْ
وتحرموا منه مُعْترّاً ومسكينا
5 - أما عَلمتُمْ بأنَّ الله يَسْأَلُكُمْ
إلهكُمْ عَنْ حسابِ المُسْتَحِقِّينا
6 - ولن تنالوا نَصيباً من خلافته
إلا بأَنْ تُنْفقوا مما تُحبّونا
* * *
[582] البيتان في ديوان الراعي النميري - طبعة المجمع - 122 البيت الأول و136 - 137 البيتان في ملحمة الراعي، وهما في ديوانه - طبعة المعهد الألماني في بيروت 229. [583] في طبعة المعهد الألماني: (أوَليَّ أمر الله) وما أثبتُّه عن مذكرة الشيخ رحمه الله، والروايتان في طبعة مجمع دمشق من ديوانه. [584] حفني بن إسماعيل بن خليل بن ناصيف: قاض أديب له شـعر جيد، وُلـد بمصر وتعلّم بالأزهر. توفي سنة 1338ﻫ/ 1919م (الأعلام 2/ 293).
961 - راود رجـلٌ امرأةً، وكتب لها رقعةً يستميلها إليه، فكتبت له: [من البسيط]
1 - إن كنتَ ذا حَسَبٍ يزكو وذا نَسَبٍ
إنّ الـشريفَ لبالعفاف معروفُ
2 - إن الزُّناةَ أناسٌ لا خلاقَ لهم
فاعلمْ بأنك يومَ الحشرِ موقوفُ
3 - فاقطَعْ رجاكَ لحاكَ اللهُ من رَجُلٍ
فإنَّ قَلْبي عن الفَحْشاءِ مُصْروفُ
* * *
962 - قال ابن حبان [585]: وأنشدني المنتصر بن بلال الأنصاري: [من البسيط]
1 - لا تَلْتَمسْ من مساوي الناس ما سَتَروا
فيكشفُ اللهُ ستراً من مساويكا
2 - واذكرْ محاسنَ ما فيهم إذا ذُكروا
ولا تَعِبْ أحداً منهمْ بما فيكا
* * *
[585] روضة العقلاء 128، وانظر: عيون الأخبار 2/ 18.
963 - قال الشاعر: [من الكامل]
1 - خَسِرَ الذي تركَ الصلاةَ وخابا
وأَبى مَعاداً صالحاً ومَثابا
2 - إنْ كانَ يجحَدُها فحَسْبُكَ أنَّهُ
أضحى بربـِّكَ كافراً مُرتابا
3 - أو كانَ يترُكُها لنوعِ تَكاسلٍ
غَطَّى على وجهِ الصوابِ حِجابا
4 - فالشافعيُّ ومالكٌ رَأَيا له
إن لم يَتُبْ حدَّ الحسامِ عقابا
* * *
964 - وقال أيضاً: [من الطويل]
1 - إذا كنتَ في دارَ الشقاءِ مُصَلِّياً
فإنكَ في دارِ السَّعادةِ سابقُ
2 - إذا الحرُّ لم يَنْهَضْ بفَرْضِ صلاتِهِ
فذلكَ عَبْدٌ من يَدِ الدَّهْرِ آبقُ
[586]
* * *
[586] أبق العبد من سيده فهو آبق: هرب (اللسان).
965 - وطلّق أعرابيٌّ امرأةً فندم وقال [587]: [من الطويل]
1 - ندمتُ وما تُغْني النَّدامةُ بَعْدما
خَرَجْنَ ثلاثاً ما لهنَّ رُجوعُ
2 - ثلاثٌ يُحَرِّمْنَ الحَلالَ على الفَتى
ويَصْدَعْنَ شملَ الدّارِ وهْوَ جَميعُ
* * *
966 - فارق قيس بن ذَريح لُبنى على رغم أنفه وقلَّةِ صبره وبكاءٍ منه، حتى بكى لهما من حضرهما، وأنشأ يقول [588]: [من الوافر]
أقول لخُلَّتي في غير جُرْمٍ
ألا بِيْني بنفسي أنتِ بِيْني
قال: فلما سمعت بذلك لُبنى بكت بكاء شديداً، وأنشأت تقول:
1 - رحلْتُ إليه من بلدي وأهلي
فجازاني جزاءَ الخائنينا
2 - فمنْ راني فلا يغترّ بعدي
بحُلوِ القولِ أو يَبْلو الدَّفينا
* * *
[587] الأمالي للقالي - العصرية - 302، والحماسة المغربية 1284. [588] أمالي القالي - العصرية - 337 - 338.
967 - قال الشاعر: [من البسيط]
يُقادُ للسِّجْنِ من سبَّ الزَّعيمَ ومَنْ
سَبَّ الإلهَ فإنّ الناسَ أحرارُ
* * *
968 - قال الشاعر: [من الطويل]
1 - وقال رسول الله والحقُّ قولُه
لمن قال منا من تُسَمُّون سيِّدا
2 - فقلنا له الجدَّ بنَ قيسٍ على التي
نبخّلُهُ فيها وإن كان أسودا
3 - فتًى ما تخطّى خطوةً لدنيَّةٍ
ولا باسطٌ يوماً إلى سوأةٍ يدا
4 - فَسَوَّدَ عمرَو بنَ الجموحِ لجوده
وحُقَّ لعمرٍو بالنَّدى أنْ يُسَوَّدا
5 - إذا جاءَهُ السُّؤّال أوهَبَ مالَهُ
وقالَ خُذوهُ إنّهُ راجعٌ غَدا
6 - فلو كنْتَ يا جَدَّ بنَ قيسٍ على التي
على مِثْلِها عمرٌو لكنْتَ المُسَوّدا
* * *
969 - قال معروف الرصافي [589]: [من الوافر]
1 - ألا قُلْ في الطلاق لموقعيه
بما في الـشرع ليس له وجوبُ
2 - غلَوْتُم في ديانتكم غُلُوّاً
يضيقُ ببعضه الشرعُ الرَّحيبُ
3 - أرادَ اللهُ تيسيراً وأنتم
من التعسير عندكُمُ ضُروبُ
4 - وقد حلَّتْ بأمَّتِكُمْ كروبٌ
لكم فيهنّ لا لهُمُ الذنوبُ
5 - فذا ابنُ القيّم الفقهاء كم قد
دعاهم للصواب فلم يجيبوا
6 - ففي إعلامه للناس رشدٌ
ومزدجرٌ لمن هو مستريبُ
* * *
[589] هو معروف بن عبد الغني البغدادي الرُّصافي، شاعر العراق في العصر الحديث، من أعضاء المجمع العلمي العربي بدمشق، تتلمذ لمحمود شكري الآلوسي، توفي سنة 1364ﻫ/ 1945 (الأعلام 8/ 184 - 185).
970 - قال عليّ بن أبي طالب س في التحذير من الظلم [590]: [من الوافر]
1 - أما واللهِ إنَّ الظلمَ شُؤْمُ
ولا زالَ المْـسيءُ هُو الظَّلومُ
2 - إلى الدّيّان يَوْمَ الدّينِ نَمْـضي
وعندَ اللهِ تَجْتَمعُ الخُصُومُ
3 - سَتَعلمُ في الحسابِ إذا الْتقينا
غداً عند المليك مَنِ المَلومُ
4 - سَتَنْقَطِعُ اللَّذاذَةُ عن أناسٍ
من الدّنيا وتنقطِعُ الهُمومُ
5 - لأمرٍ ما تَـصَرَّمَتِ الليالي
لأمرٍ ما تَحرَّكَتِ النُّجومُ
6 - سَلِ الأيامَ عن أممٍ تَقَضَّتْ
سَتُنْبيكَ المعالمُ والرُّسومُ
7 - ترومُ الخُلدَ في دار الدّنايا
فكَمْ قد رامَ غَيْرُك ما تَروم
8 - تَنامُ ولم تَنَمْ عنكَ المنايا
تنبَّهْ للمنيّةِ يا نَؤومُ
9 - لهوْتَ عن الفناءِ وأنت تفنى
فما شيءٌ من الدنيا يدومُ
10 - تموتُ غداً وأنت قريرُ عينٍ
من الشهوات في لججٍ تعومُ
971 - وقال علي أيضاً س [591]: [من البسيط]
1 - لا تظلمنَّ إذا ما كنْتَ مقتدراً
فالظلم آخرُهُ يأتيكَ بالنَّدمِ
2 - نامَتْ عيونُك والمظلومُ مُنْتَبهٌ
يدعو عليك وعينُ اللهِ لم تَنَمِ
* * *
[590] ديوان علي بن أبي طالب 187. [591] ديوان علي بن أبي طالب 187.
972 - قال الأخطل: [592] [من الكامل]
وإذا افتقرتَ إلى الذخائرِ لم تجدْ
ذُخْراً يكونُ كصالحِ الأعمالِ
* * *
973 - وقال أبو العلاء المعري [593]: [من الكامل]
1 - لا تأنَفَنَّ من احترافك طالباً
حلاّ وعَدَّ مكاسبَ الفُجّارِ
2 - فالمجدُ أدركَهُ على علّاتِه
قومٌ بيثربَ من بني النجارِ
3 - والقولُ يوجعُ والعتابُ ضغينةٌ
والهجرُ مشتقٌّ عن الإهجارِ
* * *
[592] شعر الأخطل - دار الفكر - 110. [593] اللزوميات 1/ 390.
974 - قال عبدالله بن المبارك [594]: [من الكامل]
1 - يا عابدَ الحَرَمَيْنِ لو أبصَرْتنا
لعلمْتَ أنَّكَ في العبادةِ تلعَبُ
2 - من كان يخضـِبُ خدَّه بدموعه
فنحورُنا بدمائِنا تتخَضَّبُ
3 - أو كان يُتْعِبُ خيلَهُ في باطلٍ
فخيولنا يومَ الصبيحةِ تتعبُ
4 - ريحُ العبير لكم ونحن عبيرُنا
رَهْجُ السّنابـِكِ والغُبارُ الأَطْيَبُ
[594] ديوان عبدالله بن المبارك 41 - 42.
975 - قال الشاعر [595]: [من الطويل]
إذا صَحَّ عَوْنُ الخالقِ المرءَ لم يَجدْ
عَسيراً من الآمالِ إلا مُيَسَّرا
* * *
[595] البيت في شرح ابن عقيل على الألفية 2/ 100، والشاهد فيه: قوله (عون الخالق المرءَ) حيث أعمل اسم المصدر (عون) عمل الفعل، فنصب به المفعول (المرء) بعد إضافته لفاعله.
976 - قال الشاعر [596]: [من الرجز]
1 - يا غادياً في غفلةٍ ورائحا
إلى متى تستحسن القبائحا
2 - وكم إلى كم لا تخاف موقفاً
يَسْتنطقُ اللهُ بهِ الجوارِحا
3 - يا عجباً منكَ وأنتَ مُبْصِرٌ
كيف تجنَّبْتَ الطريقَ الواضحا
977 - وقال الآخر: [من البسيط]
عُمْيُ القلوبِ عَمُوا عن كلِّ فائدةٍ
لأنهم كفروا باللهِ تقليدا
* * *
[596] تلبيس إبليس 278، والمدهش 315.
978 - قال الشاعر [597]: [من الطويل]
يَمُدّونَ للإفتاء باعاً قصيرةً
وأكثرُهُمْ عندَ الفَتاوى يُكَزْلِكُ
[598]
* * *
979 - وعن سعيد بن جبير قال [599]:
قلتُ لابن عباس: لقد سارت بفُتياك الركبان، وقالوا فيها شعراً. قال: وما قالوا؟ قلت: قالوا: [من البسيط]
1 - قد قلتُ للشيخ لمّا طال مجلسُهُ
يا صاحِ هل لكَ في فَتْوى ابنِ عبّاسِ
[600]
2 - هل لكَ في رَخْصَةِ الأطرافِ آنسةٍ
تكونُ مَثْواكَ حتى مصدر الناسِ
[601]
فقال: سبحان الله، ما بهذا أفتيتُ؟ وما هي إلا كالميتة والدم ولحم الخنزير ولا تحلّ إلا لمضطر.
* * *
[597] إعلام الموقعين 4/ 208. [598] لعلها مشـتقة من اللفظ التركـي (كزلك) وهو بمعنى النظـارات. ويريد أنهم إذا سئلوا أظهروا الاهتمام والاستعداد بوضع النظارات ليجيبوا ولكن دون جدوى. [599] الخبر في عيون الأخبار 4/ 95. [600] يقصد زواج المتعة. [601] رخصة: ناعمة. والآنسة: الفتاة المحبوبة، طيبة النفس والحديث. مصدر الناس: انصرافهم. ومعنى البيت: ما رأيك أن تتزوج امرأة ناعمة محبوبة تتمتع بها، وتسكن إليها، حتى ينصرف الناس فتطلقها وتنصرف معهم.
980 - قال الإمام الشافعي س [602]: [من الكامل]
1 - ولربَّ حادثةٍ يضيقُ بها الفتى
ذرْعاً وعند الله منها المخرَجُ
[603]
2 - ضاقَتْ فلما استحكَمَتْ حَلَقاتُها
فُرِجَتْ وكنْتُ أظنُّها لا تُفْرَجُ
[602] البيتان في ديوان الشافعي - دار البشائر - 58 - 59، ونُقل في الهامش عن الصولي في كتاب الأوراق أنهما لإبراهيم بن العباس. [603] رواية الديوان (ولَرُبَّ نازلةٍ...).
981 - قال الشاعر: [من الكامل]
1 - إنَّ الفَضائلَ كلَّها لو جُمّعت
رَجَعَتْ بأجمعها إلى شيئينِ:
2 - تعظيمُ أمرِ الله جَلَّ جلالُهُ
والسعيُ في إصلاحِ ذاتِ البَيْنِ
* * *
982 - قال أبو العلاء المعري [604]: [من الطويل]
وكم مِنْ فقيهٍ خابـِطٍ في ضَلالةٍ
وحجّتُهُ فيها الكتابُ المُنَزَّلُ
* * *
[604] اللزوميات 2/ 182.
983 - قال الشاعر [605]: [من الوافر]
1 - وأُعلنتِ الفواحشُ في البوادي
وصار الناس أعوانَ المُريبِ
2 - إذا ما عِبْتُهُمْ عابوا مقالي
لما في القوم من تلكِ العُيوبِ
3 - وودُّوا لو كفَفْنا فاستوَيْنا
فصار الناسُ كالشيءِ المشوبِ
4 - وكنا نَسْتَطبُّ إذا مرضنا
فصار هلاكُنا بِيَدِ الطَّبيبِ
* * *
[605] الإشـراف في منازل الأشـراف، لابن أبي الدنيا: خمسة أبيات بإضافة بيتين على ما هنا، وهي منها: 1 + 2 + 4.
984 - قال ذو النون المصري [606]: [من الكامل]
1 - منعَ القُرانُ بوعدِهِ ووعيدِهِ
مُقَلَ العيونِ بليلِها لا تهَجَعُ
2 - فَهِمُوا عن الملكِ العظيمِ كلامَهُ
فهماً تذِلّ لَهُ الرقابُ وتخضعُ
* * *
985 - قال أبو العلاء المعري [607]: [من البسيط]
1 - أمُّ الكتابِ إذا قوّمْتَ مُحْكَمَها
وجدتَها لأداءِ الفرضِ تَكْفيكا
2 - لم يشفِ قلبَكَ فرقانٌ ولا عِظَةٌ
وآيةٌ لو أطعْتَ اللهِ تَشْفيكا
* * *
986 - قال الصرصري [608]: [من الطويل] [609]
1 - تدبَّرْ كتابَ الله ينفعْكَ وعظُهُ
فإنَّ كتابَ اللهِ أَبلغُ واعظِ
2 - وبالقلبِ ثم العينِ لاحظْهُ واعْتبرْ
معانيهِ فهْوَ الهُدى للمُلاحِظِ
* * *
987 - قال الشاعر: [من الكامل]
حبُّ القُرانِ وحبُّ ألحانِ الغنا
في قلبِ عبدٍ ليسَ يجتمعانِ
* * *
988 - وقال الشاعر: [من الكامل]
ثَقُلَ الكتابُ عَلَيْهمُ لمّا رأَوا
تقييدَهُ بأوامرٍ ونواهي
[606] ثوبان بن إبراهيم الإخميمي المصـري، أبو الفياض أو أبو الفيض: أحـد العبـاد الزهاد المشهورين من أهل مصـر، كانت له فصـاحة وحكمة وشـعر. توفي سنة 245ﻫ/ 859 (الأعلام 2/ 88، ومعجم شعراء ابن عساكر 3/ 136 - 201). [607] اللزوميات 2/ 162. [608] هو يحيى بن يوسف بن يحيى الأنصاري الصرصري الزريراني الضرير، الفقيه الحنبلي الأديب اللغوي الشاعر الزاهد، جمال الدين أبو زكريا: له ديوان في مدح النبي ج، ولما دخل هولاكو بغداد قاتله الصرصري بعكّازه، فقتل منهم واحداً فقتلوه شهيداً سنة 656ﻫ (المنهج الأحمد 4/ 278، وفوات الوفيات 4/ 298). [609] البيت الأول مطلع قصيدة في ديوان الصرصري 276، والبيتان مطلع القصيدة ذاتها في الآداب الشرعية 4/ 311.
989 - وقال الشاعر: [من الطويل]
1 - فيا لكِ من آياتِ حقٍّ لو اهتدى
بهنَّ مريدُ الحقّ كنَّ هواديا
2 - ولكنْ على تلك القلوبِ أكنَّةٌ
فليستْ وإن أصغَتْ تُجيبُ المناديا
* * *
990 - قال الأمير الصنعاني [610]: [من الطويل]
1 - وما كلُّ قولٍ بالقبولِ مُقابَلٌ
ولا كلُّ قولٍ واجبُ الردِّ والطَّرْدِ
2 - سوى ما أتى عنْ ربـِّنا ورسولِهِ
فذلكَ قولٌ جلَّ قدْراً عن الردِّ
3 - وأما أقاويلُ الرجالِ فإنها
تدورُ على قدْرِ الأدلّةِ في النقدِ
* * *
991 - وقال الشاعر: [من البسيط]
1 - تخالفَ الناسُ فيما قد رأَوْا وروَوْا
وكلُّهم يدَّعونَ الفوزَ بالظَّفَرِ
2 - فخُذْ بقولٍ يكونُ النصُّ ينـصرُهُ
إما عن الله أو عن سيِّدِ البَـشَرِ
* * *
[610] محمد بن إسماعيل بن صلاح بن محمد الحسني الكحلاني ثم الصنعاني، أبو إبراهيم عز الدين المعروف بالأمير من بيت الإمامة في اليمن، يلقَّب بمؤيد الله بن المتوكل على الله. له ديوان شعر، توفي 1182ﻫ/ 1768 (الأعلام 6/ 263 وأبجد العلوم - وزارة الثقافة - 3/ 193 - 195).
992 - قال ابن قيم الجوزية في قصيدته الكافية الشافية [611]: [من الكامل]
هربوا من الرقّ الذي خُلقوا له
فَبُلُوا برقِّ الكفرِ والشيطانِ
993 - وقال أبو دلامة
[612]: [من البسيط]
ما أحسنَ الدينَ والدنيا إذا اجتمعا
وأقبحَ الكفرَ والإفلاسَ في الرجُلِ
* * *
[611] شرح قصيدة ابن القيم 2/ 466. [612] هو زند بن الجون الأسدي بالولاء أبو دلامة: شاعر مطبوع من أهل الظرف والدعابة، أسود اللون، اتصل بالخلفاء العباسيين. توفي سنة 161ﻫ/ 778 (الأعلام 3/ 84، والأغاني 10/ 235).
994 - قال الشاعر [613]: [من البسيط]
1 - تفنى اللذاذةُ ممن نالَ صفوَتَها
من الحرامِ ويبقى الإثمُ والعارُ
2 - تبقى عواقبُ سُوءٍ في مَغَبّتِها
لا خيرَ في لذَّةٍ مِنْ بعدِها النارُ
* * *
[613] البيتان في حلية الأولياء 7/ 221، مما قاله مسعر بن كدام، وفي روضة المحبين 425، مما كان ينشد الإمام أحمد بن حنبل.
995 - قال الشاعر: [من البسيط]
كمْ أحدَثَ الناسُ في ذا الدِّينِ من بِدَعٍ
وكلُّها باسمِ دينِ اللهِ تُرْتكَبُ
* * *
996 - قال الشاعر: [من الطويل]
1 - فَمَنْ خالَفَ الشَّيْخَيْنِ قدْ خالَفَ الهُدى
وعامَ بتيّارِ الجَهالَةِ والرَّدى
2 - فَأَعْني أبا العَبّاس أَكْبَرَ عالِمٍ
وتلميذَهُ البَحْرَ المُحيطَ المُؤَيَّدا
3 - هُوَ القُطْبُ شمسُ الدّين قد شاعَ ذِكْرُه
أَدَلَّ بأحكامِ العلومِ وأَرْشَدا
4 - فَإنّ له الإقدامَ في كُلِّ موقفٍ
فكم أوْردَ القولَ الصحيحَ وأَسْنَدا
5 - وكانَ لهُ عِلْمٌ بدينِ نَبـِيِّنا
على نَهْجِهِ سارَ المَسيرَ المُؤَكَّدا
6 - فيا أَيُّها الإخْوانُ قُوموا بهمَّةٍ
تَفوقُ الوَرى طُرّاً وخَلُّوا التَّردُّدا
7 - وخَلّوا جُمودَ الرَّأْيِ يَبْقَى لأهْلِهِ
تَنالوا به مَجْداً وعِزَّا وسُؤْدُدا
8 - وسِيروا على نَهْجٍ قويمٍ مُحَقَّقٍ
بِصحَّةِ إسْنادٍ وأَمْرٍ مُسَدَّدا
9 - وسِيروا على هَدْيِ النَّبيِّ مُحَمَّدٍ
فَأَنْعِمْ به هَدياً وما فيه أَوْردا
10 - مَوارِدُ عَذبٍ بالأَسانيدِ أُحْكِمَتْ
أَتَى بصحيحِ النَّقْل فيها وما عَدا
11 - هِيَ السُّنَّةُ الغَرَّاءُ لا زالَ ذِكْرُها
مُقيماً وأَبْقاها مَدَى الدَّهْر سَرْمَدا
12 - وحَفَّ بها حفظاً من اللهِ واثِقاً
وعِزّاً من المَوْلى ونَصْراً مُؤَبَّدا
13 - عليكَ بقولِ الشّافعيّ ومالكٍ
تَمَسَّك ونُعمانَ الشَّهيرِ وأَحْمدا
14 - هُمُ سَلَكوا نهجَ النبيِّ وصحبـِهِ
فكلٌّ أراهُ أن يُثابَ ويُحْمَدا
15 - لَهُمُ كُتُبٌ جلٌ نَفَتْ كُلَّ بِدْعَةٍ
تَصانيفُها حَقٌّ وخُذْها شَواهدا
16 - تَصَفّحْ كتابَ الأُمِّ إنْ كنْتَ حاذِقاً
تَجِدْ ما حَواهُ والمُوَطَّا وَمُسْنَدا
17 - لَعَلّكَ تَحْظى في المَعادِ بجنَّةٍ
تنَالُ بها فَوْزاً وتَبْقى مُخَلَّدا
18 - برحمةِ ربِّ العَرْشِ ثُمَّ بفَضْلِهِ
تكونُ لكَ القُرْبى وتُجْزى وتَسْعَدا
19 - ومن زاغَ عنهم فالجحيمُ أمامَهُ
ونارٌ له كانَتْ نزولاً ومَوْرِدا
20 - أُعِدَّتْ لأَصْحابِ الضَّلالِ وحِزْبـِه
ومَنْ كان طاغوتاً لهم ومُقَلِّدا
21 - صَلاتي وتَسْليمي على سَيِّدِ الوَرى
شَفيعي بإذْنِ الله في الحَشْرِ أَحْمَدا
22 - كذا الآلُ والأصحابُ ما هَلَّ عارِضٌ
ولاحَ وَميضُ البَرْقِ فيه وأَرْعَدا
* * *
997 - قال ابن حزم: [من الطويل][614]
1 - فقلتُ له أسرَفْتَ في اللوْمِ فاتّئدْ
فعندي جوابٌ لو أشاءُ طويلُ
2 - ألم تَرَ أنّي ظاهريٌّ وأنني
على ما بدا حتّى يقومَ دليلُ
* * *
[614] البيتان أربعة في وفيات الأعيان 327، وسير أعلام النبلاء 18/ 207.
998 - قال ابن القيم في قصيدته الكافية الشافية: [من الكامل]
1 - يا فرقةً جهلَتْ نصوصَ نبيّها
وقصودَهُ وحقائقَ الإيمانِ
2 - فسطَوا على أتباعه وجنوده
بالبغيِ والتَّكْفير والطُّغيانِ
3 - لله حقٌّ لا يكون لغيره
ولعبده حقٌّ هما حَقّانِ
[615]
[615] شرح قصيدة الإمام ابن القيم 2/ 347.
999 - قال الشاعر: [من الطويل]
1 - وأعظمُ مِنْ ذا يا خليلي كتائبٌ
تُهدِّمُ مِنْ ربعِ الهدى كُلَّ عامرِ
2 - ويبدو بها التعطيلُ والكفرُ والزنا
ويعلو من التأذينِ صوتُ المزامرِ
3 - أناخَ لدينا للضّلالةِ شيعةٌ
أباحوا حمى التوحيدِ مِنْ كلِّ فاجرِ
4 - وقابَلَهُمْ بالسَّهلِ والرحبِ عصبةٌ
على أُمَّةِ التوحيدِ أخبثُ ثائرِ
5 - فضحْكٌ ولهوٌ واهتزازٌ وفرحةٌ
وألوانُ مأكولٍ ونشوةُ ساكرِ
6 - مجالسُ كفرٍ لا يُعادُ مريضُها
يراحُ إليها في المسا والبَواكرِ
* * *
1000 - قيل: [من الكامل]
إن كان تابعُ أحمدٍ متوهباً
فأنا المُقرُّ بأنني وهّابي
* * *
1001 - وقال الشاعر: [من البسيط]
1 - اِتْبَعْ سبيلَ الهُدى وامشِ على السُّنَنِ
وخالفِ النفسَ وانقذها من المحنِ
2 - إياكَ من بِدَعٍ تُلقيكَ في عَطَبٍ
لا سيَّما ما فَشا في الناسِ من تتنِ
[616]
3 - مُفَتِّرُ الجسمِ لا نفْعٌ به أبداً
بل يورثُ الفقرَ والأسقامَ في البدنِ
4 - تبّاً لشاربه كيفَ المقامُ على
ما ريحُهُ شَبَهُ الـسِّرجين في عَطَنِ
[617]
5 - ولا يغرَّنْكَ مَنْ في الناسِ يـشربُه
الناسُ في غفلةٍ عن واضحِ السُّننِ
6 – يقـضي على المرءِ في أيامِ محنتِهِ
حتى يرى حَسَناً ما ليس بالحَسَنِ
* * *
[616] يقصد التدخين. [617] السِّرجين: الزبل. والعطن: النتن.
1002 - قال الشاعر: [من البسيط]
صوفيةٌ ما رَضُوا للصوفِ نسبتَهُمْ
حتى ادّعَوْا أنهم من طاعةٍ صَوفُوا
* * *
1003 - قال الشاعر: [من البسيط]
1 - بليتُ يا قومِ والبلوى مُنَوَّعةٌ
لمن أداريه حتى كاد يُرديني
2 - دفعُ المضرّةِ مع جلْبٍ لمصلحةٍ
أعوذ بالله من إلحادي في الدينِ
* * *
1004 - قال الحافظ أبو طاهر السِّلفي: [من الطويل]
1 - أتأمن إلمامَ المنيَّةِ بغتةً
وأمنُ الفتى جهلٌ وقد خبرَ الدهرا
2 - وليس يحُابي الدهْرُ في دَوَرانِهِ
أراذلَ أهليْهِ ولا السادةَ الزُّهْرا
3 - وكيفَ وقد ماتَ النبيُّ وصحبُه
وأزواجُه طُرّاً وفاطمةُ الزَّهْرا
* * *
1005 - قال العلامة ابن القيم في نونيته: [من الكامل]
1 - من قال قولاً غيره قُمْنا له
أقواله بالسَّبرِ والميزانِ
2 - إن وافقَتْ قولَ الرسولِ وحُكْمَه
فعلى الرؤوس تُشال كالتيجانِ
3 - أو خالفَتْ هذا رددْناها على
مَنْ قالها مَنْ كان مِنْ إنسانِ
4 - أو أشكلتْ عنّا توقَّفْنا ولم
نجزمْ بلا علمٍ ولا بُرهانِ
5 - هذا الذي أدّى إليه علمنا
وبـِهِ ندينُ الله كلَّ أوان
* * *
1006 - وأنشدنا أبو عبدالله نفطويه لأبي سعيد المخزومي [618]: [من البسيط]
لولا الإمامُ ولولا حقُّ طاعتهِ
لقد شربتُ دماً أحلى من العَسَلِ
* * *
1007 - قال عبدالله بن المبارك [619]: [من البسيط]
1 - إن الولايةَ حبلُ اللهِ فاعْتَصِموا
منْهُ بعروتِهِ الوُثْقى لمن دانا
2 - لولا الولايةُ لم تؤمَنْ لنا سُبُلٌ
وكان أضعفُنا نهباً لأقوانا
3 - كم يدفعُ الله بالسلطانِ معضـِلةً
في ديننا رحمةً منه ودنيانا
* * *
[618] البيت في الأمالي للقالي - عصرية 247 - والمقدمة عنها. [619] الأبيات في ديوان عبدالله بن المبارك 66 برواية: (إنَّ الجماعةَ حبلُ اللهِ) في البيت الأول (ولولا الأئمةُ) في البيت الثاني.
1008 - قال عبدالله بن المبارك [620]: [من المتقارب]
وهل أفسد الدينَ إلا الملوكُ
وأحبارُ سوءٍ ورهبانُها
* * *
[620] ديوان عبدالله بن المبارك 67 برواية (وهل بدّل الدينَ).
1009 - وقال الشاعر [621]: [من الطويل]
1 - وراءَ مضيقِ الخوف مُتَّسعُ الأمنِ
وأولُ مفروحٍ به غايةُ الحزنِ
2 - فلا تيأسَنْ فالله مَلَّكَ يوسُفاً
خزائنه بعدَ الخلاصِ من السجنِ
* * *
[621] البيتان في البداية والنهاية - دار ابن كثير - 1/ 303.
1010 - وقال الشاعر أيضاً: [من البسيط]
1 - أغنى الأنامِ تقيٌّ في ذُرى جبلٍ
يرضى القليلَ ويأبى الوشيَ والتاجا
2 - وأفقرُ الناسِ في دنياهمُ ملكٌ
يضحي إلى اللجبِ الجرَّارِ مُحْتاجا
1011 - قال السهيلي [622]: [من الكامل][623]
1 - يا مَنْ يَرى ما في الضَّميرِ ويَسْمَعُ
أنتَ المُعَدُّ لِكُلِّ ما يُتَوَقَّعُ
2 - يا مَنْ يُرَجَّى للشَّدائِدِ كُلِّها
يا مَنْ إليهِ المُشْتَكى والمَفْزَعُ
3 - يا مَنْ خَزائِنُ رِزْقِهِ في قَوْلِ كُنْ
امْنُنْ فَإنَّ الخَيْرَ عِنْدَكَ أجْمَعُ
4 - ما لي سِوى فَقْري إليكَ وَسيلةٌ
فَبـِالافْتِقارِ إليكَ فَقْري أدْفَعُ
5 - ما لي سِوى قَرْعي لِبابكَ حيلةٌ
فَلَئِنْ رَدَدْتَ فأيَّ بابٍ أَقْرعُ
* * *
1012 - وقال أبو الوليد بن الفرضي [624]: [من الطويل] [625]
1 - أسيرُ الخَطايا عندَ بابكَ واقفُ
على وَجَلٍ مما بِهِ أنت عارفُ
2 - يخافُ ذنوباً لم يَغِبْ عنكَ غيبُها
ويرجوكَ فيها فهْو راجٍ وخائفُ
3 - ومَنْ ذا الذي يُرْجى سواكَ ويُتَّقى
وما لكَ في فصْلِ القضاءِ مخالفُ
4 - فيا سيدي لا تُخْزِني في صَحيفتي
إذا نُـشِرتْ يومَ الحسابِ الصَّحائفُ
5 - وكُنْ مؤنسي في ظُلْمَةِ القبرِ عندما
يصدُّ ذوو ودّي ويجفو الموالفُ
6 - لئن ضاقَ عني عفوُكَ الواسعُ الذي
أُرجّي لإسرافي فإنِّي لتالفُ
* * *
[622] هو عبد الرحمن بن عبدالله بن أحمد الخثعمي السهيلي، حافظ عالم باللغة والسير، ضرير وُلد في مالقة، وعمي وعمره 17 سنة، ونبغ فأقام يُصنِّف كتبه إلى أن توفي بمراكش 581ﻫ/ 1185م، نسبته إلى سهيل من قرى مالقة (الأعلام/ 86، ووفيات الأعيان 3/ 143 - 144). [623] أبيات السهيلي في وفيات الأعيان 3/ 143، والمستطرف 3/ 276. [624] هو عبدالله بن محمد بن يوسف بن نصر الأزدي، أبو الوليد المعروف بابن الفرضي، مؤرخ حافظ أديب، ولد في بقرطبة ورحل إلى المشرق فحج، وعاد فاستقر بقرطبة إلى أن قتله البربر يوم فتحها شهيداً في داره سنة 403ﻫ/ 1013 (الأعلام/ 265، ووفيات الأعيان 3/ 105 - 106). [625] الأبيات لابن الفرضي في وفيات الأعيان 3/ 105، والبداية والنهاية 13/ 19، وتذكرة الحفاظ 3/ 1078، وسير أعلام النبلاء 17/ 180. ورواية البيت الثاني عند الشيخ: (يخف عندك)، والمثبَت عن مصادر الأبيات لإقامة الوزن.
1013 - قال الشاعر [626]: [من البسيط]
1 - في كلِّ بَلْوى تُصيبُ المرءَ عافيةٌ
إلا البَلاءَ الذي يُدْني من النّارِ
2 - ذاك البلاءُ الذي ما فيه عافيةٌ
من العذابِ ولا سِتْرٌ من العارِ
* * *
[626] أمالي القالي - عصرية - 354.
1014 - قال كعب الغنوي [627]: [من الكامل]
1 - وإذا رأيتَ المرءَ يشعبُ آخراً
شعبَ العصا ويَلُجُّ في العصيانِ
2 - فاعمدْ لما تعنو فما لَكَ بالذي
لا تستطيعُ من الأمورِ يدانِ
3 - وإذا سُئلْتَ الخيرَ فاعلمْ أنه
نُعْمى تُخَصُّ بها من الرحمان
* * *
[627] أمالي القالي - عصـرية - 550. والبيت الأول من هذه الأبيات في اللسان (شعب)، وبعده: (معناه: يفرِّق أمره. قال الأصمعي: شعب الرجل أمره: إذا شتَّتَهُ وفرَّقَه).
1015 - وقال الشاعر: [من البسيط]
وقد أتاك يقينٌ غيرُ ذي عِوَجٍ
من الإلهِ وقولٌ غيرُ مكذوبِ
* * *
1016 - قال الشاعر: [من الوافر]
1 - أما واللهِ لو عَلِمَ الأَنامُ
لِما خُلقوا لَما غَفلوا ونامُوا
2 - لَقَدْ خُلقوا لأمرٍ لو رأَتْهُ
عيونُ قُلوبهم تاهوا وهامُوا
3 - مَماتٌ ثم قَبْرٌ ثم حَـشْرٌ
وتَوبيخٌ وأَهْوالٌ عِظامُ
4 - ليومِ الحَـشْرِ قد عملَتْ رجالٌ
فَصلُّوا من مَخافَتِه وصاموا
5 - ونَحْنُ إذا أُمرنا أو نُهينا
كَأَهْلِ الكَهْفِ أَيْقاظٌ نِيامُ
* * *
1017 - حكى الماوردي قال [628]:
كانت قُريـش في الجاهلية، حين كَثُـر فيهم الزعمـاء، وانتشرت فيهم الرئاسة، وشاهدوا من التجاذُبِ والتغالب ما لم يكفُّهم عنه سلطان قاهر، عقدوا حلفاً عن ردّ المظالم، وإنصاف المظلوم من الظالم، وكان سببه ما حكاه الزبير ابن بكار: أنّ رجلاً من اليمن من بني زُبَيْد قدم مكة معتمراً ببضاعة، فاشتراها منه رجلٌ من بني سهم، قيل إنه العاص بن وائل، فلوى الرجل بحقّه، فسأله مالَهُ أو متاعَهُ، فامتنعَ عليه، فقام على الحِجْر فأنشد بأعلى صوته: [من البسيط]
1 - يالَ قُـصَيٍّ لمظلومٍ بضاعَتُهُ
بـِبَطْنِ مَـكَّةِ نائي الدارِ والنَّفَرِ
2 - وأَشْعَثَ مُحْرِمٍ لم تُقْضَ حُرْمَتُهُ
بينَ المقام وبينَ الحِجْر والحَجَرِ
3 - أقائمٌ من بني سهمٍ بذمَّتهم
أو ذاهبٌ في ضلالٍ مالُ معتمرِ
فقام العباس بن عبد المطلب وسفيان فردّا عليه ماله، واجتمعت بطونُ قريش فَتحَالفوا في دار عبدالله بن جدعان على ردِّ المظالم بمكة، وأن لا يُظلم أحدٌ إلا منعوه، وأخذوا للمظلوم حقّه. وكان رسول الله ج يومئذ معهم، وهو ابن خمسٍ وعشرين سنة، وهذا هو الذي يُسَمّى بحلف الفضول. وقد ذكره النبي ج فقال:
«لقد شهدتُ حلفَ الفضول في دار عبدالله بن جدعان، وما أحبُّ أنّ لي به حمرَ النعم وأني كنت نقضته، ولو دُعيت إليه في الإسلام لأجبت».
* * *
[628] الخبر عن أبي عبيدة في الأغاني 17/ 287 بعنوان (حلف الفضول).
1018 - وفي فتوح الشام للواقدي 1/ 273 من قصة ضرار بن الأزور وذلك أنه خـرج مع المجاهدين إلى الترك، وحصل له مع ملك الروم بعض الكلام، وغضب عليه، وأمر بطارقته أن يقطعوه بسيوفهم، وضربوه ضربات شديدة، وكانت عدة تلك الضربات مئةً وأربع عشرة ضربة، إلا أنها غير قاتلة، فدفعوه إلى يوقنا، ولما أن رأى يوقنا جراحاته خاطها وداواها، وأطعمه وسقاه، ففتح عينيه فرأى يوقنا وولده، ولم يكن عنده علم أن يوقنا أتى إلى هذا المحل ليحتال على الملك، فلما أن رآهما قال لهما: إن كنتما كافرين فقد سخركما الله لي حتى داويتماني، وإن كنتما مؤمنين فمرحباً بكما وهنيئاً لكما، ولعل الله ببركتكما يجمع شملي بعجوز في الحجاز قد أعلَّها البكاء والعويل ليلاً ونهاراً من أجلي وأجل أختي خولة وهي في العسكر، ولقد كانت تحسب هذا الحساب لأنني بقية من مضى لها من الأحباب، ولقد خفي عليها خبري وأمري، فان قدرتما أن تبلِّغاها سلامي، وتعلماها مقامي، وكيف كان للكافرين كلامي، فهي تُرسِل وتُعلم أمي وتكاتبها بأمري.
فلما استراح بالليل قال: بالله عليكما، اكتبا عني ما أقول لكما، فكتب عنه ابن يوقنا وهو يملي له، ويكتب حرفاً بحرف: [من الطويل]
1 - ألا أيُّها الشخصانِ بالله بَلِّغا
سلامي إلى أهلي بمكةَ والحِجْرِ
2 - تلقَّيتُما ما عِشْتُما ألفَ نعمةٍ
بعزّ ٍوإقبالٍ يدومُ مع النَّصرِ
3 - ولا ضاع عندَ اللهِ ما تصنعانه
فقدْ خَفَّ عني ما وجدتُ من الضُّرِّ
4 - بِصُنْعكما لي نلتُ خيراً وراحةً
كذلكَ فعلُ الخير بين الورى يجري
5 - وما بِيَ وايْمُ الله موتٌ وإنما
تركتُ عجوزاً في المهامه والقَفْرِ
6 - ضعيفةَ حالٍ مالها من جلادةٍ
على نائباتِ الحادثات التي تجري
7 - تعوّدها حبُّ القفار مقيمةً
على الشِّيحِ والقَيْصومِ والنَّبتِ والزَّهْرِ
8 - وكنت لها رُكْناً تعدُّ رحالَهُ
وأُكْرمها جهدي وإن مسَّني فقري
9 - وأُطْعِمُها من صَيْدِ كفّي أرانباً
من الوحشِ واليربوعِ والظّبْيِ والصَّقرِ
10 - من الضَّبِّ والغزلانِ والبهت بعده
مع البقرِ الوحشِ المقيماتِ في البّرِ
11 - وأحمي حماها أن تضامَ ولم أزلْ
لها ناصراً في موقف الخير والشَّرِّ
12 - وإني أردْتُ اللهَ لا شيءَ غيره
وجاهدتُ في جيشِ الملاعينِ بالسمرِ
13 - وأرضيتُ خيرَ الخَلْقِ أعني محمَّداً
لعلّي أنال الفوزَ في موقف الحشرِ
14 - فمن خافَ يومَ الحـشر أرضى إلهَهُ
وقاتلَ عُبّادَ الصليبِ بني الكُفْرِ
15 - كذا جُلْتُ يومَ الحرب في كل كافرٍ
وجندلته بالطعن في الكرِّ والفَرِّ
16 - تقولُ وقدْ حانَ الفراقُ لحينه
ألا يا أخي مالي على البينِ مِنْ صبرِ
17 - ألا يا أخي هذا الفراق فمَنْ لنا؟!
بحسنِ رجوعٍ قادمٍ منك بالبـِشْرِ
18 - إذا سافر الإنسانُ عن أرضِ أهلِهِ
فإما رجوعٌ أو هلاكٌ مدى الدهرِ
19 - ألا أبلغاها عن أخيها تحيةً
وقولا: غريبٌ ماتَ في قبضة الكفرِ
20 - جريحٌ طريحٌ بالسيوفِ مشرّحٌ
على نُصرةِ الإسلامِ والطاهرِ الطهرِ
21 - ألا يا حماماتِ الأراكِ تحمّلي
رسالةَ صبٍّ لايفيقُ من السُّكْرِ
22 - حمائمَ نجدٍ بَلّغي قولَ شائقٍ
إلى عسكرِ الإسلام والسادةِ الغُرِّ
23 - وقولي: ضـِرارٌ في القيودِ مُكَبَّلٌ
بعيدٌ عن الأوطان في بلدٍ وَعْرِ
24 - حمائمَ نجدٍ اِسمعي قولَ مفردٍ
غريبٍ كئيبٍ وهو في ذِلَّةِ الأسرِ
25 - وإن سألتْ عني الأحبةُ خَبـِّري
بأنّ دموعي كالسحائب والقطرِ
26 - حمائمَ نجدٍ خبّري الأُختَ أَنّني
قُتلتُ بحدّ المُرهَفات من البُتْرِ
27 - حمائمَ نجدٍ عدّدي عند موطني
وقُولي: ضـِرارُ قد يحنُّ إلى الوكر
28 - له من عداد العمر عـشرٌ وسبعةٌ
وواحدةٌ عند الحسابِ بلا نُكرِ
29 - وفي خدّه خالٌ مَحَتْهُ مدامعٌ
على فَقْدِ أوطانٍ وكسرٍ بلا جَبْرِ
30 - مضى سائراً يبغي الجهادَ تَطَوُّعاً
فوافاهُ أبناءُ اللئامِ على غَدْرِ
31 - ألا فادفناني باركَ اللهُ فيكما
ألا واكتبا (هذا الغريب) على قبري
32 - ألا يا حماماتِ الحطيمِ وزمزمٍ
ألا خبّرا أمي ودُلّا على قبري
33 - عسى تَسْمَحُ الأيامُ منا بزَوْرَةٍ
لقلبِ غريبٍ لا يرامُ من الفِكْرِ
فأرسلها ابن يوقنا إلى أبي عبيدة مع رسول، فلما قدم الرسول إلى أبي عبيدة قال: أنا رسولٌ إليك بكتاب، فقال: ممن؟ قال: من يوقنا، ومن أسير لكم بأنطاكية، يقال له: ضرار بن الأزور، فأخذ أبو عبيدة الكتابَ وقرأه على من يعزُّ عليه، فبكَوْا من أبيات ضرار، وبلغ الخبرُ أختَهُ، فأتت إلى أبي عبيدة، وقالت: يا أمينَ الأمة! أسمعني أبياتَ أخي، فقرأ البعض عليها، ولم يُتِمَّها، فاسترجعت وقالت: إنا لله وإنا إليه راجعون، ولا حول ولا قوة إلا بالله العليِّ العظيم، فوالله لآخذنَّ بثأره إن شـاء الله تعالى، وحفظ الناسُ أبياتَ ضرارٍ، وتداولوها بينهم، فكان أشد الناس عليه حزناً خالد بن الوليد رضي الله عنهم أجمعين، وصلى الله على محمد وآله وسلم.
* * *
1019 - قال الراجز: [أرجوزة]
1 - والأخذُ بالتجويدِ حتمٌ لازمُ
مَنْ لم يُجَوِّدِ القُرآنَ آثِمُ
2 - لأنَّهُ به الإلهُ أَنْزَلا
وهكذا منْهُ إلينا وَصَلا
* * *
1020 - قيل في شقاء الدار: [الرجز]
ثلاثةٌ تشقى بهن الدار
المولدُ والمأتمُ والزارُ
* * *
1021 - وهناك قواعدُ اختصرها بعض العلماء على قلَّتها وهي: الضرر يزال، والعادة محكّمة، والمشَقَّةُ تجلب التيسير، واليقين لا يُرفع بالشكِّ، والنية ركن في الأعمال، ونظمها بعضهم فقال: [من الكامل]
1 - خمسٌ محرّرةٌ قواعدُ مَذْهبٍ
للحَنْبَليّ فكُنْ بهنَّ خَبيرا
2 - ضَرَرٌ يُزالُ، وعادةٌ قد حُكِّمَتْ
وكَذا المَشَقَّةُ تَجْلبُ التَّيْسيرا
3 - والشَّكّ لا تَرْفَعْ به مستيقَناً
والنيّة اخلص إن قصدْتَ أخيرا
* * *
1022 - قال سراج الدين الأرمنتي [629] في الكفاءة [630]: [من الكامل]
1 - شَرْطُ الكفاءةِ ستَّةٌ قد حُرِّرَتْ
يُنْبيكَ عنها بيتُ شعرٍ مفرَدُ
2 - نسبٌ، ودينٌ، حرفةٌ، حريّةٌ
فقدُ العيوبِ، وفي اليسارِ تردّدُ
فأجابه مرعي الحنبلي [631]: [من الكامل]
1 - قالوا الكفاءةُ ستةٌ فأجبتُهم
قد كان هذا في الزمانِ الأقدمِ
2 - أما بنو هذا الزمانِ فإنهم
لا يعرفونَ سوى يسارِ الدرهمِ
* * *
[629] هو يونس بن عبد المجيد بن علي الأرمنتي - نسبة إلى أرمنت من صعيد مصر الأعلى - تصدَّر للإفتاء، مات من لسعة ثعبان بظاهر قوص سنة 725، وكان أديباً شاعراً (الشذرات - الأرناؤوط - 8/ 125، وطبقات الإسنوي 1/ 164). [630] البيتان في طبقات الإسنوي 166، والشذرات 8/ 126، والطالع السعيد 729، والدرر الكامنة 5/ 263. [631] هو مرعي بن يوسف بن أبي بكر بن أحمد الكرمي المقدسي الحنبلي: مؤرخ أديب فقيه. توفي سنة 1033/ 1654م (الأعلام 8/ 88، وخلاصة الأثر 4/ 358).
1023 - قال الشاعر: [من الكامل]
1 - القَدْحُ ليس بغيبةٍ في ستةٍ:
مُتَظَلّمٍ ومُعرِّفٍ ومُحَذِّرِ
2 - ولمظْهرٍ فسقاً ومُسْتَفْتٍ ومَنْ
طَلَبَ الإعانَةَ في إزالةِ منكَرِ
* * *
1024 - قال الشاعر [632] في المكثرين من رواية الحديث: [من البسيط]
1 - سَبْعٌ مِنَ الصَّحْبِ فوقَ الأَلْفِ قد نَقَلُوا
من الحَديثِ عن المُخْتارِ خَيْرِ مُضَرْ
2 - أَبو هريرةَ، سَعْدٌ، جابرٌ، أَنَسٌ،
صِدِّيقةٌ، وابنُ عباسٍ، كذا ابنُ عمرْ
* * *
[632] البيتان في شذرات الذهب 1/ 264 - 265.
1025 - وقال الشاعر: [من الطويل]
1 - ثمانيةٌ لم يشملِ الحجْرُ غيرهم
تضمّنَهم بيتٌ وفيه محاسنُ
2 - صبيٌّ ومجنونٌ سفيهٌ ومفلسُ
رقيقٌ ومرتدٌ مريضٌ وراهنُ
* * *
1026 - قال الشاعر: [من الطويل]
1 - ففي الستِّ والـعشرين تكفي استفاضةٌ
وتثبت سمعاً دون علم بأصلِهِ
2 - ففي الكفر والتجريح من عزل حاكمٍ
وفي سفه أو ضدّ ذلك كلِّهِ
3 - وفي العتق والأوقاف والزكوات مع
نكاح وإرث والرضاع وعده
[633]
4 - وإيصاؤه مع نسبة وولادة
وموتٌ وحملٌ والمضرّ بأهلِهِ
5 - واشربة ثم القسامة والولا
وحريّةٌ والملك مع طول فِعْلِهِ
* * *
[633] كذا في أصل الشيخ رحمه الله، ولعله أراد: (وغيله).
1027 - وقال الشاعر: [من الطويل]
1 - ثمانيةٌ حكمُ الفنا لا يَعمُّها
من الخلقِ والباقون في حَيّزِ العدمْ
2 - هي العرشُ والكرسي نارٌ وجنّةٌ
وعُجْبٌ وأرواحٌ كذا اللوحُ والقلمْ
* * *
1028 - وقال الراجز: [من الرجز]
1 - من العقودِ جائزٌ ثمانيَهْ
وكالةٌ وديعةٌ وعاريَهْ
2 - وهبةٌ من قبل قبضٍ وكذا
شركةٌ جعالةٌ قراضـِيَهْ
3 - ثم السباقُ ختمُها ولازمٌ
من العقودِ مثلُها وها هِيَهْ
4 - إجارةٌ خُلْعٌ مُساقاةٌ كذا
وصيَّةٌ بيعٌ نكاحُ الغانيَهْ
5 - والصلحُ أيضاً والحوالة التي
تنقُلُ حقَّ ذِمَّةٍ لثانيَهْ
6 - وهبةٌ من بعدِ قبضٍ يا فتى
فإنها من بعدِ قبضٍ لازمَهْ
7 - واستثنِ أصلاً أن يهبْ لفَرْعِهِ
من بعدِ قبضِ الفرع فهْي جائزَهْ
[634]
* * *
[634] رويّا البيتين الأخيرين مخالفان لباقي الأبيات التي رويها الياء المفتوحة وكأن الراجز جعل الهاء الساكنة هي الروي، مع أنّ الهاء الساكنة المنقلبة عن التاء وهاء السكت لا تقعان روياً كما في شرح لزوم ما لا يلزم لأبي العلاء 1/ 8 - 9.
1029 - قال الشاعر: [من الطويل]
1 - إذا رمتَ تعدادَ الكبائرِ آخذاً
عن المصطفى والصَّحْبِ كي تبلغَ الغُرَفْ
2 - فشِرْكٌ، وقتلٌ، ثم سِحْرٌ، مع الزنى
فظلمُ اليتامى والفرارُ إذا زحفْ
3 - عقوقٌ وإلحادٌ، وتبديلُ هجرةٍ
وسكرٌ ومَنْ يزني ويسرقُ أو قَذَفْ
4 - وزورٌ وتقذيرٌ ببولٍ، نميمةٌ
غلولٌ، ويأسٌ، أو من المكرِ لم يخفْ
5 - وإضرارُ موصٍ منعُ ماءٍ ونخلةٍ
ونسيانُ قرآنٍ كذا سبُّه السَّلَفْ
6 - وسوءُ ظنونٍ والذي وعده أتى
بنارٍ ولعنٍ أو عذابٍ فَخُذْ وَوَفْ
* * *
1030 - وقال بعضهم: [من الكامل]
1 - بثلاثِ واواتٍ وشينٍ بعدها
كافٌ وضادٌ أصلُ كلّ هوانِ:
2 - بوكالةٍ، ووديعةٍ، ووصيَّةٍ
وبشِرْكةٍ، وكَفالةٍ وضَمانِ
* * *
1031- وضبط أحدهم أنصبة أصحاب الفروض في الميراث في هذا البيت:
وضبطُ ذوي الفروض من هذا الرَّجَزْ
خذه مرتباً وقل (هبا دَبَزْ)
فالهاء بخمسة وهم أصحاب النصف.
والباء باثنين وهم أصحاب الربع.
والألف بواحد وهم أصحاب الثمن.
والدال بأربعة وهم أصحاب الثلثين.
والباء الثانية باثنين وهم أصحاب الثلث.
والزاي بسبعة وهم أصحاب السدس.
* * *
1032 - قال السيوطي في ألفية الحديث: [أرجوزة]
1 - وما اقـتضى تصحيحَ مَتْنٍ في الأصح
فتوى به كعكسه وضَحْ
2 - ولا بقاه حيثما الدواعي
تبطله والوفق للإجماعِ
3 - ولا افتراقُ العلماءِ الكُمَّلِ
ما بينَ محتَجٍّ وذي تأوُّلِ
* * *
1033 - وقيل: [من الرجز]
الخبرُ الموضوعُ شَرُّ الخَبَرِ
وذِكْرهُ لعالمٍ به احْظرِ
* * *
1034 - وقال الراجز: [أرجوزة]
1 - واستخرجوا على الصحيحين بأنْ
يروي أحاديثَ كتابٍ حيثُ عَنْ
2 - لا مِنْ طريقِ مَنْ إليه عمدا
مجتمعاً في شيخِهِ فصارَ عدا
3 - فربَّما تفاوتَتْ معنىً وفي
لفظٍ كثيرٍ فاجتنبْ أن تُضـِفِ
4 - إليهما ومن عزاً أرادا
بذلك الأصلِ وما أجادا
5 - واحكُمْ بصحّةٍ لما يزيدُ
فهْو مع العلوّ ذا يفيدُ
6 - وكثرةُ الطرقِ وتبيين الذي
أُبْهم أو أُهملَ أو سماعُ ذي
7 - تدليسِ أو مختلطٍ وكلّ ما
أُعِلّ في الصَّحيحِ منهُ سَلِما
* * *
8- لأخذِ متنٍ من مصنفٍ يجبْ
عرضٌ على أصلٍ وعِدَّةٌ نُدبْ
* * *
1035 - كما قيل: [من الرجز]
قَدْ خُصَّتِ الأمةُ بالإسنادِ
وهْو من الدِّينِ بلا تردادِ
* * *
1036 - قال الراجز: [أرجوزة]
1 - ولا غِنى لأُمَّةِ الإسلامِ
في كلّ عـصرٍ كانَ عن إمامِ
2 - يذبُّ عنها كلَّ ذي جحودِ
ويعتني بالغزوِ والحدودِ
* * *
1037 - قال الشاعر: [من الكامل]
الربُّ يغضبُ إن تركتَ سؤالَهُ
وُبنَيُّ آدمَ حينَ يُسألُ يَغْضَبُ
* * *
1038 - صدق قول الشاعر: [من الطويل]
1 - دعا المصطفى دهراً بمكة لم يُجَبْ
وقد لانَ منه جانبٌ وخطابُ
2 - ولما دعا والسيفُ صلتٌ بكفّه
له أسلَمُوا واستسلمُوا وأنابوا
* * *
1039 - هذه منظومةٌ للشيخ السيوطي في تاريخ الخلفاء من النبوة إلى انتهاء دولة بني العباس ووفياتهم.
قال رحمه الله تعالى في مطلعها [635]: [من البسيط]
1 - الحمدُ للهِ حمداً لا نفادَ له
وإنما الحمدُ حقّاً رأسُ مَنْ شكرا
2 - ثمَّ الصلاةُ على الهادي النبيّ ومَنْ
سادَتْ بنسبته الأشرافُ والكُبرا
3 - إنَّ الأَمينَ رسولُ اللهِ مبعثُه
لأَربعينَ مضَتْ فيما رووا عُمُرا
4 - وكان هجرتُهُ فيها لطيبتِهِ
بعد الثلاثةِ أعواماً تلي عشرا
5 - ومات في عام إحدى بعد عشْرتها
فيا مصيبةَ أهلِ الأرضِ حين سرى
6 - وقامَ من بعده الصّدّيقُ مجتهداً
وفي ثلاثةَ عشْرَ بعدَهُ قُبرا
7 - وَهُوَ الذي جمَعَ القُرآن في صُحُفٍ
وأولُ النّاس سَمَّى المُصْحَفَ الزُّبرا
8 - وقامَ من بعده الفاروقُ ثُمَّتَ في
عِـشرين بَعْدَ ثلاثٍ غَيّبوا عُمَرا
9 - وهو الذي اتَّخذَ الديوانَ وافترض الـ
ـعطاء، قيل: وبيتَ المالِ والدُّررا
10 - سنَّ التراويحَ والتاريخَ وافتتح الـ
ـفتوحَ جمّاً، وزادَ الحَدَّ مَنْ سَكِرا
11 - وهو المُسَمَّى أميرَ المؤمنين، ولم
يُدْعى به قبلَهُ شخصٌ من الأُمَرا
12 - وقامَ عثمانُ حتىّ جاءَ مقتلُهُ
بعدَ الثلاثينَ في ستٍّ وقد حُصرا
13 - وهْوَ الذي زادَ في التأذينِ أولَّهُ
في جمعةٍ، وبه رزقُ الأذانِ جرى
14 - وأوَّلُ الناسِ وَلَّى صَحْبَ شُرطتِه
حَمى الحِمى، أقطعَ الإقطاعَ إذ كَثُرا
15 - وبعدُ قامَ عليٌّ، ثمَّ مَقْتَلُهُ
لأربعينَ فمن أرداهُ قد خَسِرا
16 - ثُمّ ابنُهُ السبطُ نصفَ العام، ثم أتى
بنو أميَّةَ يبغون الوغى زُمَرا
17 - فسلَّمَ الأمرَ في إحدى، لرغبته
عن دارِ دنيا بلا ضَيْرٍ ولا ضَرَرا
* * *
[635] القصيدة من 116 بيتاً في «تاريخ الخلفاء» دار البشائر - 611 - 615، وهذه الأبيات المثبتة أعلاه هي مطلع القصيدة ص611.
1040 - قال الشاعر: [من الطويل]
1 - ألا إنّ شربَ الخمرِ ذنبٌ معظَّمٌ
يُزيلُ صفات الآدميّ المسدّدِ
2 - فيُلْحَق بالأنعامِ بل هو دونها
يخلّطُ في أفعاله غيرَ مُهْتدِ
3 - ويَسخَرُ منه كلُّ راءٍ لسوءِ ما
يُعابُ ومن تخليطه والتبدّدِ
4 - يزيلُ الحيا عنه ويذهبُ بالغنى
ويوقعُ في الفحشا وقتلِ المعربدِ
5 - وكلُّ صفاتِ الذمّ فيها تجمّعَتْ
لذا سُمِّيَتْ أمَّ الفجور فأسندِ
6 - فكم آيةٍ تُنْبي بتحريمها لمن
تَدَبَّر آياتِ الكتابِ المُمَجَّدِ
7 - وقد لعنَ المختارُ في الخمرِ تسعةً
رواهُ أبو داود عن خيرِ مُرْشِدِ
8 - وأقسمَ ربُّ الناسِ أن ليعذّبَنْ
عليها، رواه أحمدٌ عن محمَّدِ
* * *
1041 - قال الشاعر: [من الطويل]
وتركُ مقالِ الزُّورِ في الناسِ واجبٌ
ولكنّه مِنْ صائمٍ ذو تأكُّدِ
* * *
1042 - وقد قيل: [من الطويل]
1 - عقيدتُنا أنْ ليس مثلَ صفاتِه
ولا ذاتِه شيءٌ عقيدة صائبِ
2 - نُسَلِّمُ آياتِ الصِّفاتِ بأسْرِها
وأخبارها للظاهر المتقاربِ
3 - ونركبُ للتسليم سُفْناً فإنها
لتسليمِ دينِ المرءِ خيرُ المراكبِ
* * *
1043 - قال السفاريني [636] في عقيدته: [أرجوزة]
1 - إيماننا قولٌ وقصدٌ وعَمَلْ
يزيدُ بالتَّقْوى وينقُصُ بالزَّلَلْ
2 - ويفسقُ المؤمنُ بالكبيرَهْ
كذا إذا أصرَّ على الصغيرَهْ
3 - لا يخرجُ المرءُ من الإيمانِ
بموبقاتِ الذنْبِ والعِصْيانِ
4 - وواجبٌ عليهِ أن يتوبا
من كُلّ ما جرَّ عليه حُوبا
5 - ومَنْ يَمُتْ ولم يَتُبْ من الخَطا
فأمرُهُ مُفَوَّضٌ لذي العَطا
6 - فإن يشأ يغفرْ وإنْ شاءَ انتقمْ
وإن يشأْ أعطى وأجزلَ النعَمْ
* * *
1044 - وقال السفاريني أيضاً: [من الرجز]
منها الإمامُ الخاتمُ الفصيحُ
محمَّدُ المهديُّ والمسيحُ
[637]
* * *
1045 - وقال أيضاً في عقيدته: [من الرجز]
ونحنُ في إيماننا نستثني
من غيرِ شَكٍّ فاسْتَمِعْ واستبْنِ
[638]
* * *
1046 - وقيل: [من الرجز]
وكلُّ خيرٍ في اتِّباعِ مَنْ سَلَفْ
وكلُّ شَرٍّ في اتِّباعِ مَنْ خَلَفْ
* * *
1047 - وأنشدوا: [من الرجز]
وعالمٍ بِعِلْمِهِ لم يَعْمَلَنْ
مُعَذَّبٌ مِنْ قَبْل عُبّادِ الوثَنْ
* * *
[636] هو محمد بن أحمد بن سالم السفاريني، شمس الدين أبو العون: عالم بالحديث والأصول والأدب، محققٌ وُلد في سفارين من قرى نابلس، ورحل إلى دمشق فأخذ عن علمائها، وعاد إلى نابلس فدرس وأفتى، وفيها توفي سنة 1188ﻫ/ 1774م، ومن مؤلفاته «لوائح الأنوار البهية ومواضع الأسرار الأثرية المضية في عقد أهل الفرقة المضية» جزءان مطبوعان شرح منظومة له عقيدة السلف (الأعلام/ 240، وسلك الدرر 4/ 31). [637] حقق الشيخ عقيدة المهدي في كتابه (لا مهدي ينتظر بعد الرسول محمد خير البشر) وخلص فيه إلى عدم صحة هذه العقيدة. [638] يرى الشيخ عدم الاستثناء فلا يقول الإنسان أنا مؤمن إن شاء الله. انظر رسالته (عقيدة الإسلام والمسلمين).
1048 - وقال ابن القيّم في نونيته المتقدمة في الشعر الديني: [من الكامل]
1 - فحقيقةُ القَدَرِ الذي حارَ الورى
في شأنِهِ هو قُدْرَةُ الرَّحْمانِ
2 - واسْتَحْسَنَ ابنُ عقيلِ ذا عن أحمدٍ
لمّا حكاهُ عن الرّضى الربّاني
3 - قال الإمامُ شَفى القلوبَ بلفظةٍ
ذاتِ اختصارٍ وهْي ذاتُ بيانِ
* * *
1049 - قال ابن سحمان [639]: (هذا معنى ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية) [من الطويل]
1 - ووضعُ المصَلَّى في المساجدِ بدعةٌ
وليسَ مِنَ الهديِ القديمِ المحمَّدي
2 - وتقديمُه في الصفِّ حَجْرٌ لروضةٍ
وغصبٌ لها عن داخلٍ متعبدِ
3 - وشِبْهُهُ وضعُ العصاء وحُكْمُها
كحُكْمِ المصلّى في ابتداعِ التَّعبُّدِ
4 - بلى يستحبُّ أن يُماطا ويُرفعا
عَنِ الداخلينَ الراكعينَ بمسجدِ
5 - لأنْ لم يكُنْ هذا بنصٍّ مقرَّرٍ
ولا فعلِ أصحابِ النبيِّ محمَّدِ
6 - فخيرُ الأمورِ السالفاتُ على الهدى
وشرُّ الأمورِ المحدثاتُ فبعِّد
7 - وإن كملَتْ تسعُ وعشرون ليلةً
لشعبانَ فارقُبْ شهرَ صومِكَ فارْصُدِ
8 - فإنْ حالَ غيمٌ دونَ بُرجِ هلالِهِ
أو القترُ فانْوِ الصومَ للفرضِ في غدِ
9 - وليسَ صيامُ الغيمِ يوماً بواجبٍ
ولا مستحبٍّ في الصحيحِ المؤيَّدِ
10 - فقد جاءَ في هذا نصوصٌ صحيحةٌ
فخُذْ بنصوصِ المصطفى وتقيَّدِ
11 - وإيَّاكَ والآراءَ لا تقبلنَّها
وقد صحَّ نصٌ عن نبيِّكَ أحمدِ
12 - وإن أوَّلوا يوماً للفظِ «اقدروا له»
بأن ضيَّقوا فاردُدْهُ بالنَّصِّ تهتدِ
13 - وذلكَ في زادِ المعادِ أن اقْدُروا
ثلاثين يوماً كاملاتِ التَّعَدُّدِ
14 - فمَنْ يستحبُّ الصوم في يومِ غيمنا
فذلك عاصٍ للرسولِ محمَّدِ
15 - وماذا عسى «أن اقدروه» لأحمد
وعن تابعٍ أو صاحبٍ لا تقلِّدِ
16 - فليس لإنسانٍ من الناس حُجَّةٌ
مع السَّيِّدِ المعصوم أفضلِ مرشدِ
* * *
[639] هو سليمان بن سحمان النجدي الدوسري بالولاء، كاتب فقيه، له نظم فيه جودة، من علماء نجد، وُلد في قرية السـقا من أعمال أبها في عسير، وانتقل مع أبيه إلى الرياض، فتلقّى عن علمائها التوحيد والفقه واللغة. توفي سنة 1349ﻫ/ 1930م، له مؤلفـات كثيرة؛ منها ديـوان شـعر سـمّاه «عقود الجواهر المنضـدة الحسـان» (الأعلام 3/ 187).
1050 - وقال ابن سـحمان أيضاً: (هذا معنى ما ذكر شـيخ الإسلام) [من الطويل]
1 - كذا سُنَّةٌ للفجْرِ تُفعلُ بعدَها
إذا لم تُصَلِّ قبلها فَتَقَيَّدِ
2 - فإن أنتَ لم تفعلْ فللشمسِ فَارْقَبَنْ
إلى ِقيدِ رُمْحٍ ثم اثنتين فَاسْجُدِ
3 - وفي المذهبِ امْنَعْ ما بقي مِنْ تَطَوُّعٍ
ولو ذات أسبابٍ فَخُذْ أَخْذَ أيِّد
4 - وعند أبي العباسِ لا حـصرَ للذي
يصلِّيهما أعني تحيَّةَ مسجدِ
5 - وذا لِعمومِ النَّصّ إذ لا مُخَصِّصٌ
فخُذْ قَوْلَ مَنْ بالنَّصِّ يَهْدي ويَهْتَدي
6 - أليس بها تُقضى الفروض وكالذي
سمعْتَ بِهِ في نظمِهِ ذا التَّعدُّدِ
7 - كذلك صحَّ النهيُ حالةَ خطبةِ الـ
إمامِ لمنْ يأتي بفعلِ التَّعَبُّدِ
8 - فأمّا الذي يأتي ابتداءً فإنَّهُ
يصلي ولا يجلسْ تَحيةَ مسجدِ
9 - فهذا دليلٌ واضحٌ متقرِّرٌ
وقد كان في وقتٍ من النَّهْيِ فاقْتَدِ
10 - وأدِّ وَرا قاضٍ وبالعكس وامْنَعَنْ
بِمُطَّوِعٍ أو فَرْضِ أخرى تُؤَيَّد
11 - وقال أبو العباسِ بل ذاك جائزٌ
لفعلِ معاذٍ مَعْ صحابَةِ أحْمَدِ
12 - يصلِّي بهمْ نفلاً وهم ذو فريضةٍ
وقد كان صلّى الفرضَ خلفَ محمَّدِ
13 - كذا مَنْ يصلِّي الظهرَ يأتَمُّ بالذي
يصلِّي صلاةَ الـعصرِ غيرَ مُفَنَّدِ
14 - وذو سَفَرٍ طالَتْ مسافَـتُهُ أَبـِحْ
له الـقَصْرَ مَعْ قـصرٍ كجمعٍ بأوْكَدِ
15 - وقد قصرُوا أعني الصحابةَ دونَ ما
يُقَدَّرْ لَهُ مِنْ فرسخٍ بالتَّعَدُّدِ
16 - فما حدَّد المعصومُ قَدْرَ مسافةٍ
لفطرٍ ولا قَـصْرٍ فهل أنت مقتدِ
17 - وشرطُ جوازِ الـقَصْرِ نيَّةُ قَـصْرِها
في الأقوى لدى إحرامِهِ حين يبتدي
18 - وشرطُ جوازِ الـقَصْرِ نيَّةُ قَصْرِها
فـشرطٌ بعيدُ الرُّشْدِ غيرُ مُسَدَّدِ
19 - وهل جاءها إلا بِنِيَّةِ قَصْرِها
ولا نَصَّ في تقييدِهِ حينَ يبتدي
20 - بإحرامِهِ للـقَصْرِ عن سَيِّدِ الورى
فَدَعْهُ ولا تعملْ بذلِكَ تَرْشُدِ
21 - ويجمعُ بينَ الظهرِ والـعصرِ إن يشا
وبين عشائَيْهِ فما خفَّ فاقْصُدِ
22 - وسُنَّةُ جمعِ الظهرِ والـعصرِ يا فتى
كذا جمعُ بينَ العشائَيْن فاشْهَدِ
23 - فعارَضَهُ إن جَدَّ بالسَّيْرِ قاصدٌ
فإنْ لم يجدَّ السَّيْرَ بَلْ قامَ للغدِ
24 - فَسُنَّةُ هذا الـقَصْرِ إن كُنْتَ مُقْتَدٍ
فراتبةٌ فاعْلَمْ بذلكَ تَرْشُدِ
25 - ومهما يَبـِنْ حرفَيْنِ فَهْوَ تَكَلُّمٌ
وجوِّزْ تَنَحْنُح حاجةٍ في المؤكَّدِ
* * *
1051 - قال الشيخ ابن سحمان: [من الطويل]
1 - وكُنْ عالماً أنَّ الكلامَ إذا أتى
فأصْغِ لَهُ سمعاً وَعِ العلمَ تَرْشُدِ
2 - على درجاتٍ فاعلَمَنْ قدْ ذكرتُها
ثلاثٍ فأُوْلاها بها الآن أبْتَدِ
3 - يدلُّ على معنىً بِوَضْعٍ بنفسه
وإلا فَمَعْ لفظٍ سواهُ فقيِّدِ
4 - وذلكْ كَفِيْ عَنْ فاعْلَمَنَّ ومثلَهُ
ودُمْ قُمْ؟ ثم خُذْ في المعددِ
5 - فهذا كلامٌ ثم ثانيهما الذي
يدلُّ على معنًى بطبعٍ مجرَّدِ
6 - كمِثْلِ سعالٍ والعطاسِ تثاؤبٍ
بكاءٍ وتأويهٍ أنينِ المجوّدِ
7 - فهذا الذي عدَّدْتُ أشباهَ ما أتى
من النفخِ في النصِّ الأكيدِ المؤيَّدِ
8 - وليس كلاماً في الحقيقة مبطلاً
صلاةَ الفتى في قولِ كلِّ مُسَدَّدِ
9 - ولو بانَتِ الحرفانِ منهُ كما أتى
بأفٍّ ثلاثٍ في الحديثِ المؤيَّدِ
10 - إذا كان مغلوباً على ذاك يا فتى
وما ليس مغلوباً عليهِ فقيِّدِ
11 - ففيه نزاعٌ مستفيضٌ مقرَّرٌ
وليس لَعمري مبطلاً في المؤكَّدِ
12 - وليس لَعمري كالكلام الذي به
لنا خاطبَ المعصومُ أكملُ مرشِدِ
13 - فلا بُدَّ في لفظِ الكلامِ دلالة
تدلُّ على معنًى بوضعٍ كما ابتدي
14 - وما لا على معنًى يدلُّ بوضعِهِ
ولا طبعِهِ مثل التَّنَحْنُحِ فاشْهَدِ
15 - فقد جَاء في النَّصِ المؤكَّدِ فعلُهُ
وذا حاصلُ التقريرِ من قولِ أحمدِ
16 - أعني أبا العباس حيث نظمْتُهُ
ولخَّصْتُ ما منهُ المرادُ لمقصدِ
17 - ولا تَقْنُتَنْ في غيره واترك يا فتى
على قولِهِ امْسَحْ صاحِ وجْهَكَ باليدِ
18 - ولا تقنتن في كله واترك يا فتى
فَتَجْعَلَهُ كالواجِبِ المتأكِّدِ
19 - وكُنْ قانتاً حيناً وحيناً فتاركاً
لذلك تَسْعَدْ بالدليلِ وتهتدِ
20 - ففِعْلٌ وتَرْكٌ سُنَّةٌ وكلاهما
أتَتْ عن رسولِ اللهِ إن كُنْتَ مُقْتَدِ
21 - ولا تَسْجُدَنْ في فرضِ سِرٍّ فإنه
يبيح لمأمومٍ خلافَكَ فاركد
22 - بلى فاسْجُدَنْ في فرضِ سِرٍّ فإنَّهُ»
لَسُنَّةُ خيرِ العالمينَ محمَّدِ
23 - فراجِعْهُ في الإعلامِ إن كنْتَ سابقاً
تجدْ ثمَّ ما يشفي ويكفي لمن هُدِي
24 - وبعدَ صلاةِ الفجرِ فامنعْ تنفُّلاً
وعندَ طلوعِ الشمسِ عنهُ فاقتدِ
25 - إلى أن تراها قيدَ رمحٍ وهكذا
استواها في الظاهر المتأكد
26 - وبعد صلاةِ الـعصرِ حتى تكاملُ الـ
ـغروبِ لمنْ رامَ الصلاةَ توعُّدِ
27 - ويجمع في بيتٍ وكنٍّ كغيره
وعنهُ وفي الظهْرَيْنِ أيضاً فَبَعِّدِ
28 - وعنه وفي الظهرين أيضاً وإنه
لَقولُ أبي العباس مَعْ كلِّ سَيِّدِ
29 - وفيهِ حديثٌ ثابتٌ متقرِّرٌ
عن السيِّدِ المعصومِ أفضلِ مُرْشِدِ
30 - وقائماً اخْطُبْ فيهما الناسَ واعمدِ
على سيفِ أو قوسٍ وبينهما اقْعُدِ
31 - وما كان من هَدْيِ النبي اعتمادُهُ
على السَّيفِ إذ لا نصَّ فيهِ لمرْشِدِ
32 - ولكن يكون الإعتمادُ على العصا
أو القوسِ ذا هديُ النبيِّ محمَّدِ
33 - وما ظُنَّ للجُهّالِ أنَّ اعتمادَهُ
على السيفِ فيما يزعمُوهُ لمقصِدِ
34 - إشارةُ إظهارٍ لدينٍ أتى به
فزعمٌ بعيدُ الرُّشْدِ غيرُ مسدَّدِ
35 - ويحرُمُ رفعٌ للمصلي وأنْ يَعُدْ
لِوَضْعِهِ مَنْ قَدْ قام للعذرِ يَرْدُدِ
* * *
1052 - أنشـد الشـيخ أحمد بن مشـرف شعراً ضمَّنه كتاب فتوى في الطلاق فقال: [أرجوزة]
1 - يا سائلي عن رجلٍ قد طلَّقا
زوجَتَهُ وبالثلاثِ نَطَقا
2 - بلفظةٍ واحدةٍ قد جمعا
مرتكباً محرَّماً مبتدِعا
3 - ثم أتى مُسْتفتياً ليرجِعا
فالحكمُ أن يُضْرَبَ ضرباً مُوْجِعا
4 - لأنه طلاقُهُ بدعيُّ
وبائنٌ في الـشرعِ لا رجعيُّ
[640]
* * *
[640] فتوى الشيخ رحمه الله مخالفة لما قاله ابن مشرف، ففي رسالته(الحكم الشرعي في الطلاق السـني والبدعي) أفتى بأن لفظ الطلاق الثلاث في طهر واحد مجتمعاً أو متفرقاً لا يقع إلا طلقة واحدة، وله أن يردها خلال ثلاثة قروء؛ لأنها بينونة صغرى بطلقة واحدة.
1053 - وقال يحيى بن يوسف الصرصري الحنبلي: [من الطويل]
1 - وقاتلْ يهودَ والنصارى وعُصْبَةَ الـ
ـمجوسِ فإن هُمْ سَلَّموا الجزيةَ اصْدُدِ
2 - على الأدْوَنِ اثني عشر درهمٍ افرضَنْ
وأربعةً من بعد عشرين زَيِّدِ
3 - لأوسطِهِمْ حالاً ومن كان موسراً
ثمانيةً مع أربعين لتنقَدِ
4 - وتسقطُ عن صبيانِهِمْ ونسائِهِمْ
وشيخٍ لهمْ فانٍ وأعمى ومُقْعَدِ
5 - وذي الفقر والمجنونِ أو عبدِ مسلمٍ
ومن وجبَتْ منهمْ عليهِ فَمَهِّدِ
* * *
1054 - وقال ابن عبد القويّ: [من الطويل]
1 – ويُـشْرعُ أن يُقْـضى عن المَيْتِ نذرُهُ
كحجٍّ وصومٍ واعتكافٍ بمسجدِ
2 - ونذرُ صلاةِ النفلِ يُقـضى بأوكدِ
ولو قيل يقـضى فرضُهُ لمعبـِّدِ
* * *
1055 - ولابن عبد القوي: [من الطويل]
ولا الشَّكّ مِنْ بعدِ الفراغِ بمبطِلٍ
يُقاسُ على هذا جميع التعبُّدِ
* * *
1056 - وقال: [من الطويل]
وهجْرانُ مَنْ أبدى المعاصيَ سُنَّةٌ
وقدْ قيلَ إنْ يَرْدَعْه أوجبْ وآكَدِ
* * *
1057 - لغزٌ في الفرائض: [من البسيط]
1 - ما بالُ قومٍ غَدَوْا قدْ ماتَ مَيّتُهُمْ
وأصبحوا يَقْسمونَ المالَ والحُلَلا
2 - فقالت امرأةٌ مِنْ غيرِ عـشرتِهِمْ
ألا أُخَبـِّرُكُمْ أُعْجُوبةً مَثَلا
3 - في البطنِ مني جنينٌ دامَ يشْكُرُكُمْ
فأخّروا القَسْمَ حتّى تعرفوا الحَمَلا
4 - فإن يكُنْ ذكراً لم يُعْطَ خردلةً
وإن يكن [عندكم] أنثى فقدْ فَضلا
5 - بالنِّصْفِ حقّاً يقيناً ليس ينكرُهُ
من كان يعرفُ فرضَ اللهِ إذ نَزَلا
6 - إني ذكرتُ لكمْ أمري بلا كَذِبٍ
فما أقولُ لكُمْ جهلاً ولا ميلا
وجوابه:
ـ زوجٌ وأمٌّ، واثنان من ولد الأم، وحملٌ من الأب ليست أمه أم الميتة، بل هي زوجة أبيها.
- فللزوج النصف، وللأم السدس، ولولد الأم الثلث.
- فإن كان الحمل ذكراً فهو أخٌ من أب، ولا شيء له باتفاق العلماء.
- وإن كان الحمل أنثى فهو أختٌ من أب: لها النصف، ونصف فاضل عن أبيها.
* * *
1058 - (كاد) من أفعال المقاربة، وُضعت لمقاربة الخبر من الوجود، ولكن لم توجد لفقد شرطٍ أو لعروضِ مانعٍ، فهي إن نفت أثبتت، وإن أثبتت نفت. وقد ألغَزَ بعضهم بها [من الطويل]
1 - أنحويَّ هذا الـعصر ما هيَ لفظةٌ
جَرَتْ في لسانِ جَرْهُمٍ وثمودِ
2 - إذا ما نَـفَـتْ - والله أعلمُ - أثبتَـتْ
وإن أثبتَتْ قامَتْ مقامَ جُحُودِ
أجاب الشهاب الحجازي: [من الطويل]
1 - لقد كاد هذا اللغزُ يصدِي فكرتي
وما كدْتُ أشفي غلَّتي بورودِ
2 - وهذا جوابٌ يرتضيهِ ذوو النُّهى
وممتنعٌ عن فهمِ كلِّ بليدِ
* * *
1059 - وللشاعر: [من الطويل]
وبالثوبِ يجزي أو بإصبعِهِ لَدى
وضوءٍ على الوجْهِ القويِّ المجرَّدِ
* * *
1060 - وقال: [من الطويل]
1 - فإياك إياك الربا فَلَدِرْهَمٌ
أشدُّ عقاباً من زِناكَ بنُهَّدِ
2 - وتُمْحَقُ أموالُ الرِّباء وإن نَمَتْ
ويَرْبو قليلُ الحِلِّ في صدقِ مَوْعِدِ
* * *
1061 - وقال أيضاً: [من الطويل]
1 - وجنسٌ سواهُ أخذُهُ غيرِ جائزٍ
لِنَهْيِكَ عن صرفٍ إلى غير مقصِدِ
2 - وقال أبو العباسِ بل ذاكَ جائزٌ
وعن أحمدٍ نصَّ الجوازَ فأوْردِ
3 - إن اعتاضَ عن حبِّ الشعيرِ بسعره
ولا بأس في هذي لدى كلِّ سيِّدِ
4 - فيروَى عن الحبْرِ ابنِ عباسِ أنه
يَجُوْزُ ولم يعرَفُ له من مفنِّدِ
5 - وأما حديثُ النهيِ عن صرفِهِ إلى
سواهُ ففي الإسنادِ طعنٌ لنُقَّدِ
6 - وإن صحَّ هذا فالمرادُ بصرفِهِ
إلى سَلمٍ في غيرِ ذاكَ فَقَيِّدِ
7 - ليربحَ فيما ليسَ يضمنُ فاحظَرنْ
لهذا ففيه النهيُ فافهمْ تُسَدَّدِ
* * *
1062 - وقال أيضاً: [من الطويل]
وإعفا اللِّحى ندبٌ وقيل: خُذَنْ لما
يلي الحلق مع ما زاد عن قبضة اليد
* * *
1063 - وقال الراجز: [أرجوزة]
1 - المسلمُ الحقُّ يصلّي فرضَهُ
ويأخُذُ الفأسَ ويسقي أرضَهُ
2 - يجمعُ بين الشغلِ والعبادَهْ
ليكفَلَ اللهُ لَهُ السَّعادَهْ
* * *
1064 - قيل: [من الرجز]
مبتوتةُ الطلاقِ لا سُكنى لها
إلا على زوجٍ إذا أحبَلَها
* * *
1065 - وقيل: [من الطويل]
1 - زكاةٌ وبيعٌ معْ صداق ولُقطة
وقرضٌ وإفلاسٌ ووهبةُ والدِ
2 - إذا رجعَتْ أرباحُها في أصولِها
فزائدُها المفصولُ ليسَ بعائِدِ
3 - وشابَهَها أخذ النخيل بشفعة
فكنْ حافظاً ترقى أجلَّ المقاصِدِ
* * *
1066 - وقال: [أرجوزة]
1 - وبوضوءِ جُنبٍ أو حائضِ
أو نُـفُسا بلا نجيعٍ فائضِ
2 - لهم يجوزُ اللبْثُ كالعبورِ
في مسجدٍ ذاكَ على المشْهورِ
* * *
1067 - وقال: [أرجوزة]
1 - مسافةُ القصرِ لِذِي الأسْفارِ
ما بينما الحجِّ والاْعتِمارِ
2 - بِهِ دمُ المتعة والقرانِ
سقوطُهُ فواضحُ البُرْهانِ
* * *
1068 - قال صاحب المفردات: [الأرجوزة]
1 - تطوّعُ القرباتِ كالصلاةِ
ثوابُهُ لمسْلِمِيْ الأمْواتِ
2 - يُهدى وكالقرآنِ مثلِ الصدقَهْ
منفعةٌ تأتيهِمُ محقَّقَهْ
[641]
* * *
[641] للشيخ رأي حول إهداء الثواب للأموات بسطه في رسالته (الدلائل العقلية والنقلية في تفضيل الصدقة عن الميت على الضحية) حيث يقصره على ما ورد فيه نص من الشارع.
1069 - وقيل: [من الكامل]
فَهُوَ الـمفسِّرُ للقُرانِ وإنما
نطقَ النبيُّ لنا بِهِ عن ربـِّهِ
* * *
1070 - وقيل: [من الرجز]
في كل فرضٍ تجبُ الجماعَهْ
وقال باشتراطِها جماعَهْ
* * *
1071 - وقيل: [من الطويل]
1 - صداقٌ ومهرٌ نِحْلةٌ وفريضةٌ
حباءٌ وأجرٌ ثم عَقْرٌ علائقُ
2 - وطولُ نكاحٍ ثم خرسٌ تمامها
ففردٌ وعـشرٌ عدَّ ذاك موافقُ
* * *
1072 - حسب ترتيبها في السباق عند العرب [642]:
1 - أولها المُجَلِّي وهو السابق والمبرز.
2 - ثم المُصَلّي وهو الثاني.
3 - ثم المُسَلّي وهو الثالث.
4 - ثم التّالي وهو الرابع.
5 - ثم المُرْتاح وهو الخامس.
6 - ثم العاطِف وهو السادس.
7 - ثم الحَظِيّ وهو السابع.
8 - ثم المُؤَمَّل وهو الثامن.
9 - ثم اللَّطيم وهو التاسع.
10 - ثم السُّكَيْت وهو العاشر.
والمحفوظ عن العرب: السابق والمصلّي والسكيت، وباقي الأسماء محدثة، وقد جمعتُ ذلك في قولي: [من الكامل]
1 - وغدا المُجَلّي والمُصَلّي والمُسلْـ
ـلِي تالياً مُرْتاحها والعاطِفُ
2 - وحَظيُّها ومُؤَمَّلٌ ولَطيمُها
وسُكَيْتُها هُوَ في الأواخِرِ عاكِفُ
* * *
[642] المصباح المنير - المطبعة المنيرية - 892.
1073 - ذكر بعضهم أنّ تسمية العرب للأيام بهذه الأسماء المشهورة إنما حدثت بعد عيسى عليه السلام، وأن أسماءها قبلُ غير ذلك، وهي التي في قوله [643]: [من الوافر]
1 - أُؤمِّلُ أن أعيشَ وأنَّ يومي
بأوَّلَ أو بأَهْوَنَ أو جُبارِ
[644]
2 - أو التّالي دُبارِ فإنْ أَفُتْهُ
فمؤنِسِ أو عروبةِ أو شبارِ
[645]
* * *
[643] ورد هذان البيتان في لسان العرب (أنس، حبر، دبر، عرب، هون) بلا نسبة. [644] في اللسان: (أول: يوم الأحد، وأهون: يوم الإثنين، وجُبار: يوم الثلاثاء). [645] دبار: الأربعاء، مؤنس: الخميس، عروبة: الجمعة، وشبار: السبت (انظر اللسان).
1074 - وقيل في الوليمة: [من الكامل]
1 - إنَّ الولائمَ عـشرةٌ مَعَ واحدٍ
مَنْ عَدَّها قد عزَّ في أقرانِهِ
2 - فالخُرْسُ عندَ نفاسِها، وعقيقةٌ
للطّفلِ، والإعذارُ عندَ ختانِهِ
3 - ولحفظِ قرآنٍ وآدابٍ لقد
قالوا الحِذاق لِحذقِهِ وبيانِهِ
4 - ثم المِلاكُ لعقدِهِ، ووليمةٌ
في عرسِهِ، فاحرصْ على إعلانِهِ
5 - وكذاك مأدبةٌ بلا سببٍ يُرى
ووكيرة لبنائه لمكانه
6 - ونَقيعة لقدومه ووضيمة
للمَيْتِ وهْوَ يكون من جيرانه
* * *
1075 - وقيل أيضاً: [من الطويل]
1 - وليمة عرسٍ ثم خُرسُ ولادةٍ
عَقيقة مولودٍ وكيرةُ ذي بنا
2 - وضيمة موتٍ ثم إعذارُ خاتنٍ
نقيعةُ سفرٍ والمآدبُ للثنا
* * *
1076 - وقيل: [من الرجز]
في سبِّ الانثى وزنُ يا خُباثِ
والأمرُ هكذا من الثلاثي
* * *
1077 - وقيل: [من الرجز]
فَهْوَ بسَبْقٍ حائزٌ تَفْضيلا
مُسْتَوْجِبٌ ثَنائيَ الجَميلا
* * *
1078 - وقيل: [من أرجوزة]
1 - وخُصَّ بالتعليقِ والإلْغاءِ ما
من قبلِ هبْ والأمرُ قد ألزما
2 - كذا تعلّمْ ولغيرِ الماضي مِنْ
سواهما اجعلْ كلَّ ما لَهُ زكن
* * *
1079 - لبعضهم: [من الطويل]
1 - وإنْ سَأَلوا عَنْ مذهبي لم أَبحْ بِهِ
وأكتُمُهُ كتمانُهُ ليَ أسْلَمُ
2 - فإنْ حنفيّاً قلتُ قالوا بأَنَني
أبيْحُ الطلا وهو الشرابُ المحرَّمُ
3 - وإن مالكياً قلت قالوا بأنني
أبيحُ لهم أكلَ الكلابِ وهُمْ نَعْمُ
4 - وإن شافعياً قلت قالوا بأنني
أبيحُ نكاح البنتِ وهْوَ محرَّمُ
5 - وإن حنبلياً قلت قالوا بأنني
بغيضٌ حُلوليٌّ ثقيلٌ مجسِّمُ
6 - وإن قلت من أهل الحديث وحزبه
يقولون تيسٌ ليسَ يدري ويفهمُ
7 - تعجَّبْتُ من هذا الزمانِ وأهله
فما أحدٌ من ألسنِ الناسِ يسلَمُ
8 - وأخَّرني دهري وقدَّمَ مـعْشراً
عليَّ وهُمْ لا يعلمونَ وأعلمُ
9 - ومذ قدّمَ الجهال أيقنْتُ أنني
أنا الميمُ في الأيامِ أفلحُ أعلمُ
* * *
1080 - قال الناظم: [من الطويل]
وتعيينُها من معجزاتِ نبيّنا
لتعيينه من قبلِ فتحِ المُعَدَّدِ
[646]
* * *
[646] وقّت النبي ج بعض المواقيت بالرغـم من أن أهلها لم يسـلموا ولم تفتـح بعد، وهذا من معجزاته ج.
1081 - قيل إنه ما دخل المنطق على علمٍ إلا أفسده وغَيَّر أوضاعه، وشَوّشَ قواعده، وأنشد ابن القيّم رحمه الله في ذلك: [من الرجز]
1 - واعجبا لمنطقِ اليونانِ
كَمْ فيهِ من إفكٍ ومن بهتانِ
2 - مُخَبـِّطٌ لجيّدِ الأذهانِ
ومُفْسدٌ لفطرةِ الإنسانِ
3 - مضطربُ الأصولِ والمعاني
على شفا هارٍ بناهُ الثاني
4 - أحوجُ ما كانَ إليهِ العاني
يخونُهُ في الـسِّرِّ والإعلانِ
5 – يمـشي به اللسانُ في الميدانِ
مـشيَ مقيّدٍ على صفوانِ
6 - متصلُ القتالِ والتواني
كأنه الـسرابُ في القيعانِ
7 - بدا بعينِ الظامِئِ الحيرانِ
فَأَمَّهُ بالظنِّ والحسبانِ
8 - يرجو شفاءَ غُلَّة الظمآنِ
فلم يجدْ ثَمَّ سوى الحرمانِ
9 - فعاد بالخيبةِ والخـسرانِ
يقرعُ سنّ نادمٍ حيرانِ
10 - قد ضاع منهُ العمرُ في الأماني
وعاينَ الخفةَ في الميزانِ
* * *
1082 - وقال الشاعر [من الطويل]
1 - خذوا أُهْبَةً في الزّاد فالموت كامنُ
فما عنهُ من مُنجٍ ولا عنه عُنْدُدِ
[647]
2 - فما دارُكُمْ هذي بدارِ إقامةٍ
ولكنّها دارُ ابتلا وتزوُّدِ
3 - أما جاءكم من ربكم ﴿وتَزَوّدُو﴾
فما عُذْرُ مَنْ وافاهُ غَيرَ مزوَّدِ
4 - ينادي لسانُ الحالِ جِدّوا لترحلوا
عن المنزلِ الغَثِّ الكثيرِ التنَكُّدِ
[648]
5 - أتاكَ نذيرُ الشيبِ بالسُّقْمِ مخبراً
بأنّك تتلو القومَ في اليومِ أو غَدِ
* * *
[647] كامن: مختبئ ومختفٍ (اللسان). عندد: يقال: ما لي عنه عُنْدُدٌ: أي ما لي عنه بد. [648] الغثّ: الرديء (اللسان).
1083 - قال أبو العلاء المعري في لزومياته [649]: [من الطويل]
1 - تصدَّقْ على الأعمى بأخذِ يمينِهِ
لتهدِيَهُ وامنُنْ بإفهامِكَ الصُّمّا
2 - وأعطِ أباكَ النَّصْفَ حيّاً وميِّتاً
وفضـِّل عليهِ مِنْ كرامتها الأُمّا
3 - أَقَلَّكَ خِفّاً إذ أقلَّتْكَ مُثْقِلاً
وأَرْضَعَتِ الحَوْلينِ واحْتَمَلَتْ تمّا
[650]
4 - وألقَتْكَ عن جَهْدٍ وألقاكَ لذَّةً
وضَمَّتْ وشَمَّتْ مثلما ضَمّ أو شَمّا
5 - ولا تكُ مِمَّن قرَّبَ العبدَ شارخاً
وضيّعَهُ إذ صارَ مِنْ كِبَرٍ هِمّا
[651]
[649] اللزوميات 2/ 295. [650] الخِفُّ: الخفيف (اللسان). [651] شرخ الشباب: أوله، والهِمُّ بالكسر: الشيخ الكبير البالي (اللسان).
1084 - قال الشيخ سلمان بن سحمان: [من الطويل]
1 - وليس لأب جبرُ بكرٍ على امرئٍ
أبته ولم ترضاهُ إن كنت مُقْتَدِي
[652]
2 - وهذا خلافُ السُّنَّة المَحْضَة التي
أتتنا عن المَعْصوم أكملُ مرشِدِ
3 - فإن أُكرهَتْ فارددْ إليها مُخَيِّراً
فإن لم تَشَأْ فافسخ ولا تتقيَّدِ
4 - وهذا هو القول الصحيح الذي به
ندينُ إلهَ العالمينَ ونقتدي
[653]
* * *
[652] عَلَّقَ الشيخ على هذه الأبيات:
(أشار الناظم إلى حديث ابن عباس (س] أن جارية بكراً أتت النبي ج فذكرت أن أباها زَوَّجَها، وهي كارهةٌ، فخيَّرهـا رسـول الله ج]. رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه.
[653] وهذا بفضل الله آخر ما خطته يدي في هذا الكتاب، وأسأله تعالى أن يجعل عملي خالصاً لوجهه سبحانه تعالى وبعيداً عن كل سمعة ورياء.
د. رياض عبد الحميد مراد
يوم الإثنين 19/ محرم الحرام 1431ﻫ
الموافق 4/1/2010م
انتهيت بحمدلله وتوفيقه من إكمال المراجعة النهائية للكتاب في يوم الخميس السابع عشر من شهر رجب الحرام عام 1433 للهجرة، الموافق لليوم السابع من حزيران (يونية) عام 2012 في مدينة الدوحة. وقد استغرق العمل في إعداد الكتاب حوالي ثلاث سنوات، ولكل من ساهم فيه حق الشكر وأخص بالذكر الدكتور رياض عبدالحميد مراد ووزارة الثقافة والفنون والتراث في قطر ودار النوادر في سوريا ومطابع الراية التجارية بالدوحة والشيخ عبدالله بن خميس يرحمه الله، داعياً الله أن يتقبل هذا الجهد برّاً لشيخنا ووالدنا وإحياء لتراثه الذي لم ينشر. وأرجو كل من يستمتع بهذه العصارة المختارة من بديع الشعر الرائق أن يدعو لمن اختارها بالرحمة والمغفرة ورفيع الدرجات فهو أحوج ما يكون إلى دعاء المحبين والمؤمنين. وأسأل الله أن يتقبل عملنا خالصاً لوجهه الكريم، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
- ولد في مدينة الدوحة عام 1372ﻫ الموافق 1953م.
- تلقى دراسته الابتدائية والثانوية في المدارس القطرية.
- نشأ في بيت علم وتتلمذ على والده الشيخ/ عبدالله بن زيد آل محمود - رئيس المحاكم الشرعية وأحد العلماء الكبار في منطقة الخليج وإليه مرجع الفتوى، وكان مجلسه يضم كبار القوم، وطلبة العلم والزوار من داخل البلاد وخارجها.
- تلقى دراسـته الجامعية في جامعة الأزهر، وحصل على الليسانس في الشريعة والقانون عام 1395ﻫ (1975م).
- عين بعد تخرجه وكيلاً لرئاسة المحاكم الشرعية والشؤون الدينية حتى عام 1413ﻫ (1993م)، وكانت مسؤولياته تتضمن الإشراف على القضاء الشرعي والأوقاف والمساجد والشؤون الإسلامية في دولة قطر وكان هذا قبل إنشاء وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية.
- أسس مجلة الأمة التي كانت تصدر عن رئاسة المحاكم الشرعية والشؤون الدينية وظلّ مشـرفاً عامـاً لها حتى تاريخ توقفها في ذي الحجة 1406ﻫ، وقد تمكنت المجلة من التفوق على جميع المجلات المشابهة وكانت الأكثر انتشاراً بين القراء في مختلف أنحاء العالم.
- حصل على الماجستير في الشريعة الإسلامية والقانون العام من كلية الحقوق في جامعة القاهرة عام 1400ﻫ (1980م). تم ترقيته لدرجة وكيل وزارة عام 1402ﻫ (1982م).
- عين رئيساً للمحاكم الشرعية بدرجة وزير في 1416ﻫ (1995م).
- حصل على الدكتوراة الفخريـة في علوم الشـريعة الإسـلامية من الخرطوم عام 1421ﻫ (2000م) .
ـ رأس وشارك في وفود دولة قطر إلى مختلف المؤتمرات على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي وجامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي كما شارك في العديد من المؤتمرات الإسلامية والدولية.
- رئيـس مجلس إدارة مصـرف قطر الإسلامي منذ إنشائه في عام 1983م وحتى 1996م حيث استقال بعد تعيينه رئيسـاً للمحاكم الشـرعية وقد تم اختياره رئيساً فخرياً للمصرف.
- رئيس لجنة شؤون الحج التابعة لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية والتي تتولى الإشراف على تسيير حملات الحج وتنظيمها من 1414ﻫ (1994م) وحتى 1421 (2001م) وترأس بعثات الحج لدولة قطر خلال السنوات 1418ﻫ إلى 1421ﻫ.
- رئيس مجلس إدارة شركة المدائن المتخصصة في التطوير العقاري.
- رئيس مجلس إدارة شركة أبوظبي للمشاريع في دبي.
- نائب رئيس شركة أبراج القابضة في قطر.
- عضو مؤسس في الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية في الكويت ومنظمة الدعوة الإسلامية في الخرطوم.
- عضو المجلس الأعلى العالمي للمساجد - مكة المكرمة، وعضو اللجنة التنفيذية لاتحاد العلماء المسلمين - إيرلندا.
- تقلد وسـام جمهورية مصـر العربيـة للعلـوم والفنون عام 1991م مـن رئيـس الجمهورية.
- تقلد وسام (بادما شري) من رئيس جمهورية الهند في مارس 2006م وهو أرفع وسام في الهند.
- يقوم بإنجاز عدد من الكتب والدراسـات صـدر منها هذا الكتاب ويوجد أربعة مشاريع تحت الإعداد.
- اللغات الأجنبية: الإنجليزية، والفرنسية.
* * *
- من مواليد دمشق، وفيها تلقى دراسته حتى تخرج من جامعة دمشق بالإجازة في اللغة العربية وعلومها.
- ثم حصـل على شـهادة دبلوم دراسـات عليا من جامعة القديـس يوسف ببيروت سنة (1969م)، وعودلت بشهادة الماجستير السورية.
- نال شهادة الدكتوراه سنة (2003م)، وموضوع الرسالة: (معجم الأدباء في تاريخ دمشق لابن عساكر).
- درَّس العربية في ثانويات حمص، ثم في دمشق في بعض إعدادياتها، وفي معهد الحرية (معهد الشهيد باسل الأسد)، ثم في معهد تعليم الأجانب بالمزة.
- أعير للسعودية سنة (1979م) وعمل فيها مدرساً ثم موجهاً للغة العربية في بعض مناطقها.
- انتدب للعمل في مجمع اللغة العربية محققاً لتاريخ دمشق لابن عساكر مع لجنة ابن عساكر برئاسة الدكتور شكري فيصل رحمه الله.
- عمل مدرساً في معهد الفتح الإسلامي (القسم التأهيلي)، ثم قسم التخصص الأزهري المسائي ضمن الهيئة التدريسية، ومحققاً في شعبة البحث العلمي لاستخراج معجم الشعراء من تاريخ دمشق وتحقيقه.
- عمل مدرساً لمادة اللغة العربية لغير الناطقين بها في مدرسة (تعليم اللغة العربية للأجانب) في المزة.. لمدة 8 سنوات.
* الكتب التي شرفه الله بالعمل بها:
1 - المحمدون من الشعراء وأشعارهم للقفطي.
2 - عرف البشام فيمن ولي الفتوى بالشام (مع آخر).
3 - فهرس مجلة (المقتبس) لكرد علي.
4 - فهرس مخطوطات الظاهرية - قسم الآداب - (مع آخر).
5 - جزء من تاريخ دمشق لابن عساكر (عاصم عايذ) (مع آخرين).
6 - جزء آخر من تاريخ دمشق (عبادة بن أوفي - عبدالله بن ثوب) (مع آخرين).
7 - جزء من مختصر تاريخ دمشق لابن منظور (الجزء الأول) (مع آخرين).
8 - جزء من مختصر تاريخ دمشق لابن منظور (الجزء الثاني) (مع آخرين).
9 - جزء من مختصر تاريخ دمشق لابن منظور (الجزء الثالث).
10 - جزء من مختصر تاريخ دمشق لابن منظور (الجزء العاشر).
11 - فهارس مختصر تاريخ دمشق لابن منظور (الجزء الثاني).
12 - معجـم الأمثال العربية (4 أجزاء) (في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض).
13 - الحقيقـة والمجـاز في رحلـة بلاد الشـام ومصـر والحجاز للنابلسـي (3 أجزاء).
14 - المنهج الأحمد في تراجم رجال الإمام أحمد (الجزء الثاني).
15 - جامع الأصول في أحاديث الرسول (قسم التراجم) (الجزء 14).
16 - الإعلام بوفيات الأعلام للذهبي (مع آخر).
17 - التبادل الثقافي في بلاد الشام وبلاد خراسان.
18 - الأنساب للسمعاني (الجزء التاسع) (مع آخر).
19 - شرح غريب رياض الصالحين للنووي والتقديم له.
20 - حياة الصحابة للكاندهلوي (شرح غريبه).
21 - معجم الشعراء من تاريخ دمشق (9 أجزاء ) (مع آخرين).
22 - محاضرات الأدباء ومسامرات الشعراء للراغب الأصبهاني (5 أجزاء).
23 - تتمة مختصر ابن منظور (جزء من ستة أجزاء مع الفهارس).
د. رياض عبد الحميد مراد
للاتصال على هاتف: 00963112742616
والخلوي: 0992475166
سورية - دمشق - ركن الدين - ابن العميد - مقابل المعهد الدولي للغات E-MAIL: [email protected]
* * *